«عصافير» الأمن فى الأحزاب السياسية

الإثنين، 26 أكتوبر 2015 06:44 م
«عصافير» الأمن فى الأحزاب السياسية
مصطفى الجمل

لم تدع الأجهزة الامنية على مدار الأربعة عقود المنصرمة فرصة أو مساحة لزرع عملائها داخل الأحزاب والحركات السياسية، الا واستغلتها حتى أصبح لها داخل كل كيان من تلك الكيانات السياسية أكثر من ثلاثة عملاء ينقلون لها كل ما يدور من تحركات ومناقشات داخل تلك الأحزاب حتى حركة عقارب ساعة الحائط، ولم يكن الأمر يحتاج لثورة أو اقتحام جهاز أمن الدولة المنحل للبرهنة على ذلك الأمر، فكان الغباء السياسى المسيطر على هؤلاء العملاء كاشف فاضح لهم.

«صوت الأمة» تعرض خلال السطور القادمة قائمة عملاء أجهزة الأمن داخل بعض الأحزاب المصرية المدشنة قبل وبعد ثورة يناير، والذين اصطلح على تسميتهم بـ «العصافير».

استخدمت قائمة «العصافير» قبل ثورة 25 يناير فى تدمير بعض الأحزاب من الداخل، ولا سيما التى قررت الوقوف أمام طريق التوريث والدفع بمرشحين لها أمام جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع، كحزب الغد الذى كان يتزعمه أيمن نور، والذى أمر صفوت الشريف بتصفيته سياسياً عن طريق تعليمات للعميد هشام حماد مدير إدارة شئون الأحزاب بجهاز مباحث أمن الدولة المنحل لانتزاع رئاسة حزب الغد من الدكتور أيمن نور، وحصول القيادى على رئاسة الحزب، عبر الوقيعة بين أعضاء الهيئة العليا بالحزب وبين رئيسه ورئيس الحزب ونائبه، وذلك ما تم بالفعل خلال 90 يوماً من اصدار تعليمات صفوت الشريف، حيث أعلن قيادى بالحزب فى يوليو 2005 عن انشقاقه هو ومجموعة من اعضاء الهيئة العليا عن حزب الغد، وأصدرو جريدة جديدة ليصبح للحزب رئيسان وجريدتان.

وثق هذه العملية بعض المستندات التى تم تسريبها من جهاز مباحث أمن الدولة، والتى توضح احداها طبيعة التسلسل الزمنى لصدور التعليمات وخطوات تنفيذ المهمة، وكيف تم تسريب أخبار عن قيام كل عضو بالهيئة العليا وخاصة قيادات الحزب بالتعاون مع الجهاز والحزب الوطنى لخلق حالة من الشك بينهم، وتكثيف توجيه مثل هذه المعلومات إلى جميلة إسماعيل نظرا لكرهها الشديد للقيادى المنشق وخوفها منه، وحديثها المستمر عن شكها فى خيانته لزوجها والحزب لكون شقيقه عضوا بلجنة السياسات بالحزب الوطني، وهو ما يقود إلى صدام بينها وبينه.


ونفس الشيء يتم تنفيذه تجاه قيادى أخر ليصبح جبهة مضادة للمدعو أيمن نور وزوجته، يتم توجيه القيادات المتعاونة لتحفيز القيادى ضد أيمن نور وزوجته وإقناعهم بالثأر لكرامتهم والانفصال بالحزب، وكذلك تسريب أخبار لأيمن نور عن رغبة غريمه الاستقلال بالحزب والجريدة وحديثه المتكرر لأعضاء الهيئة العليا وأعضاء الحزب عن قيامه بالإنفاق على الحزب والجريدة وانه بدونه لن يكون هناك حزب.

كما رصدت الوثائق ما دار من مشاجرة بين كل من أيمن نور وغريمه بحضور القيادى وجميلة إسماعيل بمقر حزب الغد بطلعت حرب، وقيام أيمن نور بسب غريمه واتهامه بأنه لا يفقه شيء فى السياسة، بالاضافة الى ما دار بعد الانتخابات الرئاسية بثلاثة عشر يوما من بحث القيادى وجبهته أمر دعوة الهيئة العليا للحزب للاجتماع لتحجيم سيطرة أيمن نور وزوجته ورجالهم على الحزب، وإعادة الحزب إلى وضعه الطبيعى الذى يتناسب مع مبادئه الليبرالية، وقاموا بمناقشة لائحة الحزب والإجراءات القانونية والخطوات التى يجب اتباعها لتنفيذ الهدف بمحاصرة المدعو أيمن نور وزوجته ورجالهم فى الهيئة العليا، واقتراح القيادى التحدث هاتفيا أولا مع أعضاء الهيئة العليا كل فرد على حده وإقناعهم بمساعيهم، وبمجرد علم أيمن نور بالمخطط قرر فصل م.م وأعوانه الا ان الخبر تسرب الى القيادى فقام بدعوة أنصاره من أعضاء الهيئة العليا للاجتماع يوم 19/9/2005 لإعلان رئاسته للحزب وفصل المدعو أيمن نور وزوجته ورجاله، ونقل مقر الحزب إلى مقر مكتبه بشارع صبرى أبوعلم، لتنتهى المهمة عند هذه النقطة.

ومن حزب الغد لحزب الوفد لم يختلف الأمر كثيراً، فبعد الانتخابات الرئاسية 2005 قرر صفوت الشريف تصفية الدكتور نعمان جمعة سياسياً عن طريق استخدام قيادى بالحزب، عدوه الأول، عبر اطلاق اشاعات داخل الحزب عن تدمير "جمعة" للحزب ، والفضيحة السياسية التى وقع فيها بسبب ترشحه للانتخابات الرئاسية، وانفاقه ملايين الجنيهات من ميزانية الحزب لتحقيق فضيحة للحزب خاصة بعد حصول المدعو أيمن نور عضو حزب الوفد السابق الذى فصله المدعو نعمان جمعة.

على المرتبة الثانية بالرغم من أن حزبه تم تأسيسه حديثا، وهو ما يعتبر فضيحة يجب محاسبة نعمان جمعة عليها، وبالفعل تم توجيهالقيادى الوفدى بالتنسيق مع جهاز أمن الدولة لحشد أنصاره ومؤيديه فى الحزب لطرد نعمان جمعة من الحزب بعد فصله، خاصة بعد أن فقد نعمان جمعة جميع أنصاره فى الحزب، ليتم اختياره لرئاسة الحزب بدعم قوى من جميع أعضاء الهيئة العليا وأعضاء الحزب بسبب فقد نعمان جمعة لعدد كبير من أنصاره، وقيادة معركة مسموح خلالها بكل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة لتولى القيادى رئاسة الحزب مؤقتا لحين اجراء انتخابات داخلية على مقعد رئيس الحزب.

أما بالنسبة للتحالفات المدشنة بعد الثورة فاشتهر داخل تيار الاستقلال خلال الشهور الماضية عمالة أحد القيادين لأجهزة الامن وبعض التحالفات الانتخابية المنافسة، حيث وجه اليه بعض أعضاء المجلس الرئاسى للتيار وتحالف الجبهة الوطنية المشارك به تهمة تسريب معلومات عن استعداداتهم للانتخابات، وبالأخص ما تم تسريبه عن قائمة شرق الدلتا التى تم سرقتها قبل وصول الممثل القانونى بأوراقها الى اللجنة العليا للانتخابات، مما فوت فرصة خوض التحالف الانتخابات على هذا القطاع.

وكذلك الأمر فى حزب الحركة الوطنية حيث وجه بعض القيادات تهم مباشرة الى بعض القيادات بالعمالة للأجهزة الأمنية، بعدما لوحظ رغبتهما فى الاطلاع على كل كبيرة وصغيرة داخل الحزب، بحجة أنهم يريدون أن يتعلموا من كبار القيادات الموجودة داخل الحزب، الأمر الذى نشأ عنه مشادة بين كل من الدكتور صفوت النحاس والمحامى يحى قدرى انتهت بانسحاب الاثنين من الحزب، بعد أن كان "قدرى" داعماً للعضوين ويحرص على بقائهما بجوار "النحاس" فى كل اجتماعاته مع المرشحين المحتملين للحزب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق