يوسف أيوب يكتب: حقوق الانسان لا تتجزأ

السبت، 20 مارس 2021 05:53 م
يوسف أيوب يكتب: حقوق الانسان لا تتجزأ
يوسف أيوب


الحقوق والقيم الانسانية اكبر من مفهوم حرية الرأى والتعبير وتشمل الحفاظ على حياة وكرامة الانسان
 
اذا سلمنا جدلا بصحة ما قاله البيان الذى أصدرته دولاً أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان، وهو امر بكل تأكيد خاطئ ومردود عليه بالكثير من الادلة والشواهد التى تنسف كل كلمة جاءت فيه، لكن اذا سلمنا به فهل يعنى ذلك أن مصر دولة لا تراعى حقوق الإنسان؟.. الاجابة بكل تأكيد لا.
 
من ينظر للدولة المصرية وما حدث بها من تطورات في ملف حقوق الإنسان خاصة خلال الست سنوات الماضية، سيتأكد من الإجابة السابقة التي تنفى عن مصر هذا الاتهام الذى يرتدى عباءة السياسة ليس الا.
 
فمن أصدروا هذا البيان، وغيرهم من يتشدقون أمام المنظمات والإعلام الدولى بالدفاع عن حقوق الإنسان هم أبعد ما يكونوا مدافعين عن هذه الحقوق، لانهم في الحقيقة لا يدركون معنى هذه الكلمة، فهى من وجهة نظرهم "السياسية" تعنى فقط حرية الرأي والتعبير، لكنها في الواقع هي مفهوم أشمل من ذلك بكثير، لإنها تشمل الحق في الحياة بمعناه الواسع.
 
الثابت في كل المواثيق الدولية التي لا يعترف بها المتشدقون بحقوق الإنسان، أن الحقوق والقيم الانسانية اكبر من مفهوم حرية الرأى والتعبير، لإنها تشمل الحفاظ على حياة وكرامة الانسان، وهو ما تعمل عليه مصر منذ سنوات ويحظى بأعجاب العالم كله، وامامنا الكثير من الشهادات الدولية التى تؤكد ذلك، لكن الغريب أن هذه القيم الانسانية التى تعلى مصر من شأنها لا يبدو انها تحظى بنفس التقدير لدى دعاة حقوق الانسان، ممن لا يرون فى هذه الحقوق سوى السياسية منها فقط، لإنها القادرة من وجهة نظرهم على تليين مواقف الدول وتحييدها وربما الذهاب بها الى المناطق التى يريدونها، فهى كما يقال دوما سياسة من اجل السياسة ولا علاقة لها بالإنسان ولا الانسانية.
 
فقد كانت ولا تزال رسالة الرئيس السيسى الواضحة في هذا الشأن، هي تأكيد حرص الدولة المصرية على تعزيز حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، الذي يعلي شأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية للمواطنين، وكانت هذه الرسالة شديدة الوضوح حينما قالها الرئيس في ديسمبر الماضى، أي قبل 3 أشهر من العاصمة الفرنسية، باريس، خلال مؤتمره الصحفى المشترك مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون. فقد أكد الرئيس إن الدولة المصرية تسعى إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على الأمن والاستقرار من ناحية، وحماية حقوق الإنسان من ناحية أخرى، مشيراً إلى ما تبذله الدولة من جهود كبيرة لتعزيز حقوق الإنسان دون تمييز بترسيخ مفهوم المواطنة وتجديد الخطاب الديني وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء، مع العمل على توفير حياة أمنة وكريمة لكل المصريين أخذا في الاعتبار أننا "أمة تجاهد لبناء مستقبل في منطقة شديدة الاضطراب".
 
لكن للأسف الشديد، لا يبدو أن المتشدقين بحقوق الإنسان لا يعنيهم الإنسان المصرى بقدر اهتمامهم أو عنايتهم بأشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، وتعتبرهم نموذج لانتهاك حقوق الإنسان في مصر، رغم يقين الجميع أن هؤلاء ومن يقفون خلفهم مدافعين عنهم "دفاع أعمى" هم أبعد ما يكونوا مدافعين عن كرامة المصريين، والا ما ظبطوا متلبسين بتجاهل كل ما تقوم به الدولة لحماية الشعب والحفاظ على حياته وأمنه وصحته، بل منهم من تجاوز حد التجاهل، وبدأ في شن حملات ممنهجة ضد كل مشروع تقوم به الدولة لصالح المواطن، واختاروا الوقوف إلى صف أعداء الشعب.
 
لقد تجاهل هؤلاء وغيرهم عن عمد وبنية واضحة كل ما يجرى في مصر، لانهم كما سبق وأشرت لا يعنيهم المصرى في شيء، وكل ما يعنيهم فقط هي مصالحهم الخاصة التي لا تمت للإنسانية بصلة.
 
وكان لافتا في ردود المؤسسات المصرية الرسمية والبرلمانية والشعبية على مزاعم المتشدقين بحقوق الإنسان أنها كانت كافية ووافية، فقد وصفت وزارة الخارجية البيان المشترك الذى أدلت به عدد من الدول ال في مجلس حقوق الانسان، بأنه "مزاعم وإدعاءات"؛ وأعربت عن رفضها التام لما تضمنه البيان من أحاديث مُرسَلة تستند الى معلومات غير دقيقة، مؤكدةً على شديد الاستغراب والاستهجان لعدم الاستعانة بما يتم توضيحه لهذه الدول من حقائق ومعلومات حول أوضاع حقوق الانسان فى مصر، مشددة أيضاً على ضرورة المراجعة المدققة لمثل هذا الكلام المرفوض، مُطالِبةً هذه الدول بالتوقف عن توجيه اتهامات تعبّر فقط عن توجُّه سياسي غير محمود يتضمن مغالطات دون أسانيد. كما تؤكد على أنه من المرفوض أيضاً أن يتم الاستسهال من خلال الإدلاء بمثل ذلك البيان الذي لا يراعي الجهود المصرية الشاملة في مجال حقوق الإنسان فى كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما تم تحقيقه على هذا الصعيد خلال الأعوام الماضية.
 
 كما أعربت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن استهجانها لنهج تناول الأوضاع الداخلية لمصر وفقا لمزاعم ومعلومات مرسلة، وقالت إن قضية حقوق الإنسان بناء تراكمي طويل ومستمر، يبدأ بالتمكين الاجتماعي والاقتصادي وصولا للتمكين السياسي وحرية التعبير القائمة على احترام حريات ومشاعر الآخرين، لافتة إلى أنها تؤمن بالأساس بأن حقوق الإنسان منظومة متكاملة ومسألة لا يمكن غض الطرف عنها، وأنها قد تتخطى الحدود الوطنية للدول، ومع ترحيبها بأي دعم حقيقي بهدف الارتقاء بمنظومة حقوق الإنسان، فإنها تؤكد أن قانون الإرهاب صدر في ظل الحرب المقدسة التي تخوضها مصر ضد الجماعات الإرهابية، وإن إجراءات الإدراج على القوائم الإرهابية يتم وفقا لضوابط قانونية وقضائية، مشيرة إلى أن جهود مصر في مجالات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، تأتي انطلاقا من إيمان الدولة المصرية المطلق بحقوق الإنسان، ومن تلك القاعدة تنطلق مشروعات الدولة نحو التمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بما يعزز حقوق الإنسان، ولعل قانون تنظيم العمل الأهلي الجديد والذي صدر من خلال حوار مجتمعي واسع هو أحد نماذج الإرادة المصرية الجادة في تقوية ودعم المجتمع الأهلي.
 
كما كانت هناك الكثير من الردود التي كشفت مخططات من ينصبون أنفسهم مدافعين عن حقوق الإنسان، الذين عُميت أعينهم عن رؤية التغيرات التي جرت ولا تزال تجرى في مصر، ومنها المبادرات الرئاسية التي تهتم بصحة المصريين، بداية بـ100 مليون صحة وليس انتهاء بتوفير لقاحات كورونا مجانا لغير القادرين، بالإضافة إلى توفير سكن ملائم، وتعليم مناسب لكل طفل مصري، وغيره الكثير الذى يجرى وحظى بإشادة منظمات دولية.
 
واذا أراد هؤلاء أن نسير معهم في طريق اقتصار مفهوم حقوق الإنسان على حرية الراى والتعبير، فلن نقول لهم لا، بل سنسير معهم ونقول لهم الحقائق التي تجاهلوها عن عمد.
 
 فكل الشواهد تؤكد أن أوضاع حقوق الانسان في مصر شهدت تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الماضية، في ظل حرص الدولة على بناء مفهوم جديد للعلاقة بين المواطن والدولة قائمة على مفهوم المواطنة وحقوقها وبناء الانسان المصري على أسس جديدة تدعم انتماءه وولائه في دولة تحترم حقوق كل مواطنيها بدون تمييز، فقد تخلصت مصر من كثير من المظاهر السلبية التي كانت ترصدها المنظمات الحقوقية الدولية، فلا وجود لحالات اعتقال أو احتجاز خارج اطار القانون أو تعذيب في السجون أو اختفاء قسري، وأكبر دليل على ذلك أن كل الأسماء التي يتم تداولها من جانب المنظمات المشبوهة المدعية باختفائها قسرياً ثبت إما أنها منضمة لجماعات إرهابية تعمل في ليبيا وسوريا، أو أنها تخضع لمحاكمات ويتم التعامل معها بشكل قانوني.
 
حتى السجون المصرية، ووفق ما ذكرته الحكومة المصرية في تقريرها المقدم إلى آلية المراجعة الدورية الشاملة بمجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة، فقام القضاة وأعضاء النيابة العامة، بــ 124 زيارة للسجون في عام واحد، كما أعطى القانون للمجلس القومي لحقوق الإنسان حق زيارة السجون وسائر أماكن الاحتجاز والمؤسسات العلاجية والإصلاحية للتثبت من حسن معاملة السجناء وتمتعهم بحقوقهم، ويعد المجلس تقريرًا بشأن كل زيارة يتضمن الملاحظات والتوصيات، وبالفعل تمت العديد من الزيارات الميدانية من جانب المجلس وإعلاميين مصريين وأجانب للسجون.
 
هذه بعض الأمثلة التي يمكن أن نسوقها، ليس في سبيل الدفاع عن الدولة المصرية، لإنها ليست موضع اتهام، بل هي فقط توضيح لحقائق حاول البعض إخفائها عمداً، لأسباب ومصالح خاصة بهم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق