عادات المصريين في الأحزان.. من «المعددة» لـ«كسر القلل».. «الدلتا» محاشي ممنوعة.. «الفكة» في الصعيد.. عام من الأحزان.. زيارات الرحمة.. ملابس بلون الموت.. المعددة.. آدب المآتم

الثلاثاء، 23 فبراير 2016 02:16 م
عادات المصريين في الأحزان.. من «المعددة» لـ«كسر القلل».. «الدلتا» محاشي ممنوعة.. «الفكة» في الصعيد.. عام من الأحزان.. زيارات الرحمة.. ملابس بلون الموت.. المعددة.. آدب المآتم
المعددة
هشام صلاح

لا يفوت المصريون مناسبة إلا ويحتفون بها.. حتى الموت، لا يمر مرور الكرام، ليمارس كل شخص حزنه بطريقته، فالعادات في مصر أقوى من الحزن والموت أحيانًا.

وتعرض «صوت الأمة» الطقوس التي باتت عادة وتقليدًا، يتبعه المصريين في أحزانهم، وإن قل أو اختلف بمضي الزمن من منطقة لأخرى، لكن الدلتا والصعيد والبادية، مازالت تحتفظ به حتى يومنا هذا..

في الدلتا.. محاشي ممنوعة

تعود طقوس الأحزان عند المصريين لأكثر من 7 آلاف عام، فعند وفاة شخص أو حدوث فاجعة تعد الولائم عقب الدفن، وتقدم للمعزين وأهل الميت، كما يعد الجيران الطعام لأهل الميت لمدة 40 يومًا، لامتناعهم عن تحضير الطعام من الحزن.

أما أسرة المتوفي، فلا يشتركون في الحفلات والمناسبات والأعياد، كما أنهم لا يرتدون الملابس الزاهية والمزينة، ويكون لون الحداد عندهم هو «الأسود»، والرجال لا يحلقون الدقن لمدة 40 يومًا.

والبعض يقوم بارتداء الملابس «بالمقلوب»، كإشارة على الحزن، ويستعينون بـ«نسوة نائحات»، تكون مهمتهن البكاء والنحيب، وتشجيع المعزين على البكاء أيضًا.

وفى أحزان المصريين في دلتا مصر، يمنع تمامًا إشعال «البوتاجاز» أو النار داخل المنزل، باعتباره «فألًا سيئًا» للمتوفي، وتعد الموائد خلال تلك الأيام ليأكل المعزين، وفي بعض الأحيان تتكفل أسرة المتوفي بشراء طعام جاهز لإطعام المعزين.

أما في أغلب البيوت، فيتحمل الأقارب والجيران تلك المسؤولية، ليعدوا في منازلهم موائد تكفي المعزين، الذين يتوافدون على بيت المتوفي في تلك الأيام، وتعد من قبيل المجاملة.

وتمنع بعض الأسر أنواع أطعمة معينة دالة على الفرحة خلال العام الأول من الوفاة، لكن العديد من الأسر تراجعت عن تلك العادة لتكتفي بـ6 أشهر فقط، يمنع فيها عمل «المحشي، والكيك» والمعجنات بأنواعها، كما يمنع عمل الكعك ومشتملاته في أول عيد يمر على أهل المتوفي، ويمنع شراء الحلوى والكعك من خارج البيت، وبعض الأسر في الريف والقرى بالدلتا، تمنع دخول الحليب إلى المنزل بعد الوفاة لمدة 3 أشهر.

«الفكة» في الصعيد

وتكون «الفكة» في صعيد مصر، وهي طعام يجهز خصيصًا من نصيب أهل المتوفي، فيذبحون خروفًا ويقوموا بإطعام أهل الميت جميعًا منه، حتى يصل الطعام للمتوفي، كما يطعم منه الفقراء والمعزين، ويقال أن الأكل من «فكة مسن» يطيل العمر.

وتحتوى «الفكة» على لحم وملوخية وعيش طازج فقط، فعمل أكثر من نوع طعام بالفكة يعد فرحًا ونقيصة لأهل الميت، بينما يعد أهل الميت الخبز داخل المنزل، وتعجنه فتاة مازال والداها على قيد الحياة.

ويترك أحد الأرغفة دون قلب، وهي إحدى مراحل خبز العيش الشمسي، وذلك حتى لا يموت شخص آخر من البيت، حسب الاعتقاد الشعبي.


عام من الأحزان

أهم شيء يشغل بال أهل المتوفي في الدلتا والصعيد، هو دفن الجثة وإجراء الجنازة في أسرع وقت، حتى وإن تم الدفن في الليل.

من العادات والتقاليد السائدة، أن المصري لا يتعامل مع فكرة الحداد 3 أيام، ولا حتى لمدة أربعين يومًا، لكنّ عامًا كاملًا، هو مدة الحداد على المتوفي في مصر.

وخلال الـ3 أيام الأولى من الوفاة، لا يخلو منزل المتوفي من المعزين، يرتدون الملابس السوداء، ويمارسون حزنهم وبكائهم عليه، وطيلة 3 أيام تعد موائد الطعام من خارج المنزل، وعادة تأتي من بيوت الأقارب والجيران، كما يتم تنقيط أسرة المتوفي بالطعام المطبوخ أو النيئ، وبعض الأسر يساعدها الأقارب والأهل بالأموال من أجل مراسم الدفن والجنازة.

وفي الخميس الأول بعد الوفاة، يجتمع الأقارب والمعارف مرة أخرى للبكاء، وقراءة القرآن، والترحم على الميت، ويشبه الوضع الأيام الثلاثة الأولى من الوفاة، وبعد مرور أربعين يومًا على الوفاة، كما في مصر الفرعونية التي اتخذت ذلك الرقم لمدة الحداد، حتى تنتهي أعمال تحنيط المتوفي، وفيه تجدد الأحزان، يجتمع الناس لقراءة القرآن والدعاء والبكاء مرة أخرى.

وبعد انقضاء عام على الوفاة، يجتمع المقربون، فقط، وفي بعض الأحيان الجيران، لإحياء الذكرى الأولى لرحيل المتوفي، من خلال الاستماع للقرآن وختمه، والدعاء للمتوفي.


زيارات الرحمة

زيارة المقابر في قرى مصر، سواء في الدلتا أو الصعيد، تكون يوم الجمعة من كل أسبوع، وأيضًا أول يوم في عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى والمناسبات الدينية المختلفة.

ولتلك الزيارة طقوس أسبوعية تمارس، فلا بد من السهر قبلها بليلة لصنع المعجنات «الشريك» تحديدًا، وتعرف في الصعيد بـ«قرص الرحمة»، وتوزيعها على الأطفال والكبار في المقابر بدعوة أنها «رحمة ونور» على الميت، وأيضًا توزيع البرتقال والبلح والجوافة تحديدًا على المتواجدين في المقابر، أما في عيد الأضحى، فيتم توزيع «سندوتشات لحمة» على فقراء المقابر، للتخفيف على المتوفي.

وتمارس تلك العادة منذ سنوات طويلة، حيث يعتقدون بأن روح المتوفي تبقى في المكان، وإرضاءًا لتلك الروح يجب القيام بزيارته.


المعددة.. آدب المآتم

تختلف مراسم الجنائز والحداد في مصر من منطقة إلى أخرى، ففي بعض الأماكن تجلب أسرة المتوفي «الندابة»، وهي امرأة تمتهن الصراخ والبكاء ولطم الخدود وتمزيق الملابس والتعديد على الميت، بل والأكثر من ذلك أن هناك «تعديدات» خاصة لكل حالة وفاة، فهناك مثلا «تعديد المرأة على زوجها، وتعديد صريع العربات، وتعديد الفتاة التي لم تتزوج»، تبتكرها الندابة على شكل بيت شعري موزون القافية، ويذكر محاسن الميت ومدى الخسارة التي لحقت بأهله.

واليوم، مع انحسار وظيفة الندابة، تقوم إحدى القريبات أو المعارف بتلك المهمة، وتقل في الأسر الراقية.


ملابس بلون الموت

ترتبط ألوان ملابس الحداد بالثقافة، ففي مصر اللون الأسود هو لون الحداد، لأنه يعبر عن الحزن والألم، حيث ترتدي النساء أقارب المتوفي اللون الأسود لمدة تتراوح من 15 يومًا حتى 40 يومًا، وفقًا لدرجة القرب منه، فيما ترتدي بنات وأخوات المتوفي السواد لمدة عام كامل، بينما تظل زوجة المتوفي مرتدية السواد طوال عمرها وكذلك والدته، فيما يلتزم أقارب المتوفي الرجال بعدم حلاقة الذقن لمدة أربعين يومًا، وتقل تلك العادات في المناطق الراقية، وبعض الأسر تكتفي بالأربعين كفترة حداد بكل مشتملاته.


كسر القلل

هي عادة فرعونية قديمة، حين كانت تخرج جثة الميت للدفن، يكسر وراءها «قلة»، وهي إناء من الفخار، وتوضع معه في القبر، حتى لا تعود روح المتوفي إلى البيت، وتؤذي من فيه. وتستخدم حتى اليوم للدلالة فقط عبارة «اكسر وراه قلة» للشخص الحي المكروه، الذي يراد له الذهاب بلا عودة، لكن لا تستخدم في حالة الوفاة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة