بعد انقلاب مينامار العسكري.. ما هو مصير الروهينجا؟

الأحد، 07 فبراير 2021 12:00 ص
بعد انقلاب مينامار العسكري.. ما هو مصير الروهينجا؟

بعد الانقلاب العسكري الذي قاده كبار قادة الجيش في ميانمار، الاثنين الماضي، وجدت أقلية الروهينغا المسلمة نفسها أمام معطيات جديدة، إذ يعتبر انفراد الجيش بالسلطة بمنزلة كابوس حقيقي لنحو 750 ألف لاجئ في بنغلاديش المجاورة، ونهاية لأحلامهم بالعودة إلى منازلهم مجدداً، بسبب عداء المجلس العسكري الشديد لهذه الأقلية، وهو المسعى الذي كانت تستهدفه الحكومة الديمقراطية، على الرغم من تعطلها، وفق تقرير لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.

وخلال العقود الأخيرة، اعتُبر الجيش البورمي مصدراً رئيساً للخطر على الأقلية المسلمة، وكان آخرها في أزمة 2017، عندما نزح أكثر من 400 ألف من الروهينغا إلى بنغلاديش المجاورة، والتحقوا بنحو 350 ألف لاجئ سابق، فارين من اضطهاد الجيش والميليشيات البوذية، وفق "لوفيغارو".

وقالت أليكسندرا دي ميرسان، وهي أستاذة في معهد اللغات والحضارات الشرقية، بجامعة السوربون في العاصمة الفرنسية باريس، إن "عودة لاجئي الروهينغا مجدداً إلى ديارهم هي مسألة غير مطروحة تماماً على طاولة قادة الجيش"، مضيفة أن "كل العمل الذي تم إنجازه بخصوص اللاجئين الروهينغا، سيبقى مجرد حبر على ورق".

وعقب أزمة 2017، أوصى تقرير للأمم المتحدة، بضرورة مثول 6 جنرالات أمام المحكمة الجنائية الدولية، لدورهم في الاضطهاد الواسع الذي تعرض له الروهينغا، ومن بينهم الجنرال مين أونغ هلاينغ، الذي يقف خلف انقلاب 1 فبراير.

وبينما انتقد المجتمع الدولي صمت رئيسة الحكومة أون سان سو تشي بشأن الروهينغا، إلا أن السنوات العشر من الديمقراطية في ميانمار، سمحت ببعض التقدم في هذه القضية، وفق الصحيفة الفرنسية.

وقالت ألكسندرا دي مرسان إنه مع "أخذ الجيش زمام السلطة في البلاد، سيدرك الغرب بأن حكومة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية (حزب سان سو كي) لم تكن بقدر ذلك السوء".

وإدراكاً منها بضرورة توحيد البلاد، التي تتشكل من 135 أقلية عرقية، جعلت أونغ سان سو تشي المصالحة الوطنية كأولوية لفترة حكمها. ففي عام 2016، وبعد قرابة أربعة أشهر فقط من انتخابها، أنشأت سان سو تشي "لجنة آراكان" (الاسم القديم لولاية آراخان التي يقطنها الروهينغا)، وعُهد بها إلى الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان. وأوصت اللجنة في استنتاجاتها بمنح الروهينغا الجنسية البورمية، وهو نهج تدعمه بقوة الأمم المتحدة، ويعارضه قادة الجيش. 

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في بيان، إن "الانقلاب العسكري في ميانمار، لا يغير شيئاً في التزام المجتمع الدولي بتنفيذ توصيات لجنة آراكان".

ورفض الجيش البورمي بشكل قاطع اقتراحاً لإنشاء دولة فيدرالية، وهو مشروع طرحته الحكومة في عام 2019، ويهدف إلى منح الأقليات حكماً فيدرالياً. وقالت أليكسندرا دي ميرسان إن "الجيش حازم للغاية بخصوص هذا الموضوع، ولن يوافق أبداً على منح مناطق في البلاد حكماً ذاتياً"، مشيرة إلى أنها "مسألة قوة ومال"، وأن "كبار قادة الجيش في البلاد، يسيطرون حالياً على معظم الموارد المعدنية للبلاد، مثل الخشب والغاز والنفط، وأيضاً الأحجار الكريمة".

وقالت صوفي بواسو دو روشيه، الخبيرة في "مركز آسيا" بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إن "السنوات العشر من الديمقراطية في ميانمار، ستكون مجرد فرصة ضائعة لقضية الروهينغا"، مضيفة: "يمكن للاجئين التأكد الآن، من أن أقدامهم لن تطأ بورما مرة أخرى".

وعلى الأرض، عبرت العديد من المنظمات الدولية في ميانمار وبنغلاديش عن قلقها من هذا التحول السياسي، فعلى الرغم من أن الوضع يبقى مستقراً في المرحلة الحالية، إلا أن المستقبل يشوبه الكثير من الظلام. وقالت كايلي لونغ، الباحثة في منظمة العفو الدولية، التي تقود جهوداً لدعم نحو 600 ألف من الروهينغا الذين ما زالوا يعيشون في ميانمار: "ندعو الأطراف جميعاً إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية، من دون عوائق لجميع السكان".

وقد يدفع الانقلاب العسكري إلى عزل ميانمار عن الساحة الدولية، إذ أعلنت الولايات المتحدة خفض المساعدات الأميركية رداً على الانقلاب، وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأربعاء، إنه "يتعين على الاتحاد الأوروبي، النظر في فرض عقوبات جديدة، إذا لم يرفع الجيش حالة الطوارئ"، وهي خطوة من شأنها تعقيد وصول المساعدات الإنسانية إلى البلاد، إلا أن ينس ليرك، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، قال إنه "لحسن الحظ، فإن التبرعات التي تقدمها الأمم المتحدة تمر مباشرة عبر المنظمات الموجودة على الأرض، ولا تمر عبر الحكومة أو الجيش".

وقال غيوم أبوفيل، المدير العام لـ"جمعية أطفال نهر ميكونغ" (الذي يقطع ميانمار ودولاً آسيوية أخرى)، وهي جمعية تدعم نحو 50 أقلية عرقية في البلاد: "بالطبع، كان للانفتاح الديمقراطي حدود، لكن من الواضح أن عودة المجلس العسكري، لن تكون أمراً جيداً  للأقليات"، مضيفاً أنه "على مدار السنوات العشر الماضية، شهدنا تطوراً في التعليم، وإنشاء المدارس، وتعزيز شبكات الاتصالات، وبناء الطرق، ولكن هل كل هذه الخطوات ستختفي؟".

وأشار أبوفيل إلى ما اعتبره "السنوات الـ50 المظلمة للديكتاتورية العسكرية"، وقال إن "البلاد كانت مغلقة على نفسها، وفي عزلة تامة، وبعد انقلاب الاثنين، لدينا تخوف رهيب من العودة إلى الخلف".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة