طلال رسلان يكتب: 3 سنوات تنسيقية.. جمعت الفرقاء تحت راية وطنية وحققت التمكين

السبت، 19 يونيو 2021 09:00 م
طلال رسلان يكتب: 3 سنوات تنسيقية.. جمعت الفرقاء تحت راية وطنية وحققت التمكين

اختلاف التوجهات في التنسيقية أثرى الحياة السياسية وأنهى عقودا من إعلاء المصلحة الخاصة والحزبية

أعضاء التنسيقية يشتبكون مع كافة أزمات المواطنين في المحافظات واللجان النوعية خلايا نحل لإنتاج حلول 
 
 
قبل عام 2018 تحديدا شهر أبريل كانت جوانب الحياة السياسية في مصر تمر بفترة أخرى من الركود، وأوضاع الأحزاب في الشارع المصري لا يرثى لها، والمواطن فقد الثقة بسبب كثرة الوعود الملفقة من حزب هنا وهناك، وكثرة الضجيج بلا طحين، وأيديلوجيات مختلفة ورؤى غير متسقة مع الأرضية الوطنية التي تنطلق من خلالها القيادة السياسية نحو المستقبل.
 
وقتها دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تنمية الحياة السياسية على أساس دور وطني يثري نواة مثمرة جديدة تعيد الثقة للمواطن وتحظى بتغيير ملموس وقوي في واقع الأحزاب المصرية في الشارع، وجزء لا ينفصل عن قضايا المجتمع وحلقة وصل مع دوائر صنع القرار.
 
ثلاثة أعوام مرت على إعلان انطلاق تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، شباب بأيدلوجيات مختلفة وأحزاب عدة يتجمعون على وضع أطر أساسية وأهداف واضحة المعالم لتنمية الحياة السياسية في مصر وإعادة الدور الحزبي والبرلماني إلى مساره في خدمة المواطن، مع كسب ثقة كافة المؤسسات والهيئات السياسية والعامة، بما يضمن التعبير الأمثل في خدمة قضايا المجتمع... كان ذلك هو الهدف المعلن منذ بداية انطلاق التنسيقية.
 
والواقع لم يكن الطريق ممهدا بالمرة أمام أعضاء التنسيقية، بل كانت هناك تحديات كبرى وسط فترة بالكاد تخلصت فيها مصر من رؤوس الإرهاب وجففت المنابع مع ثورة تصحيح اقتصادية كبرى ووضع قدم في المسار الصحيح لتنمية شاملة بشكل ملموس للمواطن، وبداية لجني ثمار ضريبة مرة دفعها الشعب إلى جانب القيادة السياسية يدا بيد لإنقاذ البلاد ومكانتها.
 
دخلت تنسيقية شباب الأحزاب بين أمواج عاصفة، من ضعف في الحياة السياسية وتراجع الأحزاب عن دوارها، إضافة إلى ما عانت منه الحياة العامة بفقدان الثقة في الشخصيات العامة والوطنية، مع دور أكبر لنخب فعلت ما فعلته بحياة المصريين، ومن ناحية أخرى دخول البلاد في حرب التطهير لمحاولات الاستقطاب الطائفي والنزعات المتطرفة التي تلعب بها الجماعات الإرهابية والأجندات الخارجية في محاولات لإسقاط البلاد في دائرة الفوضى والإرهاب.
 
حددت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسية مسارات وجودها في الحياة السياسية منذ البداية، ورمت بأوراق رابحة تقوم على أساس المجهود المنظم لإنقاذ ما تبقى في معركة بقاء الأحزاب ورفع وعي المجتمع، وتبني قضايا وطنية تكون انطلاقة لعودة تمكين الشباب في المشاركة السياسية، ومن ثم عقدت الأنشطة التثقيفية وحملات التوعية بحقوق الشباب وواجباتهم.
 
ما بعد انطلاقة التنسيقية التي ضمت أعضاء من 25 حزبا سياسيا مختلفا، كانت خطوات مدروسة لبيان واقع أهدافها وترجمتها إلى لغة واقعية يشعر بها المواطن على أساس الأسلوب العلمى في قياس قدرات ومهارات الشباب المشارك فى العمل السياسى والعمل العام، من خلال توقيع البروتوكولات مع كبرى الشركات العالمية فى التنمية البشرية، ليتم توظيف المواهب والقدرات لخدمة الوطن في كافة المجالات.
 
يوم تلو الآخر تحولت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين إلى كيان ومحرك أساسي ورقم مهم في معادلة الحياة السياسية في مصر، امتلكت كروت اللعب الرابحة، انطلقت من أرضية ثابتة على أساس منصة كبرى لفتح الحوار بين الشباب، فخرج جيل مؤهل لتحمل مسئوليته الوطنية أمام الشعب، بكوادر مثلت في عدد كبير من المواقع التنفيذية والنيابية والإعلامية والصحفية.
 
انطلقت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين إلى أبعد من مجرد فكرة التمكين والمساحة للظهور إلى تحدٍ أكبر في الحياة السياسية يمكنها من استكمال مسيرة 3 سنوات ناجحة من تكوين كوادر وأجيال أهلتها للعمل السياسي الواقعي من أجل البلاد وعلى أرضية وطنية ثابتة. 
 
 من اليوم الأول تم توقيع وثيقة التنسيقية، والتي ضمت عددا من القواعد والمبادئ والحقوق والواجبات يتم تطبيقها على الجميع، الهيكل التنظيمي للتنسيقية يتكون من مجلس الأمناء المشكل من أعضاء التنسيقية المكلفين في مواقع تنفيذية وقيادية في الدولة منهم 6 تم تعيينهم في منصب نواب المحافظين، و32 عضوا للتنسيقية داخل مجلس النواب، إضافة إلى 16 عضوا في مجلس الشيوخ، وذلك من ضمن القوام الرئيسي للتنسيقية الذي يضم 25 حزبا، وبالإضافة إلى مجلس الأمناء يضم الهيكل التنظيمي للتنسيقية عددا من اللجان النوعية، أما الهيكل التنظيمي فيضم المجموعة التنسيقية أو ما يطلق عليه مجموعة المنسقين كما يوجد بالهيكل التنظيمي هيئتي المكتب لأعضاء التنسيقية في مجلسي النواب والشيوخ، وإضافة إلى عدد من اللجان النوعية في مجالات مختلفة والتي تقوم بدور فعال ومهم داخل التنسيقية وهو تحضير وصياغة أوراق سياسات لرفعها لدوائر صنع القرار، سواء من خلال أعضاء التنسيقية في السلطة التنفيذية، أو من خلال نوابها في غرفتي البرلمان، وبالإضافة إلى اللجان النوعية هناك لجنتين خاصتين، وهي لجنة التدريب والتطوير، ولجنة التنظيم المشرفة على الفعاليات الخاصة بالتنسيقية، ولكي تكتمل المنظومة الناجحة في التنسيقية كان لابد من وجود المركز الإعلامي، والذي يقوم بتصميم وإدارة الحملات الإعلامية لكل أعضاء التنسيقية، إلى جانب إدارة الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وإدارة الموقع الإلكتروني، وإنتاج المواد الفلمية عن نشاط التنسيقية بشكل يومي.
 
سياسة بمفهوم جديد، ذلك الشعار الذي اتخذته تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، لبداية مرحلة جديدة في العمل السياسي، بما يغير من شكل النزاعات والصراعات التي كانت قائمة في وقت سابق، وصارت التنسيقية هي الإطار الأول من نوعه للتفاعل والحوار والاتصال والتواصل بين فرقاء وأحزاب سياسية مختلفة يسمح بذوبان الجليد التاريخي وهو قدرة جميع التيارات على الحديث والحوار مع بعضها وعلى أساس أرضية وطنية واحدة وخدمة الصالح العام.
 
تجربة أولى جمعت بين المؤيد والمعارض بين اليمين واليسار الكل على منصة واحدة بسياسة تجمع لا تفرق، وهذا ما تقوم عليه أي حياة سياسية ناجحة في العالم هو وجود آراء متباينة ويعطي قوة للدولة، تجميعة شملت القطر المصري بكامله على اختلاف الانتماءات السياسية أوصلت في النهاية إلى نتيجة تجربة على الأقل لمس نتائجها المجتمع.
 
في يناير 2020 كان اختبار صعب آخر، كيف سيقود شباب التنسيقية المعركة الانتخابية؟ ماذا سيقدمون للشعب لكي يقتنع بالتجربة؟ هل يلمس المواطن تحقيق الوعود بنفسه؟ ما البرامج والخطط التي تخرج عن نمطية وحشو الآذان الذي اعتاد عليه المواطن في الانتخابات السابقة ومن المرشحين السابقين؟.
 
كل تلك الأسئلة كانت إجابتها على أرض الواقع، عندما بدأ شباب التنسيقية حملات انتخابية باستراتيجية جديدة تجمع بين التواجد على الأرض مع المواطنين واستغلال التأثير الإيجابي على مواقع التواصل الاجتماعي، والدخول إلى مؤسسة البرلمان برؤى مسبقة قبل فترة ترشحهم وبالتالي كل منهم لديه برنامج وأهداف، والأهم لديه تركيز على قضايا بعينها يعاني منها أهالي الدائرة، فقدمت التنسيقية مجموعة متنوعة سياسيا بعضها حزبي والآخر مستقل لخدمة الصالح العام والحياة السياسية المصرية.
 
وصلت التنسيقية إلى صياغة رسالتها عن شكل النظام السياسي الطبيعي، القائم على ثقافة الحوار والاختلاف بخطوات مدروسة للقضايا الكبرى، مثل أي نظام سياسي في أي بلد ديمقراطي بثوابت أهمها السيادة الوطنية وصيانة وحماية مؤسسات الدولة حفاظا على مصالح المجتمع، فكانت التنسيقية بداية لتأسيس أدبيات حاكمة للعمل الحزبي والسياسي، هدفها الرئيسي أن تصبح السياسة طاقة دفع للدولة والمجتمع وأن لا يكون السياسيين جزء من أزمات عرقلت وشتت النسيج الوطني والاجتماعي المصري لعقود طويلة.
 
الحياة السياسية الآن وطبيعة الظروف الجديدة التي تفرضها التطورات الداخلية والخارجية بكل ما تحمله من الأعباء تحتاج إلى ممارسة سياسية فاعلة وحقيقية، فكان ظهور تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين خلال تلك الفترة لتبرز فيها الاختلافات السياسية في شكل برامج وآليات، وليس مجرد انفعالات تحمل في طياتها مجرد المتاجرة بالصوت العالي أكثر من محاولات جادة في إيجاد حلول لمشكلات وأزمات، تزامنا مع تحرك مؤسسات الدولة بكاملها للقضاء على العشوائية وتوفير حياة كريمة للفئات الأكثر فقرا وتضررا من عقود الإهمال وعدم استغلال الموارد بشكل جيد.
 
في عامها الثالث تخطو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في شكل وتنسيق متجانب كحالة حوارية جادة تستوعب واقع المجتمع المصري باقتدار تام وتعبر عن أزماته التي يعانيها المواطن والاشتباك معها وإيجاد الحلول اللازمة في حدود التحرك وفق الإمكانيات المتاحة، إلى جانب تقدم رؤى وحلول، والانطلاق إلى تنفيذ تلك الحلول على أرض الواقع.
 
وفقا للمشهد الحالي فإن السياسيين الحزبيين في تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين يمارسون مهام عملهم التنفيذي، وفي البرلمان يقدمون تجربة تشريعية فاعلة، تنتقد وتعارض وتناقش، ومن ورائهم قيادات وكوادر يمارسون حوار ومناقشات كخلايا نحل داخل اللجان النوعية التي تشتبك مع كافة القضايا والموضوعات الوطنية داخليا وخارجيا.
 
رسمت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين الآن الخطوط العريضة لحركة جيل كامل في كل محافظات مصر يناضل لنيل حقه بوطنية ضد الفوضى والإرهاب، ويتزامن دورهم السياسي بحرص للحفاظ على عدم ضياع كل جهود المصريين ونضالهم بعيدا عن المصالح الفردية الضيقة، أو ممارسات المراهقة الفكرية والسياسية، مع شباب يحمي بوطنية وشرف في الجيش والشرطة، وآخرون يبنون ويستكملون خطة البناء والتعمير في صروح الإنتاج والمهن والحرف المختلفة كل في مكانه.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق