هل البيتكوين عملة صالحة للاستخدام في مصر؟

الأربعاء، 01 سبتمبر 2021 02:32 م
هل البيتكوين عملة صالحة للاستخدام في مصر؟
هبة جعفر

قانون البنك المركزي يحظر تداول العملات المشفرة والتعامل بها.. وخبراء: استثمار غير أمن بالمرة وتهدد الاقتصاد العالمي

خالد الشافعي: لن تعترف بها أي دولة لإنها محفوفة بدرجة مخاطر مرتفعة.. وخبير تكنولوجيا اتصالات: تستخدم في عمليات غير شرعية ومجرمة دوليا مثل تمويل الإرهاب
 
 
"البيتكوين" أسم أصبح يتردد بقوة في سوق العملات الرقمية والمشفرة، خاصة بعد أن وصلت قيمته ما يزيد عن 50 ألف دولار للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر، بسبب اقبال المستثمرين علي شراء باعتباره الاشهر والاكثر تداول، كما انه من وجهة نظرهم يتناسب مع انتشار فيروس كورونا.
 
وبدأ ظهور البيتكوين عام 2009، لكنها لم تكن متعارف عليها بالشكل الحالي حيث ساهمت جائحة كورونا في رواجها هي وغيرها من العملات الرقمية المشفرة، لكن هذا الامر منتشرا بشكل كبير في اوروبا والصين وأمريكا فيشهد سوق العملات الرقمية رواجا ويقبل عليها المستثمرين.. لكن ماذا عن الوضع في مصر وهل العملات الرقمية متداولة ومصرح باستخدامها؟.
 
في البداية منع قانون البنك المركزي المصري التعامل بالعُملات المشفرة أو الإتجار فيها أو الترويج لها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها داخل السوق المصرية، وذلك وفقا لنص المادة (206) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020 التي تنص على "حظر إصدار العُملات المشفرة أو الإتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها، بدون الحصول على ترخيص من مجلس إدارة البنك المركزي طبقا للقواعد والإجراءات التي يحددها".
 
ووضع قانون البنك المركزي المصري عقوبة لمن يتاجر بالعملات بالحبس أو وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أيًا من أحكام المادة 206 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي، وأنه في حالة العودة لمخالفة أحكام المادة 206 من القانون، يحٌكم بالحبس والغرامة معًا.
 
وسبق أن أكد البنك المركزى أن التعامل في تلك العملات ينطوي علي مخاطر مرتفعة؛ ويَغلب عليها عدم الاستقرار والتذبذب الشديد في قيمة أسعارها؛ نتيجة للمضاربات العالمية غير المراقبة التي تتم عليها، مما يجعل الاستثمار بها محفوفاً بالمخاطر ويُنذِر باحتمالية الخسارة المفاجئة لقيمتها نتيجة عدم إصدارها من أي بنك مركزي أو أي سُلطة إصدار مركزية رسمية، فضلاً عن كونها عملات ليس لها أصول مادية ملموسة، ولا تخضع لإشراف أي جهة رقابية على مستوى العالم؛ وبالتالي تفتقر إلى الضمان والدعم الحكومي الرسمي الذي تتمتع به العُملات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي.
 
من جانبه أكد خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، أن البتكوين ليس سوق واقعي له وجود فيزيائي، لكنها عبارة عن تداولات تتم عبر منصات البلوكتشين، لافتاً إلى وجود مصريين لديهم معاملات في سوق العملات المشفرة، لكن لا يوجد حصر أو معلومات عن حجم أموال المصريين في هذا التداول.
 
واستبعد الخبير الاقتصادي لـ"صوت الأمة"، إمكانية العمل على تقنين العملات الرقمية المشفرة في مصر مستقبلاً، وقال ان السبب في ذلك أن هذه العملات هي "استثمار غير أمن بالمرة وتهدد الاقتصاد العالمي"، لافتاً إلى أن موجة انتشار العملات الرقمية ومنها البتكوين لها مخاطرها الكبيرة على الاقتصاد، وقال "لن تقدم أى دولة على الاعتراف أو جعل هذه العملات رسمية لديها، لكن التوجه لها ربما محاولة للمواكبة او مجرد اختبار للأسواق والاقتصادات".
 
وأشار الشافعي، إلي أن خطورة هذه العملات تكمن فى أن الأغلبية العظمى من المتداولين فى السوق يقبلون على الشراء على أساس افتراضات لا يمكن إثباتها، متسائلاً "ما هى الافتراضات التى لدى المتعاملين فى سوق البتكوين كمثال جعلتهم يقبلون على الشراء مما ضاعف سعرها بنحو 100 مرة مما كانت عليه فى عند ظهورها؟"، مضيفاً "مع نشوة تحقيق مكاسب هائلة، اندفع الكثيرون نحو شراء العملة لأنهم يعتقدون أن الأسعار ستستمر فى الارتفاع، ما يجعل شراء البتكوين استثماراً رابحاً ولا احد يمتلك رصد لحجم وجودها وفكرة القرصنة طبيعية لأنها عملات افتراضية"، لافتاً إلى أن معظم أولئك الذين يشترون العملات المشفرة يفترضون أنهم يريدون الاستفادة من ارتفاع الأسعار، وتحقيق مكاسب خرافية تتمثل فى الفرق بين سعر الشراء والبيع، لكن هل يستمر الاتجاه الصعودى فى الارتفاع إلى ما لا نهاية.. بالطبع لا يمكن أن يحدث هذا لأن بمجرد أن تتوقف الأسعار عن الارتفاع، فإن جميع المشترين الذين يشترون على أساس افتراض ارتفاع الأسعار بسرعة سوف يتكبدون خسائر ضخمة فى حالة انخفاض الطلب، وربما يفقدون مدخراتهم وهذا ما شهدناه عقب هبوط سعر البيتكوين من 68 ألف دولار إلي قرب 30 ألف في غضون أسابيع".
 
وكشف خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي أن تداول العملات الرقمية يعتبر من الأمور المحفوفة بدرجة مخاطر مرتفعة، فالعملات الرقمية يتم تداولها فى سوق غير خاضع لنظم رقابية بعكس العملات التقليدية التى تخضع لقواعد تنظيمية تصدرها الحكومات، وبذلك تعتمد العملات التقليدية على ثقة المستثمرين فى قيمتها، موضحاً أن الأزمة تكمن فى أن العملات المشفرة ليست عملة قانونية بالمعنى الحقيقى للكلمة، فهى غير مدعومة بالذهب أو بعض الأصول الأخرى، على عكس معظم العملات العالمية التى تكون مدعومة من قبل الدول ذات السيادة، ومن النادر أن تتخلف الدول ذات السيادة عن الديون التى تؤدى بدورها إلى انهيار العملة.
 
واتفق معه في الرأي الدكتور وليد جاب الله، خبير التشريعات الاقتصادية وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، قائلا:" أن البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية غير معترف بها رسميا في مصر وقد تقرر حظر التعامل بهم في قانون البنك المركزي الجديد، وهو الأمر الذي لا يوفر أية حماية من الدولة للمتعاملين بتلك العملات حتى الآن، لكن ذلك لا يمنع من وجود من يتعاملوا ويمتلكوا تلك العملات من خلال منصات التعامل الإلكترونية حيث يصعب رصد ذلك أو تحديد الأعداد على وجه الدقة، لأن عمليات الشراء والبيع تتم من خلال أكواد ومحافظ مشفرة وليس بأسماء الأشخاص، وربما تحصل البعض على أرباح من ذلك إلا أن المؤكد هو أن الغالبية تتعرض للخسائر الجسيمة التي تصل لفقدان كل رأس المال المتداول دون حماية أو ضمان أو جهة يتم الشكوى إليها".
 
وأضاف جاب الله: "في الواقع لا يمكننا تجاهل وجود العملات الرقمية المشفرة لكن أيضا يجب النظر لتلك العملات حسب طبيعة كل عملة على حدة، فوسط أكثر من عشرة الآف عملة رقمية يتم تداولها ومئات العملات الرقمية التي تدخل وتخرج من السوق شهريا نجد أن هناك عملات تمتلك مشروعات لا بأس بها، والاكثر هي عملات خادعة لا يمكن أن تعتبر نقودا بالمعنى الفني ووسط كل ذلك اختلف التعامل مع تلك العملات عالميا ما بين الرفض، والقبول، والمناورة بصورة انتهازية، لنصل إلي نتيجة أننا بصدد مرحلة جديدة من مراحل تطور النقود، لكنها لازالت لم تنضح بعد، والأمر يحتاج لمزيد من الرصد والدراسة لتطورات تلك العملات واقتناص اللحظة المناسبة لدخول مصر لعالم العملات الرقمية وفقا لشروط وضوابط تضمن لها المزايا وتحد من الأضرار في ضوء الاستفادة من التجارب الدولية في مجال التعامل مع تلك العملات".
 
من جانبه قال أحمد صبري خبير تكنولوجيا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن ما يقرب من 5 آلاف عملة إلكترونية مشفرة، يتم تداولها عبر الإنترنت في سوق سوداء، وهو رقم ضخم وسوق كبير، وبعض الدول لجأت حاليا إلى إصدار عملة رقمية لها، لحماية نفسها من العملات المشفرة، مثل ما يتم حاليا بين دولتى السعودية والإمارات اللذان يسعيان لإصدار عملة رقمية، لافتاً إلى أن العملات المشفرة تمثل خطورة على اقتصاديات الدول، نظرا لصعوبة تتبعها، ومعرفة مصدرها وأين ذهبت، لعدم خضوعها لمعايير، ومن الممكن أن يتم استخدامها بشكل غير شرعى كتمويل الإرهاب، والأمور غير القانونية والمجرمة دوليَا، ولكن انتشار جائحة كورونا فرض استخدام العملات الرقمية خاصة في ظل اتجاه الدول الي استخدام التكنولوجيا الرقمية والتعامل من خلال التسوق الالكتروني وبالتالي اللجوء لهذه العملات المشفرة في التسويق.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق