«الصحافة المطبوعة تواصل نزيفها على يد الإلكترونية».. السفير والنهار تتحولان للنسخ الإلكترونية.. الإندبندنت توقف إصدارها الورقي.. وتراجع ملحوظ فى توزيع الصحف المصرية

الخميس، 17 مارس 2016 01:04 م
«الصحافة المطبوعة تواصل نزيفها على يد الإلكترونية».. السفير والنهار تتحولان للنسخ الإلكترونية.. الإندبندنت توقف إصدارها الورقي.. وتراجع ملحوظ فى توزيع الصحف المصرية
صورة تعبيرية
إيهاب زيدان

حروف متلاصقة ومتتابعة، تنتظم في متتالية مدروسة، تتشكل بها جمل وعبارات متناسقة، لتعكس صورة واقعية لأحداث الأمس واليوم.. ترصد حروفها صراعات وأحداث، تكشف كلماتها صراعات ودسائس ولا أخفى، وكواليس ولا أغرب.. يتهافت إليها الجميع للإطلاع على بواطن الأمور، وخفايا النفوس، ليطلعوا على كواليس الغرف المظلمة، والإجتماعات المغلقة.. ولكنها وبعد عقود أربعة من نشأتها تعاني أشد المعاناة.. فما بين أزمات إقتصادية، وتوجهات سياسية، وسيطرة رأس المال، تحولت الصحافة من راسلة إلى صناعة.

فقد أصيبت صاحبة الجلاة الآن.. بأزمات عدة ومتتالية، وخاصة مع التطور التكنولوجي الكبير، الذي عصف بأشكال الصحافة التقليدية، خاصة مع الأزمات الإقتصادية المتتالية، وإرتفاع تكاليف خامات الإنتاج والطباعة والتوزيع، وغيرها.. فى ظل توافر بدائل أسهل وأقل تكلفة مع إنتشار تكنولوجيا الـ«it» والـ«3G» ودخولنا عصر الشبكات المفتوحة، والتابلت وتطور وسائل الإتصال المعرفي، والتواصل الإجتماعي.

ليجد رواد الصحافة ضالتهم في الصحافة الإلكترونية، والتى تختصر الأوقات والمسافات والأزمان، لتقدم الخبر موجزًا ووفيًا فى أقصر أوقاته، وإمتدت الأزمة من المؤسسات الإعلامية العالمية، إلى المؤسسات المصرية والعربية، لنفاجأ بإثنتين من أعرق الجرائد اللبنانية والعربية تعلن تحولهما الصحافة الإلكترونية، وإنسحابهما من المنافسة فى النسخ الورقية.

"السفير والنهار":

إمتدت الأزمة لتطال جريدتي السفير والنهار اللبنانيتين، فقد أصدرت جريدة الفسير بيانًا قالت فيه: "عشية العيد الثالث والأربعين لإطلاق هذه الصحيفة المميزة وذات الدور التاريخي نواجه ظروفًا وتحديات صعبة في مواجهة هذا الواقع الصعب نطرح الاحتمالات جميعا للنقاش بما فيها التوقف عن الصدور... المرشح بأن يزداد صعوبة، في المرحلة المقبلة، كان من الطبيعي أن يبادر مجلس الإدارة وفي انتظار تبلور القرار تستمر "السفير" بالصدور حاملة شعاراتها ومواصلة التزاماتها...".


وأعلنت كذلك صحيفة "النهار" الأقدم في لبنان، عن نيتها التحوّل إلى صحيفة إلكترونية فقط، في وقت تتأخر المؤسسة للشهر السابع على التوالي عن دفع مستحقات موظفيها. ويتردّد أن هناك توجّهًا لصرف للموظفين في المؤسسة، مع دفع مستحقاتهم وتعويضاتهم.
وبالنسبة لجريدة "اللواء" فإنها أبلغت موظفيها، بمذكرة مطبوعة عن فتح باب الاستقالات، جاء فيها "عطفًا على إجراءت التقشف الأخيرة، وافساحًا للمجال أمام الزملاء لإتخاذ الخيار المناسب لكل منهم.. تقرر فتح باب الاستقالة أمام من لا يستطيع الاستمرار في العمل في هذه الظروف القاسية".

"الصحافة المصرية":

ولك تكن مصر فى منأى عن أزمات الصحافة العالمية، فقد تراجعت نسب توزيع الجرائد المصرية بصورة ملحوظة وتأتي الأهرام في المقدمة، رغم التراجع المفزع في أرقام التوزيع حيث تطبع يوميا 180 ألف نسخة توزع منهم ما يقارب 140 ألفا، وترتفع كمية المطبوع من العدد الأسبوعي إلى 220 الف نسخة، تبلغ نسبة المرتجع ــ النسخ غير المباعة ــ منها 25%.

تطبع جريدة الأخبار يوميا 150 ألف نسخة، يباع منها 110500، في حين يبلغ عدد النسخ المرتجعة أربعين ألفا ونصف الالف.
وترفع مؤسسة الأخبار عدد المطبوع من عددها الأسبوعي " أخبار اليوم " إلى مائتي ألف نسخة يبلغ المبيع منها مائة وخمسين ألفا صباح كل سبت.
و بالانتقال الي الصحف المستقلة نجد جريدة الوطن، أحدث الصحف اليومية المستقلة على الساحة تكتفي بطباعة 65 ألف نسخة يباع منها 40 ألفا، وفي أيام الإجازات تخفض المطبوع إلى خمسين الفا، وينخفض المباع إلى 35 الفا.
وجريدة الشروق المتعثرة منذ فترة، باتت تكتفي بطباعة 25 الف نسخة يوميا يباع منها عشرة آلاف، تنخفض إلى تسعة أو اقل أيام الإجازات، والتي ينخفض المطبيوع فيها إلى عشرين ألفا فقط.

"الصحف البريطانية":

أعلنت المجموعة الإعلامية التي تمتلك صحيفة "إندبندنت" البريطانية وإصدارها الأسبوعي "إندبندنت أون صنداي" وقف الإصدار الورقي للصحيفة في أواخر مارس المقبل، لتستمر فقط في صيغتها الإلكترونية.
وبذلك تكون إندبندنت التي صدرت عام 1986 أول صحيفة بريطانية تتحول إلى الصيغة الرقمية فقط.
وسيصدر الإصدار الأسبوعي "إندبندنت أون صنداي" رقميا فقط في 20 مارس وبعدها بستة أيام ستصبح "إندبندنت" رقمية.

"الصحافة الإسبانية":

قال رئيس تحرير صحيفة الباييس الإسبانية صاحبة أكبر توزيع في البلاد إن الصحيفة تتجه لوقف نسختها المطبوعة والاكتفاء بالموقع الالكتروني وهو اتجاه عالمي بين الصحف القومية تحت ضغط من تنامي استخدام الإنترنت.
وشهدت الصحيفة اليومية التي اكتسبت شهرة واسعة بوصفها صحيفة إسبانيا الديمقراطية بعد موت الدكتاتور فرانشيسكو فرانكو تراجعا مستمرا في عدد قرائها منذ الأزمة الاقتصادية في البلاد عام 2008.

"الصحف الأمريكية":

أكد موقع "ميديم" الأمريكى أن توزيع الصحف الأمريكية تراجع بشكل كبير، وهي المؤشرات التى توحي بتلاشي الصحف الورقية خلال ثلاثين عامًا
وكشف تقرير أعدته شركة "ماكينزي" للأبحاث، أنه من المحتمل أن يتخلى العديد من الأشخاص عن الصحف المطبوعة والمجلات تماما خلال السنوات القليلة المقبلة.

"ريادة الصحافة المطبوعة":

ورأي أستاذ الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور محمود علم الدين، أن الصحافة ستظل موجودة لكن الشكل سيتغير وفقا لوسيلة التواصل، لافتا إلى أن الإنترنت اليوم أصبح الوعاء الرئيسي عبر أجهزة التابلت والمحمول، ما جعل الإقبال على الصحف الورقية يقل قليلا، خصوصا أنها أصبحت في متناول الجميع.
وأضاف أن جوهر الصحافة الورقية كوسيط، ستظل قائمة وسيتواصل الإقبال عليها لعدة أجيال مختلفة، منوها إلى أنه حتى هذه اللحظة مازالت هناك فئات تعتمد على الصحف الورقية في الحصول على الخبر والمعلومة، مؤكدا أن الأرقام مازالت تؤكد وجود الصحافة الورقية حية.

"الإلكترونية تتفوق على المطبوعة":

وأشار "علم الدين" إلى أن الدراسات أكدت أن هناك 2.5 مليار شخص حول العالم يقرأون الصحف المطبوعة، ٣ مليار يتصفحون الإنترنت و٥.٥ مليار يتعاملون مع الأجهزة الذكية في قراءة الصحف، فالصحافة المطبوعة مازالت قوية في آسيا والشرق الأوسط وبعض الدول التي عدد سكانها كبير، بينما تقل في غرب أوروبا وأمريكا.
وأضاف: الصورة ليست قاتمة كما يعتقد البعض ففي الهند، اليابان، والصين تتزايد أرقام توزيع الصحف الورقية بها، منوها إلى أن استخدام الأجيال الحالية للأجهزة الحديثة أصبح أسلوب حياةوذلك لاعتبارات عديدة، لكن مازال هناك من يتجه للصحف والورقية والتلفاز كمصدر للمعلومات.

"سرعة التواصل أعطت الأفضلية للصحافة المطبوعة":

ومن جهته بين أستاذ الإعلام بجامة القاهرة، الدكتور صفوت العالم، أن هناك العديد من المواقع الإلكترونية التي انتشرت بشكل كبير، وبالتالي أصبح من السهل قراءة الخبر من خلال أجهزة المحمول التي أصبحت في أيدي الجميع، لافتا إلى أن الصحف الإلكترونية جعلت القارئ يشارك في صناعة الخبر من خلال التعليقات والتغريدات التي تتم في لحظتها.
وأضاف أن الصحافة الإلكترونية، أدثت نوعًا من التفاعل بين القارئ والمواقع الإلكترونية، عن طريق المتابعة المستمرة للأخبار والأحداث، على عكس الصحافة المطبوعة التي تعاني العديد من المشكلات، أهمها تكلفة شرائها وارتباطها بأماكن التوزيع، مشيرا إلى أن القارئ للصحف الورقية عندما يريد أن يدلي برأيه في قضية ما ويراسل الجريدة الأمر يحتاج إلى وقت طويل وقت يكون الرأي ليس على هوي رئيس التحرير، بينما الإلكتروني يتم التفاعل وعرض الآراء فور عرض الموضوع أو الخبر، فالتفاعل الآني جعل هناك نوعا من السرعة والحداثة في تناول الأخبار.

"إنقراض الصحافة المطبوعة":

ومن جانبها نعت عميد كلية الإعلام الأسبق، الدكتورة ليلي عبد المجيد الصحافة الورقية، وقالت أنها مهددة لأسباب عدة، أهمها إتجاه الجيل الحالي للصحف الإلكترونية التي أصبحت بين يديه من خلال التابلت، لأنها أقل تكلفة مقارنة بالصحف المطبوعة، وأشارت إلى وجود مشكلات عدة تهدد مستقبل الصحافة الورقية، منها مشكلات المواد الخام، أسعارها مقابل خدمات النت.
وأكدت على أنها في أزمة لذلك تري د.عبد المجيد أنها تحتاج إلى مجهود كبير في التطوير يبدأ أولا بحل المشكلات المالية للمؤسسات الصحفية القومية وذلك من خلال إجراء الدراسات ووضع حلول جذرية لهذه الصناعة والبحث عن بدائل وتقديم محتوى جيد ومختلف.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق