طبيب مزيف أم طبيب مهمل؟!

الخميس، 04 مارس 2021 05:16 م
طبيب مزيف أم طبيب مهمل؟!
مختار محمود يكتب:

طبيب حلوان والصف المزيف "خريج علوم" الذي تم توقيفه مؤخرًا ليس الأول ولن يكون الأخير. قبل أيام..تم القبض أيضًا على طبيب آخر مزيف "حلاق" يدير أكثر من عيادة في مدينة 6 أكتوبر. وخلال الفترة الماضية، تم ضبط وقائع مشابهة في المنيا والسويس والدقهلية ومعظم المحافظات، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أيهما أفضل.. إجراء عملية خطيرة عند طبيب مزيف ولكنه "ماهر"، أم الخضوع لنفس العملية لدى طبيب حقيقى، ولكنه "فاشل ومهمل ومقصر"؟ هل الشهادات الورقية المعلقة على جدران العيادات تكفي؟!
 
هذه الإشكالية طرحت نفسها بقوة على خلفية القبض خلال فترة قصيرة على عدد من الأطباء المزيفين الذين انتحلوا المهنة ومارسوها وأثروا منها ثراءً فاحشًا، وفي الوقت ذاته لم يتعاملوا مع المرضى بانتهازية واستغلال، مثل الأطباء الحقيقيين. كل عمليات الإهمال الطبي التي أزعجت الرأي العام خلال السنوات الماضية كان أبطالها أطباء درسوا وتخرجوا في كليات الطب، وبعضهم من أصحاب الدرجات العلمية الرفيعة، وفي كل مرة.. كان القانون يتوارى للخلف خطوات، ونقابة الأطباء تدخل في غيبوبة ممتدة ومعتادة، وأحيانًا كان يتم تحميل المريض وزر هذا الإهمال، وكأنه من أجرى الجراحة لنفسه! الغريب أن معظم، إن لم يكن، جميع الأطباء المزيفين، لم يقترفوا وقائع الإهمال التي يتسبب فيها أطباء حقيقيون، بعضهم أساتذة جامعات، وبعضهم أصحاب مستشفيات فندقية، وبعضهم حاصلون على زمالات جامعات أجنبية.
 
في كل الأحوال.. ليس هذا دفاعًا عن الأطباء الوهميين والمزيفين، ولكن قبل أن يتم التنكيل بهم وتجريسهم على رؤوس الأشهاد، يجب محاسبة جميع الجهات المعنية التي تغافلت عنهم وعن وجودهم وعن ممارسة المهنة في وضح النهار، ليس بدءًا بنقابة الأطباء، ولا انتهاءً بالجهات والهيئات الأخرى ذات الصلة، ولا بوسائل الإعلام والفضائيات الرسمية والمفروشة التي كانت تقدمهم للجمهور باعتبارهم أطباء مغاوير. القانون يجب أن يكون حاضرًا وطاغيًا في كل الحالات، في حوادث الإهمال والتقصير الطبي، وفي حالات الأطباء المزيفين، أما أن يتم تطبيقه على المزاج وحسب الهوى فهذا مرفوض. وإن كانت العقوبات غير كافية يجب أن تكون هناك تشريعات مغلظة تطال الطبيب المزيف والطبيب المهمل دون تمييز أو تفرقة.
 
ومن نافلة القول.. أن جميع وقائع الأطباء المزيفين، لم يتم ضبطها بشكل مباشر من جهات حكومية، ولكن عبر شكاوى واجتهاد شخصي من المواطنين، وهذا يمثل في حد ذاته كارثة، لأنه يعني أن الجهات المختصة تكاسلت وتخاذلت وتعامت عن أداء دورها المنوط بها. وبحسبة بسيطة.. فإن الحالات التي لم يتم ضبطها يمكن أن تصل إلى عشرات أضعاف الحالات المضبوطة.
 
حياة المصريين ليست رخيصة حتى يتم إهمالها بين طبيب مهمل أو طبيب مزيف، يجب أن تضطلع الجهات الرقابية بأدوارها كاملًا، ويجب أن يكون هناك توجُّه لمطاردة كل من ينتحل مهنة طبيب، لا سيما أن كثيرًا من هؤلاء الأطباء المزيفين يمارسون تخصصات صعبة مثل: المخ والأعصاب والقلب والنساء والتوليد. هذا بلاغ لمن يهمه الأمر، فهل نتحرك، أم ننتظر وقوع الكارثة ثم نتحرك

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق