إنها فانية

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021 12:42 م
إنها فانية
شيرين سيف الدين تكتب:

أستعجب كل العجب كلما قابلني شخص مغرور بنفسه تعلو عنده الأنا، وكأنه ملك الكون لمجرد أنه حقق نجاحا أو امتلك علما أو مالا أو جاها أو جمالا.
لا أستوعب كيف لذلك الإنسان أن يعتبر نفسه صاحب الفضل فيما وصل إليه!
 
ألم يفكر يوما أن الله هو واهب النعم وهو ولي التوفيق في السع ، ألم يفكر أن انتماءه لأسرة ثرية أو عريقة هو أمر الله وليس أمره فقد اختاره لهذا المكان بفضله واختار لغيره حياة الشارع لحكمة يعلمها وحده!
 
كيف تتصور امرأة جميلة أنها متميزة عن غيرها لمجرد أنها لا تمتلك جمالها؟.. وكيف لأخرى أن تغتر وتستحقر الأخريات لأنها سبقتهم في الزواج مثلا؟.. هل خلقت أي منهما نفسها!.
 
كيف يتخيل من رزقه الله بالذرية أنه أفضل ممن حُرم من تلك النعمة التي منحه الله إيها بفضله وأمره !.. كيف لشخص أن يتنمر على من لم يحصلوا على تعليما مماثلا لما حصل عليه، هل كان بيده في طفولته اختيار مدرسته أو بأيادي هؤلاء اختيار مسار حياتهم!.
 
ألم يستوعب هؤلاء أن ما هم فيه ماهي إلا منح ونعم واختبارات من الله تستحق الشكر ولا تستوجب التعالي؟
 
يكفي فقط أن ينظر ذو العلم والمال والمنصب والشهرة حوله ليجد الكثير من الساعين والمجتهدين لم يحالفهم النجاح الذي حالفه، كي يستوعب أن ما توفيقه إلا بالله، وأن هناك من لم يسعوا بنفس خطواته ووصلوا إلى أعلى مما وصل إليه، فلا يغتر بسعيه وجهده ويعيش حالة الخيلاء والأنا والوهم بأنه صاحب سر النجاح والوصول.
 
ويكفيه موعظة، رؤية من انقلبت بهم الأحوال وبعد أن كانوا في أعلى عليين سقطوا في أسفل سافلين.
 
بالطبع أن السعي وبذل الجهد والمثابرة عوامل هامة لتحقيق النجاح، لكن حتى السعي والاجتهاد والذكاء لمن يعي ويتدبر هو هبة من الله ونعمة، فهو من يوجه العبد ويسخر له عقله وفكره كي يسلك طريقه، ثم يمهد له سبل الوصول.
 
مع الأسف يجهل الكثيرين أن "الكِبر" هو الخطيئة والمعصية الأولى التي ارتكبها الشيطان حين اعتبر نفسه هو الأفضل والأعلى، لأنه مخلوق من نار أما آدم فقد خلق من طين!
 
البعض يشعرون بعلو "الأنا" ويرون أنفسهم الأفضل والأعلى، وينسون قول النبي عليه الصلاة والسلام أنه "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"، في تحذير وتنبيه منه للبشرية بأن ما يميز إنسان عن غيره فقط هي تقوى الله، فإن كنت صاحب مال فلن تتميز إلا إذا كنت تساعد منه المحتاج وتستخدم ثروتك فيما يفيد البشرية، كذلك إن كنت صاحب علم أو سلطة أو شهرة.
 
إن الحياة ماهي إلا مرحلة أولى انتقالية نستعد فيها لحياتنا الحقيقية ولا تستحق تلك المرحلة أبدا الغرور والتكبر والتجبر، فمهما كان حال الإنسان مصيره في لحظة إلى زوال.
 
لذا أذكركم وأذكر نفسي بقول الله تعالى "وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"، أي هي متاع فانٍ تغُر من ركن إليها وتعجبه حتى أنه يعتقد أنه لا دار سواها، ولا معاد وراءها.
 
قد نختلف أو نتفق حول أمور عديدة وكل منا يدعي فهم أو معرفة الحقيقة وفي الواقع لا توجد حقائق ثابتة ولا تجارب يمكن أن تعمم على الجميع إلا حقيقة واحدة منذ بدء الخليقة وهي "الموت"، فمهما طال عمر أي إنسان لابد له من الفناء في لحظة.
 
هي بالفعل لحظة ليصبح الإنسان بكل ما يمتلك من قوة أو جمال أو مال أو جاه مجرد ذكرى ثم نسيا منسيا، لن يحمل معه في نهاية طريقه سوى أعماله، أما كل ما هو مادي ملموس فسيبقى ليستفيد به غيره في الحياة الدنيا حتى يأتي موعده.
 
ومع كثرة أخبار الوفاة حولنا وخاصة من الشباب بشكل يومي أشعر بأن الدنيا صغيرة وصغيرة جدا، لا تسوى كل تلك الحروب والمشاحنات التي يخوضها البعض، وإن كان الله أمرنا بالسعي والاجتهاد، إلا أنه نهانا عن التفاخر والتعالي عند الوصول.
 
والسؤال هنا هل تستحق الدنيا الفانية كل هذا التكبر والخيلاء و"الأنا"!.

 

تعليقات (2)
الله الله
بواسطة: دينا شمس
بتاريخ: الأربعاء، 24 نوفمبر 2021 01:10 م

روععععة الله يفتح عليكي

اطلاقا
بواسطة: ميريت
بتاريخ: الأربعاء، 24 نوفمبر 2021 08:41 م

لا تستحق هذه الدنيا الفانية التكبر اطلاقا…ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر…افلام يتفكرون…افلا يعقلون…

اضف تعليق