الصين: واشنطن لم تظهر أي نية لتحسين سجلها الخاص بحقوق الإنسان
الثلاثاء، 19 أبريل 2016 02:34 م
انتقدت الصين بشدة التقرير السنوي الأمريكي حول ممارسات حقوق الإنسان في العالم لسنة 2015، الذي قامت وزارة الخارجية الأمريكية بنشره يوم الأربعاء الماضي، ووصفت بعض ما ورد به من تعليقات حول أوضاع حقوق الإنسان في العديد من البلدان بـ"الخرقاء".
وفى تقرير صيني خاص حول أحوال حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في العام الماضي -قامت بنشره وكالة الأنباء الصينية الرسمية (شينخوا) اليوم الثلاثاء- قالت الصين إن الولايات المتحدة تجاهلت في تقريرها المذكور "كالعادة" التطرق إلى المشاكل الخطيرة الخاصة بها في مجال حقوق الإنسان، كما أنها لم تظهر ولو قليلا من النية والعزم على تحسين سجلها الخاص في هذا المجال.
وأضافت أنه في واقع الأمر، فإن الولايات المتحدة لم تشهد أي تحسن يذكر في معالجة المشكلات المتعلقة بسجلها في مجال حقوق الإنسان في عام 2015، بل على العكس، إذ طفت العديد من المشاكل الجديدة على السطح.
وأشارت إلى أنه نظرا لأن الحكومة الأمريكية ترفض النظر إلى نفسها في المرآة، فإنه كان لا بد من أن يتم ذلك من خلال مساعدة الآخرين.
واستعرضت، في تقريرها الصادر عن المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني (مجلس الوزراء)، العديد من الحقائق حول وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2015، والتي قالت إنها تعتمد على سجلات ووثائق لا تقبل الجدل والتشكيك في مصداقيتها، حيث انقسم التقرير إلى ستة أجزاء تتناول الانتهاك التعسفي لحقوق المواطنين، وعدم توفير الحماية اللازمة للحقوق السياسية لمواطني الولايات المتحدة، والتحديات التى تواجه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأمريكيين، وتفاقم ظاهرة التمييز العنصري، والحالة المقلقة التي وصل إليها ملف حقوق المرأة والطفل في الولايات المتحدة، والانتهاكات الشديدة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الولايات المتحدة في الدول الأخرى.
وتحدث التقرير الصيني عما شهدته الولايات المتحدة في العام الماضي من مشاكل بسبب انتشار ملكية المواطنين للأسلحة النارية، والاستخدام المفرط للقوة من جانب الشرطة، والفساد الخطير في السجون، وتكرار حوادث المراقبة السرية لجمع المعلومات الشخصية للمواطنين، الأمر الذي عرّض حقوق المواطنين للانتهاك التعسفي.
وذكر التقرير أن فشل الولايات المتحدة في التعامل مع موضوع انتشار الأسلحة النارية في أيدي العامة تسبب في تهديد الحق في الحياة للمواطنين، وفي تكرار وقوع حوادث إطلاق النار في البلاد، مشيرا إلى أنه خلال عام 2015، تم تسجيل وقوع أكثر من 51 ألف حادث عنف مسلح أسفر عن مقتل ما يزيد عن 13 ألف شخص وإصابة نحو 27 ألفا آخرين بجروح.
وأشار إلى أنه في الولايات المتحدة يعتبر ضمان السلامة الشخصية للمواطنين أمراً غير ممكن في ظل الاستخدام المفرط للعنف من قبل الشرطة، لافتا إلى أنه فى العام الماضي قتلت الشرطة الأمريكية إجمالي 965 شخصا، إلا أنه لم يتم فرض عقوبات مستحقة في قضايا إساءة استخدام الشرطة للسلطةً، وحدثت احتجاجات تطالب بالعدالة في وفاة أحد المواطنين في مدينة بالتيمور وخرج المتظاهرون في مدينة شيكاغو إلى الشارع للمطالبة بالعدالة في وفاة مواطن آخر، كما حاصر المحتجون في مدينة مينيابوليس مركزا للشرطة بعد مقتل مواطن ثالث برصاص الشرطة.
وتحدث التقرير عن ملف المال السياسي والعائلات السياسية، قائلا إن هذا الموضوع أصبح ظاهرة سائدة في الولايات المتحدة، ولهذا فلا يمكن ضمان الحقوق السياسية للمواطنين بشكل فعال.
وأوضح أنه حاليا يمكن للشركات والأفراد التبرع بالأموال بشكل غير محدود للجنة العمل السياسية المعروفة باسم "سوبر باك" للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبهذه الطريقة، يمكن للشركات استخدام المال للتأثير على السياسة وجني عائدات ضخمة.
وألمح إلى أنه في ضوء ذلك انتشرت تعليقات عدة تقول بأن النظام السياسي في الولايات المتحدة أصبح أداة لتوفير عائدات للمتبرعين السياسيين الرئيسيين، كما أصبح لقب الأسرة ونسبُها عاملا أساسيا في السياسة الأمريكية، حيث استخدمت قلة من الأسر المذكورة وجماعات المصالح الخفية الأموال والنفوذ للتأثير على الانتخابات.
وتحدث التقرير عن كيف خُطفت الإرادة الشعبية الأمريكية بسبب الحزبية السياسية في الولايات المتحدة، لأن المصالح المعنية في الانتخابات جعلت من الحزبين الديمقراطي والجمهوري غير قادرين على التنسيق لوضع سياسات تتماشى مع الإرادة الشعبية.
وتابع التقرير ملقيا الضوء على المشاكل العالقة في المجتمع الأمريكي والتحديات إلى تواجه الولايات المتحدة للوفاء بواجباتها والتزاماتها بحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في عام 2014، حيث تم تسجيل وجود 46.7 مليون شخص في وضع الفقر في العام نفسه، فيما يفتقر ما لا يقل عن 48.1 مليون شخص إلى الغذاء الكافي، فضلاً عن وجود أكثر من 560 ألف شخص بلا مأوى في أنحاء البلاد في العام 2015.
ووفقا لما كشفه التقرير فإن 79% من الأمريكيين يعتقدون أن المزيد من الناس سيتهاوون من صفوف الطبقة الوسطى بدلاً من دخول صفوفها، ولا يزال هناك 33 مليون شخص دون تأمين الرعاية الصحية في الولايات المتحدة حتى اليوم، وفي الوقت نفسه، لا يمكن لـ 44 مليون عامل في القطاع الخاص، أي نحو 40% من الإجمالي أن يتمتعوا بالحق في الحصول على إجازات مرضية مدفوعة الأجر.
وذكر التقرير أن العلاقات العنصرية سجلت أسوأ حالاتها منذ أكثر من عقدين من الزمن في ظل الصراع العنصري الشديد في الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، حيث يصف 61% من الأمريكيين العلاقات العنصرية بأنها سيئة في الولايات المتحدة.
وتحدث التقرير عن تأثر إنفاذ القانون والعدالة بالتمييز العنصري بشكل شديد حيث يعتقد 88% من الأمريكيين الأفارقة أنهم يتعرضون لمعاملة غير عادةل من قبل الشرطة، كما يرى 68% منهم وجود التمييز العنصري في نظام العدالة الجنائية.
وأشار أيضا إلى أن البيض في الولايات المتحدة يمتلكون ثروة تساوي 12 ضعف ما يمتلكه السود، وما يقرب من 10 مرات ما يمتلكه ذوي الأصول اللاتينية، كاشفا عن اعتقاد بعض المعلقين أن الحلم الأمريكي لا يزال بعيدا عن متناول العديد من الأسر الأفريقية واللاتينية في الولايات المتحدة.
كما تحدث التقرير الصيني عن تدهور أوضاع النساء في الولايات المتحدة، ومعيشة الأطفال في بيئة مثيرة للقلق.. لافتا إلى أن النساء في الولايات المتحدة يحصلن على 79 سنتا مقابل كل دولار للرجال، كما ارتفعت نسبة النساء الفقيرات من 12.1% إلى 14.5% خلال العقد الماضي.
واستشهد التقرير بما قالته منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة إن الولايات المتحدة تعتبر الدولة الصناعية الوحيدة التي لا يوجد فيها قانون يضمن حقوق التمتع بالإجازات المدفوعة الأجر للنساء.
ووفقا للتقرير فإنه في الولايات المتحدة تعرضت 23% من الطالبات الجامعيات للتحرش الجنسي، ووقع حادثان لإطلاق النار على الأقل في المدارس شهريا في عام 2015، وأيضا شهد نفس العام مقتل طفلين تقريبا كل أسبوع في حوادث إطلاق النار غير المقصودة.. ومقتل أكثر من ربع المراهقين ممن هم فوق 15 عاما جراء تعرضهم للإصابة في حوادث إطلاق النار بالولايات المتحدة.
وبحسب التقرير يعيش حوالي 17.4 مليون طفل تحت سن الـ18 عاما دون أب تحت خط الفقر، ويعيش نحو خمس الأطفال الأمريكيين في أسر غير قادرة على تأمين إمدادات غذائية كافية.
واتهم التقرير الولايات المتحدة بأنها لا تزال تنتهك بوقاحة ووحشية حقوق الإنسان في بلدان أخرى، وتنظر إلى مواطني البلدان الأخرى ك"قذارة". وذكر أن الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة في العراق وسوريا أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين، كما أغارت الولايات المتحدة بشكل عشوائي بطائرات دون طيار على باكستان واليمن، ما تسبب في مقتل مئات المدنيين.
وضرب التقرير الصينى مثلا على استهانة الولايات المتحدة بحقوق الانسان فى الدول الأخرى بما حدث في يوم 3 أكتوبر عام 2015، حين قصفت القوات الأمريكية مستشفى تديره منظمة "أطباء بلا حدود" في مدينة قندوز في أفغانستان، حيث لقي 42 شخصا مصرعهم.
وأشار التقرير كذلك إلى أن الولايات المتحدة ما زالت تتجاهل أى إدانات دولية بشأن انتهاكها لحقوق الإنسان ولم تغلق معتقل غوانتانامو، الذي ما زال قيد الخدمة منذ 14 عاما، ويحتجز داخله نحو 100 شخص بشكل تعسفي ودون محاكمة منذ سنوات.