فتاوى الكراهية

الجمعة، 01 يناير 2021 02:46 م
فتاوى الكراهية
مختار محمود يكتب

 
في الوقتِ الذي تتناقلُ فيهِ الصُّحفُ السيَّارةُ أخبارًا عنْ تبُّرعِ رجالِ أعمالٍ، ورجالِ غير مسلمين لترميمِ مساجدَ ومساعدةِ مُحتاجينَ ومرضى وإغاثةِ ملهوفينَ ومكروبينَ، يتقيأُ بعضُ  المتشددين "فتاوى مُوسميةً"، عنْ تحريمِ أوْ كراهيةِ تهنئتهم بأعيادِهم، ومَنْ أجازَ التهنئةَ اعتبرَها منْ "بابِ الإحسانِ"!! ما لكمْ كيفَ تحكمونَ، وكيفَ تُفتونَ؟ وإلى أى دين تنتسبونَ؟
 
الفتاوى المنسوبةُ لمتشددين بشأنِ "شُركاءِ الوطنِ" أو "شركاء الإنسانية"، فتاوى ناسفةٌ، لا تختلفُ كثيرًا عنْ العُبواتِ والأحزمةِ الناسفةِ التي تغتالُ الأبرياءَ كلَّ يومٍ، تُحرِّضُ على نشرِ الكراهيةِ والتباغُضِ، في وقتٍ تحتاجُ فيهِ الإنسانية إلى مَنْ يُربِّتُ على أكتافِهِا ويُضمِّدُ جراحَها المُثخنةَ فى ظل وباء لعين لا يفرق بين أتباع الأديان السماويَّة والأرضيَّة..
 
لا شكَّ في أنَّ هذهِ النوعيةَ منْ "الفتاوى البغيضةِ"، لا تستندُ إلى "سندٍ صحيحٍ أوْ عقلٍ رشيدٍ أوْ منطقٍ سديدٍ"، بلْ هي منْ قبيلِ اللغوِ، لا ينطقُ بها سوى مُغرضينَ أو لاهثينَ وراءَ شهرةٍ رخيصةٍ، أو من ذوى قلوبٍ عمياءَ وعقولٍ صدئةٍ وضمائرَ سقيمةٍ.
 
 هؤلاءِ المتشددونَ الذين يُعانونَ وهنًا في عقولِهم، ومرضًا في قلوبِهم، عبءٌ تقيلٌ على الحياةِ وعلى الإنسانيةِ، رؤوسهم مثلُ رءوس الشياطينِ، لا يأمرونَ بمعروفٍ، ولا يتناهونَ عمَّا يفعلونَهُ منْ مُنكرِ الفتوى والرأى بغيرِ علمٍ ولا رأى سديدٍ. 
 
أصحابُ هذه الفتاوى والآراء المتهافتة ليسوا دعاةَ خيرٍ أوْ سلامٍ، بل أدعياءُ، ليس مرغوبًا في وجودِهم. نبىُّ الإسلامِ الذي تشعُّ رسالتُه بجميع معانى المحبَّةِ والمودَّة والخيرِ والسلامِ، لمْ يأمرْ أصحابَه ولا أتباعَهُ يومًا، بهذا التشدُّد، وهذهِ الغِلظةِ، ويكفى أنَّهُ هبَّ واقفًا يومًا، تعظيمًا لجنازةِ يهودىٍّ، مرددًا فى سكينة: "أو ليستْ نفسًا"؟!  
 
 نبىُّ الإسلامِ كانَ قرآنًا يمشى على الأرضِ، كان نورًا، كانَ سراجًا مُنيرًا، ولمْ يكنْ رسولًا لنشرِ الأحقادِ والأغلالِ والفرقة بين الناس. 
المتورطونَ في حوادثِ الاعتداءِ على الكنائسِ والمعابدِ يجدونَ في تلكَ "الآراءِ الشاذَّة والكريهةِ"، معينًا لا ينضبُ، ليستمدوا منه مَدَدًا وعونًا ودعمًا لا ينفدُ، لمسلكِهم الإرهابىِّ الآثمِ الغادرِ الجبانِ.
 
 لوْ كانَ نبىُّ الإسلامِ فظًا غليظَ القلبِ، مثلَ هؤلاءِ الغُلاةِ، لما تحدَّثَ عنْ المرأةِ التي دخلتْ النارَ في هِرَّةٍ، ولا الرجلِ الذي دخلَ الجنَّةَ في كلبٍ، ولما قال له ربُّهُ: "وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمينَ".. لاحظْ دقَّة الوصفِ القرآنىِّ الذي يؤكدُ أنه "رحمةٌ للعالمين"، أي: لعمومِ البشرِ، وليسَ لأصحابِ العمائمِ البيضاءِ والجلابيبِ القصيرةِ.
 
 "فتاوى الكراهيةِ" تتطلبُ منْ يُجفِّفُ ينابيعَها. المتشددون، فى أى دين، وأية ملة، وأى تيار، لا يُرتجى منْ وجودِهم خيرٌ، بلْ همْ مفاتيحُ للشرِّ، مغاليقُ للخيرِ، هم يفوقون الأوبئة والأدران شرًا وخطرًا مُستطيرًا.
 
 العدلُ الإلهىُّ لن يُدخِلَ أصحابَ تلكَ الفتاوى "الفردوسَ الأعلى"، كما يتوهمون، ولن يُدخل من يرممِّون المساجدَ، ويساعدونَ المُحتاجينَ والمرضى والمكلومينَ ويقولون للناس حُسنًا، الجحيمَ وبئس المصيرُ.. 
 
أيُّها الغلاة المتشددون المتطرفون، من كل الأديان والمِلل والنِّحل والأيدلوجيات.. أنتم ورم سرطانى فى جسد الإنسانية، فتوبوا إلى الله واستقيموا أو غادروا الكوكبَ الأرضىَّ إلى كوكبٍ آخرَ يحتملكم ويحتملُ شرورَكم..

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق