البنك الدولى: مسار جديد لمعالجة أزمة التعلم بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا

الأربعاء، 30 يونيو 2021 12:00 ص
البنك الدولى: مسار جديد لمعالجة أزمة التعلم بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا

يعانى أكثر من نصف الأطفال فى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من "فقر التعلُّم"، حيث لا يمكنهم قراءة نص مناسب لأعمارهم وفهمه وهم فى سن العاشرة، ولا شك أن هذا الأمر يؤدى إلى قصور فى تعلُّم معظم الأطفال فى المنطقة وإعاقة تقدُّم بلدانها فى مجال تكوين رأس المال البشرى، وذلك وفقا لتقرير جديد صادر عن البنك الدولى.
 
ما إن يلتحق الأطفال بالمدرسة فإنهم يتعلمون القراءة والكتابة باللغة العربية الفصحى المعاصرة التى تختلف عن طريقة تحدثهم مع ذويهم فى المنزل. وهذا فى حد ذاته يفرض العديد من التحديات. والتقرير المعنون: "النهوض بتعليم اللغة العربية وتعلُّمها - مسار للحد من فقر التعلُّم فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" يتناول الشواهد والأدلة على العوامل التى تؤثر على تعلم اللغة العربية ويقترح مساراً للمساعدة فى إرشاد بلدان المنطقة فى جهودها لتعزيز نتائج التعلم.
 
من جانبه قال فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى تصريحات له: "لقد واجهتنا أزمة فى التعلم قبل تفشى جائحة فيروس كورونا وبين أيدينا الآن تحدٍ أكبر من ذلك بكثير، حيث تحتاج أنظمة التعليم فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تقديم مهارات تأسيسية أقوى حتى يتمكن الأطفال من تعلم القراءة بشكل فعال من أجل أن نصل بهم إلى مرحلة (القراءة للتعلم). ستعمل الاستثمارات الموجهة لتوفير تعليمِ ذى مستوى أكثر جودة لكل طفل وستعمل كذلك على تزويد الأولاد والبنات الصغار فى منطقتنا بالمهارات الأساسية اللازمة ليكونوا من أرباب الابتكار وريادة الأعمال فى المستقبل".
 
وتجدر الإشارة إلى أن خبرة الأطفال مع اللغة العربية الفصحى المعاصرة تعد محدودة قبل بلوغهم سن المدرسة. على سبيل المثال من غير المرجح أن يقرأ الآباء فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأطفالهم الصغار أو أن يلعبوا معهم ألعاب الكلمات، وذلك مقارنة بالآباء فى مناطق أخرى من العالم، ويعتبر الالتحاق ببرامج التعليم الرسمية فى مرحلة الطفولة المبكرة مثل مرحلة ما قبل المدرسة -حيث يمكن تطوير مهارات القراءة والكتابة- أقل فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عنه فى المناطق الأخرى.
 
ويمكن معالجة هذه التحديات باتخاذ إجراءات هادفة مثل توفير بيئة لغوية ثرية، والتعرُّض المبكر للفصحى، والتدريس عالى الجودة الذى يعتمد على علم تعلُّم القراءة ويستثمر التداخل بين الفصحى والمفردات العامية. لكن سوء نواتج تعلُّم القراءة والكتابة ناتج عن العديد من الممارسات المتعلقة بخبرات الطفولة المبكرة ومهارات القراءة والكتابة وتعليم اللغة العربية وتعلُّمها فى مرحلة رياض الأطفال والصفوف الدراسية الأولى، ويؤثر ذلك بالسلب على الأطفال فى بداية تعليمهم ويستمر تأثيره طوال مسيرتهم التعليمية وفى حياتهم كبالغين.
 
وتعليقاً على هذا التقرير قال أندرياس بلوم، مدير قطاع الممارسات العالمية للتعليم فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولى فى تصريحات له: "يُظهر علم تعلم القراءة أن الإلمام بالكثير من المفردات يساعد الأطفال على الانتقال من اللهجات العامية التى يتحدثون بها فى المنزل إلى اللغة العربية الفصحى المعاصرة، وتعد البيئة الغنية باللغة أمراً مهماً فى المنازل والمدارس".
 
ومع ذلك فإن هذا الأمر لا يحدث باستمرار، كما أنه لا يتوفر فى كل الأسر؛ فالأطفال فى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقل احتمال تحصلهم على كتب مخصصة للأطفال فى المنزل أو أن يكونوا فى مدرسة فيها مكتبة كبيرة (أو أى مكتبة بأى حجم) أو أن يطلب منهم معلمهم قراءة قصة نثرية مؤلفة من فصول، وذلك بالمقارنة مع نظرائهم فى البلدان الأخرى.
 
وعليه فإن النهج الأفضل لتعليم اللغة العربية لصغار الناطقين بها يحتاج إلى تعزيز؛ فالأطفال يتعلمون قراءة اللغة العربية وكتابتها بطريقة جامدة، حيث يركز المعلمون على قواعد النحو والإعراب والبلاغة والدقة اللغوية. كما يعانى الأطفال أيضاً من نقص فى مرح التعلم والسهولة فى طرح الاستفسارات اللازمة لإشراكهم بشكل كامل فى تعلم القراءة والكتابة، ويُعد المعلِّمون أنفسهم نتاج الأسلوب غير الفعّال فى تعليم اللغة العربية وغالباً لا يشعرون بالراحة فى استخدام العربية الفصحى كوسيلة للتدريس، وينطبق ذلك على الكثير من معلِّمى اللغة العربية، وهناك عدد قليل جداً من دورات إعداد المعلمين فى الجامعات تتضمن دراسات تستند إلى علم تعلم القراءة باللغة العربية.
 
والتقرير الذى بين أيدينا يقترح مساراً للنهوض بتعليم اللغة العربية وتعلمها، ويبدأ هذا المسار بوضع أهداف محددة وقابلة للقياس لنواتج تعلم اللغة العربية للأطفال مع الربط الواضح بأهداف السياسة الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد من البلدان؛ من خلال استراتيجية وطنية لتعلّم القراءة والكتابة، وذلك على سبيل المثال. وتتعلق باقى البنود بتعريض الأطفال مبكراً للغة العربية الفصحى وطرائق التدريس ومواد المناهج الدراسية وبرامج إعداد المعلمين والتطوير المهنى ودعم المدارس والتقييم والتدخل المبكر للأخذ بيد الأطفال المتعثرين فى القراءة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق