في الذكرى الـ102 لميلاده.. السادات البار بأهله (محطات شخصية من حياة الراحل)

الجمعة، 25 ديسمبر 2020 02:50 م
في الذكرى الـ102 لميلاده.. السادات البار بأهله (محطات شخصية من حياة الراحل)

كثير من حياة محمد أنور السادات لا يعرفه أحد، فالكل يعرف الرئيس العسكري صاحب النصر، ورجل الحرب والسلام، وكثير مما كان يحكيه هو. 

وكثير من التفاصيل الأخرى لا يعرفها أحد، رغم أن العديد من الأعمال الدرامية جسدت قصة حياته وبطولاته وإنجازاته عندما كان رئيسا للبلاد.


948

 

حياة السادات كانت حياة شاقة، منذ أن كان ضابطا فى الجيش المصرى فى أربعينيات القرن الماضى، وحتى وصوله لمنصب رئيس الجمهورية، بعد موت الزعيم جمال عبد الناصر، ليجد السادات نفسه مسؤولاً عن بلد يريد الحرب، ويعيش فى مرحلة "لا سلم ولا حرب".

تمكن السادات من تحقيق النصر على العدو، لتظل ذكرى ميلاده عيدا لمحبيهن يحتفون به ويهنؤون بعضهم البعض، لذا نستعرض من سيرته الشخصية جوانباً أخرى غير معهودة، منها علاقاته بالفن والفنانين، والبايب، وأسرته، وتمثال جمال عبد الناصر الذى أهداه السادات لابنته، وما هى أبرز الصفات التي ورثها عن أبيه؟

 

20191006104307437

المشى عادة ورثها السادات عن أبيه

عشق الرئيس الراحل رياضة المشي، مع نفسه أو أصدقاءه، ورثها عن أبيه، ووفقا لما ذكرته رقية السادات في كتابها "ابنته" ، فقد قالت: "كان جدى يستيقظ قبل الفجر بساعة أو ساعتين يقرأ القرآن يغتسل بماء بارد صيف شتاء فلا يعترف بالماء الساخن في الحمام، وكان نشيطا جدا، وكان يعمل مسؤولا عن الإدارة الطبية المدنية في مستشفى كوبرى القبة العسكرى، وكان جدى مؤمنا بالمشى فلم يكن يركب السيارات إلا إذا كانت المسافات طويلة أما المسافات الصغيرة حتى لو بلغت 4 أو 5 كيلو  متر فكان يمشيها، ثم يعود بعد انتهاء العمل ليتناول الغداء.

انتصار الشباب

رقية السادات كشفت عن موقف حدث بينها وبين الرئيس الراحل خلال طفولتها لتوضح: ما هو الفيلم الذى كان يحرص السادات على مشاهدته؟، تحكي كيف انتظرت أباها عندما خرج من المعتقل خلال فترة الأربعينات، وعندما خرج وعدها أنه سيذهب بها إلى السينما، وهى سينما مصر في شارع الجيش، وكان اسم الفيلم "انتصار الشباب"، وفيه الأغنية الشهيرة لأسمهان وهى "قهوة".

وكان السادات يحب السينما كثيرا فكل يوم كان يشاهد فيلما تاريخيا أو فيلم كاوبى، لكن فيلم انتصار الشباب كان ل عنده منزلة  خاصة جدا بحسب ما أكدته ابنة السادات الكبرى.

إقبال في حياة السادات
 

حكت رقية عن أمها "إقبال"، زوجة الرئيس الراحل الأولى والتي انفصلت عنه من أجله، حيث تقول: لقد ضحت أمى كثيرا جدا وبحب خاصة في فترة الاعتقال والمطاردة باعت من أرضها لتقف معه، كذلك باعت جزءا من ذهبها هو قد أعطاها بحب كل شيء، وقد كان وفاء أبى عجيباً.

قصة السادات مع البايب

يعتقد أن السادات كان من هواة البايب، وهو نوع خاص من السجائر، ولكن هذا الأمر ليس حقيقى، بل إن سجائر البايب كانت لها قصة خاصة مع الرئيس الراحل، بدأت أنه كان يرافق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلال زيارته للاتحاد السوفيتى خلال فترة علاجه، وكان ذلك فى عام 1968، وخلال فترة علاج جمال عبد الناصر وبرفقته السادات، نصح بعض الأطباء الرئيس السادات بأن يمتنع عن السجائر، نظراً لتكرار إصابته بذبحة صدرية .

وكان من الصعب عليه أن يقلع عن السجائر، حيث كان يرى أن الإنسان بدون مزاج لا يمكن أن يعيش على الإطلاق، وكان يرى مزاجه فى السجائر، ولكن قصة السادات مع سجائر البايب لم تنته، وفي ظل محاولة الأطباء لحل أزمته، نصحوه بشرب سجائر نعناع، وبالفعل جربها السادات ولكنها لم تعجبه، وخلال عمل الأطباء له أشعة على الصدر وجدوا أن الرئة أصابها الإعياء الشديد من السجائر، فنصحوه بشرب السيجار وبالفعل جربه السادات ولكن لم يعجبه أيضا، ثم نصحوه بشرب سجائر البايب.


8289255261545677443

الأرض التى كتبها باسم "جيهان السادات"

تحكى رقية السادات عن أحد المواقف، أنه فى عام 1966 ، قال لها والدها: "سأعرض عليكى موضوع مع أمك وأخواتك وسأخذ رأيكم فيه"، فردت ما هو ، فقال : "الأرض التى اشتريتها وصلت إلى 8 فدادين وأنتى تعلمين أنى أصيبت بأزمة قلبية وأنا عمرى 40 عاماً وأنتى وكاميليا وراوية تزوجتن وأصبحتن فى بيوت أزواجكن، ولكن أخواتك من طنط جيهان ما زالوا صغارا والمعاش صغيرا لا يكفى لتربيتهن فأنا أستأذنكن أن أكتب الأرض باسم طنط جيهان حتى إذا حدث لى شىء تستطيع ان تصرف على أبنائها .

وتابع أنور السادات: لقد ثمنت الأرض حتى أوزع ثمنها عليكم نقداً، حتى حتى أبرئ ذمتى إلى الله منكم وأمتكم معكم - رغم انفصاله عن زوجته الأولى "إقبال" من عام 1949، تقول رقية: "سألت والدى ما علاقة أمى بالموضوع؟" فرد قائلا: أمك شريك معنا فى كل شىء وأنا سأخير أمك بين أن أبنى لها بيتا فى البلد أو تأخذ المال نقداً، فقالت زوجته الأولى: "لا أريد بيتاً في البلد"، فقال لها السادات: إذن نصيبك 500 جنيه فهل أنتى راضية وهل ظلمت أحدا من أبنائك فردت: "لا.. بل لك حق فى كل ما قولت وفعلت"، فقال لها هل لا تريدين بيتا فى البلد" فردت مرة ثانية "لا"، فقال لها :"إذن يكون لكى فى نصيبى 500 جنيه".

تمثال جمال عبد الناصر 

وفق رقية، كان السادات يحب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كثيرا، ومن كثرة حبه له، خلال زواج ابنته الكبرى رقية أهداها تمثالا لجمال، تقول:عندما أهداني والدي تمثالا للزعيم عبد الناصر وضعته فى الممر الواقع بين الغرف ، وعندما كان يزورنى والدى كان ينظر إلى التمثال ويشعر بالطمأنينة، عندما حدثت هزيمة 1967 وحزن الجميع لهذه الهزيمة، فقامت رقية السادات بوضع تمثال جمال عبد الناصر فى حجرة داخلية، حيث تقول فى كتابها: جاء والدى ذات مرة بعد هزيمة 1967، وسألنى أين تمثال عمك جمال عبد الناصر؟ فقلت له أنه فى الحجرة فرد على قائلا: "ما يتشالش من مطرحه، هذه أزمة وستمر"- قاصدا هزيمة 1967.

السادات البار بأهله

تقول رقية السادات، أما عن علاقة بابا بجدى وإخوته الصغار، كبر جدى، وكان عدد الإخوة كثيرين، فقرر بابا أن يتولى عن جدى تربية إخوته ورعايتهم، وكذلك بالنسبة لعماتى واحتياجاتهن ونفقات زواجهن وتجهيزهن، وكذلك تولى بابا الإنفاق على أعمامى من أول عمى عفت  إلى عمى زين العابدين إلى عمى عاطف رحمه الله، كل هؤلاء كان محتضنهم كأب وأخ كبير، ومتولى شؤونهم فى تعليمهم وحياتهم بالكامل، لذلك عندما كان يقول كبير العائلة لم يكن يقولها من فراغ، فلم يكن كلاما بل كان فعلا وواقعا.

جيهان السادات تزور إقبال

كان لهذه الزيارة ظروفا خاصة، حيث كانت رقية السادات ابنة الرئيس الراحل مقبلة على الزواج، وكان الرئيس الراحل وزوجته جيهان السادات يقومان بالتسوق مع رقية واختيار الفساتين والملابس، وتقول رقية السادات عن تفاصيل تلك الزيارة: ذهبت مع طنط جيهان بمعرفتها طبعا إلى محل «إيرين» فى عمارة وهبة بشارع قصر العينى، وبعد أن انتهى التسوق أوصلتنى طنط جيهان إلى البيت، وأرادت أن تنصرف فما كان منى إلا أن طلبت منها الصعود معى، وأنه لا يصح ولا يجوز ولا يليق أن تصل إلى البيت ولا تصعد.

وحاولت أن تعتذر بشتى الطرق لكن كل محاولاتها فشلت أمام إصرارى، وكانت مفاجأة كاملة لماما التى فرحت بها ورحبت بها ترحيبا كبيرا، كان هذا أول لقاء بينهما وجها لوجه، وتغزلت أمى فى جمال أخى مع أنها لم تره بعد، وهنأتها على ولادته ودعت له أن يكون حظه كحظ أبيه.

50463-السادات

تحكى رقية السادات تفاصيل حياة والدها عندما كان فى معسكر رفح حيث تقول: كان أبى يرسل لنا الخطابات، أحيانا يرسل خطابا باسمى، وأحيانا يرسل خطابا بأسمائنا نحن الثلاثة، فى إشارة إلى رقية وراوية وكاميليا، وأشعرنى أننى المسؤولة عنهم فزرع فى الإحساس المبكر بالمسؤولية تجاه إخوتى، بل تجاه أمى، ومطلوب منى تقارير مفصلة.

وكان يرسل الخطابات عن طريق عمى جمال عبد الناصر، الذى كان يسكن معنا فى كوبرى القبة، وكان خال ماما جدى راشد المكاوى لديه فيلا بجوار مدرسة السلام، وكان فى هذه المدرسة راوية وكاميليا وهدى ومنى جمال عبد الناصر، وكان وراء فيلا جدى راشد بيت صغير مكونا من ثلاثة أدوار وهذا البيت كان يقطنه عمى جمال عبد الناصر، وكان بابا يرسل الخطابات إلى بيت عمى جمال عبد الناصر، وعمى جمال يرسلها إلى حتى آخذ الخطابات، وعندما أكتب الرد أرسله لعمى جمال ليرسلها إلى أبى فى رفح عن طريق البريد، وهذه الخطابات ما زالت موجودة حتى الآن، وكان يرسل الخطابات كل 3 أسابيع أو كل أسبوعين وأحيانا كل أسبوع، وفى هذه الخطابات كنا نرسل إليه تفاصيل الحياة اليومية لتكون عنده بالتمام والكمال، لدرجة أنه بعد أن تقرأ الخطابات تكتشف أنه لم يقصر إطلاقا فى تربيتنا وتوجيهنا والاهتمام الشديد بشؤوننا الصغيرة كأنه يعيش معنا يوما بيوم.

وتقول رقية: كنت أتمنى زيارة طنط جيهان وطلبت إليه ذلك فرفض، فسألته لماذا يا حبيبى؟، فقال: يا حبيبتى حتى لا أؤذى شعورها ولا أؤذى شعوركن خاصة أنها لم تنجب بعد، ولكن بعد أن تنجب فمن الممكن أن تزورونها، وبدأ التزاور بعد أن أنجبت طنط جيهان.

04f56706e168d09ae45dc1acac3fe956

وصية السادات لابنته قبل زفافها

تتحدث رقية السادات، عن تفاصيل وصية أبيها لها قبل الزواج حيث تقول: وتم الزواج الحمد لله، وانتقلت إلى حياتى الجديدة، وكان المفروض أن يبدأ اليوم الأول من حياتى بالوصايا العشرة مع الأم مثل كل الأمهات، لكن بالنسبة لى كان الأمر معكوسا، فقد استدعانى بابا استدعاءً رسميا، واجتماع مغلق فى بيته بالهرم، وكان قد انتقل من المنيل إلى هناك، ودخلنا حجرة نومه وأغلق الباب علينا وقال لى: إن حياتك الماضية لا علاقة لها بحياتك الجديدة، أنت الآن عمرك 16 سنة ولكنك ستكونين ربة بيت، وهذا البيت فيه زوج وأمامه ماجستير ودكتوراه، ومستقبل يكافح من أجله، والست مسؤولة عن نجاح أو فشل زوجها، لأنها إذا لم توفر له الحياة المريحة المستقرة فإنه حينئذ لن يستطيع أن يتفرغ لمستقبله، إذن ستكونين أنت السبب لو فشل زوجك، وبعد ذلك سيكون هناك أولاد ومسؤولية الأولاد عليك أنت لأنه متفرغ لمستقبله ولشغله، ورعاية البيت والإنفاق عليه فلا تشغليه بتوافه الأمور فى البيوت والشائعة بين أغلب الستات، والأولاد لو نجحوا تكونين أنت السبب، وكذلك لو فشلوا، وأهم شىء.

فقلت له وهل هناك أهم من هذا؟، فقال نعم.. أنصتى لى جيدا.. لا بيت يخلو من المشاكل والمشاحنات بسبب اختلاف الطباع، وإلى أن يحدث التأقلم فهناك شد وجذب وأخذ ورد، وأى مشكلة أو خلاف لا تخرج خارج حجرة النوم، وصوتك لا يتجاوز حجرة النوم، تصفية خلافاتكما مسؤوليتكما أنتما فقط، ولا يجوز أن يعرف أحدا عنها شيئا، لا أهل أبيك ولا أهل أمك، وهذا نظام وقانون ودستور يجب أن تسير عليه، وانتبهى إلى أنه لو حدثت خلافات شديدة بينك وبين زوجك فحذار أن تفكرى أن تذهبى إلىّ غضبانة أو تذهبى إلى أمك كذلك، فبعد زواجك وتأسيس مملكتك الخاصة بك لا مكان لك فى بيت أبيك ولا مكان لك فى بيت أمك، وأهل أمك وأبوك لهم عندك مجاملات ولكن تدخل فى الحياة ممنوع لا من هنا ولا من هناك، وهذا كلام يدخل فى أذنك اليمنى فلا يخرج أبدا من الأذن اليسرى.. مبروك يا ابنتى.ٍ

وتتحدث رقية السادات عن علاقة الرئيس الراحل بوالدته بشكل مستفيض حيث تقول: وفى عام 1958، أحداث كثيرة، فقد أحب بابا أن يستضيف عنده جدتى «أم طلعت» فى فيلا الهرم عدة أيام، ومكثت عنده شهرا وكان سعيد بها سعادة بالغة، لكن بابا بدأ يقلق عليها، وقال لى: إننى أتمنى أن تقيم معى حتى يتوفاها الله، فأنا لا أتحمل أن يتصل بى أحد ويخبرنى بوفاتها، أنا أتمنى أن تموت بين يدى، وسبحان الله، لقد حقق الله له ذلك، ففى يوم قلق أبى فارتدى ملابسه وسألته طنط جيهان إلى أين هو ذاهب، فأخبرها أنه ذاهب إلى عمى جمال عبد الناصر، وكان بابا ناويا أن يطمئن على جدتى قبل أن يزور عمى جمال، فوجدها نائمة فأخذ يوقظها ويمزح معها ويحادثها بالكلام المعتاد "مالك يا أمى.. كيف حالك؟ مم تشكين، فقالت له أنا متعبة بعض الشىء، فسألها ماذا أكلت اليوم؟، فأجابت خبيزة وبطة، فقال لها هذا أكل دسم ومتعب، هذا لا يصلح يا أمى، ثم طلبت إليه أن تدخل الحمام فأسندها إليه، وأدخلها الحمام، ثم وهى خارجة كادت أن تقع فحملها، ثم ماتت بين يديه، ورغم حزنه الشديد فقد استراح نفسيا تماما إلى أنها ماتت بين يديه كما كان يتمنى.

16019837063979013
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق