بالفيديو والصور.. حديقة حيوان المنصورة بلا حيوانات.. المبانى متهالكة والقمامة تملأها.. كلب بوليسي مكان الأسد لإلهاء الأطفال.. وتقرير: «الإدارة باعت ثلاثة نمور آسيوية نادرة بمبالغ زهيدة»
الأربعاء، 16 مارس 2016 12:19 م
الخميس الأخير من كل شهر تنظم اغلب مدارس محافظة الدقهلية رحلة الى مدينة المنصورة، تشمل عدد من المزارات كانت أهمها ومازالت «حديقة حيوان المنصورة»، لكونها مقصد سياحى، وأحد أهم الأماكن الترفيهية لكل أطفال المحافظة، حتى المرحلة الجامعية.. وتعد احدى أقدم حدائق الحيوان في مصر، أنشئت عام 1949 على مساحة 12257 مترًا مربعًا، بتبرع الخواجة «توريل» الذي أنشأ الحي الذي تقع فيه الحديقة، وأبرم عقد «انتفاع» واشترط أن تكون حديقة حيوان فقط.
بداخل الحديقة تقابلك يافطة كبيرة تحت عنوان «إرفق بالحيوان»، رغم عدم وجود أى نوع من الحيوانات بداخلها، تجد اليافطة وبجوراها أكوام من القمامة فى مشهد تعبيرى عن حال الحديقة، والتى أصبحت خاوية على عروشها.
وتحتوى الحديقة على أكثر من 12 قفص حديدى بمبانى متهالكة ومليئة بكل أنواع القمامة، بالإضافة الى لجوء إدارتها إلى إستخدام أغلبهم كمخزن لـ«الروبابيكيا» وبقايا كراسى وكتب ملقاة فى كل ناحية.. وتستطيع أن تتجول داخل الحديقة لترى الأقفاص الخالية إلا من عدد قليل من القرود ونسناس واحد، وكلب بوليسى.
قالت ولاء السيد، ربة منزل، إنها كانت تعتاد اصطحاب أطفالها الصغار والذهاب للحديقة في الإجازات للعب ومشاهدة النمور والأسود وغيرها من الحيوانات، موضحة أن الحديقة الآن أصبحت «كهفًا مهجورًا»، ولا تحتوى الا على بركة للبط والاوز.
وأضافت: «أربى كل ذلك فى البيت ولا حاجة للذهاب الى هناك سوى لتغيير الجو».
تجولت عدسة «صوت الأمة» داخل الحديقة لتجد عد كبير من الكراسى الملقاة في كل مكان، بالاضافة الى أكوام القمامة..
وقال مصطفى الغالى، وأحد أبناء المحافظة، والذى صادف تواجدنا هناك، أن الحديقة تعانى من القمامة منذ سنوات والمشهد اصبح طبيعيا، مضيفا: «الحديقة كانت تشتهر بأنها في المرتبة الثانية بعد حديقة حيوان الجيزة، إلا أنها أصبحت تعاني الآن من الإهمال».
وأضاف: «في الماضي كانت الحديقة تستقطب زوارًا من محافظات عديدة كالغربية وكفر الشيخ وغيرها، وكان من الممكن استغلالها وتطويرها لزيادة الدخل القومي، إلا أنها أصبحت تعاني من الإهمال على مرأى ومسمع من المسئولين».
قال السيد حريشة، أحد رواد الحديقة، أنه سافر للعمل خارج مصر منذ ما يقرب من 5سنوات، وعند عودته في إجازة بمدينة المنصورة قرر زيارة الحديقة، مؤكدا أنه لم يجد حيوانات ولا زوار وكل ما وجده «اكوام» من القمامة والكراسى المكسورة الملقاة فى كل مكان، بالإضافة للروائح الكريهة التى تملأ المكان.
قال رامى ناصف، أحد أبناء الدقهلية، أن الحديقة كانت مجرد مأوى للصبية وطلاب الثانوى لممارسة الرذيلة، مضيفا أنه لا يستطيع أن يذهب اليها ومعه عائلته خوفا عليهم من المناظر المؤذية للعين، ولا يوجد أمن أو وسيلة لمنع هؤلاء الصبية من ممارسة كل تلك الافعال المسيئة للجميع، على حد قوله.
وأضاف: «لابد أن تبرم إدارة الحديقة إتفاقا مع شركة أمن محترمة، لمنع كل تلك الممارسات، لانها أصبحت شبهه، وقبل كل ذلك لابد من تطوير شامل للحديقة يشمل شراء عدد كبير من الحيوانات، وبناء عدد كافى من المبانى، وكراسى الإنتظار، وتقديم كافة الخدمات الملحقه من واى فاى ومحلات للأكل والشرب».
وطالب « ناصف» إدارة الحديقة بضرورة إبرام إتفاق مع مستثمر خاص سواء كان أجنبى أو مصري لتطويرها، وابرام الاتفاقيات مع شركات الأمن والنظافة فى أسرع وقت.
وفى أثناء جولتنا وجدنا كلب بوليسى يقطن بقفص الأسد، وبسوال أحد العاملين بالحديقة، قال أن الأسد مات ولجأت الإدارة الى تربية كلب بوليسى، لأن الأطفال لا تعرف الفرق بينهما، على حد قوله.
وأضاف العامل: «لا تستطيع الحديقة شراء أسد لأنه غالى الثمن، ولا يوجد زوار حتى نستطيع أن نشترى أى حيوان جديد».
مجرد أن تدخل من البوابة الرئيسية للحديقة تجد على اليمين يافطة كبيرة بعنوان «المتحف الحيوانى»، وبتفقده لا تجد سوى عدد قليل للغاية من الحيوانات المتجمده وتمساح كبير محنط.
وبسوال احدى العاملات بالمتحف قالت أنها تعمل منذ أكثر من 20 سنة به ولم يطرأ عليه جديد، مضيفه: «لم يعد هناك أى أطباء لتحنيط الحيوانات أو معالجة بيطرية لها، وأى حيوان يموت يلقى فى القمامة والحديقة لم تستقبل حيوان جديد منذ سنوات».
خلف يافطة مكتوب عليها «مرحبا بالزائرين» وبجوارها علم مصر وعلم لمحافظة الدقهلية، تجد قفص ضخم يحتوى على حوض مياه وعلى أركانه ثلاثة من التماسيح.
وبسؤال أحد العاملين قال: «هذه التماسيح هنا منذ زمن ونقوم باطعامهم وتطيعمهم على فترات متعاقبة، ولا يوجد هنا طب بيطرى لعدم وجود حيوانات من الاساس».
قال على المتولى، أحد ساكنى العقارات المجاورة لحديقة الحيوان، أنها تحتوى على عدد من القرود ونسناس و3 تماسيح وكلب بوليسى ومجموعة من «الوز والبط» وحمام زاجل، تلك هي محتوياتها، مضيفا أنها تحولت من حديقة جامعة لمختلف أنواع الحيوانات، إلى حديقة تحتوي على بضع من الحيوانات آكلة العشب، بالإضافة إلى متحف لعدد من الحيوانات المحنطة.
وأضاف « المتولى»: «أتذكر واحنا صغارًا لعبنا وركبنا الفيل والزرافة وأطعمنا الجمل وتصورنا مع القرود، ولكن الآن أصبحت جرداء مهملة لا نجد فيها إلا القليل من الحيوانات».
لاقت حديقة الحيوان بالمنصورة إهمال متعمد من قبل كل مسئول تنفيذى بمحافظة الدقهلية وذكرت تقارير صحفية فى وقت سابق، إن حديقة الحيوان بالجيزة، كانت أرسلت طلبًا إلى محافظ الدقهلية الأسبق سمير سلام، وطلبت منه تطوير حديقة الحيوان بالكامل وتزويدها بكل الحيوانات، مقابل أن تصبح تابعة لها وتكون تحت إشرافها بالكامل، إلا أن العرض قوبل بالرفض من قبل كل من المحافظة، وحي شرق المنصورة التابعة لها.
كما ذكرت ايضا أن إحدى شركات المحمول أيضًا، أعلنت تخصيص ثلاثة ملايين جنيه لتطوير الحديقة في مقابل وضع إعلانات، خاصة بها داخل الحديقة وقوبل الأمر بالرفض من قبل المحافظة.
كما تطرق التقرير الى أن الحديقة كانت تحتوي على ثلاثة نمور آسيوية من السلالة النادرة، إلا أنه صدر قرار من المحافظ ببيعهم بمبلغ زهيد.
ونقل التقرير ايضا عن مدير عام الحديقة، فى حينها، إن الوحدة المحلية بدأت في إجراء العديد من التجديدات بالحديقة وبدأت أيضًا في إنشاء ممشى جديد وتطوير دورات المياه.
وأخيرا وفى يوليو الماضى قال رئيس حي شرق المنصورة عبد العزيز محمد، فى حينها إن حديقة الحيوان شهدت تطويرا كاملا، نافيا ما أثير في الفترة الأخيرة حول خلو الحديقة من الحيوانات عار تماما من الصحة، مشيرًا إلى أن الحديقة بها حيوانات أليفة وفقا لقرار المحافظ الذي يفيد عدم وجود أي حيوانات مفترسة.
وتدور معركة حامية بين ورثة الخواجة توريل والحكومة على خلفية عودة الحديقة الى ملكيتهم لتنافى الغرض المخصص لانشائها حسب العقد المبرم بين الخواجة والحكومة، ووقت انشائها وما زالت المعركة دائرة.
وتجدر الاشارة الى أن مساحة حديقة الحيوان تمتد على مساحة أربع أفدنة أهداها الخواجة توريل لمحافظة الدقهلية لخدمة المواطنين كحديقة حيوانات، وحال تغير الغرض الذي خصتت من أجله تعود لورثة الخواجة.
وفى النهاية لا تجد حديقة الحيوان بالمنصورة سوى مسلسل بحلقات كاملة من أعوام من الاهمال المتعمد من قبل المسئولين، وسط غياب تام لجمعيات الرفق بالحيوان، أو حتى الاهتمام به تزامنا مع ندرة المطالبين بضرورة تواجد حديقة حيوان عالمية بمدينة النيل أو عروس النيل كما يلقبونها.