وزير أوقاف السودان لـ"صوت الأمة": موقف الحكومة المصرية من الثورة السودانية ملهم وداعم.. والإخوان لم يتركوا مالا إلا وأفسدوا فيه

السبت، 23 أكتوبر 2021 06:00 م
وزير أوقاف السودان لـ"صوت الأمة": موقف الحكومة المصرية من الثورة السودانية ملهم وداعم.. والإخوان لم يتركوا مالا إلا وأفسدوا فيه
حاورته: منال القاضى

 - منحى وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تكريم لكل السودانيين ولدعاة الوسطية والاعتدال  

- الحكم الإخوانى كلفنا أرواح 2 مليون سودانى وانفصال الجنوب ونهب مليارات الدولارات.. وفتحنا الباب أمام الجميع دون إقصاء

 

الأحد الماضى منح الرئيس عبد الفتاح السيسى، وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني الدكتور نصر الدين مفرح، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وهو ما أعتبره "مفرح" تكريم لكل السودانيين وللدعاة الذين ينتهجون نهج الوسطية والاعتدال ويجعل من ذلك عملا استراتيجيا لنعزز به هذا الحصن الحصين.

"صوت الأمة" التقت الدكتور نصر الدين مفرح، الذى عبر عن سعادته بالتكريم، وتحدث عن استراتيجية وزارة الأوقاف السودانية للتعامل مع بقايا جماعة الإخوان في السودان وغيرها من التفاصيل.. وإلى نص الحوار..   

بداية كيف استقبلت تكريم الرئيس عبد الفتاح السيسى؟

هذا التكريم ليس لشخصى، وانما لكل العلماء والأئمة والواعظات الذين يتبنون خطاب الدين الوسطى المعتدل، وهنا أود أن أوجه عظيم الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسى لمنحى وسام العلوم والفنون من الطبة الأولى، فهذا التكريم له فرحة ومذاق خاص يدعو إلى التفاخر لإنه جاء من جمهورية مصر العربية "أم الدنيا"، مما يؤكد تتويج للعلاقات بين الدولتين الشقيقتين، كما أوجه الشكر للرئيس السيسى باسم جميع شعب السودان على جهوده الدائمة واهتمامه بالعلم والعلماء.

وهنا أريد التأكيد على نقطة مهمة، فنحن في السودان نعرف قدر وقيمة الرئيس السيسى، فهو رجل مناضل ويبحث في كل فترة تجديد الخطاب الإسلامي ومحاربة الفكر المتطرف.

كيف ترى حديث الرئيس السيسى عن تجديد الخطاب الدينى؟

نعلم جيدا أن مصر بلد الازهر والعلماء، وان الرئيس السيسي يواجه الارهاب وقوي الشر في مصر والسودان ويريد القضاء عليةم في كل دول العالم، لذلك فإن حديثه ودعوته لتجديد الخطاب الدينى هو أمر عابر لمصر، وسيكون له تأثير على العالم كله، وهذا من نسعي الية بتجديد الفكر بالفكر لتصحيح المفاهيم لدي الناس.

كيف تم السيطرة علي المساجد بعد حكم الاخوان في السوادن؟

طبقنا الخطبة الموحدة، وقمنا بتدريب الائمة والوعظات في مؤسسات الدولة الدينية، والغينا فكرة تدريب الأئمة في الخارج بعيداً عن الدولة السودانية.

ماذا عن دورة التعاون المشترك بين أئمة المساجد الكبرى في مصر والسودان؟

خلال زيارة الدكتور محمد مختار جمعه وزير الأوقاف للسودان تم الاتفاق على رؤية مشتركة بين وزارتى الأوقاف في مصر والسودان، واتفقنا أن المنهجية العلمية تقوم على استنهاض همم الأئمة والدعاة وإيصال الأهداف الاستراتيجية الكبرى في إدارة الوزارتين وتم تنقيذ بالفعل منذ حولي عام مضي، لذلك نركز على الورش والتدريب في رفع قدرات الأئمة والدعاة لكي يتفاعلوا مع قضايا المجتمع، وبالتأكيد وزارة الأوقاف المصرية سبقتنا في هذا الأمر، فهى متقدمة من ناحية تدريب الأئمة وإعدادهم وتأهيلهم، بالإضافة إلى أننى توليت زمام الامر في الوزارة منذ 15 شهر فقط.

الأمر الثانى، هناك مشتركات كثيرة بين البلدين مرتبطة بالعمق التاريخى والجغرافى، فما يتأثر به السودان تتأثر به مصر، خاصة في الخطاب الديني، لأن الإسلام والمسيحية دخلوا السودان عن طريق مصر، وأغلب الأئمة ودعاة وفقهاء السودان قديمًا، درسوا في الأزهر الشريف، وتلقوا تعاليم الإسلام على أيدي علماء الأزهر الشريف، لذلك كان اختيارنا أن نتماشى مع أخوانا المصريين في تدريب مشترك.

الأمر الثالث أننا انتهجنا سياسة الانفتاح على العالم الخارجي، حيث كان يوجد انغلاق طول العقود الماشية، أيام حركة الإخوان المسلمين التي كانت تسيطر على الحكم في السودان، والتي حاولت أدلجة الخطاب الإسلامي، مما تسبب في عجز الحكومة السودانية في التعامل مع العديد من الدول، لأن السودان أصبحت في قائمة الدول الراعية للإرهاب.

هل يمكن القول اليوم أن السودان تعافت وعادت إلى بر الآمان؟

حكم الإرهاب البائد للإخوان تسبب في العديد من التكاليف الباهظة على مدار 30 عاما الماضية من الناحية الدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ووصل الأمر إلى أن أي تنظيم وطني شريف كان محل ازدراء وتتم مصادرة ممتلكاته، والقبض على كوادره، وذلك سياسيا.

أما اجتماعيا كان هناك تهتك للنسيج الاجتماعي لأن القبيلة الوحدة يكون لديها شيخ فعملت الحركات الإسلامية على أن يكون داخل القبيلة أكثر من شيخ أو قائد، وشتت النسيج الاجتماعي في القبيلة الواحدة، حتى على مستوى الجماعات الدينية قسمتها إلى أشلاء من ثلاثة إلى أربعة.

وعلى المستوى الاقتصادي، فتم أدراج السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب من خلال ممارستهم، ومشاركتهم في حروب لا دخل للسودان فيها، فكنا نلجأ للطرق الملتوية لممارسة بعض الأنشطة الاقتصادية تلبية لمتطلبات شعبنا الأساسية.

وعلى الصعيد الإنساني خسرنا العديد من الأرواح، حيث فقدت السودان أكثر من 2 مليون نسمة من الشباب المستنير بسبب الحروب في دارفور وفي جنوب السودان الذي تحولت فيها الحرب من حرب أهلية إلى حرب دينية بين مسلم وغير مسلم ما أفقدنا أكثر من 800 ألف في جنوب السودان، 2 مليون نسمة ضحايا الحرب وأكثر من 6 مليون لاجئين في مناطق النزوح داخل السودان ودول الجوار.

مؤخراً تم إعلان أن السودان خارج قائمة الإرهاب، فما خطتكم الاستراتيجية بعد هذه الخطوة في المرحلة المقبلة؟

وضعنا استراتيجية أولى وهي كيف نخرج من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومن الأسباب التي وضعتنا في هذه القائمة ومن هذه الأسباب، القوانين التي صدرت ضد حقوق الأنسان والحريات الدينية، وكذلك تعاملنا مع الدول الأخرى الموجودة في قائمة الدول الراعية للإرهاب، ووضعنا استراتيجية في الوزارة وسمحنا بإن يكون هناك حريات دينية من واقع التنوع الموجود في السودان.

وضمن استراتيجيتنا سمحنا للجميع بأن يمارس شعائره التعبدية بحرية تامة، وألغينا قوانين النظام العام التي تشمل "كبت الحريات على الشباب" حيث كان يعاني الشباب من كبت مروع فإذا وجدت فتاة ترتدي بنطلون أو كاشفه شعرها ولو جلس شاب مع من يدخل أو يشرب الخمور يحاسب الجميع وليس المخطئ فقط، لذا ألغنيا القانون العام وقمنا بتثبيت القانون الجنائي باعتباره القادر على معاقبة المخطئ.

كما ألغينا قانون الردة، فلا يوجد داعي أن نقتل شخص بسبب ترك ديانة واعتناقه ديانة أخرى، لأنه تسبب في فتنة بالدولة.

على الرغم من أن السودان عانت كثيرا من التشدد والتطرف إلا انه معروف عن الشعب السوداني ميوله الصوفية.. فما خطتكم في التعامل مع الفريقين في الوقت الحالي؟

منذ أن توليت مهام عملي في الوزارة، قمت بزيارة كافة الطرق والفرق والسجادات الصوفية الكبرى، ومن المعروف عن الخاتيمية والأنصار والصوفية عموما أن منهجهم وسطى ومعتدل، وأهدافهم العامة هي محاربة التطرف والغلو، وفى المجمل فإن السودان ليست متشددة بل وسطية.

وجاءت جلساتنا معهم لنمد لهم يد العون ونعرض عليهم استراتيجية الوزارة الجديدة العامة، وأننا نتبع سنة نبينا ونحارب التطرف والغلو.

ماذا عن وضع اليهود السودانيين الذين تم تهجيرهم خلال العقود الماضية؟

منذ 1885 إلى 1969 كان اليهود يشكلوا كتلة اقتصادية واجتماعية في السودان مثلهم مثل باقي السودانيين، وجزء أصيل من المكون السوداني وانصهروا فى السودان وسكنوا في الخرطوم والنهوض والأبيض، لكن بسبب العنف السياسي في 67 أبان حكم جعفر النميري حصل لهم عملية تهجير وأغلب المجموعات هاجرت، ولم يبقي في السودان من اليهود إلا أسرة أو أسرتين أو ثلاثة وهم من انصهروا في المجتمع.

وبعدما توليت الوزارة كان لى تصريح أننى عدوت كل اليهود السودانيين الذين لازالوا يحملوا الجنسية السودانية للعودة إلى السودان ويمارسوا حياتهم بصورة عادية، وأغلبهم موجودين في أوروبا وهم الآن رجال أعمال كبار وأغلبهم توفوا لكن أحفادهم موجودين في دول أوروبا وأمريكا، ونحن نربى الان جيل على قبول الاخر والتعايش السلمى مع اصحاب الديانات الأخرى.

أما أهل التشدد فيتم محاصرتهم، وأمامهم خيارين أما أن يندمجوا معانا بنفس أفكارنا الوسطية والبعد عن التشدد والغلو وأما أن يتم أقصائهم.

بعد توليكم الوزارة كيف تعاملتم مع عناصر الإخوان داخل الوزارة؟

كان يوجد في الوزارة ثلاثة أنواع من الفساد، الأول فساد في الخطاب الإسلامي، لأن عناصر الإخوان حاولوا أدلجة الخطاب الإسلامي كي يسير في اتجاه وأحد، وهو خطاب منغلق مكرث لتقزيم الخطاب الإسلامي، أما الثاني هو خطاب الكراهية وخطاب التشدد وخطاب التكفير الذى كانوا يسيرون عليه، مما دفع السودانيين لمحاربة بعضهم البعض، والأخطر أن فصل جنوب السودان كان بسبب العنصرية لدى الجماعات الإسلامية.

والثالث هو الفساد في مجال الأوقاف، فجماعة الإخوان أينما وجدوا مالا إلا وفسدوا فيه، وكان لديهم فساد إداري كبير جدًا وفساد مالي في الحج والعمرة، كان الحج والعمرة عبارة عن مربحة وبيزنيس وسلعة تباع وتشترى.

وأبشر الجميع أنه خلال 8 أشهر فقط تم استرداد 48 عقار وقفي كان كلها تابعة لجماعة الحركة الإسلامية، حيث بلغت قيمتهم 397 مليون دولار، ونحن مستمرين في عملنا على استراد الأوقاف المنهوبة.

هل ستقوم الوزارة بعمل مراجعات فكرية لبعض الأئمة التابعين لها ممن ينتموا لجماعة الأخوان؟

يوجد لدينا مركز الرعاية والتحصين الفكري يختص بالجماعات العلمانية والفكرية، مختص فقط بالحوار والنقاش والحجة والبرهان.

هل يتم إقصاء أم مراجعة فكرية؟

لا يوجد لدينا إقصاء مباشر إلا إذا تأكد لنا تماما أن الشخص متشدد ومنتمي لجماعة النظام البائد أو الحركة التكفيرية، ولا يمكن أبدا مراجعته، لذلك في هذه الحالة نقوم بإقصائه عن المجتمع وإذا قام بممارسات تخل بالنظام يتم تسليمه للشرطة.

هل ترى أن الشعب السوداني الآن في حاجة لفصل الدين عن السياسة؟

لا يمكن فصل الدين عن السياسة؛ لأن الدين في اساسه سياسية، فالدين يدير الملفات الدينية والعقائدية والأخلاقية والسياسية، والأقتصادية وهو الحارس للقيم والمبادئ للنظام العام للدولة، والملف الحالي لدينا هو علاقة الدين مع الدولة، وفتحنا ملف حاليا أطلقنا عليه السياسية الشرعية لأن النبي صل الله عليه وسلم، كان قائد سياسي و ديني، وكل الحكومات السابقة لم تسطيع فصل الدين عن السياسية، لأن نمط التدين في السودان عالي جدا، لأن كل العلمانيين الذين حكموا قبل ذلك ادخلوا الدين في السياسية بشكل غير مباشر.

ونحن الآن في طريقنا لإيجاد علاقة واضحة بين الدين والسياسية، الدولة السودانية تقوم على أساس المواطنة والحقوق والواجبات وتحترم الأديان، وتقوم على مسافة واحدة من كل الأديان، هكذا عرفت الوثيقة الدستورية وجاءت وثيقة السلام على نفس الاتجاه.

ما تعليقك عن موقف مصر تجاه السودان؟

أكثر ما أعجبني في تصريحات القيادة المصرية أبان الثورة أنها كانت مع خيارات الشعب السوداني، فكان موقفهم داعم لنا، وتصريحاتهم ملهمة بالنسبة للثوار، لأن كل الثوار يخافون المجمع الخارجي فكان التصريح دافع قوي لنا هو أن جانبا الشمالي مؤمن، ورأينا في الحكومة المصرية الالتزام التام بالمعايير الدولية.

ما هي رسالتك التى توجهها لشباب مصر؟

أود أو أوجه رسالة لشباب مصر والسودان، وأقول لهم رأيتم كيف أن الثورة السودانية انتصرت لبلادهم، فيجب أن تكونوا أكثر انسجاما وتوحدا لأن المشروع الوطني واحد فعلينا تعميق وتعزيز فرص التواصل في السلام في الفن والأدب؛ لن بيننا نيل وحياتنا مرتبطة به هو فقط.

ما هي خططكم للتعاون مع المؤسسات الدينية المصرية؟

كنت مهتم أن أعرف كيف استطاعت المؤسسة الدينية في مصر تقديم خطاب إسلامي متجدد يواكب متطلبات المرحلة، وكيف اتخذوا وسائل الفتوى العصري وهذا كان محور نقاشنا مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية.

أما عن التعاون مع الدكتور محمد مختار جمعة، فاتفقنا على مواصلة التعاون، وتم ارسال قوافل دعوية من أئمة السودان لمصر وتنظيم دورات تدريبة مشتركة بين الأئمة والدعاة المصريين والسودانيين بمشاركة الواعظات، وتم تعين واعظات جدد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق