حركة النهضة التونسية.. 50 عاما من الدموية

الإثنين، 30 أغسطس 2021 11:59 ص
حركة النهضة التونسية.. 50 عاما من الدموية
راشد الغنوشي وقيادات حركة النهضة
محمد فزاع

»» ارتدادات زلزال الرئيس التونسي تربك القيادات.. والاستقالات والانشقاقات تتوالى
»» اغتيالات وحرق مقرات للأحزاب نفذها الجهاز السري للحركة لإسقاط الدولة
»» منهج الاغتيالات طال المعارضين ووصل للرئيسي « زين العابدين» و«قيس سعيد»

 
تبنت إخوان تونس منذ التسعينيات، استخدام العنف كورقة أساسية للوصول للحكم، وهو ما أقرته الحركة بعد 8 سنوات من إعلان وجودها الرسمي وتحديدا في 1989، إذ سعت للسلطة بكل الطرق غير المشروعة، والتي تعتمد على الدموية كمنهج شبه وحيد، لتفكيك السلطة وتغيير النظام.
 
استخدمت الحركة التي تأسست في 1972، منهج الاغتيالات السياسية عبر تاريخها، خاصة وأن الحركة لم تعلن عن نفسها رسميا إلا بعد 9 سنوات من تأسيسها وتحديدا في 6 يونيو عام 1981، ولم يجري الاعتراف بها كحزب سياسي في تونس إلا في 2011 بعد مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي، البلاد، إثر اندلاع ثورة الياسمين التونسية ديسمبر 2010.
 
جرائم عدة ارتكبتها بحق الشعب لن تسقط بالتقادم ولعل أكثر دليل على دمويتها، تنفيذها لأحداث العنف التي تعود لسنة 1991، ومنها حرق مقر حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» الحاكم آنذاك، وسميت بـ«عملية باب سويقة» وجرى الموافقة على خطة الحرق من قبل قيادات حركة النهضة.
 
وحاول بعدها كعادة الإخوان، رئيس الحركة راشد الغنوشي، تبرير أحداث باب سويقة في 2011، وادعى بأنها «كانت مجرد خطأ فردي من بعض الشباب، الذين كانوا يعانون القمع في ظل غياب قيادات النهضة بالنفي أو بالسجن»، وقد تسببت هذه العملية في حدوث قطيعة بين الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وحركة الإخوانية.

ابتزاز علني
 
وظهرت دموية الإخوان مؤخرا، بعدما اتخذ الرئيس التونسي قيس سعيد، إجراءات استثنائية لإنقاذ البلاد من الفساد المستشري في جميع أركانه بعد سيطرة حركة النهضة، على مفاصل الدولة وفشلها في ملفات عدة ومنها الصحة التي كشفتها أزمة كورونا، حتى وصلت الأوضاع إلى حد «لم يعد مقبولا» وكان سيصل لتفكيك الدولة من الداخل.
 
وبدلا من سعي الحركة لحل المشكلات والعمل على مصلحة الوطن، وصفوا إصلاحات الرئيس التونسي بأنها إجراءات غير دستورية، مثلما فعلت جماعة الإخوان الإرهابية في مصر عندما خرجت للوقوف ضد إرادة الشعب في ثورة 30 يونيو، والتهديد بالفوضى في البلاد.
 
وحاول راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، ابتزاز الدول الأوربية، قائلا إنه إذا لم تجري استعادة الديمقراطية - حسب تعبيره- فإن تونس وأوروبا سيغرقان في الفوضى، وسيزداد الإرهاب وسيدفع الناس للهجرة بكل الطرق الممكنة، مهددا إيطاليا على وجه الخوصوص بوصول نحو 500 ألف إلى سواحلها خلال شهور.
 
وكشفت معلومات استخباراتية تلقاها الرئيس التونسي، عن وجود محاولات للتخطيط لاغتياله، قائلاً إنها «محاولات يائسة»، فيما أشارت أصابع الاتهام إلى أن حركة النهضة الإخوانية وراء الأمر، خاصة وأن الرئيس التونسي لمح في خطاب إليها مراراً وتكراراً، مع إشارة مفهومة بأن هناك من ينقذ «مخططاتهم التي تعتمد على الاغتيال والتفجيرات» وهو منهج ثابت في عقيدة الإخوان.
 
وما يثير الشكوك بأنه محاولة الاغتيال من عناصر الجماعة، ما كشفه تفاصيل القبض على الإرهابي الذي خطط للواقعة، إذ وصف بأنه من «الذئاب المنفردة» وهو مصطلح يطلق في أوروبا على منفذي عمليات الاغتيالات لصالح الجماعات الإرهابية.
التاريخ يخبرنا بإرهاب عقود
 
ومثلها مثل جماعات الإرهاب في الوطن العربي، بدأت الإخوان في تونس بتنظيم سري مسلح اكتشفته أجهزة الأمن في 1980، وحاولت الادعاء بأنها حزب سياسي وبات اسمها «النهضة» عام 1989.
 
يؤكد خبراء إن التنظيم السري للحركة ظل قائما ولم يحل رغم ادعائها بأنها تعمل بشكل سلمي، وكان هناك تنسيقا مع جماعة الإخوان الإرهابية في مصر.
ومنذ عام 2011 دخلت بثقلها للحياة السياسية وشاركت في الحكم، لكنها لم تغير شيئا في عقيدة الإرهاب لديها، وفتحت الباب لداعميها من الخارج، واتخذت شعار «الاغتيال للسياسين المنتقدين لها»، ولم تتوقف صراعات حركة النهضة مع التونسيين فقط، لكن نشبت خلافات داخلية كشفت نية الإخوان الحقيقية في دخول الفوضى بالبلاد.
 
 ومنذ صعود «الغنوشي» على رأس الحركة، ضربت الانقسامات فرع جماعة الإخوان في تونس، ومني زعميها بخسائر كبيرة لأهم أذرعه وقيادات الجماعة وكان منها انتخابات مجلس شورى النهضة، حيث خسارة صهره ومسؤول العلاقات الخارجية للحركة، رفيق عبدالسلام، والقيادي فتحي العيادي، وأنور معروف، وفي المقابل صعدت قيادات مناهضة لـ«الغنوشي»، ومنهم وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي، التي رفض بقاء رئيس الحركة وطالب بتنحيه  ورفض تمديد ولايته.
 
وكشف القيادي السابق، العربي القاسمي، عن وجود انحرافات كبرى داخل الحركة ومنها الانتهازية التي أحكمت سيطرتها على النهضة عبر قيادات موالية للغنوشي. 
 
واستقال مؤخرا عشرات الأعضاء المؤثرين في الحركة بسبب الصراع على السلطة ومحاولة رئيسها جعل حزبه ملكا له، ويبدو أن «النهضة» ستكون مشابهة تمام لأفرع الإخوان حوال العالم من السرية إلى الوفاة.  

تاريخ الاغتيالات
 
للحركة تاريخ كبير في عمليات الاغتيال خلال السنوات الأخيرة، ومنها الناشطين السياسيين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي، عام 2013، والتي تفجّرت معها قضية الجهاز السري لحركة النهضة.
وكشف وقتها فريق هيئة الدفاع عن الناشطين، وجود وثائق وأدلة تفيد بامتلاك النهضة لجهاز سري أمني موازٍ للدولة، ومتورط في اغتيال المعارضين، وممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة وملاحقة خصوم حزب حركة النهضة.
 
وأكد فريق الدفاع أن أوراق القضية تضمنت مكالمات هاتفية ومراسلات بين المتهم الرئيسي في الاغتيال «مصطفى خذر»، المشرف على الجهاز السري لحركة النهضة، والمحكوم عليه بالسجن ثماني سنوات، وبين وزيري العدل والداخلية، وهما نور الدين البحيري، وعلي العريض، في ذلك الوقت والقياديان فى حركة النهضة، وجرى فتح تحقيق في قضية الجهاز السري بتاريخ 31 ديسمبر 2019، وجه الاتهام لأشخاص مرتبطين مباشرة بحركة النهضة.
 
منهج الاغتيالات لم يطل فقط المعارضين بل وصل للرئيس، إذ حاولت قيادات حركة النهضة الإخوانية اغتيال الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، عندما جرى استهدافه في حادثة عرفت بعملية «براكة الساحل»، وقال مراقبون إن تنفيذ العملية كانت تحت إشراف راشد الغنوشي، قبل أن يتم كشفها من الأمن التونسي في ذلك الحين.
 
وسبق أن أعلنت الرئاسة التونسية، عن محاولة اغتيال تعرض لها قيس سيعد، وذلك عبر خطاب «مسمم» وقع في يد مديرة الديوان، نادية عكاشة، يناير الماضي.
 
وأوضحت أنه وصل لقصر قرطاج طرد مشبوه لتسميمه وتسبب في إصابة مديرة الديوان الرئاسي، بوعكة صحية وبعمى مؤقت وفتح تحقيقا في ذلك دون تقديم أي نتيجة حوله حتى اليوم.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة