تفعيل قيمة المنتج المحلي.. مصر عالجت الفجوة بين الصادرات والواردات وخفضت فاتورة السلع الاستفزازية

السبت، 17 يوليو 2021 08:30 م
تفعيل قيمة المنتج المحلي.. مصر عالجت الفجوة بين الصادرات والواردات وخفضت فاتورة السلع الاستفزازية
هبة جعفر

تقليص الواردات في 6 سنوات من 72 مليار دولار إلى 63 مليار.. وارتفاع الصادرات السلعية المصرية لـ25 مليار في 2021

خبراء: تقوية الصناعة الوطنية وتشجيعها ساهم في زيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي والحد من الاستيراد وخلق وظائف

حلت كارثة انتشار فيروس كورونا المستجد بالدمار الاقتصادي على كبرى دل العالم، وشلت حركة التجارة الخارجية وتوقف الطيران بين البلدان، وأيضا تأثرت حركة الملاحة والتجارة البحرية، لكن مصر استطاعت أن تخرج من هذه الكبوة باستثمارات اكبر واضخم، وشهدت حركة التجارة الخارجي ارتفاع كبير في حجم الصادرات مع تقليص فاتورة الاستيراد، وذلك بفضل الخطوات الاستباقية التى اتخذتها الحكومة من خلال البرنامج الاقتصادى الذي اعتمد فى البداية على تقليص فاتورة الاستيراد من خلال منع استيراد 70 منتج من السلع الاستفزازية، مما ساهم بشكل كبير في تقليل فاتورة الاستيراد وتوفير 8.5 مليار دولار في غضون 5 سنوات، كما حرصت الدولة على تفعيل اتفاقية تفضيل المنتج المحلى فى الصناعات المصرية مما ساهم أيضا فى تقليل الاستيراد وتفعيل الصناعة المصرية.

وخلال ستة سنوات استطاعت الدولة تقليص الواردات السلعية المصرية من دول العالم، حيث سجلت تراجعاً ملحوظاً وبلغت فى عام 2015 حوالي 72 مليار دولار مقابل 63.5 مليار دولار في عام 2020 بتراجع حوالي 8.5 مليار دولار، وهذا قابله، ارتفاع في إجمالي الصادرات السلعية المصرية والتي سجلت فى عام 2015 حوالي 18.6 مليار دولار ارتفعت مع نهاية عام 2020 لتصل إلى 25.3 مليار دولار، وساهمت هذه المؤشرات الايجابية فى إصلاح الخلل فى الميزان التجاري لمصر مع دول العالم، الذي بلغ فى نهاية عام 2020 حوالي 38.3 مليار دولار مقارنة بـ 53.4 مليار دولار فى عام 2014 وكشفت بيانات التعبئة العامة والاحصاء عن انخفاض العجز التجاري بنسبة 13.3% خلال شهر أبريل الماضي وارتفعت قيمة الصادرات خلال ذات الشهر لتصل إلى 2.84 مليار دولار .

واعلنت وزيرة التجارة والصناعة الدكتورة نيفين جامع، أن الصادرات المصرية غير البترولية حققت زيادة ملموسة بنسبة 19% خلال الـ5 أشهر الأولى من عام 2021، حيث بلغت 12 مليار و323 مليون دولار، مقابل نحو 10مليارات و375 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2020 وبفارق مليار و948 مليون دولار، كما أكدت على ارتفاع صادرات مصر لفرنسا بنسبة 11%لتبلغ 236مليون يورو مما ساهم فى انخفاض حجم العجز التجاري المصري بفرنسا بنسبة 23.12% مقارنة بالفترة الماضية.

وساهمت مبادرات رئاسية التى أطلقتها وزارة المالية منذ انتشار فيروس كورونا فى دعم المصدرين من خلال مبادرة السداد النقدي الفوري، التى لاقت إقبالا كبيرا من المصدرين وقدمت 600 شركة للاستفادة من المبادرة وساندت الدولة القطاع التصديرية بـ28 مليار جنيه منذ تنفيذ مبادرات رد المستحقات المتأخرة، كما استفادت 2500 شركة مصدرة من الخمس مبادرات التى أطلقتها لسداد المبالغ المتأخرة لدعم المصدرين لدي صندوق تنمية الصادرات ما وفر السيولة اللازمة الشركات المصدرة لاستمرار عجلة الإنتاج.

وقال الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، أنه "قبل الحديث عن مبادرات دعم الصادرات لابد التأكيد على أهمية توطين وتشجيع الصناعات المحلية في هذه الفترة، وذلك لانعكاس هذا التطور على ملف التصدير، فالصادرات في حاجة إلي تهيئة بيئة مناسبة تبدأ بتقوية الصناعة وصولا إلي الدعم الفني واللوجستي والدعم النقدي، فالحكومة اصدرت القانون رقم 5 لسنة 2017 الخاص بتفضيل المنتجات المحلية فى العقود الحكومية، وكان هناك مساعى لتشجيع الصناعات المختلفة ومنها الصناعات التي لها دور رئيسي في النهوض بالصادرات ومنها الصناعات الغذائية والطبية والكيماوية ومواد البناء والهندسية والحاصلات الزراعية فهي الحصان الاسود للصادرات".

وأكد الشافعى لـ"صوت الأمة" أن تقوية الصناعة الوطنية وتشجيعها يساهم في زيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي والحد من الاستيراد، والحكومة تعمل على ملف تعميق المكون المحلي وملف استبدال الواردات المستوردة بإنتاج وطني، وهذا يعني ضخ استثمارات جديدة وخلق وظائف وزيادة الإنتاج المحلي، وهذا ما يؤكد اهتمام خاص من الرئيس والحكومة بملف الصناعة، فالصناعة الوطنية تحظي بدعم كبير عبر المبادرات التمويلية لقطاع الصناعة والتي شهدت تخصيص 100 مليار جنيه بجانب مبادرات دعم المنتج المحلى وجميعها تساهم فى زيادة مبيعات المنتجات المصرية، اضافة الى زيادة معدلات نمو الانشطة الصناعية المختلفة بجانب مبادرة الصناعات الصغيرة ب 200مليار جنيه التي صدرت 2016.

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن مبادرة السداد الفوري للمستحقات الخاصة بالمصدرين تمكنت من سداد أكثر من 21 مليار جنيه وفق المعلومات المتاحة، وهو ما انعكس على توفير احتياجات الصادرات في أول خمسة أشهر من 2021 التي ارتفعت 19% خلال هذه الفترة لتسجل 12.3 مليار دولار، وسداد مستحقات متأخرة للمصدرين بجانب برنامج دعم الصادرات الجديد والذى يساهم في نسبة الشحن إلي افريقيا 80% سيكون له انعكاسات إيجابية كبيرة على الصادرات السنوات القادمة وتحقيق مستهدف الدولة بزيادة حصيلة الصادرات الصناعية.

ومن جانبه قال الدكتور محمد راشد، استاذ الاقتصاد بجامعة بني سويف، ان هناك حرص كبير من القيادة السياسية علي الارتقاء بقيمة الصادرات وخفض اعباء الواردات علي ميزان المدفوعات، نظرا الفجوة الكبيرة بين الصادرات والواردات مما يتسبب دوما فى عجز الميزان التجاري، ودائما ما يوجه الرئيس السيسي الحكومة بضرورة البحث عن حلول لزيادة الصادرات لتعويض تراجع العملة الصعبة الوافدة من قطاع السياحة والذي تضرر بشدة فى ظل أزمة كورونا الحالية، مما يحافظ على استقرار الاحتياطات النقدية الدولية وبالتبعية استقرار الجنيه المصري كما يتعين أيضا خفض الواردات حتى لا تشكل ضغطا علي العملة الصعبة

أضاف الخبير الاقتصادي لـ"صوت الأمة": يمكن خفض الواردات من خلال إعطاء حزمة من الحوافز للمشروعات التي تنتج منتجات محلية بجودة عالية بديلة للسلع غير المتوافرة محليا، ويتم استيرادها من الخارج كإعطائها أراضى مرفقة فى المناطق الصناعية بأسعار مخفضة أو تمييزها عن المشروعات الأخري بخصم ضريبي علي حسب حجم إنتاجها، علي أن تقوم وزارة الصناعة والتجارة بتحديد السلع الأكثر استيرادا ويمكن إنتاجها محليا وتوجيه المستثمرين إليها من خلال الحوافز النقدية والضريبية بالإضافة إلي تشديد المنع علي دخول السلع المستوردة غير المطابقة للمواصفات القياسية وهو ما سيحد بشكل كبير من الاستيراد بوجه عام 

 وأوضح راشد، كما يمكن تقديم "مبادرة اشمل" من البنك المركزي بأسعار فائدة مخفضة للمشروعات التي تطبق استراتيجية الإحلال محل الواردات مع ضرورة تبني سياسة العناقيد الإنتاجية من خلال تحقيق التكامل بين المشروعات المختلفة الكبيرة والمتوسطة والصغيرة بالاتكاء علي استراتيجية ذات منظور شامل فى اتجاه تعميق الصناعة المصرية بحيث يتم توفير كافة مستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة محليا.

وأكد راشد،  يمكن تقديم نفس المزايا السابقة للمستثمر الأجنبي فيما يتعلق بالصناعات كثيفة التكنولوجيا لتوطينها محليا وهو ما يوفر مليارات الدولارات علي استيراد هذه السلع عالية التقنية علاوة علي انها ستفتح آفاق متعددة للصادرات المصرية، كما يتعين تفعيل الاتفاقيات التجارية مع الدول العربية والإفريقية واستغلال الفرص المتاحة لمضاعفة الصادرات المصرية حيث أن مصر لم تستفيد حتي الآن بشكل مرضي من تلك الاتفاقيات الكفيلة بمضاعفة الصادرات المصرية فى ظل الدعم غير المباشر الذي حصلت عليه الصادرات بعد انخفاض الجنيه المصري جراء التعويم.

وتابع الخبير الاقتصادي وقد ارتفعت الصادرات المصرية غير النفطية مؤخرا فى ظل أزمة كورونا وذلك يرجع إلي عدة أسباب من أبرزها الدعم النقدى الذي تقدمه الدولة للمصدرين حيث تلقي المصدرون منذ بداية أزمة كورونا نحو 24 مليار جم مما وفر السيولة للمصدرين واستمرار حفاظهم علي اسواقهم مع التوسع فى التصدير علاوة علي مبادرة السداد الفوري لمستحقات المصدرين حيث اتاحت 85% من المستحقات المالية بشكل فوري للمصدرين مما ساهم فى تحفيز وتشجيع المصدرين علي مزيد من الإنتاج، كما أن المبادرات التى قدمها البنك المركزي لدعم القطاع الصناعي ولا سيما الشركات التى تنتج بغرض التصدير حتى ولو بجزء من إنتاجها من خلال تقديم تمويل باسعار فائدة لا تزيد عن 10% قد عزز من القدرات التصديرية لهذه الشركات وبالتالي انعكست زيادة الصادرات علي إنخفاض العجز التجاري بنحو 1% خلال نفس الفترة.

وأكد الدكتور وليد جاب الله، استاذ التشريعات الاقتصادية وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن الصادرات المصرية غير البترولية ارتفعت بصورة تدريجية خلال الفترة الأخيرة وفي ظل تداعيات فيروس كورونا حتى وصلت لزيادة بنسبة 19% خلال الـ5 أشهر الأولى من عام 2021، لتصل إلى 12.323 مليار دولار، مقابل 10.375 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من العام السابق، ولعل ذلك يرجع إلى إجراءات ومبادرات الحكومة التي ساندت بها قطاعات الإنتاج بصفة عامة مثل مبادرة الإعفاء من فوائد المتأخرات المستحقة للضرائب والجمارك والتأمينات، وتقديم تمويلات منخفضة التكلفة، والسماح بتأجيل أقساط القروض.

وأضاف جاب الله، أن الدولة اهتمت بالتطوير بشكل كبير في منظومة النقل والموانئ، والتأثير الإيجابي للحوافز التي قررها قانون ضمان وحوافز الاستثمار واتفاقات وتكتلات التجارة الخارجية التي انضمت إليها مصر وغيرها من الإجراءات التي ساعدت على اكتشاف القدرات التصديرية المصرية التي تستهدف الدولة تعزيزها خلال الفترة القادمة للحصول على حصة أكبر من الفرص التصديرية في سباق التعافي العالمي من جائزة كورونا.

وأضاف استاذ التشريعات الاقتصادية، ان مصر تمتلك بالفعل القدرة على ذلك طالما ادارت عملية التنمية بأسلوب منضبط وطموح وعزم على استكمال مسار الإصلاحات الهيكلية ولم تقف في منتصف الطريق

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة