يوسف أيوب يكتب: ترسيخ الجمهورية الجديدة من العاصمة الإدارية الجديدة إلى ميناء الإسكندرية ومنتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي

السبت، 11 سبتمبر 2021 08:11 م
يوسف أيوب يكتب: ترسيخ الجمهورية الجديدة من العاصمة الإدارية الجديدة إلى ميناء الإسكندرية ومنتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي

ترسيخ الجمهورية الجديدة من العاصمة الإدارية الجديدة إلى ميناء الإسكندرية ومنتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي

الدولة تحقق المعادلة الصعبة بتنفيذ مشروعات كبرى يستفيد المصريين ووضع اقتصادى مستقر وتوفير أجواء استثمارية تسمح باستقبال الاستثمارات الأجنبية

من العاصمة الإدارية الجديدة إلى ميناء الإسكندرية، وعودة للقاهرة مرة أخرى، كانت هذه لمحة بسيطة من تحركات الرئيس عبد الفتاح السيسى على مدار الأسبوع الماضى، والتي تخللتها أنشطة أخرى متعددة، لكن الرابط بين الأماكن الثلاثة التي ذكرتها أنها تكمل مسيرة الجمهورية الجديدة التي بشرنا بها ويعمل عليها الرئيس السيسى، وتشمل الكثير من قطاعات الدولة، دون أن تقتصر على واحدة متجاهلة الأخرى، فالعمل يشمل الجميع.. حياة كريمة للقرى الأكثر فقراً، ورفع كفاءة البنية التحتية، وإنشاء مرافق أسايسية تتلاءم وتتانسب مع ملامح الجمهورية الجديدة، والأهم من كل ذلك، أن يحدث توافق أقتصادى مع التحرك على الأرض والمشروعات الكبرى، لكى يحدث التوازن، وتحقق الدولة المعادلة الصعبة، من خلال مشروعات كبرى يستفيد منها كل مواطني الجمهورية الجديدة، وفى نفس الوقت أن يترافق ذلك مع وضع اقتصادى مستقر، ومع مرر الوقت يأخذ في التزايد، من خلال توفير أجواء استثمارية تسمح باستقبال الاستثمارات الأجنبية.

إذا بدأنا بالعاصمة الإدارية الجديدة التي زارها الرئيس السيسى الأحد الماضى، متفقداً منشأتها وأطلع على الموقف التنفيذى والإنشائى لعدد من هذه المنشآت، ومنها دار الأوبرا الجديدة بمدينة الفنون والثقافة، التى تعد أكبر دار أوبرا فى الشرق الأوسط، حيث تضم قاعة رئيسية تصل سعتها إلى 3500 فرد مقامة وفقًا لأحدث التقنيات الهندسية من إضاءات تخصصية وأنظمة صوتية، إلى جانب مسرح للموسيقى يصل سعته إلى 1300 فرد مؤهل وفقًا للمعايير الدولية لاستقبال الحفلات الموسيقية العالمية، بجانب مسرح للدراما والأداء الحركى يتسع لـ700 فرد، وذلك فى إطار طراز معمارى فريد وثري، بالإضافة إلى تفقد الرئيس لسير العمل فى مبنى البرلمان الجديد وقاعته الرئيسية وكذلك القاعات الملحقة، ومتابعة الموقف التنفيذى لمسجد مصر، الذى يقع فى نطاق مركز مصر الثقافى الإسلامى، ويعد من أكبر المساجد فى العالم ويتضمن مجموعة من القاعات الضخمة للاحتفالات والمناسبات وتحفيظ القرآن،  فضلاً عن تفقد سير الأعمال بساحة الشعب، بما فيها حديقة الشعب، والنصب التذكارى المقام على النمط الفرعونى، وأعمال تركيب سارى العلم الأطول عالميًا، والموقف التنفيذى لمشروع المحطة المركزية للحافلات، الذى يتضمن تنفيذ منطقتى انتظار حافلات تصل بين العاصمة الإدارية ومختلف مناطق القاهرة الكبرى، إلى جانب صالة ضخمة للمغادرة والوصول من وإلى العاصمة الإدارية الجديدة، فضلًا عن ما يتضمنه المشروع من مركز تجارى، ومبانى إدارية وخدمات، ونقطة شرطة، ووحدتى مطافئ وإسعاف، ومحطتين للتزود بالوقود، ومناطق انتظار للسيارات.

فالعاصمة الإدارية الجديدة، هي أحد المقومات الرئيسية للجمهورية الجديدة، كونها تمثل نقلة نوعية فى مفهوم بناء الوجه الحضارى المنشود للدولة المصرية الحديثة، وبداية الجمهورية الجديدة.

ومن العاصمة الإدارية الجديدة، أطل علينا الرئيس السيسى الثلاثاء الماضى من ميناء الإسكندرية البحرى، مطلعا علي عملية التطوير في مرافقه خاصة المحطة اللوجستية متعددة الاغراض والارصفة البحرية ومستودعات التخزين الحديثة، ومن هناك تحدث الرئيس للمصريين، مؤكداً على مجموعة من المبادئ التي تسير عليها الدولة المصرية، وهى تخطو نحو المستقبل، مؤكداً إن الدولة انتهجت سياسة مغايرة عما كان في السابق، فالدولة لها مسار مختلف وتستفيد حاليا من الموقع الجغرافى، وقال "حبيت أقول الكلام ده علشان تعرفوا إنه كان فيه مسار لم يكن سيئا بس محتاجين معدلات عمل أكبر بكثير"، مشدداً على أن الهدف من ذلك هو تنمية مصر ووضعها على الخريطة لإظهار قدراتها الحقيقية على البحر الأبيض والمتوسط"، مؤكدا أن الدولة تنفذ المشروعات حاليا من خلال إمكاناتها وتمويلها ونرحب أيضا بالمستثمرين، متابعا: "مصر باتت تعتمد على التمويل الذاتي في تنفيذ المشروعات الجديدة".

ولإن الجمهورية الجديدة تهتم أولاً وأخيرا بالمواطن، فقد أكد الرئيس أمام الجميع أن الدولة وضعت قاعدة لن تحيد عنها مطلقاً، عنوانها الرئيسى أن صحة وغذاء المصريين أولوية، لذلك شدد على عدم السماح بدخول أى بضائع إلا طبقا للمعايير الأوروبية بدءًا من مارس 2022، وقال الرئيس نصاً "بقول الكلام ده علشان الشركات المعنية تساعد الدولة والحكومة في الإجراءات اللى بنعملها، وهى هدفها تسهيل الأعمال وقدر ضخم من الشفافية، فضلا عن دولة بتتكلم زى ما الدول المتقدمة في التجارة بتعمل كده، لأنه النهاردة احنا شغالين فى حاجة اسمها المعايير الأوروبية علشان لن نسمح بدخول أى بضائع إلا طبقا للمعايير الأوروبية.. مش هنقبل إن حاجة تخش، أى حد يستورد أى حاجة يبيعها للناس تشتغل أسبوع او شهر وتترمى لا.. إحنا هندخل كل البضائع اللى هتخش البلد طبقا للمعايير زى الدول المحترمة مابتشتغل.. حاجتنا من شركات محترمة علشان الناس اللى في مصر تشترى وهى مطمنة ومش هنسمح لأى مستورد أنه يجيب أى حاجة مش هانوافقله.. من أكتوبر هنبدأ التجهيز للتطبيق، وبدءا من مارس 2022 سيتم تطبيق المعايير اللى اتفقنا عليها، لكل البضائع اللى تخش مصر طبقا للمعايير الأوروبية، ويبقا ادينا فرصة للمستوردين لما يتعاقدوا على بضائع ومواد هيطبق عليها المعايير اللى بتكلم عليها".

وإعلان الرئيس السيسي عدم السماح بدخول بضائع مستوردة إلا بمواصفات أوربية، فإن ذلك هو امتداد لعدد من الإجراءات المصرية لضبط ملف التجارة الخارجية للبلاد سواء تصدير أو استيراد، وخلال الفترة المقبلة وفي موعد حدده الرئيس السيسي بنهاية الربع الأول من 2022 فإنه سيجري تطبيق منظومة مميكنة بشكل كامل عند التعامل على ملف الاستيراد وهذا لا يعني وقف الاستيراد لكن ضبط دخول البضائع وفق مواصفات قياسية .

وتزامن ما قاله الرئيس السيسى في هذا الشأن مع انتهاء الحكومة من إعداد قائمة كاملة بالواردات من الخارج التى يجرى العمل على إحلالها بمنتجات محلية، ويجرى العمل مع عدة جهات منها مركز تحديث الصناعة وهيئات حكومية أخرى بجانب التعاون مع القطاع الخاص، فى إطار توفير مستلزمات إنتاج لهذه الواردات لتوسيع أنشطة تصنيعها فى البلاد لتكون بديلاً للاستيراد، كما جرى ربط تخصيص المصانع الجديدة فى برنامج المجمعات الصناعية باحتياجات السوق الفعلية من المنتجات التى تدخل ضمن برنامج إحلال الواردات، وهذا يأتي ضمن خطة ضبط منظومة الاستيراد.

وتواكب ذلك أيضاً مع عمل الدولة المستمر لتطوير المنظومة الجمركية، وهو ما ينعكس بشكل كبير على الاقتصاد المصرى، حيث أصبح قادرا أكثر من أي وقت مضى على مواجهة التحديات التى تفرضها تطورات الأوضاع العالمية، وعلى تلبية احتياجات وتطلعات الحركة التجارية، وتعمل المنظومة الجمركية وإجراءاتها على عناصر تحفيز وتشجيع الاقتصاد المصرى، وحوكمة الإجراءات الجمركية، وتسهيل التجارة وتخفيض زمن الإفراج لتخفيض تكلفة التجارة المصرية، وفي سبيل ذلك يجري تطبيق نظام الافراح الجمركي المسبق المعروف بنظامACI الذي يحدد آلية الإفراج المسبق للشحنات وتسمح للمتعاملين مع الجمارك بإنهاء كل الإجراءات المستندية قبل وصول البضاعة إلى البلاد، وحتى سداد الرسوم وتسلم قسيمة السداد، وإذن الإفراج لحين وصول البضاعة.

ومن الإسكندرية إلى القاهرة، التي استضافت يومى الأربعاء والخميس الماضيين منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي " ICF Egypt 2021"، بمشاركة دولية رفيعة المستوى، ووجه الرئيس السيسى للمنتدى كلمة أكد خلالها "إن البشرية في وقتنا الحالي تمر باختبار هو الأصعب منذ زمن، حيث تواجه عدة تحديات تتمثل في تداعيات جائحة "كورونا"، والآثار السلبية للتغيرات المناخية وهو ما يفرض علينا واقعًا جديدًا يتطلب أفكارًا وصيغا أكثر ابتكارًا في صنع القرار ووعيًا أكثر بالمخاطر المحتملة ونهجًا متوازنًا يقوم على العمل المشترك لتحقيق التقدم والتنمية الاقتصادية المستدامة الخضراء لتلبية تطلعات شعوب العالم".

وأكد الرئيس السيسى أن مصر كانت من أوائل الدول التي وضعت خطة استراتيجية طويلة المدى لتحقيق التنمية المستدامة 2030، استنادًا إلى الأولويات والمبادئ الوطنية بهدف تحقيق التنمية المستدامة والشاملة، أخذًا في الاعتبار البعد البيئي كمحور أساسي في القطاعات التنموية كافة للتغلب على آثار تغيرات المناخ والحفاظ على الموارد الطبيعية والتحول نحو النمو الشامل والمستدام بما يضمن حقوق الأجيال القادمة، وتتسق أهداف رؤيتنا التنموية لعام 2030 مع أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030 وأجندة أفريقيا 2063، لتعظم من قيم العمل المشترك والتعاون متعدد الأطراف لدعم جهود التنمية في الدول المختلفة، مشدداً على أن مصر قطعت عهدًا على نفسها بالمضي قدمًا نحو تحقيق التنمية جنبًا إلى جنب، مع مواجهة التحديات والمشكلات المتراكمة.

وقال الرئيس السيسى "ونجحنا خلال السنوات الأخيرة في دفع جهود التنمية في العديد من القطاعات  من خلال مشروعات البنية التحتية الكبرى، وبرامج الحماية الاجتماعية، وزيادة الاستثمار في رأس المال البشرى، واتخاذ خطوات فعالة نحو التحول للاقتصاد الأخضر للارتقاء بحياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته وتلبية تطلعاته نحو غد ومستقبل واعد وهو ما أشادت به العديد من تقارير المؤسسات الدولية، ومن هذا المنطلق، فإن مصر ترحب بالتعاون الوثيق مع مؤسسات التمويل الدولية والأمم المتحدة ووكالاتها التابعة لتعزيز جهود التنمية وتوفير الخبرات اللازمة لأشقائنا في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا لنأخذ بأيدي بعضنا البعض نحو تحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030 ودعم الرؤية الأفريقية القارية 2063 وإنجاز ما أقره العالم في اتفاق باريس للمناخ".

وتبرز قيمة المنتدى في المشاركة رفيعة المستوى، من ممثلي الحكومات من قارة أفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية ورؤساء مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية وممثلي القطاع الخاص المجتمع المدني، وهو ما يؤكد ثقة المجتمع الدولى في الخطوات والإجراءات التي تتخذها الدولة المصرية والمتعلقة بالإصلاح الاقتصادى، والتي تتزامن مع التحركات على الأرض لتغير واقع الدولة، من خلال مشروعات البنية التحتية، ورفع كفاءة الريف المصرى، وغيرها من المشروعات التي تهدف إلى نقل مصر لمنطقة أخرى، أخذا في الاعتبار أن هذه النقلة تحدث في ظل أوضاع دولية شديدة الخطورة، منها الأوضاع المأساوية التي خلفتها جائحة كورونا، التي فرضت على الدول تغيير أجندة أولوياتها، لكن بقيت مصر الدولة ربما الوحيدة التي استطاعت أن تمتص صدمات هذه الجائحة، لتستمر في برنامجها الطموح للإصلاح الاقتصادى، بالإضافة إلى مد يد المساعدة للأخرين.

هذه قراءة سريعة لتحركات الرئيس الأسبوع الماضى في 3 أماكن، كلها تبرز وتؤكد الفلسفة التي اعتمدها الرئيس لمصر والمصريين، فلسفة قوامها الاساسى أن المواطن هو هدف الإصلاح والتنمية، وأن مصر مهما تعرضت لأزمات ومواقف صعبة، ستظل صامدة بفضل التحركات الاستباقية التي قامت بها الدولة، وبقرارات جرئية من الرئيس السيسى، الذى أختار الطريق الصعب، لأنه الطريق الوحيد القادر على انتشال مصر من عثرتها، وقد تحقق له ما أراد.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة