لشهداء "الروضة" سلام

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021 07:47 م
لشهداء "الروضة" سلام
محمد الحر يكتب:

تحملنا إطلالة الزمن لتفتح الذاكرة أبوابها من جديد لتخرج ورقة ما زالت خالدة بالذاكرة ومعلقة بالوجدان ..لم تسقط عليها ستائر النسيان ولم تدوسها عجلات الزمان.
ورقة تحمل ذكرى الألم في وجه الإرهاب العاشم والتي راح ضحيتها أكثر من 300 مواطن بينهم شيوخ وشباب وأطفال من أبناء" الروضة" إحدى قرى مركز ومدينة بئر العبد بشمال (شرق) سيناء .. وهي قرية وادعه عرفت بسكينتها وهدوءها وطيبة أهلها و قبضهم على جمر إيمانهم وأخلاصهم للقرآن والسنة النبوية الشريفة.
في مثل هذا اليوم 24 من نوفمبر عام 2017  وبمسجد الروضة، و بعد مرور 5 دقائق على رفع آذان الجمعة حيث انتهى المصلون من أداء ركعتي السنة ومنهم من كان لا يزال يقف بين يدى الله ، عندما تحالفت قوى الشر  مع الشيطان وهاجم عددا من المسلحين مسجد الروضة  واطلقوا نيران أسلحتهم الغاشمة صوب المصلين بصورة عشوائية .
تعالت أصوات  الاهات من خلال مكبرات الصوت لتدوي في كافة أرجاء وربوع القرية التي أصابها وابل من الدهشة و الذهول لتصعد الأرواح الصادقة الطاهرة المؤمنة إلى السماء وأصحابها يرتدون الملابس البيضاء وأجسادهم متوضئة وجباههم مضيئة وقلوبهم عامرة بالإيمان بالله.
وما خلفتة المجزرة من مآسي أصبحت عصية على النسيان تركت جروحا غائرة في قلوب اسر  فقدت كامل رجالها وأخرى فقدت غالبية أبناءها ..آباء وإخوه وأبناء وأحفاد جميعهم قضوا نحبهم برصاص الإرهاب الغادر الاسود وهما يقفون وقفة عز بين يدي الله وداخل مسجده وكان آخر قولهم الشهادتين.
لقوا ربهم بقلوب مؤمنه وأجساد طاهرة زينتها أجمل الثياب البيضاء التي يفوح منها روائح طيبة ، حيث يحرص أهل الروضه صباح يوم الجمعة على ارتداء الجلباب الأبيض ويخرجون في جماعات بوقت مبكر إلى مسجد القرية للجلوس وانتظار قرآن الجمعة حتى آداء الصلاة ومن ثم الخروج إلى الزاوية المجاورة للمسجد يلتقون بعضهم البعض ويتبادلون الأحاديث والأخبار .
إلا أنه في ذلك اليوم لم يكن كسابقه من أيام الجمع ، حيث وقعت الواقعة و عم الحزن ارجاء القرية التي اتشح أهلها بالسواد وهي تزف مواكب الشهداء فرادى وجماعات بمقابر منطقة "مزار " على بعد مسافة قليلة من موقع المجزرة الفاجعة المؤلمة  لموارة أجسادهم الطاهرة الثرى وهي متجاورة بصورة جماعية ، حيث تعالت أصوات نحيب الرجال المقهورة  لتختلط بأصوات أسنة ادوات حفر القبور وهي تصطدم ببعضها في جوف الليل.
أربعة أعوام مرت على وقوع المجزرة إلا إنها ما زالت عالقة بذاكرة كل أبناء سيناء مثلما ستظل صور شهداءها واصواتهم وهي تكبر وتنطق الشهادتين بمثابة لعنة تطارد من اذهقوا أرواحهم الطاهرة وسفكوا دماؤهم العطرة دون أن يقترفوا اي ذنب وهم يجلسون في سلام وطمأنينة على سجادة الصلاة في محراب المسجد.
رحم الله أرواحا كانت تكثر الخطى إلى المساجد و كانت تؤنس البيوت والمجالس وتسعى إلى الخير وفيه فارقتنا وسكتت غدرا اليوم تحت الثرى ولها اليوم السلام ..وربط الله على قلوب أسر الشهداء بجميل الصبر والسلوان ..و اعان المصابين على ما خلفه الحادث من أثر بأرواحهم وأجسادهم..ورزقهم الرضا والقناعة.
ولا ننسى الدور الهام والحيوي الذي قامت به الدولة ممثلة في كافة مؤسساتها ووزاراتها منذ وقوع حادث الروضة وحتى اليوم من إنجازات مهمة تضمنت تنفيذ عدد كبير جدا من المشروعات في مجالات الإسكان والطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحي والتعليم والصحة والشباب والرياضة،  بقيمة إجمالية وصلت إلى نحو 164 مليون جانبه ، ساهمت في تغيير صورة القرية بشكل تام.
كما قدمت الحكومة والأزهر الشريف العديد من المساعدات والتعويضات المادية لأسر الشهداء والمصابين لجانب رحلات عمرة ووظائف لأبناء الشهداء ومشروعات متوسطة وصغيرة وتحديث كامل للبنية التحتية بالقرية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة