الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية لـ"صوت الأمة": الفتوى «صنعة وحرفة» تحتاج للتدريب وإتقانها وفق المنهج الأزهري الصحيح

الأحد، 18 أبريل 2021 01:00 ص
الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية لـ"صوت الأمة": الفتوى «صنعة وحرفة» تحتاج للتدريب وإتقانها وفق المنهج الأزهري الصحيح
الدكتور شوقي علام مفتى الجمهورية
منال القاضي

المراكز الإسلامية المتطرفة في أوربا حاضنة لتفريخ الإرهاب وسبب رئيسى لنمو الإسلاموفوبيا 
أدعو القادة الدينيين والسياسيين في الغرب لإيجاد أرضية مشتركة لحوار متكافئ لمواجهة خطابات الكراهية
واجهنا الجماعات الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي.. ووقفنا في مواجهة الظواهر السلبية مثل التنمر 
الإخوان الإرهابية تستغل السوشيال ميديا لبث الشائعات والتقليل من إنجازات الدولة المصرية
لقاح كورونا واجب شرعى لحماية المجتمع من الأوبئة.. والحصول عليه عن طريق الحقن لا يفطر الصائم 
رصدنا رعونة من الأزواج في إيقاع الطلاق تحت أسباب تافهة.. وأغلب القضايا تندرج تحت مسمى خلل في الثقافة الزوجية
 
أكد الدكتور شوقي علام، مفتى الديار المصرية على وجوب الأخذ بأساليب الوقاية من الأمراض، مشدداً على أن اللقاحات الطبية من أهم وسائل الوقاية في العصر الحاضر، وأن أخذ لقاح "كورونا" واجب للحفاظ على صحه الإنسان، وحماية المجتمع من تفشى الوباء.
 
وخلال حواره مع "صوت الأمة" قال مفتى الجمهورية أن أخذ لقاح كورونا عن طريق الحقن لا يفطر صائم شهر رمضان المعظم.
 
وتحدث المفتى خلال الحوار عن عدد من القضايا التي تشغل بال المسلمين، ومنها ظاهرة الاسلاموفوبيا التي تنتشر بقوة في الغرب، محدداً آليات التعامل معها، وكذلك بعض الظواهر المجتمعية مثل الطلاق، وما تقوم به دار الإفتاء لمواجهتها، من خلال إنشاء وحدة الإرشاد الأسري لحماية الأسرة المصرية والحفاظ على ترابطها، حيث تعتمد الوحدة على مجموعة من الخبرات والكفاءات المختلفة التي تشمل الجانب الشرعي، والنفسي، والاجتماعي، والمهاري؛ لتستوعب بذلك التنوع كافة جوانب العلاقة الأسرية وما يحيط بها من مشكلات تحتاج إلى تحليل علمي دقيق لفهم الأسباب والدوافع والوصول إلى العلاج المناسب.
وإلى نص الحوار.. 

بمناسبة شهر رمضان، نعود إلى السؤال المتكرر سنوياً، وهو لماذا لا تتوحد البلاد الإسلامية فى رؤية الهلال مع هذا التقدم العلمي؟
رؤية الأهلة قد تختلف في بعض الدول عن بعضها، نتيجة لاختلاف المطالع بينها، فإذا استحالت رؤية الهلال في بلد، كانت دعوى رؤيته في بلد آخر غير ملزمة لهم، إلا أن الحج هو حيث يحج الناس، وهذا واحد لا اختلاف فيه، جمعًا لكلمة المسلمين، كما قال النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: «يَومُ عَرَفةَ اليَومُ الذي يُعَرِّفُ النّاسُ فيه»، فيجب على كُلِّ أهل بلدٍ متابعةُ إمامهم في رؤية الهلال من عدمها، وذلك بشرط إمكان الرؤية بالحساب الفلكي.
 
واختلاف الرؤية فى البلاد الإسلامية والعربية يتعلق به قضيتان: إحداهما عِلْمِيّة، والأخرى عَمَلِيّة، فأما العِلْمِيّة: فهي ما تقرر شرعًا من أن القطعي مقدَّم على الظني، أي أن الحساب القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة، ولذلك صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية سنة 1964م، واتفقت المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدة وغيره على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية الصحيحة، وهذا يعني أن الحساب ينفي ولا يثبت.

ما هو الرأي الشرعي حول لقاح كورونا وهل أخذ المصل يفطر؟
الأخذ بأساليب الوقاية من الأمراض واجب على من يُخشَى عليه الإصابة بها، واللقاحات الطبية من أهم وسائل الوقاية في العصر الحاضر، فإذا أفاد المتخصصون بأن اللقاح المعد للوقاية من فيروس كورونا (كوفيد-19)، فعال في الحماية من الإصابة بالفيروس، وأنه لا يؤدي إلى مضاعفات أخرى، فإن أخذ اللقاح حينئذ مشروع، وهو واجب على كل من أفاد الأطباء المتخصصون أن الحفاظ على صحته متوقف على تناول اللقاح والدواء؛ وذلك حماية للنفوس من الفناء، وللمجتمع من أن يتفشى فيه الوباء.
 
وأخذ لقاح كورونا عن طريق الحقن لا يفطر صائم شهر رمضان المعظم.

خلال الفترة الماضية، تابعنا اهتمام كبير من دار الإفتاء بوسائل التواصل الاجتماعي، ما السبب في ذلك؟
لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت من أفضل الطرق للتواصل مع الناس دون حدود مكانية، فهي عابرة للقارات وأسرع في التواصل وإيصال المعلومة، فضلًا عن الوسائل والطرق الكثيرة التي تتضمنها وتعين على ذلك مثل إمكانية البث المباشر أو عرض مقاطع صوتية أو مرئية، وكذلك التفاعل المباشر مع المتابعين ومعرفة ردود أفعالهم واستفساراتهم.
 
لذا كان لزامًا علينا مواكبة العصر وكافة الوسائل التكنولوجية الحديثة من أجل إيصال رسالة الدار إلى الناس في كافة أنحاء الأرض.
 
كما أن الجماعات الإرهابية تعتمد بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي في جذبها للشباب، فكان من المهم أن يكون لدار الإفتاء دور في ردع هؤلاء المتطرفين بتواجدها في الفضاء الإلكترونية ومحاولة تحصين الشباب من الوقوع في براثن التطرف والإرهاب.

من خلال متابعة الدار الحثيثة للسوشيال ميديا.. ما أبرز ما تم رصده على صفحات التواصل؟
لاحظنا من خلال تتبعنا لمواقع التواصل الاجتماعي انتشار عدد من الظواهر السلبية منها التنمر واستخدام الألفاظ الغير أخلاقية، فضلًا عن غياب لغة الحوار الراقي في كثير من النقاشات بين المتابعين.
 
كذلك استغلال الجماعات الإرهابية مثل جماعة الإخوان لمواقع التواصل الاجتماعي لبث الشائعات والتقليل من إنجازات الدولة المصرية، وهو ما حذرنا منه كثيرًا في أكثر من مناسبة، وأكدنا على ضرورة تحري الدقة عند استقاء المعلومات وأن تكون من مصدرها الصحيح والتأكد قد نشر أو مشاركة أية معلومة، لأن الإنسان محاسب على ذلك.
 
إذا تحدثنا عن بعض القضايا المجتمعية مثل الطلاق، كيف تفسر زيادتها وأيضاً الخلاف حول أنواعه والتعامل معه؟ 
للأسف نسب الطلاق ارتفعت في الخمسين سنة الماضية من 6% إلى 40% حسب الإحصاءات الرسمية، وهذه النسبة داخل فيها أحكام القضاء في مسائل الطلاق؛ وهي نسبة خطيرة ومزعجة تحتم علينا وضع حلول لها والبحث في أسباب وقوعها.
وهناك رعونة من الأزواج في إيقاع الطلاق تحت أسباب تافهة، وأغلب قضايا الطلاق تندرج تحت أسباب عدم وعي الأزواج، وعدم فهم حقوق الأزواج وخلل في الثقافة الزوجية، مشددا على اعتناء وحرص دار الإفتاء الشديد جدا بالفتوى في قضايا الطلاق.
 
وإدراكا منا لخطورة هذه الظاهرة أنشأنا وحدة الإرشاد الأسري لحماية الأسرة المصرية والحفاظ على ترابطها، وتعتمد وحدة الإرشاد الأسري في سبيل تحقيق أهدافها المنوطة بها على مجموعة من الخبرات والكفاءات المختلفة التي تشمل الجانب الشرعي، والنفسي، والاجتماعي، والمهاري؛ لتستوعب بذلك التنوع كافة جوانب العلاقة الأسرية وما يحيط بها من مشكلات تحتاج إلى تحليل علمي دقيق لفهم الأسباب والدوافع والوصول إلى العلاج المناسب.
 
وعقدنا كذلك دورات لتأهيل المقبلين على الزواج، لتدعيم الشباب بالمعارف والخبرات والمهارات اللازمة لتكوين حياة زوجية وأسرية ناجحة، لكون الزواج من أهم وأخطر الأمور الشرعية، وذلك لخطورة ما يترتب عليه من آثار على كل من طرفي العلاقة، الزوج والزوجة، وعلى جميع المحيطين بهم، وعلى المجتمع من بعد ذلك

وما هو تعليقكم على كثرة دعاوى النساء ضد الأزواج لضربهن وكلمة توجهها للأزواج في هذا الشأن؟
الزوج إذا أجاد لغة الحوار والملاطفة بينه وبين زوجته فكثير من المشكلات الأسرية ستحل، لأن الزواج في حقيقته آية من آيات الله وعلاقة امتزاج روحي وجسدي.
 
والرجل إذا ضرب زوجته فهو هنا ارتكب جريمة من الجرائم، كما أن المرأة إذا ضربت زوجها تكون قد ارتكبت جريمة، فالله لم يأذن بأن يؤذى إنسان آخر.

هذا يدفعنا إلى السؤال حول المؤهلات التي يجب أن تكون متوفرة في الشخص الذى يتصدى للفتوى؟
الفتوى «صنعة وحرفة»، ولا بد من التدريب عليها وإتقانها وفق المنهج الأزهري الصحيح، لذا فإن دار الإفتاء كانت حريصة على تأهيل المفتين فأنشأت مركزا للتدريب على الفتوى ومهاراتها، وإعداد الكوادر الإفتائية الناضجة والواعية بشؤون الدين والدنيا.
 
وقامت دار الإفتاء من خلال الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بعقد مؤتمر دولي حول: "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد في الخارج"، وكان نتاج هذا المؤتمر تدريب عدد كبير من أئمة المساجد في الغرب، خاصة بريطانيا، وكذلك أئمة أفريقيا، خاصة من البلدان التي ظهرت فيها الجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام ومثيلاتها.

كيف يمكن ضبط الفتوى؟
جزءا كبيرا من فوضى الفتاوى سببها أن الذين تصدروا المشهد للفتوى ليسوا من أهل الفتوى وغير مؤهلين علمياً أو تدربوا تدريباً حقيقياً يؤهلهم لتصدر المشهد، فمن يقوم على الإفتاء ينحصر دوره في بيان الحكم الشرعي فقط، ويخبر عما استنبطه من أدلة المشرع.
 
وخطورة الفوضى في الفتاوى الفضائية من أهمية الإفتاء فى الأصل ذلك الإفتاء مسئولية عظيمة، وأمانة ثقيلة، كما أنه منصب جليل ووظيفة شريفة، وأثره في إصلاح الأفراد والمجتمعات ظاهر، والحاجة إليه من أمس الحاجات، بل تبلغ من الضرورات، فليس كل الناس بل ولا أكثرهم يحسن النظر فى الأدلة ويعلم حكم الله فيما يعرض له من مسائل ومشكلات.
 
ولحل هذه المعضلة وضبط الفتاوى لا بد من إعادة هيكلة فكر المسلم المتلقي عبر الفضائيات وذلك عن طريق برامج توعوية تساهم بشكل كبير في بلورة فكر يملك استعدادات لتلقى كل شئ بشكل واع مع دقة فى معالجة كل المعلومات التي يستقبلها من البرامج الفضائية على أن يشرف على تلك البرامج أهل الاختصاص، إلزام الإعلام الرجوع إلى أهل الاختصاص ممن لهم أهلية في إصدار الفتوى، أن يمنع إصدار أي فتوى من الفتاوى العامة والتي تتناول قضايا مهمة في الرأي العام بشكل فردى بل تصدر مثل هذه الفتاوى بصفة جماعية مفتين معتمدون.

كيف ترون حالة الاستعداء الغربي للإسلام؟
إننا كمسلمين أصبحنا نعاني حالة استعداء وتشويه غير عادية ضد الإسلام وانتشار لظاهرة الإسلاموفوبيا نظرًا لما تتبناه وسائل إعلام غربية موجهة وكذلك أحزاب يمينية متطرف.
 
وحالة الاستعداء من الغرب لم تبدأ هذه الأيام فحسب، لكن بدأت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وما أعقبها من أحداث إرهابية في الشرق والغرب، ومن أهم أسباب هذه الحالة وكذلك انتشار الإسلاموفوبيا نشاط المراكز الإسلامية المتطرفة خاصة في أوربا، حيث سيطر على تحركاتها وتوجهاتها عاملا المال والسياسة، ودخول بعض الدول على خط إقامة تلك المراكز، ودعم وتمويل المساجد في أوربا؛ ومن ثم أصبحت تلك المراكز حاضنة لتفريخ الإرهاب في الغرب.

هل تعتقد فضيلتكم أن حالة الخلط في الخطاب الغربي بين الاسلاموية (الإسلام السياسي) والإسلام مقصودة؟
بالفعل ظاهرة الإسلاموفوبيا تنامت بشكل كبير في ظل الخوف الغربي من التطرف، وأصبحت الظاهرتان (الإسلاموفوبيا والتطرف أو الإسلام السياسي) تغذي إحداهما الأخرى في دائرة جهنمية مفرغة يعاني المسلمون والعالم من آثارها. فضلًا عن أن ملف الإسلام في الغرب، سواء فيما يخص المهاجرين أو المسلمين المنتمين إلى تلك الدول الغربية، من الملفات التي خضعت كثيرًا لسيطرة الفكر المتطرف، ويجري تغذيتها بالأفكار المتطرفة التي أوجدت حالة من العداء والكراهية والانعزال الحقيقي والشعوري بين المسلم وبين هذه المجتمعات.

وكيف يمكننا مواجهة موجة العداء والإسلاموفوبيا التي يتعرض لها المسلمون في الغرب؟
مواجهة موجة العداء والإسلاموفوبيا والإساءة إلى النبي عليه السلام التي يتعرض لها المسلمون في الغرب يمكن أن نؤصل لمواجهتها من خلال محورين أساسيين؛ أولهما: الاستنكار لمثل هذه الأفعال والرفض التام لها، وكان هذا على مستوى المؤسسات الدينية ومن بينها دار الإفتاء المصرية التي اتخذت موقفًا واضحًا من هذا الأمر.
 
وثانيهما: مواجهة موجة العداء والإسلاموفوبيا والإساءة إلى النبي عليه السلام التي يتعرض لها المسلمون في الغرب يمكن أن نؤصل لمواجهتها من خلال محورين أساسيين؛ أولهما: الاستنكار لمثل هذه الأفعال والرفض التام لها، وكان هذا على مستوى المؤسسات الدينية ومن بينها دار الإفتاء المصرية التي اتخذت موقفًا واضحًا من هذا الأمر.
 
وأنا أدعو القادة الدينيين والسياسيين في الغرب، إلى إيجاد أرضية مشتركة لحوار متكافئ، بهدف الوصول إلى نقطة ضوء تنكسر عليها ظاهرة الإسلاموفوبيا، وخطابات الكراهية، فالحوار هو السبيل لحلول لهذه القضايا العالقة.
 
وعلى المسلمين في الغرب أن يظهروا الإسلام بصورة حضارية تنبئ عن حقيقة الدين، ولا تستخدم لأغراض أخرى. فضلاً عن الاندماج الإيجابي الفعال الذي يُظهر صورة المسلم الحقيقية التي ترفض الانعزال.

وما دور الإفتاء في مواجهة هذه الظاهرة في دول الغرب؟
دار الإفتاء المصرية أنشأت مرصد الإسلاموفوبيا، لرصد حركة الكراهية التي تقع ضد الإسلام في أنحاء العالم، وذلك في عام 2015، وهو مرصد يختص برصد ظاهرة الخوف من الإسلام ومعالجتها، وتقديم كافة التصورات والتقديرات الضرورية لمواجهتها، والحد من تأثيرها على الجاليات الإسلامية في الخارج، وتصحيح المفاهيم والصور النمطية المغلوطة عن الإسلام والمسلمين في الخارج.
 
الهدف من وراء هذه الخطوة هو مواجهة الظاهرة العنصرية ضد المسلمين وذلك عبر خلق "ذاكرة رصدية" تساهم بشكل كبير وفعال في اختيار أفضل السبل للتواصل مع الأطراف المختلفة- وخاصة في الأوساط الإعلامية والبحثية، والتواصل مع صناع القرار في مختلف الكيانات- تواصلاً مبنيًّا على المعرفة المسبقة والرصد والتحليل لتلك الكيانات ولتوجهاتها، بهدف إنتاج خطاب إعلامي خادم لمصالح المسلمين في العالم، ودافع نحو مساندتهم على المستويين الرسمي والشعبي لدى الغرب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق