علماء نفس واجتماع: السكن البديل يعزز انتماء أطفال العشوائيات للوطن

السبت، 21 أغسطس 2021 08:00 م
علماء نفس واجتماع: السكن البديل يعزز انتماء أطفال العشوائيات للوطن
سامي سعيد


تغيير حياة سكان العشوائيات.. أول خطوة في بناء الإنسان المصرى

 

كيف تبنى إنسان عاش أغلب حياته في العشوائيات".. كان هذا السؤال هو الخاطر الذى يتردد دوماً في ذهن وعقل الرئيس عبد الفتاح السيسى، حينما أعلن أستراتيجية "بناء الإنسان المصرى"، فداخل العشوائيات المنتشرة في 25 محافظة، ومتنوعة ما بين "خطرة" وأخرى "غير مخططة" يتواجد مئات الالاف من الأسر المصرية التي فقدت صلتها بالدولة، لإنها ببساطة شديدة وكما يقول سكان العشوائيات "ماشوفناش منها حاجة".

هذا الخاطر تحول إلى فكرة ثم استراتيجية، بدأت الدولة في تنفيذها واقتربت من نهايتها.. هي استراتيجية القضاء على العشوائيات بكافة إشكالها، ليس في القاهرة فقط، وإنما في كافة المحافظات.. والهدف بالإضافة إلى توفير حياة حياة كريمة لكل مصري ومصرية، أن تشعر هذه الأسر "فعلاً" وليس "قولاً" أنهم مصريين لهم ذات الحقوق وعليهم نفس المسئوليات. والأهم أن تنشأ الأجيال الجديدة في حواضن سكنية تشعرهم بأدمتيهم وإنسانيتهم، وإنهم مكون رئيسى من مكونات الدولة المصرية.

من داخل الأسمرات، وهى أحد النماذج التي بنتها الدولة، لسكان المناطق العشوائية، ووفرتها بكافة مقومات الحياة الحديثة، كان لنا جولة مع الأهالى، لنعرف منهم كيف كانوا، وأين هم الأن، وما هو مستقبل أبنائهم.. ولم نكتف بذلك، بل ذهبنا إلى خبراء علم نفس وإجتماع، لنسمع منهم رداً على السؤال الذى طرحه الرئيس السيسى السبت الماضى خلال افتتاح المشروعات السكنية الجديدة، حينما قال "طب أن هسأل سؤال.. علماء النفس والاجتماع يقولوا الحياة هنا لودلانا الأطفال.. المزاج العام إيه؟.. القيم والمبادئ ايه؟.. السلوكيات العامة ايه؟.. المستقبل والطموح ايه.؟. انا عاوز أسئلكم.. يبقى لازم ناخد بالنا".

تطرق الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ عدة أيام لقضية جديدة، وذلك خلال افتتاحه عدد من المشروعات القومية بمدينة بدر، حيث تحدث عن مستقبل الأطفال الذين تربوا في مناطق عشوائية، والطريقة التي يفكر بها هؤلاء الأطفال سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل مؤكدا: "والولاد اللي يتربوا هنا يهدوا بلادهم، والشخصية اللي هتطلع هنا هتكون غير سوية وغير قادرة على العطاء"، وهذا الطرح كان استكمالا لأحدى المبادرات التي أطلقها الرئيس السيسي وهي "آليات بناء الإنسان".

 وأكد عدد من الخبراء أن تعزيز الانتماء والاستفادة من القدرات البشرية وتحسين سلوك المواطنين وخاصة سكان العشوائيات التي عانت الكثير في حياتهم وتم نقلهم مؤخرا إلى مساكن أدمية كخطوة على الطريق الصحيح، لكن يلزمها المزيد من الاجراءات أبرزها تعديل السلوك وإعادة تأهيل حتى لا تتحول المساكن الجديدة إلى عشوائيات جديدة، كذلك نقضي على هذه الظاهرة التي باتت تحدي كبير يلتهم أي إنجاز تقوم به الدولة.

وقال "مصطفى رجب" أستاذ علم الاجتماع، أن تحسين حياة المواطن وتعديل سلوكه للأفضل وتعزيز الانتماء لديه بحيث يكون مفيد للمجتمع وللدولة يلزمه عدة عناصر وأبرزها مسكن وتعليم ووظيفة، وحملات توعية، لافتاً إلى أن الدولة استطاعت خلال الفترة الماضية توفير الملايين من الوحدات السكنية وهو إنجاز كبير، استتبعته بالعديد من الإجراءات لتكتمل المنظومة أولها توفير عدد من المدارس تتماشى مع عدد السكان في كل منطقة سكنية جديدة بجانب إقامة مبادرات ترفيهية وتثقيفية

وأضاف رجب في تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة» أن سكان المناطق السكانية الجديدة التي غالبا ما تكون في أماكن بعيدة، يلزمها إنشاء مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، بحيث يتم تحويل هذه الوحدات السكنية إلى مجتمع سكني متكامل، مشيرا الى ضرورة انشاء مصانع صغيرة وحريفة داخل كل منطقة، حيث يمكن تخصيص الدور الأرضي من معظم الوحدات لمتاجر ومحلات بقالة وورش تصليح الاجهزة وحلاقة وغيرها من احتياجات أي مجتمعي سكني.

وتابع أستاذ علم الاجتماع، أن القضاء علي العشوائيات ليس فقط بالنقل الى وحدات سكنية جديدة، لكن يلزمه أماكن ثقافية وندوات وفعاليات وتعديل سلوك المواطنين وخاصة الأطفال، كذلك لابد من دعم سكان المواطنين الذين انتقلوا إلى بيئة جديدة سواء من خلال تسهيل إجراءات إنشاء مشروعات جديدة او خفض ايجارات هذه المشروعات بحيث تعزز الانتماء وتضمن خروج صغار السن كأفراد صالحين للمجتمع، وهو ما تعمل عليه الدولة بشكل كامل في الوقت الراهن.

 واختتم "رجب" تصريحاته قائلا أن هناك العديد من التجارب التي قامت بها الدول المتقدمة في هذا الملف، سواء ملف التعليم وضمان استمرار اكبر فئة من الأطفال في مراحل التعليم المختلفة، أو فيما يتعلق بتوفير مجتمعات سكنية متكاملة بها العمل والمسكن والاماكن الترفية والتعليمة، وبها أيضا أماكن بيع كافة المستلزمات التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية من مأكل ومشرب وملبس وصيانة.

على الجانب الآخر  قالت الدكتور سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن سكان المناطق العشوائية التي نقلت مؤخرا إلى مساكن جديدة لابد وان تخضع لإعادة تأهيل وتعديل سلوك وجلسات توعية، قبل نقلها أو حتى بعد أن يتم تسكينها في الأماكن الجديدة، حتى لا تعيد نفس الطريقة التي كانت تعيش بها في العشوائيات في الأماكن الجديدة، ويتم تحويل الأحياء الجديدة الى عشوائيات، لافتا إلى أن مواجهة العشوائيات بحاجة الى منظومة متكاملة تبدأ بمسكن مرورا بالتعليم  وصولا للتأهيل وتغيير الصورة الذهنية انتهاءا بالوظيفة وتوفير مصدر دخل يكفي لحياة كريمة.

وأضافت خضر في تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة» أنه لابد من نشر الوعي وتعديل السلوك والتوعية بمخاطر العادات السيئة، سواء التدخين أو المخدرات أو الزواج المبكر أو التسرب من التعليم وغيرها من القضايا التي تواجه المجتمع وموجودة بكثرة في العشوائيات، مؤكدة أن نقل سكان العشوائيات إلى مساكن جديدة هو انجاز كبير كلف الدولة مليارات، وخطوة طال انتظاره، ولكن لابد وأن يتبعها سلسلة من الإجراءات التي لا تقل أهمية عن السكن وابرزها تغير السلوك وتوعية المواطنين.

وأشارت استاذة علم الاجتماع، أنه يمكن تدشين حملة توعية كبرى  للتغيير سلوك سكان المناطق العشوائية التي تعيش حاليا في اماكن جديدة كحي الاسمرات، تشارك فيها المجالس القومية كالمجلس القومي للمرأة أو مجلس حقوق الإنسان، بجانب  كليات العلوم الاجتماع ومعاهد الخدمة الاجتماعية وعددهم بمئات الآلاف، كذلك يمكن الاستعانة بشخصيات لها شعبية كبيرة رياضيين وفنانين، بجانب الجولات الميدانية للمتخصصين في علم النفس والعلوم الاجتماعية ويتم وضع تصور كامل يهدف إلى تأهيل المواطنين ومواجهة السلبيات الموجودة في العشوائيات ورفع وعي المواطن وتعزيز انتمائه للدولة المصرية وغيرها من المكاسب التي ستحقق عقب التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة والمهمة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة