القرآن وصفوت الشريف

الخميس، 14 يناير 2021 01:26 م
القرآن وصفوت الشريف
مختار محمود يكتب

 
مات صفوت الشريف، أحد أخطر رجال زمن الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وسط ترحُّم من فريق، وشماتة من فريق آخر. رغم أنه لا شماتة فى الموت، إلا إن بعض المصريين كفر بهذا العُرف، وصار يضرب به عُرض الحائط، وكأن الموت سوف يخطئه. الموت كأس وكل الناس شاربه، وكل ابن آدم وإن طالت سلامته على آلة حدباء محمول.
 
 وبعيدًا عن مناقب الراحل ومثالبه، إلا أن أمرين استوقفانى فى مسيرة الرجل، ينبغى الإشارة إليهما والاحتفاء بهما. الموقف الأول: يتمثل فى تصرف صفوت الشريف عندما أخطأ الرئيس مبارك أثناء كلمته فى جامعة القاهرة بمناسبة عيدها الماسى، حيث قرأ قوله تعالى: "إنما يخشى الله من عباده العلماء"، بضم لفظ الجلالة، ونصب لفظة "العلماء"، والصحيح هو العكس، وهو خطأ مشهور يقع فيه بعض رجال الدين والأئمة، فانزعج مسؤولو ماسبيرو، وتواصلوا مع "الشريف"، وأبلغوه بخطأ الرئيس فى نطق الآية الكريمة، فما كان من الأخير إلا التواصل مع الرئاسة وأخطارهم بالأمر، وتم الاتفاق سريعاً على حذف الآية بالكامل من كلمة الرئيس، التى كان كان من المقرر إذاعتها عدة مرات بطبيعة الحال، وهذا موقف جدير الاحترام والتقدير، لا سيما فى ظل امتهان آيات القرآن الكريم فى كثير من الخطب والأعمال الفنية التى طالبنا مرارًا وتكرارًا بتنقيتها من هذه النوعية من الأخطاء، حتى أن هناك أعمالاً فنية شهيرة تخلط بين القرآن الكريم والحديث النبوى والمثل الشائع، بتوقيع مؤلفين كبار، ولكن لا حياة لمن تنادى، ولا تزال هذه الأعمال تُذاع على مدار الساعة بكل أخطائها وخطاياها، فضلاَ عن استسهال مذيعى البرامج فى التعامل مع القرآن الكريم.
 
 
أما الموقف الثانى: فيتمثل فى رفض الراحل استغلال شهرة إذاعة القرآن الكريم ووصولها إلى كل بيت مصرى فى بث الإعلانات المدفوعة، وأمر بعدم إذاعة أية إعلانات عبر أثير أول إذاعة دينية خرجت للناس، وهو القرار الذى لقى استحسانًا من العاملين بالإذاعة ومتابعيها وأثلج صدورهم، انطلاقًا من احترام وتقدير القرآن الكريم وعدم تطويعه للإعلانات..
 
هذا موقفان جديران بالذكر فى ظل عواصف الدفاع والهجوم والشماتة التى تملأ الفضاء الإلكترونى منذ إذاعة خبر صفوت الشريف الذى غيبه الموت أمس عن 87 عامًا، ظل فى معظمها ملء السمع والبصر، وقريبًا جدًا من دائرة صنع القرار، له ما له وعليه ما عليه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق