العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الذكية جاهزة لـ"ميتافيرس"

السبت، 13 نوفمبر 2021 11:30 م
العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الذكية جاهزة لـ"ميتافيرس"
محمد الشرقاوي

تأسيس 14 مدينة ذكية مؤهلة ببنية تحتية تقنية وتكنولوجية وتطبيقات ذكية تساعد في ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر بالمرافق

 

على مدار أيام تردد مصطلح "ميتافيرس" كثيراً بين المصريين وثار كثير من الجدل، كونه معبراً عن مستقبل مواقع التواصل الاجتماعي أو بالأحرى مستقبل الإنترنت بصفة عامة، وعدم جاهزية مصر لهذا النوع من التكنولوجيا.

قبل الدخول في جاهزية مصر من عدمها للميتافيرس، وكيف ستحدث نقلة في عالم الإنترنت، نستعرض أولاً ماهية هذه الخاصية وتاريخها.

يقول موقع "نيوزوييك"، إن مصطلح ميتافيرس ظهر لأول مرة من خلال رواية الخيال العلمي Snow Crash التي ألفها الكاتب نيل ستيفنسون عام 1992، وتدور أحداثها حول تفاعل البشر من خلال الشبيه الافتراضي "أفاتار"، ويحتضن هذه التفاعلات والتعاملات فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مدعوم بتقنيات الواقع المعزز، فيما يشبه إلى حد كبير العالم الحقيقي.

وفق التقرير أيضاً، تناولت بعض الروايات وأفلام الخيال العلمي فيما بعد مصطلحات أخرى ومفاهيم مشابهة لعوالم الواقع الافتراضي، حتى أعادت شركة فيسبوك باسمها الجديد في 2021 إلى الأذهان هذا الحلم القديم، لكنه اليوم ومع التقدم الهائل في هذا المجال أصبح في متناول مستخدمي الإنترنت.

وتقنية الميتافيرس هي سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لا حصر لها بين المستخدمين من خلال الأفاتار الخاص بكل مستخدم، التي ربما لن تقتصر على ممارسة الألعاب والترفيه فقط، بل ستتيح هذه التقنية كذلك العديد من التفاعلات الخاصة بالأعمال.

وتهدف ميتافيرس إلى أخذ تقنيات الواقع الافتراضي إلى مستويات غير مسبوقة، وعلى الرغم من أن مارك زوكربيرج هو من أعلن مؤخرا عن دخول هذا العالم الجديد، إلا أن شركة "ميتا" أو فيسبوك سابقاً لن تستطيع وحدها التكفل بكل التطورات المطلوبة في هذا المجال، حيث أنه ليس فقط مجال واسع للتطوير، لكنه أيضا لا يمكن التنبؤ بحدود يمكن أن يقف عندها، الأمر الذي سيتطلب اشتراك جميع الشركات العاملة في هذه الصناعة.

الأمر قيد المحاولة، يقول موقع "gadgets"، إنه بالفعل تعمل الشركات، مثل أبل وجوجل ومايكروسوفت على تطوير نشاطها في مجال العالم الافتراضي، إلا أن فيسبوك كان لها السبق في إعلان هذا الاهتمام للجمهور، بل واختيار لنفسها اسم جديد مشتق من هذا المصطلح، ما يعكس الاتجاه الرئيسي للشركة خلال السنوات المقبلة.

وفسر زوكربيرج الخاصية، بأن الأمر أشبه بتحويل الإنترنت إلى بيئة ثلاثية الأبعاد لا يقتصر دور المستخدم على النظر إليها أمام شاشته، بل الدخول في هذه البيئة بنفسه حتى يصبح أحد عناصرها، ولتنفصل حواسه عن عالمه الحقيقي فترة بقائه في العالم الافتراضي.

ويدخل المستخدم إلى هذا العالم ليجد نفسه داخل سلسلة من المجتمعات الافتراضية المترابطة التي لا نهاية لها، يمكنه من خلالها التقاء عدد كبير من الناس المتاح التعامل معهم إما للعمل أو اللعب، كل ما يحتاجه لذلك سماعات الواقع الافتراضي ونظارات الواقع المعزز وما ترتبط به من تطبيقات الهواتف الذكية.

وفق تقنيون، فإنه لن تقتصر الاستفادة من ميتافيرس على ممارسة الألعاب أو حتى عقد اجتماعات العمل بشكل افتراضي، بل ستتأثر جميع الأنشطة التي يمارسها مستخدم الإنترنت بهذا العالم، فعلى سبيل المثال سيشهد التسوق الإلكتروني نقلة نوعية داخل هذا العالم، حيث يكون المستخدم قادرا على معاينة أي شيء يريد شرائه عن قرب بدلا من مجرد معاينة صور في الشكل التقليدي المعروف الآن للمتاجر الإلكترونية.

ورغم ما تقدم يظل السؤال: هل مصر مؤهلة لعهد الميتافيرس؟..

المصريون تناولوا الأمر بسخرية كبيرة، كون هناك أعطال متكررة في شبكات الإنترنت، وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بكوميكسات ساخرة.

على الأرض الأمر يختلف تماماً وتحديداً في النقلة التنموية التي تشهدها مصر، حيث تعمل الدولة على تأسيس 14 مدينة ذكية مؤهلة ببنية تقنية وتكنولوجية هائلة، صنعت في الأساس لتساعد في ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر في المرافق من خلال اكتشاف التسريبات أو الأعطال ومن خلال تمكين السكان من مراقبة الاستهلاك.

في العاصمة الإدارية الجديدة تحديداً، المدينة جميعها ستكون مربوطة عبر الهاتف المحمول، حيث يستطيع المواطن المقيم في العاصمة الإدارية الجديدة أن يحصل على جميع خدماته عبر تطبيق موبايل، ناهيك عن التطور التقني في المنظومة الحكومية والخدمية التي تربط المقيمين بالتطورات التكنولوجية المتلاحقة، باستثمارات قد تصل إلى 900 مليون دولار في المراحل اللاحقة، باستقدام الشركات العالمية في كل المجالات، ومنها شركات مثل هواوي وأورانج وماستر كارد وأبل.

العاصمة الإدارية بالفعل مؤهلة لذلك، فالمدن الذكية في مصر تتيح للمواطن التحكم بطريقة ذكية عن طريق الموبايل في كل مجريات الحياة داخل المنزل أو داخل المجتمع أو المدينة، التى يعيش فيها سواء فى التواصل مع خدمات المرافق مثل المياه أو الكهرباء، وأن هذه الخدمات كانت سببا رئيسيا فى العديد من المشاكل فى التحصيل والشكوى والوقت، والتكلفة أيضًا ولكن مع حلول المدن الذكية فإن كل هذه المشاكل يمكن حلها بسهولة.

ويدلل على التطور التقني في العاصمة الجديدة، استخدام التكنولوجيا في كل شيء، وتوفير كافة العوامل الأمنية في قطاع العقارات، حيث أن هذه التقنيات تعتبر أحد العوامل المهمة لترشيد الاستهلاك في كل شئ، وتتيح أدوات التكنولوجيا قياس كميات المياه واستهلاك الطاقة وكل المرافق أصبحت توفر جزءا كبيرا من حجم الإنفاق على هذه المرافق، وبالتالي صارت الفجوة بين قطاع التكنولوجيا وقطاع التطوير العقارى تتقلص في العاصمة الإدارية، التى تعتبر إحدى مدن الجيل الرابع.

وتطبق العاصمة الإدارية الجديدة أحدث نظم البنية التحتية والتطبيقات الذكية من خلال شبكتين فايبر منفصلين، الأولى عليها وسائل الاتصالات والإنترنت والثانية للتأمين والتطبيقات الذكية في التحكم والمراقبة.

وبالنسبة للتطبيق على "عوالم ميتافيرس" فإن البنية التحتية للعاصمة الإدارية ومدن الجيل الرابع التي تبنيها مصر، مؤهلة لذلك، فبالنسبة لطريقة الدخول أطلقت شركة فيسبوك (ميتا حاليا) تطبيقا للاجتماعات الافتراضية للشركات، يسمى Horizon Workrooms، يحتاج مستخدميه لنظارات الواقع الافتراضي Oculus VR، وحتى الآن لم تحظ هذه النظارات بالرضا الكامل من المستخدمين، فضلا عن ارتفاع سعرها الذي يبلغ 300 دولار أو أكثر، مما يجعل معظم تجارب ميتافيرس المتطورة بعيدا عن متناول الكثيرين خاصة في الدول النامية.

ومن يمكنه تحمل تكاليف شراء نظارات الواقع الافتراضي، فسيحتاج فقط إلى اختيار الشبيه الافتراضي له "أفاتار"، ليصبح ممثله في هذا العالم الجديد، ويمكنه حينها التنقل بين تلك العوالم الافتراضية التي أنشأتها شركات مختلفة. وحول ذلك يقول زوكربيرج: "ستتمحور تجربة ميتافيرس حول القدرة المذهلة على الانتقال الفوري من عالم إلى آخر".

ويتوقف جزء كبير من النجاح المنتظر لعوالم متيافيرس على قدرة شركات التكنولوجيا على التعاون فيما بينها لربط منصاتها عبر الإنترنت ببعضها البعض في هذا الكيان الموحد، كما ترى فيكتوريا بيتروك، الخبيرة في شركات التقنيات الناشئة، لموقع "npr"، أن تعاون تلك الشركات يتطلب أن تتفق فيما بينها على مجموعة من المعايير الموحدة، ما يعني أنه لن يوجد مستخدمي فيسبوك ميتافيرس ولا مايكروسوفت ميتافيرس، بل فقط مستخدمون ميتافيرس ككيان موحد.

تشريعات منظمة

بعيداً عن قابلية التنفيذ من عدمه، يتطلب الأمر استعدادات قانونية وأمنية هائلة لضبط ما قد ينتج عن ذلك من فوضى، وهو ما تحدث عنه الدكتور عبد المنعم سعيد، الكاتب والمفكر السياسي وعضو مجلس الشيوخ، بقوله إننا لدينا نمط في علاقة التكنولوجيا بالحياة الإنسانية، لافتًا إلى أن اختراع النار ثم الثورة الزراعية ثم الثورة الصناعية، ثم ثورة المعلومات، ونحن مقدمين على الثورة الصناعية الرابعة أو الخامسة التي لها علاقة بالذكاء الاصطناعي.

 وأضاف سعيد، في تصريحات تلفزيونية له، أننا نتعامل مع نمط جديد من التكنولوجيا، موضحًا أن نمط الثروة يتغير في كل ثورة من الثورات الخمس، وحدوث ثورتين صناعيتين خلال فترة قصيرة جدًا خلق حاجة جديدة تؤثر في الثروة، موضحًا أنه في الستينيات شركات القمة كانت للحديد والصلب، وفي السبعينيات كانت للبترول، بينما الآن معظم شركات القمة التريليونية خاصة بالتكنولوجية.

وأكد عضو مجلس الشيوخ، أن الإنسان الآن أكثر تقدمًا من أي وقت حدث في تاريخه، موضحًا أن العصر الحالي أفضل عصر عاشته البشرية، مشددًا على أن الدهشة هي المرادف الرئيسي لكل الاختراعات الكبرى وهو ما حدث عند اختراع السيارة ثم القطار ثم الصاروخ، والعالم يحدث معه تكيف مع الاختراعات فيما بعد، مشددًا على أننا بحاجة لتعلم أبجديات الميتافيرس قبل سن التشريعات الخاصة بها، مؤكدًا أن مصر بإمكانها تحقيق قفزات معرفية في المجال التكنولوجي.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق