نقص الغاز المسال.. خطر يهدد أوروبا خلال الشتاء

الثلاثاء، 24 أغسطس 2021 01:22 م
نقص الغاز المسال.. خطر يهدد أوروبا خلال الشتاء

«الغاز المسال».. كلمة السر وراء الخطر الذي تنتظره أوروبا هذا الشتاء، وذلك بعدما انخفضت إمدادات الغاز الطبيعي المسال (LNG)، التى دخلت فى الشبكات الأوروبية فى يوليو إلى أدنى مستوى لذلك الشهر منذ ثلاث سنوات والتوقعات للقادم أكثر قتامة.
 
وقالت صحيفة «الاكونوميستا» الإسبانية فى تقرير لها، المحطات الأوروبية الواسعة لمحطات الغاز الطبيعى المسال (LNG) لن تعمل على إنقاذ القارة القديمة من نقص خطير فى الإمدادات فى فصل الشتاء. كل شيء سيعتمد على درجات الحرارة وفتح خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، والذى سيصل حسب روسيا قبل الشتاء، مشيرة إلى أنه من المقرر أن تصل شحنة واحدة فقط إلى المملكة المتحدة فى أغسطس، بينما سيصدر التجار الذين لديهم وقود مخزن فى إسبانيا ست شحنات للاستفادة من الأسعار المرتفعة التى يتم دفعها فى آسيا، موضحة أن ذلك يأتي في الوقت الذى خفضت فيه روسيا شحنات الغاز إلى أوروبا، الأمر الذى يترك القارة فى وضع صعب للغاية لمواجهة الشتاء، خاصة إذا انخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، كما يقول الخبراء.
 
وأكد الخبراء أن المخزونات تصل لأدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد، فى حين أن أسعار الغاز فى أوروبا كانت متقلبة للغاية، ولكن مع وجود تحيز تصاعدى كبير. تحطمت الأسعار القياسية يومًا بعد يوم، حيث ينتظر السوق مثل "مياه مايو" وصول إمدادات جديدة يجب أن تتدفق عبر خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، والذى لم يكتمل بعد، ويربط بين روسيا وألمانيا.
 
وقال أويستين كاليكليف، الرئيس التنفيذى لشركة Flex LNG: «تحتاج أوروبا إلى إعادة شحن ودائعها، ولكن فى ظل الصراع الحالى لشراء شحنات الغاز، ستكون السوق ضيق ما لم تزدد التدفقات فى خطوط الأنابيب، فنحن بحاجة إلى الاستعداد لشتاء شديد التقلب اعتمادًا على طقس الشتاء».
 
كانت روسيا ترسل كميات أقل من الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، وهى طريق عبور رئيسى، كما تأثرت الإمدادات إلى ألمانيا عبر خط أنابيب يامال-أوروبا الذى يعبر بيلاروسيا وبولندا بعد حريق فى منشأة جازبروم فى أوائل هذا الشهر.
 
واعترفت شركة الغاز الروسية العملاقة هذا الأسبوع بأنها مشبعة بالطلب القياسى فى كل من الخارج وفى روسيا، حيث تحتاج إلى إعادة ملء صهاريج التخزين المستنفدة، بينما يتم دفع أسعار مرتفعة للغاية فى آسيا مقابل الغاز. كل شيء يشير إلى أن أوروبا ستكون القارة الأكثر عرضة للخطر إذا وصلت موجة البرد هذا الشتاء.
 
تحصل أوروبا على غاز من روسيا أكثر مما تحصل عليه من بقية المنتجين الرئيسيين فى القارة مجتمعة. مع انخفاض الإنتاج المحلى ومن المحتمل إغلاق حقل غاز جرونينجن العملاق فى هولندا قبل الموعد المحدد، تعتمد القارة بشكل متزايد على تقلبات سوق الغاز العالمى للغاز الطبيعى المسال الذى تحتاجه، سواء فى المنازل أو الشركات.
 
من المتوقع أن ترتفع الواردات فى أوروبا فى الربع الرابع مع وصول الإمدادات من الولايات المتحدة وأستراليا، مما قد يخفف إلى حد ما من توتر السوق قبل فصل الشتاء. خيار آخر هو أن يكون الشتاء دافئًا، مما قد يؤدى إلى إبعاد أى نوع من أزمات الطاقة فى القارة القديمة.
 
وأوضح رونالد سميث، كبير محللى النفط والغاز فى شركة BCS Global Markets فى موسكو: "إذا كان لدينا شهر أكتوبر دافئ جدًا، فيمكننا الاستمرار فى ضخ الغاز فى مواقع التخزين".
 
يمكن تخفيف حدة الأزمة الأوروبية عندما يبدأ خط أنابيب نورد ستريم 2 المثير للجدل فى تدفق الغاز. تراجعت العقود الآجلة للغاز فى أوروبا بنسبة 12٪ الخميس الماضى بعد أن أقرت شركة جازبروم بأن خط الأنابيب سينقل 5.6 مليار متر مكعب مبدئيًا من الغاز هذا العام، وفقا للخبراء.
 
وأوضح تيم بارتريدج، رئيس التجارة والعمليات فى شركة دى بى جروب الاستشارية: "لا يمكن أن تأتى إمدادات نورد ستيم 2 فى وقت أفضل لأن نقص مخزون الغاز فى أوروبا لا يزال كبيرًا من عام إلى آخر".
 
حتى مع زيادة تدفقات الغاز فى أكتوبر، سيتم تخفيض الإمدادات مرة أخرى من نوفمبر حيث يستعد المشترون فى شمال شرق آسيا لموسم التدفئة الشتوى، كما توضح شركة الاستشارات إنرجى أسبكتس ومقرها لندن. سيزداد الطلب فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ بمقدار 2.8 مليون طن من ديسمبر إلى يناير، بينما سيزداد العرض فى المنطقة بأقل من النصف فقط.
 
وصرح رئيس شركة الطاقة الأوروبية "يونيبير" كلاوس ديتير ماوبخ، بأن البدء التشغيلى المحتمل لمشروع "نورد ستريم -2" فى الربع الأخير من 2021 سيساهم فى استقرار سوق الغاز فى أوروبا، مضيفا أن سوق الغاز الأوروبية تتعرض لضغوطات من ارتفاع الأسعار وانخفاض احتياطيات الغاز.
 
وأشار ماوباخ إلى أن أسعار الغاز فى السوق الأوروبية "زادت بأكثر من الضعف" منذ مطلع 2021 بسبب الشتاء البارد الماضى، وأوضح قائلا: "هذا وعوامل أخرى أدت إلى حقيقة أن احتياطيات الغاز فى منشآت التخزين كانت عند 66% وهو مستوى متدنٍ للغاية".
 
و"نورد ستريم-2" هو مشروع روسى لمد أنبوبى غاز طبيعى يبلغ طول كل منهما 1200 كيلومتر، وبطاقة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويا، من الساحل الروسى، عبر قاع بحر البلطيق، إلى ألمانيا.
 
وانطلقت أعمال بناء المشروع منذ 3 سنوات. ويمر "نورد ستريم-2" عبر المناطق الاقتصادية الاستثنائية والمياه الإقليمية لكل من ألمانيا والدنمارك وفنلندا والسويد وروسيا.
 
وفى يونيو الماضى، وعلى هامش منتدى بطرسبورج الاقتصادى الدولى، أعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الانتهاء من مد الأنبوب الأول من مشروع "نورد ستريم-2"، فيما قال إنه سيتم الانتهاء من مد الأنبوب الثانى من المشروع فى غضون شهرين.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق