العربي: الأزمة السورية مأساة هذا العصر

الأحد، 24 يناير 2016 12:18 م
العربي: الأزمة السورية مأساة هذا العصر
الدكتور نبيل العربي

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي أن الأزمة السورية أضحت مأساةَ هذا العصر، وهي مأساةٌ متعددةُ الأبعادِ بالنظر لما خلفتهُ من تداعياتٍ دوليةٍ وإقليميةٍ سياسيًا وإنسانيًا، مما يتطلبُ تضافرَ جهودِ جميعِ الأطرافِ الدوليةِ والإقليميةِ المعنيةِ بهذه الأزمة لتَحَمّلِ مسؤوليتها التاريخيةِ من أجل إنقاذِ سوريا، والحفاظِ على وحدتِها وسيادتِها وسلامتِها الإقليميةِ، والتجاوبِ مع الطموحاتِ التي ينادي بها الشعبُ السوري في الحريةِ والديمقراطيةِ.

وأعرب "العربي"، في كلمته اليوم الأحد أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الأولى للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي- الهندي في العاصمة البحرينية "المنامة"، عن تطلعه إلى أن تسفرَ الجهودُ المبذولةُ حاليًا من قِبَلِ مجموعةِ العملِ الدوليةِ الخاصةِ بسوريا والتي انعقدت مؤخرًا في نيويورك إلى إقرارِ وقفٍ لإطلاقِ النار في سوريا والبدءِ بمسارِ الحل التفاوضي للأزمة وذلك استنادًا إلى "بيانِ جنيف 2012 " وما جرى الاتفاقُ عليه في اجتماعاتِ فيينا الوزارية في هذا الشأن، وفي ضوء قرارِ مجلس الأمن رقم 2254 ونرجو أن يبدأَ المسارُ السلميُ هذا الشهر.

وأكد ضرورةِ تضافُرِ الجهودِ الإقليميةِ والدوليةِ من أجل التوصلِ إلى حلٍ للأزمةِ في ليبيا، بما يضمنُ وحدتَها وسيادتَها واستقرارَها وسلامةَ تُرابِها الوطني، ويَهُمّني في هذا الصددِ الإشادةَ بالتوقيع على الاتفاق بين مختلفِ الأطرافِ الليبيةِ تحت رعايةِ الأممِ المتحدةِ يوم 16 ديسمبر الماضي بالصخيرات وَتَلاها إعلانُ حكومةِ الوحدةِ الوطنية، وهو ما نَأملُ أن يكونَ بدايةً لِطَيَّ صفحةِ الأزمةِ الليبيةِ والانطلاقِ نحوَ تحقيقِ تطلعاتِ الشعبِ الليبي في الحريةِ والاستقرارِ الأمني والسياسي.

وفيما يتعلقُ بالأوضاعِ في اليمن، أشار "العربي" إلى أن الجامعةَ العربيةَ على تواصلٍ دائمٍ مع مبعوثِ الأممِ المتحدةِ من أجلِ المساعدةِ على إنجازِ حل سياسي للأزمةِ وفقًا لمخرجاتِ الحوارِ الوطني الشاملِ بين القِوى السياسيةِ اليمنيةِ ومبادرةِ دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجي وآلياتِها التنفيذيةِ وقراراتِ الأممِ المتحدةِ ذاتِ الصلةِ وخاصةً التنفيذَ الكاملَ لقرارِ مجلسِ الأمن رقم 2216، وهو ما يَتِمُّ العملُ عليهِ حاليًا في اجتماعاتِ جنيف، معربا عن أمله أن تُفْضي تلك المفاوضاتُ إلى النتائجِ المرجُوة منها.

وقال "العربي"، في كلمته التي وزعتها الجامعة العربية، إن العالمُ يعاني بأسرهِ من تناميِ ظاهرةِ الإرهابِ والتطرُف وما يُشكلهُ ذلك من تهديدِ واضحِ وصريحِ لأمنِ واستقرارِ المجتمعاتِ، وفي هذا الصدد تُدين جامعةُ الدول العربية الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، مع تأكيدها على ضرورة عدم ربطه بأي ثقافة أو دين أو عرق، وتجفيف منابعه ومصادر تمويله، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود على كافة الأصعدة وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وأكد "العربي" أن القضيةُ الفلسطينيةُ تعد القضيةَ المركزيةَ الأولى للعالم العربي، فمُنذُ ما يزيدُ عن نصف قرن والشعبُ الفلسطيني يعاني من احتلال أرضه وانتهاكِ مقدساتهِ، ورغم صدور قرارات عديدة من مجلسَ الأمن تُعالجُ جميَع أبعاد النزاعِ، ويُؤدي تنفيذها إلى إقامة السلام العادل في الشرق الأوسط، إلا أن جميع هذه القرارات لم تُحترم أحكامُها ولا يتمُ تنفيذُها، بل تُطرحُ أحيانًا مُبادراتُ، ويتمُ تشكيلُ آلياتٍ كلها تصبُ في محاولات لإدارة النزاع وليس إلى إنهائه.

وأشار إلى أن حقوقُ الشعب الفلسطيني ماتزال مسلوبةً، والقضية لم تجد حلًا حتى الآن، وذلك نتيجة تقاعس المجتمعِ الدولي، وعدمِ وجودِ إرادةٍ حقيقيةٍ لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة، وعدم تحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسُ الشرقيةِ وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وأكد أن توحيدُ الجهود وتنسيقُ المواقفِ أصبح مطلوبًا اليوَم أكثر من أي وقت مضى، معربا عن تقديره في هذا الصدد لأصدقائنا في الهند مواقَفهم الثابتةِ إزاء القضية الفلسطينية، وقال إننا نُعَوّلُ على استمرارِ الدعم الهندي لهذه القضية والحقوقِ الفلسطينيةِ والعربيةِ المشروعةِ، ومبادرةِ السلامِ العربية، حتى يتحقق السلام المنشود في هذه المنطقة، منوها في هذا الإطار قول الزعيم المهاتما غاندي: "ليس هناك طريق إلى السلام، فالسلام هو الطريق".

وأكد أن جامعةُ الدولِ العربيِة تولي اهتمامًا كبيرًا لتعزيزِ العلاقاِت مع جمهورية الهند، ووضع أسسٍ صلبةٍ للرؤيةِ المشتركةِ والشراكةِ المتجددةِ للحوارِ والتعاونِ الجماعي بين الدول العربية وجمهوريةِ الهند الصديقة.

وأشار إلى أن منتدى التعاونِ العربي الهندي يعد أحَد المنتديات الهامة التي أقامتها جامعةُ الدول العربيةُ في اطار علاقاتها مع الأطراف الدولية الأخرى،مؤكدا أن هذا الاجتمًاعُ الأولُ على هذا المستوى الرفيع يُضيفُ لبنةً جديدةً إلى صرحِ العلاقاتِ التاريخية بين العالم العربي والهند، ويؤكدُ على متانةَ ورسوخِ هذه العلاقاتِ، وأهميتُها لمواجهةِ التحدياتِ والمخاطرِ الجسيمةِ التي تواجهُ منطقتِنا والعَالمِ أجمع.

ولفت إلى أنَ الدولَ العربيةَ والهندَ يشكلان معًا رقمًا مهمًا في معادلِة العلاقاتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ الدوليةِ، فكلا الجانبين ينتميان إلى الحضارةِ الشرقيةِ العريقةِ، ويتقاسمان قيمًا ثقافيةً مشتركةً، وكلاهما ينتمي إلى الدول النامية التي عانْت من الاستعمارِ الأجنبي؛ ولقد أدركَ أسلافُنا مبكرا ضرورة الدعمِ المتبادلِ وأهمية التنسيقِ المشتركِ من أجِل نيلِ الاستقلالِ والحريةِ، ولعبوا دورًا محوريًا في جمعِ الدولِ حديثةِ العهدِ بالاستقلالِ في حركةِ عدمِ الانحيازِ، وتعزيزِ علاقاتِ جنوبْ-جنوبْ، والمساهمةِ في حفظِ السلمِ والأمنِ الدوليِ.

وأكد أهميةِ هذه المبادئ لمواجهةِ التحدياتِ المشتركةِ، والعملِ معًا لإيجادِ حلول سلميةٍ للقضايا والأزماتِ التي تُعاني منها منطقةُ الشرقِ الأوسطِ، والتي تمتدُ تداعيِاتها الخطيِرة لتهدد السلمِ والأمنِ على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وأشار إلى أنه سوف يصدرُ عن هذهِ الدورةِ "إعلانُ المنامة" الذي يتضمنُ التوافَق الذي توصلَ إليهِ الجانبان حول القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك، وبرنامج تنفيذي يشمل بعض أوجه التعاون بين الجانبين خلالَ العامينِ المقبلينِ، في مجَالات الاقتصادِ والتجارةِ والاستثمارِ والطاقةِ وحمايةِ البيئةِ والزراعةِ والأمنِ الغذائيِ والثقافةِ والتعليمِ والعلوم والتكنولوجيا وتنمية الموارد البشرية والإعلام والصحة والتنمية الاجتماعية.

وقال إن عام 2016 سوف يشهدُ عقدَ الدورةِ الخامسةِ لمؤتمرِ الشراكةِ العربيةِ الهنديةِ في سلطنةِ عُمان، والدورة الثالثة لمهرجان الثقافة العربيةِ الهندية في جمهورية الهند، كما نقدر للجانب الهندي استضافته لأعداد مهمة من الكوادر العربية للمشاركة في دورات تدريبية في الهند، ونتطلعُ إلى مزيدِ من التعاونِ مع الهند خاصة في المجالاتِ التي أضحتُ الهندُ رائدةُ فيها مثل العلومِ والتكنولوجيا وتكنولوجيا المعلوماتِ والصناعاتِ الدوائيةِ والتكنولوجيا النووية للأغراض السلمية.

وأشار إلى أن حجمُ التبادل التجاري بين الدول العربية والهند وفقا لبعض الاحصائيات الى 200 مليار دولار، وهو رقمُ مُهمُ بدرجة كبيرة، إلا أنهُ يُمكن أن يرتفع في قادم السنوات نظرًا لوجود الفرص الاقتصادية الواعدة لدى كل طرف.

وعلى صعيد التواصل الثقافي والتمازج الحضاري يوجدُ في العالمِ العربيِ وخاصة في دولِ الخليجِ العربيةِ نحو سبعة ملايين مواطنًا هنديًا يعيشونَ ويساهمون بشكلِ فعالِ في مسيرةِ التنميةِ في بلدانِ إقامتهم ويعززون جسور التواصل والتفاعل الثقافي والتجاري بين الجانبين.

وأُعرب"العربي" عن تطلعِ الجامعةِ العربيةِ إلى عقدِ الدورةِ الثانيةِ للاجتماع الوزاري العربي الهندي والتي من المُقرر أن تستضيفها جمهوريةُ الهندِ خلال عام 2017، مُتمنيًا أن تثمرَ الجهودُ المبذُولةُ عن تعزيزِ وتقويةِ التعاونِ والشراكةِ بين الجانبينِ.

وتأتي هذه الدورة كأحد ثمار تطور العلاقات العربية-الهندية، حيث تعقد بموجب وثيقة منتدى التعاون العربي – الهندي المعدلة التي وقع عليها الأمين العام للجامعة العربية خلال زيارته إلى نيودلهي عام 2013.

وتجدر الاشارة الي أن هذا الاجتماع يأتى في ظل الروابط التاريخية والحضارية بين العالم العربي والهند في تعزيز التعاون بين الجانبين، وكذلك ضرورة تنسيق الجهود المشتركة من أجل إرساء دعائم الشراكة المتجددة للحوار والتعاون الجماعي بين الدول العربية وجمهورية الهند الصديقة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق