صوت العرب من القاهرة.. تاريخ وطني في خدمة قضايا مصر والعرب

الجمعة، 30 يوليو 2021 06:36 م
صوت العرب من القاهرة.. تاريخ وطني في خدمة قضايا مصر والعرب

على مدار 68 عاما هو عمر أثير إذاعة صوت العرب المصرية، لم ينس أحد الجملة الخالدة والتي تحولت إلى ما يشبه الشعار الوطني "صوت العرب من القاهرة".

أحداث كبيرة غيرت خريطة الشرق الأوسط وتبدلت أنظمة عالمية، لم تغب عنها إذاعة صوت العرب، مرورا بالعدوان الثلاثي وتأميم قناة السويس ونكسة 67 ثم نصر أكتوبر المجيد واستعادة سيناء مرورا بأحداث ثورتي يناير ويونيو وصولا إلى الجمهورية الجديدة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

شهادات عربية ودولية كتبتها شخصيات لها ثقلها في الساحة الدولية، تسلط الضوء على الدور التاريخي الذي لعبته إذاعة صوت العرب، حيث كانت رقما مهما في معادلة الإعلام العربي والعالمي، وذراع قوية للدبلوماسية المصرية في ملفات عدة.

 

إحدى هذه الشهادات كانت من دوجلاس بويد الأستاذ بجامعة كنتاكي الذي قال، خلال فيلم وثائقي جديد أطلقته وحدة الأفلام الوثائقية بشبكة قنوات  dmcإن إذاعة صوت العرب كانت أستاذة في الترفيه السياسي، وكانت بداية الإذاعة السياسية في العالم العربي، رغم أنها لم تكن بداية الدعاية السياسية في العالم، موضحًا أنه كان لها دورا في الترويج للسياسة الخارجية المصرية، وأن تجعل للدولة مكانًا في الشرق الأوسط، وما وراءه.

 

وأضاف «بويد»، أن الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، كان يؤمن أن هذا الأمر له أهمية كبيرة، ولذلك أنشأ إمبراطورية إذاعية ثم تلاها التلفزيون، لاستهداف المشاهدين والمستمعين العرب، موضحًا أن ناصر كان لديه رؤية واضحة يريد تنفيذها من خلال إذاعة «صوت العرب»، وكان يدرك جيدًا أن أنصاره ليس فقط المصريين، ولكن شعوب الدول العربية.

 

وأوضح أن مصر كتبت السيناريو بشكل جيد، وهو كيف تجعل صناعة الترفيه والترويج السياسي جذابة بشكل جيد.

شهادة أخرى مهمة من الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية، قال فيها إن الإذاعة بشكل عام تستخدم في الدعاية السياسية، وهي أداة رئيسية من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية لأي دولة، واكتسبت أهمية كبيرة في الحرب العالمية الثانية، وأي دولة تريد أن تكون سياساتها الخارجية فعالة يجب أن تمتلك أدوات توجهها للخارج.

 

وأضاف أن الإذاعة أُسست بعد ثورة يوليو بسنة واحدة، وهي كانت لها مشروع سياسي واضح، وهو مقاومة الاستعمار في أي بقعة من العالم، وجمال عبدالناصر كان يؤمن بأن مصر لها دور في تحرير الوطن العربي من الاستعمار، بمعنى أن أمن مصر لن يكون محفوظًا وهناك استعمار للدول العربية.

 

ولا ينكر أحد الدور الكبير لإذاعة «صوت العرب» في رفع الروح المعنوية للجنود المصريين خلال حرب الاستنزاف ودعم العمليات النوعية للفدائيين المصريين خلف خطوط العدو وحتى نصر أكتوبر، خاصة الإذاعي الكبير أحمد سعيد، إلا أنه ظُلم كثيرًا بسبب البيانات التي أذاعها في نكسة 1967.

 

وقدمت الإذاعة برنامجًا للشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، أبرز خلاله دور المصريين العاديين الذين صمدوا في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وصواريخ الاحتلال، وهذا نوع من الدعم الإعلامي الذي قدمته الإذاعة في حرب الاستنزاف، إضافة إلى بث إذاعة أغاني فريق «ولاد الأرض»، والتي تتحدث عن مواجهة الاستعمار.

 

الإذاعي حمدي الكنيسي، كشف أن إذاعة صوت العرب استخدمت في الاتصال مع الأشقاء في الأردن وسوريا، وحتى في عملية ضرب ميناء إيلات، من خلال شفرة معينة أذيعت، مثل أغنية بصوت الفنانة شادية، تعطي تنبيهًا للأبطال الذين نفذوا العملية أن العدو يلاحظ الضفادع البشرية، وأغنية أخرى تعطيهم تنبيهًا بالتحرك.

 

أما محمد الخولي، أحد رواد إذاعة صوت العرب، فقال إن الإذاعة في وقت حرب أكتوبر عام 1973، كان بها اتزانًا في إذاعة الأخبار، وصحح الخطأ الذي حدث في نكسة 1967، رغم أنه لم يكن لديه أي ذنب في هذه الأخبار، لأنها كانت تأتي له وهو يذيعها فقط.

ولا يمكن أن ينفصل التاريخ العربي عما قدمته إذاعة صوت العرب في خدمة القضايا العربية من المغرب إلى الجزائر، حيث ساندت ملك المغرب حتى عودته من المنفى، وحفزت الجزائريين حتى تخلصوا من الاحتلال، وأيضا تاريخ القناة ودورها في محاربة الاستعمار، ومخاطبة الشعوب العربية لتنفيذ رؤية جمال عبدالناصر في السياسة الخارجية.

 

وكشف الكاتب الصحفي، سعيد الشحات، إن إذاعة صوت العرب واجهت اختبارًا صعبًا في بدايتها، حيث قررت سلطات الاحتلال الفرنسية خلع ملك المغرب، محمد الخامس، بعد شهر واحد من إطلاق برنامج صوت العرب، ونفوه إلى جزيرة مدغشقر، ولكنها نجحت في هذه المعركة.

 

وقال محمد الخولي، أحد رواد الإذاعة، إن برنامج صوت العرب أخذ هذه القضية وعمل على توعية الشعوب العربية بها، حتى عاد الملك محمد الخامس مرة أخرى إلى عرشه، مشددًا على أن الإذاعة كانت تقدم التثقيف والترفيه معًا، مثل برنامج «فرح الشهر».

 

من جانبها، قالت أمينة صبري، رئيس إذاعة صوت العرب سابقًا، إن البرنامج كان كل شهر يختار أسرة في أي دولة عربية، ويذهبون إليهم ويحيون الحفل بكبار المغنيين المصريين، مثل عبدالحليم، وعبدالمطلب، وغيرهم، وهذا كان يجعل العالم العربي كله يجتمع نحو النجوم الذين يحبهم، وفي نفس الوقت يستمعون إلى التعليقات والرسائل التي تقدمها الإذاعة، أو نشرة الأخبار من وجهة النظر المصرية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق