قُراء غير مختومين بختم النسر

الخميس، 04 فبراير 2021 02:52 م
قُراء غير مختومين بختم النسر
مختار محمود يكتب

 
الذين تطرب قلوبهم وصدورهم بالاستماع إلى القرآن الكريم يعرفون جيدًا مَن هو القارئ الشيخ "سيد سعيد"؛ فهو واحد ممن أبدعوا إبداعًا منقطع النظير فى تلاوة القرآن الكريم، ولا سيما سورة "يوسف". بمطالعة موقع الفيديوهات المصورة "يوتيوب"، سوف تكتشف أن أحد تسجيلاته للسورة المذكورة يكسر حاجز الـ 15 مليون مشاهدة، وهذا رقم لو تعلمون عظيم، ويكاد يكون حصريًا للشيخ "سيد سعيد" الذي وجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا بعلاجه على نفقة الدولة. 
والشيخ "سيد سعيد" أحد أكابر قراء القرآن الكريم فى مصر والعالم الإسلامي، رغم أنه غير مقيد بالإذاعة والتليفزيون. كان للشيخ تجربة في الخضوع لاختبارات لجان ماسبيرو، ولكنها لم تعتمده من المرة الأولى، فخرج ولم يعد، وشقَّ طريقه فى عالم التلاوة، وحقق شهرة طاغية، داخل مصر وخارجها، وكان مقربًا من بعض الأمراء العرب مثل: الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله. 
 
والشيخ "سيد سعيد" ينضم إلى سلسلة من عباقرة القراء غير المختومين بختم النسر، والذين لم ينشغلوا بالحصول على شرعية رسمية من لجان الإذاعة والتليفزيون التي يشوب أداءها المجاملات وكروت والتوصية. ويكفي أن تلك اللجان هي التي اعتمدت يومًا القاريء صلاح الجمل قبل أن يتم تجميده بعدما شكت الطيور السابحة فى ملكوت ربها من عدم أهليته، وغيره كثيرون.
 
ولمن لا يعلم.. فإن تلك اللجان رفضت من قبل القارئ الشيخ محمد محمود الطبلاوي تسع مرات، والمبتهل الشيخ نصر الدين طوبار ست مرات، ولكنهما أصرا على تحقيق هدفهما واستكمال حلمهما إلى النهاية، ولو استيأسا أو انصرفا عنه ربما دخلا عالم النسيان، ولم يحققا ما حققاه من شهرة كبيرة لم تنتهِ بوفاتهما، بل تتراكم يومًا وراء يوم.
 
تسجيلات القاريء الشيخ سيد سعيد والقاريء الشيخ عبد المنعم الطوخي وسلسلة كبيرة من القراء غير المعتمدين بختم ماسبيرو، تشكل رافدًا مهمًا للفضائيات القرآنية العربية التي طبقت شهرتها الآفاق وتدخل كل بيت، فى الوقت الذي لا تزال فيه هذه التسجيلات –على روعتها- محرمة على إذاعة القرآن الكريم التى فتحت الباب على مصراعيه فى السنوات الأخيرة لأصوات منفرة ومواهب معدومة وحناجر شائهة.
 
هذه دعوة للقائمين على أمر أول إذاعة دينية وُضعت للناس: دعكم من التقاليد القديمة والمعايير البالية التي لم تنتج فى النهاية إلا أصواتًا مضروبة، راجعوا تسجيلات مشاهير القراء غير الرسميين مثل: الشيخ سيد سعيد وعبد المنعم الطوخي وغيرهما، وإن وجدتموها صالحة ولا يشوبها لحن ولا خطأ فى ضوابط التلاوة، اصدروا قرارًا  فوريًا بضمها إلى تراث الإذاعة، وعطروا الفضاء والقلوب بها، لأنها أولى بالحفظ والإذاعة من خلال المنبر الرسمي لبلدهم، بدلاً من أن نبحث عنها فى وسائل الإعلام العربية.
 
لو لم يكن الشيخ سيد سعيد موهبة قرآنية متكاملة ما جذب صوته القلوب والأفئدة فى عموم العالم المصرى، قبل الثورة التكنولوجية وبعدها، ولما اهتم الرئيس عبد الفتاح السيسي بأمره وأصدر قراراً بعلاجه على نفقة الدولة. أعيدوا الاعتبار للشيخ سيد سعيد ولكل الأصوات اللامعة التى رحل أصحابها دون أن يتم اعتمادهم فى دفاتر ماسبيرو وختم أسمائهم وأصواتهم بختم النسر، لأن تلك اللجان فى أحيان كثيرة تعطى من لا يستحق ما لا يستحق، وتحرم من يستحق مما يستحق، وأن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى.. استقيموا واعدلوا يرحمكم الله، ولو تحطم مثل هذا القرار على صخور الروتين والبيروقراطية البائسة، فيجب أن تجد هذه الأصوات مساحة على الفضائية المصرية الجديدة المتخصصة فى القرآن الكريم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق