تعرف على الأسرار الكامنة وراء تعطل مصانع العراق

السبت، 01 مايو 2021 09:34 ص
تعرف على الأسرار الكامنة وراء تعطل مصانع العراق
الكهرباء
وكالات

وفقاً لأخر إحصائية لوزارة العمل العراقية تبين أن نسبة الأشخاص العاطلين عن العمل قد تجاوزت 15%، فعلى الرغم من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في العراق، إلا أن مصانعها الاقتصادية ما زالت أبوابها مغلقة في وجوه الاقتصاديين والعمال والباحثين عن مصدر رزق للعيش بكرامة.

لنعود بالزمن قليلاً، ففي عام 2003، أيّ قبل أن تغزو أمريكا العراق أنشئت مدينة صناعية على مساحة كبيرة جداً قدرت بـ 200 دونم في جنوبي العراق، اقتصر علمها على إنتاج بعض المواد الغذائية والمواد الكيميائية والمنظفات، وصناعة الحليب، والذرة، وبعض المعامل الأخرى التي أغلقت أبوابها حتى يومنا هذا نتيجة للإهمال وانعدام الخدمات الضرورية لإعادتها للنور.

"علي جدعان" أحد مؤسسي بعض المعامل الخاضعة لبلدية "الديوانية" في جنوبي العراق، يقول بأن الأرض تتبع للبلدية وتم استئجارها بعقد دائم وفقاً للقانون الاستثماري الصناعي لعام 1998، وأضاف أنه بعد إنشاء عدة معامل كان تُشغل أكثر من 550 عامل، أصبحت الآن مغلقة لعدم وصول الخدمات الضرورية لها، كالماء والكهرباء، وأكد على أن القانون الاستثماري ينص على ضرورة توفير الخدمات الأساسية للمعامل، كما وأكد علي أن البلدية لا تتهاون في تحصيل الإيجارات والضرائب الحكومية أبداً على الرغم من إغلاق المعامل لفترة طويلة، ويشدد على ضرورة وقوف الأشخاص عند مسؤولياتهم وتحرك الوزراء لنجدتنا والوقوف معنا بدلاً من إغلاق أبوابهم في وجوهنا.  

خسائر وانفاق

أكد "مرتضي الصافي" المتحدث باسم وزارة الصناعة العراقية أنه يوجد أكثر من 280 مصنع في جميع محافظات الجمهورية، منها حوالي 84 مصنع متوقف عن العمل كلياً، وأضاف الصافي أن تلك المصانع متنوعة، منها مصانع كيميائية، ودوائية، وغذائية، وبعضها مصانع للإنتاج البسيط كالقطن، والذرة، والطحين.

يبلغ عدد سكان الجمهورية العراقية حوالي 40 مليون نسمة، ووفقاً لأخر إحصائية أجرتها وزارة العمل والتخطيط والتي صدرت في نهاية العام المنصرم، تبين أن هناك أكثر من 14% من نسبة السكان عاطلين عن العمل، كما وكشفت الإحصائية أن نسبة الفقر في الجمهورية تجاوزت الـ 26%، مما يعني أن هناك أكثر من 10 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر.

منذ عام 2005 حتى عام 2014، أنفقت الجمهورية أكثر من 100 مليار من أجل إعادة تأهيل المعامل والمصانع والشركات العامة، والتي معظمها تم تمويله من دول مانحة، إلا أن الإخفاق في التخطيط ودراسة الجدوى حال دون إعادة تأهيلها وعملها مرة أخرى.

ويؤكد الصافي أن معظم التعاقدات التي قامت بها الدول المانحة لم تتماشى مع النمو المستدام الشامل اقتصادياً، بل زاد الطين بلة وأدي إلى إحداث خسائر كبيرة وانخفاض في نسب الأرباح التي كان من المفترض أن تعمل على زيادة وتطور ونمو الأرباح، وأكد أن هناك مجموعة كبيرة من المعامل والمصانع غير قادرة الآن على دفع رواتب العاملين، بل يتم تغطيتهم من خلال المنح المقدمة من الدول ووزارة المالية.

وبحسب ما قاله "رامي جواد" الخبير العراقي الاقتصادي أكد على أن هناك أكثر من 50 شركة من أصل 76 شركة تتبع لوزارة الصناعة غير قادرة على العمل حتى الآن والنهوض لمواصلة النمو والتطور، كما وأضاف أن هناك عدد من الشركات التابعة لوزارة الدفاع والمختصة بصناعة المواد الحربية باتت تعاني من خسائر مادية بشكل كبيرة.


الأسباب المتراكمة وراء ذلك

أكد جواد على أن وضع الدولة يدها على معظم الصناعات في السابق مع اختفاء الحماية وانعدام سياسة مراقبة المنتج، وتدهور الوضع الأمني في البلاد، أدي إلى انخفاض الاستثمارات وإنشاء عدد من المشاريع الصناعية التي قد تساعد في تطور النمو الصناعي شيئاً فشيئاً، كما وأضاف أن معظم المعامل والمصانع تم سرقتها والهيمنة عليها منذ الغزو الأمريكي، فضلاً عن اعتماد الأساليب التقليدية في التسويق والإنتاج، وعدم توفر الخدمات الأساسية الضرورية لعمل المصانع، أدي لرفع نسبة التكاليف وانخفاض القدرة على منافسة المنتجات التي يتمّ استيرادها من الخارج، إضافة إلى أن الحكومة لا تشجع على شراء المنتج المحلي.


وزارة الصناعة فاشلة  

انعدام وجود خطة شاملة لدى وزارة الصناعة وغياب الاستراتيجيات الاقتصادية التي يتم اعتمادها بالعمل مع وزارة التخطيط والتي تتماشى مع حاجيات السوق وتحقيق أهداف الاستدامة والتنمية لعام 2030، وعدم القدرة على مواكبة متطلبات العصر الصناعي وإنشاء مصانع متطورة حديقة وتأهيلها بطاقم مختص وعمال مهرة ذو خبرات تواكب التطور العالمي أدى إلى فشل وإخفاق وزارة الصناعة ووزارة التخطيط، وفقاً لما صرح به رامي جواد.


عجز الحكومة

أكد المتحدث "مرتضى الصافي" أن أسباب إغلاق المصانع وعدم قدرتها على العمل ومواكبة التطور الاقتصادي العالمي يعود إلى قدم الأدوات والماكينات والآلات الصناعية التي يعود تاريخها إلى الستينيات، كما وأكد أن منذ الغزو الأمريكي حتى يومنا هذا لم يتم تحديث وتطوير خطوط الإنتاج بسبب الحصار المفروض على الجمهورية، وأضاف أن كثرة استخدام تلك المعدات والماكينات والآلات الصناعية أدى إلى تهالكها وتعطلها وتوقفها عن العمل.

وأشار صافي إلى أن الحكومة ما زالت حتى يومنا هذا تصرف مبالغ مالية وصفها ب "الترقيعية" لا تتماشى مع حجم ما يحتاجه المصنع الواحد فعلياً أو الشركة الكبرى، مؤكداً على أن عجز الحكومة في توفير مبالغ مالية كبيرة لإعادة عمل المصانع والشركات أو إمداد خطوط إنتاج جديدة لمواكبة التطور العالمي الاقتصادي والاستثماري هو السبب الرئيسي وراء هذه المعضلة، وشدد على ضرورة مراقبة الحدود والحد من إغراق السوق بالمنتجات المستوردة والتشجيع على شراء المنتجات المحلية؛ لإعادة الحياة للشركات والمصانع المغلقة.  

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق