الإذاعة المصرية.. يا مقربة الدنيا يا مجمعة السمار

السبت، 05 يونيو 2021 09:00 م
الإذاعة المصرية.. يا مقربة الدنيا يا مجمعة السمار
مصطفى الجمل

87 عاماً على انطلاق الإذاعة المصرية

قدمت أصوات غنائية شكلت وجدان المواطن المصري.. المسلسلات الإذاعية كانت كفيلة بتفريغ القاهرة من المارة.. والبرامج الجماهيرية ربت أجيال على حب الوطن


 

«هنا القاهرة».. بهاتين الكلمتين قص ابن محافظة الشرقية الإعلامي المصري القدير أحمد سالم شريط افتتاح الإذاعة المصرية الحكومية عام 1934، بعد محاولات أهلية عدت على أصابع اليد الواحدة في عشرينيات القرن الماضي.

 

كانت تعتمد الإذاعات الأهلية المصرية في ذلك التوقيت على الإعلانات، وكان يملكها أفراد ومن بين الإذاعات في ذلك الوقت راديو فاروق وفؤاد وفوزية وسابو ومحطة مصر الجديدة، وسكمبري وفيولا، وبعد موجة من التجاوزات الأخلاقية، التي أغضبت الملك صدر المرسوم الملكي الذي حدد ضوابط وشروط العمل الإذاعي وكان أهمها الحصول على ترخيص.

 

 في   29مايو 1934 اتخذت  الحكومة المصرية قراراً يرفع عنها الحرج في ظل تزايد تجاوزات الإذاعات الأهلية، وتم إيقاف جميع الإذاعات الأهلية وتم التعاقد مع شركة مركوني على إنشاء الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية.

 

العقد الذي أبرم بين الحكومة المصرية شركة ماكروني، نص على أن أن تكون الحكومة هي المحتكرة للإذاعة وللشركة مهام الإدارة وإنشاء برامجها لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد، وفي مقابل الإدارة تتلقى الشركة حصة من حصيلة رخص أجهزة الاستقبال، قدرها ستون في المائة، وإنشاء لجنه عليا للإشراف على البرامج، تتكون من خمسة أعضاء ثلاثة منهم تعينهم الحكومة وعضوان تعينهما الشركة.

 

كان أول رئيس لهذه اللجنة العليا الجراح المصرى الشهير الدكتور علي باشا إبراهيم، وكان العضو الثاني في اللجنة حافظ عفيفي باشا والعضو الثالث حسن فهمي رفعت باشا.

استمر إرسال اليوم الأول 6 ساعات، وبدأ بتلاوة من الشيخ محمد رفعت لآيات من القرآن الكريم، ثم تلاه صوت الآنسة أم كلثوم حسبما نعتها وقتها المذيع أحمد سالم، ثم محمد عبد الوهاب والشاعر علي الجارم وصالح عبد الحي والمونولوجست محمد عبدالقدوس والموسيقيان مدحت عاصم وسامي الشوا، وفي 30 مايوم 1944 انتهى عقد شركه ماركوني مع الحكومة المصرية.

انضم للإذاعة بعد انطلاقها عمالقة الفن والغناء في مصر، ويرجع الفضل في ذلك إلى وجود رواد إذاعيين من أمثال الموسيقار مدحت عاصم الذي عمل مديرا للبرنامج الموسيقى ورئيسا للجنة الاستماع في الإذاعة المصرية.

أثرى مدحت عاصم الإذاعة باهتمامه ببث الحفلات الغنائية لسيدة الغناء العربي أم كلثوم، وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.

لم تقف جهود الموسيقار مدحت عاصم عند هذا الحد، بل عمل على اكتشاف مواهب غنائية جديدة مثل الموسيقار رياض السنباطي، والعبقري فريد الأطرش، والفنان عبد العزيز محمود، والفنانة نجاة على، وأسمهان، وليلى مراد، وعلى صوت هؤلاء تعلق الجمهور المصري بالراديو والإذاعة المصرية.

بجانب أصوت ات الطرب التي ملأت الإذاعة المصرية، كان للمسلسلات الإذاعية دور كبير في جذب الجمهور والتفافه حول أثير موجات الإذاعة المصرية، وكانت تضم الإذاعة في ذلك الوقت أباطرة في الإخراج الإذاعي كيوسف الحطاب، ومحمد توفيق، والسيد بدير، ومحمد علوان، وعبده دياب، ومحمود السباع.

وكانت الساعة الخماسة ميعاداً مفضلاً لإذاعة المسلسلات التي كان لها دور كبير في تفريغ الشوارع من المارة؟

 مسلسل  سمارة الذي أذيع منتصف الخمسينيات بطولة سميحة أيوب، وتوفيق الدقن، والسيد بدير، ومن إخراج يوسف خطاب، ومن شدة نجاح هذا المسلسل تحول فيما إلى فيلم سينمائي من بطولة تحية كاريوكا، ومحسن سرحان، وسيد إسماعيل.

وفي خطة عبقرية، مزجت الإذاعة بين الأغاني والدراما في برامج تقدم الأغاني في سياق درامي، كبرنامج خوفو الذي قدمه الإذاعى عبد الوهاب يوسف عام 1953، وحصل بموجبه على جائزة ثاني أفضل برنامج إذاعي في العالم آنذاك، وكذلك"الراعي الأسمر"، "عوف الأصيل"، "الدندورمة"، " على بابا"، "ابن عروس"، "عواد"، "قسم وأرزاق".

 

ثم ظهر لون جديد من البرامج الجماهيرية، مثل "على الناصية" للإذاعية الراحلة أمال فهمي، و"ساعة لقلبك" للإذاعي طاهر أبو زيد، و"حول الأسرة البيضاء" و"ما يطلبه المستمعون" للإذاعية سامية صادق كانت الأكثر ارتباطا في وجدان المصريين، فضلا عن البرامج الثقافية، مثل "زيارة لمكتبة فلان" من تقديم الإذاعية الراحلة نادية صالح، و"مع العلماء فى دائرة الضوء" مع الإذاعية الراحلة أميمة كامل.

 

الأسرة المصرية أيضا كانت لها نصيبها من برامج الإذاعة، فالذاكرة المصرية لا تسقط أبدا برنامج "إلى ربات البيوت" الذي كانت تقدمه أم الإذاعيين صفية المهندس، أما زوجها الإعلامي بابا شارو فقد حفر اسمه فى الوجدان المصري بتقديمه لبرامج الأطفال، وتنميته للخيال المصري عبر إخراجه للبرنامج الإذاعي الشهير "ألف ليلة وليلة" الذي كان يكتبه الشاعر طاهر أبو فاشا، فيما كان شقيقها يعالج الفنان فؤاد المهندس يعالج أعتى مشكلات المجتمع عبر برنامجه "كلمتين وبس"، فضلا عن برنامج "غنوة وحدوتة" لأبلة فضيلة.

السيدة أم كلثوم لم تنس فضل الإذاعة عليها وكيف تعلق الجمهور المصري بها بفضل ما  أذيع لها من حفلات عبر موجاتها، فغنت لها يا "صوت بلدنا" والتي وضع كلماتها الشاعر عبد الفتاح مصطفى، ولحنها الموسيقار محمد الموجى وتقول كلماتها:

 

يا صوت بلدنا يا صوت جهادنا.. يا أعلى منبر للدين ومدنه

وللمعاني وللأغاني وللعروبة ولاتحادنا

أعلى ودوي يا صوت بلدنا

الشعر والأنغام .. والعلم والإعلام

بيرفعوا لك وسام ..بتحية الملايين

تحية طول الطريق..من كل عربي شقيق

وألف مليون صديق..من كل جنس ودين

يا مسهرة السامر يا مجمعة السمار

يا مقربة الدنيا يا موحدة الأفكار

وللمعاني وللأغاني وللعروبة ولاتحادانا

اعلى ودوي يا صوت بلدنا

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق