كيف يرى «مرشح بايدن لرئاسة الـCIA» مصر؟

السبت، 16 يناير 2021 07:50 م
كيف يرى «مرشح بايدن لرئاسة الـCIA» مصر؟
وليام بيرنز
محمود على

وليام بيرنز بدأ حياته المهنية بكتاب عن علاقات مصر وأمريكا الاقتصادية.. ويجيد التحدث باللغة العربية 
 
دائما ما كانت علاقات مصر مع الولايات المتحدة الأمريكية تحكمها أطر استراتيجية متميزة لم تتغير على مدار أكثر من 40 عاماً باختلاف الأنظمة والقيادات على رأس حكم البلدين، ما ساهم في جلعها ذات طبيعة خاصة محورها الرئيسي الشراكة والتعاون في مختلف المجالات.
 
وخلال السنوات الماضية، وفي ظل تعاقب الرؤساء الأمريكيين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حكم البيت الأبيض، كان كثير من المسؤولين بالإدارات المختلفة مطلعين بقوة على الشأن المصري على خلفية قوة القاهرة الاستراتيجية وضرورة استقرارها لضمان هدوء منطقة الشرق الأوسط بأكملها، فضلا عن طبيعة دورها في الملفات الإقليمية والدولية على مر العصور، وكان من بين هؤلاء المسؤولين الأمريكيين الدبلوماسي المخضرم ويليام بيرنز الذي أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب حديثا ترشيحه لإدارة وكالة الاستخبارات المركزية CIA.
 
ويعد بيرنز من ضمن أبرز المسؤولين الأمريكيين الذين لهم باع طويل في السياسة الخارجية الأمريكية بتعيينه مبعوثًا للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما  فى مرحلة ثورة يناير 2011 وما بعدها.
 
ولا تقتصر خبرة بيرنز الدبلوماسية على فترة توليه مناصب بالخارجية الأمريكية بالعقد الماضي، بل تعود إلى ثمانينيات القرن الماضى عندما كان حاضراً وبقوة كأحد أبرز صناع القرار بالولايات المتحدة بمؤلفاته وكتبه ومقالاته التي كان لها تأثيرا واسعا على متخذي القرار بالإدارة الأمريكية.
 
 ومن بين أهم الكتب التي ألفها المرشح لرئاسة الاستخبارات الأمريكية، كان كتاب "المساعدات الاقتصادية والسياسة الأمريكية تجاه مصر 1955 – 1981"، والذي صدر في بداياته حياته المهنية عام 1985، وأبرز دور المساعدات فى سياسة واشنطن إزاء القاهرة فى فترة حكم الرئيسان المصريان جمال عبد الناصر وأنور السادات.
 
كتاب بيرنز تناول تطور مراحل المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر، وفترة ما قبل ذلك عندما أثر رفض الولايات المتحدة الأمريكية في تمويل السد العالي على علاقات البلدين ومدى تدهورها بالقرار الأمريكي المثير في ذلك كما كشف الكتاب أنه رغم تعاقب الإدارات الأمريكية بمختلف انتمائتها السياسية على حكم الولايات المتحدة إلا أنها ظلت محافظة على تقديم المساعدات الغذائية للقاهرة خاصة في فترة الستينات.
 
وكان لافتا إشارة بيرنز في كتابه إلى قرار جمال عبد الناصر عام 1955 بمقايضة القطن المصري بأسلحة من الكتلة السوفيتية إلى مصر، ومدى تأثير هذا القرار على جعل القاهرة مركز الصدارة فى الحرب الباردة فى الشرق الأوسط.
 
ولم يتجاهل الدبلوماسي المخضرم في كتابه تأثير العلاقات المترابطة بين مصر والولايات المتحدة، في تحقيق كلا منهما أهدافه، فمن ناحية كانت تريد أمريكا من هذه المساعدات الاقتصادية الاستقرار السياسي في القاهرة من منطلق الحرص على جعل منطقة الشرق الأوسط أكثر هدوءاً، ومن ناحية الحكومة المصرية التى كان تسعى خلال تلك المرحلة إلى اتخاذ خطوات سريعة نحو التنمية الاقتصادية ومواجهة عراقيل الزيادة السكانية وندرة الأراضى الصالحة للزراعة وقلة الاحتياطي المتوافر من النقد الأجنبى، وكانت تتخذ من المساعدات الاقتصادية الأمريكية مساعدة في تحقيق هذه الأهداف. 
 
وتحدث الكتاب عن مرحلة ما بعد ثورة عام 1952، وتولي جمال عبد الناصر الحكم، مشيراً إلى الكيفية التى استخدمت بها الولايات المتحدة حاجة القاهرة لدعم اقتصادها فى تلك القترة لمحاولة إيجاد نفوذ لها في هذا البلد المهم في القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط.
 
وتناول الكتاب نجاح الدولة المصرية في إدارة هذه العلاقة بشكل محنك سياسياً، دون أن يكون لهذه المساعدات تأثيرات تتعلق بتوسيع النفوذ السياسي للولايات المتحدة الامريكية داخل، كما ضمنت من خلال هذه السياسة المحنكة استمرار تمييز العلاقة إلى يومنا هذا، ما جعل أمريكا تنظر إلى القاهرة، بأنها شريك استراتيجي في تحقيق الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط على مر الفترات.
 
وخلال فترة تعيين بيرنز مبعوثا للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، ومع انطلاق ثورات الربيع العربي، كان له دورا بارزاً في تحديد السياسات الأمريكية بالشرق الأوسط خاصة وأنه أجرى زيارات متعددة، كان على رأسها زيارة مصر في يناير 2012 وفي أعقاب بروز جماعات الإسلام السياسي التي أدت إلى انتشار الأفكار المتطرفة والمتشددة داخل المنطقة العربية لاسيما بعد وصول جماعة الإخوان على رأس السلطة في مصر وثم سيطرتهم على الحكم في تونس وليبيا واليمن وبعض الدول الأخرى.
 
ولا يغفل على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعول على قدرة أحزاب الإسلام السياسي في المنطقة العربية في إقناع شعوبها بسياستهم التي اكتشف بعد شهور قليلة أنها لن تمثل إلا تنظيمات متشددة تحمل أفكارا ًهدامة تأخذ من الدين ستارا لتنفيذ أهدافها الساعية إلى الفوضى والانقسام.
 
 وكان بيرنز أحد المسؤولين الأمريكين المعنيين بالتعامل مع الملف المصري، بصفته الرجل الثاني بالخارجية الأمريكية، حيث اجتمع خلال زيارته للقاهرة بمسؤولين من الإخوان المسلمين إثر توقعات بصعودهم على رأس السلطة في مرحلة ما بعد الثورة، ظنا من الولايات بأنهم سيكونوا رقم مهم في المعادلة المصرية في تلك الفترة، بالقدرة على خلق شعبية وسط الشارع المصري ولكن لم يمر أكثر من عاماً واحد بعد صعودهم على السلطة حتى ظهرت أهدافهم وتحركاتهم للنيل من الدولة المصرية.
 
كما ترأس بيرنز أيضا الوفد الأمريكي الذي زار القاهرة بعد أيام قليلة من سقوط حكم الإخوان في مصر، محدداً بشكل واضح موقف الولايات المتحدة الأمريكية من ثورة 30 يونيو، بالتأكيد على أن بلاده لن تقف أبدا في وجه ما يقرره الشعب المصري وذلك بعد احتجاجات شعبية مليونية أسقطت حكم المرشد، كانت محل تقدير وتفهم دولي كبير.
 
وفي أواخر 2014، كان لبيرنز زيارة أخرى إلى القاهرة للتحضير للمؤتمر الدولي للعراق، وذلك بعد نحو عام ونصف على ثورة يونيو وخلال الزيارة كشف المسؤول الأمريكي عن رؤية  مختلفة لبلاده تجاه مصر تنطلق من أن القاهرة عائدة لقيادة الشرق الأوسط وحل أزماتها، حيث ناقش بيرنز قي القاهرة حينذاك خطة عقد المؤتمر في منتجع شرم الشيخ يجمع دول جوار العراق والدول الاعضاء في مجموعة الثماني (الولايات المتحدة وروسيا واليابان وكندا والمانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا) والامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق