الحدود الملتهبة.. تعددت الأسباب والمأساة واحدة

منذ أن إخترع ابن آدم الحدود الفاصلة بين ممتلكاته و ممتلكات جيرانه، لطالما نشبت الصراعات و النزاعات على تلك الخطوط الوهمية. فكم من رصاصة أطلقت لتواجه مهاجرًا غير شرعيًا، أو طحبت محاولة تهريب، أو تفرض سيطرة غير مشروعة على أرض لا تملكها.

فتفننت الحكومات والدول في تشكيل التحصينات والتأمينات فنمهم من شيد الجدران، و منهم من رص القوات على الحدود، لحماية حدودها مع إحدى جيرانها.

أمريكا والمكسيك والمهاجرين

تتشارك الولايات المتحدة الأمريكية مع دولة المكسيك في أكبر نقطة حدود في العالم، حيث يعبرها سنوياً 250 مليون شخص من وإلى الدولتين، و يحاول الكثيرون العبور بالطرق الغير قانونية، إما هربًا من الفقر و العصابات التي تتاجر في المخدرات، أو الحلم بالعيش في العالم الحديث الثري.

و تبذل الولايات المتحدة الأمريكية الممكن و الغير ممكن لتحصين و تأمين هذه الحدود لمنع تجارة المخدرات والهجرة الغير شرعية، ومنع سيطرة وهيمنة قوات العصابات المكسيكية.

فقامت أمريكا ببناء جدار عازل بينها وبين المكسيك يتكون من عدة طبقات لمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين إليها، ويبلغ عدد حرس الحدود الامريكيه مع المكسيك 17000 عنصر.

ولاتقتصر حماية هذه الحدود على الحرس الوطني الامريكي الرسمي فقط، بل يوجد يتطوعين مواطنون امريكان للمشاركة في حماية حدود بلادهم، لاعتقادهم أن الهجرة الغير شرعية تضر بالاقتصاد الامريكي، وتقلل من فرص عمل المواطنين الامريكان.

صراع ورثة الإتحاد السوفيتي

بعد أن تفكك الإتحاد السوفيتي، سادت حالة عامة من عدم الإستقرار على المناطق الحدودية في منطقة نفوذ الإتحاد المتهاوي، كانت أشهرها المشكلة الحدودية بين روسيا وأوكرانيا.

فبعهد ضم روسيا لجزيرة القرم مستخدمة القوة العسكرية، شهدت منطقة البلطيق عمومًا وضعًا حساسًا للغاية، فإتهمت الحكومة الأوكرانية روسيا بدعم المتمردين على حدودها، لكن موسكو نفت الأمر وإدعت أن الغرب يحاول تقويض أمنها القومي بدعم الحكومة الأوكرانية بالتدريب والعتاد.

و هو ما إضطر الحكومة الأوكرانية للإعلان عن بناء جدارًا عازلًا، ليحميها من جارتها روسيا التي تتشارك معها بحدود يبلغ طولها 1974 كيلومتراً، بتكلفة 250 مليون دولار، لتشديد التدابير الأمنية على الحدود بين البلدين.

ويشهد بحر البلطيق الممتد على الحدود الأكرانية السويدية الرومانية تواجدًا عسكريًّا مخيفًا من قبل روسيا وحلف الناتو، اللذين يصران على القيام بمناورات حربية ضخمة في المناطق الحدودية الأطلسية، بهدف تنافس عرض القوة.

بينما خصصت بولندا قرضًا بمقدار 100 مليون دولار لقسم التطوير و التنمية الأوكراني، لتعزيز و تطوير الحدود الأوكرانية الروسية.

سبتة و مليلة الإسبانيتين

و في خضم الصراع التاريخي بين إسبانيا و المغرب في منطقة سبتة ومليلة، قامت السلطات الإسبانية ببناء جدار بتكلفة 33 مليون على مساحة 12 كيلومترًا،على الحدود مع المغرب وغرضه المعلن هو وقف الهجرة غير الشرعية وتهريب السلع.

و يتكون السياج من أسلاك مشبكة بفتحات صغيرة بطول 3 أمتار متوازية بأسلاك شائكة على القمة، وتم تجهيز الجدار بوظيفة مراقبة وطريق بديلة بين السورين لمرور مركبات للمراقبة.

كما تم ملؤه بكابلات توصيل شبكة من أجهزة الاستشعار الالكترونية ومكبرات الصوت، و تجهيز السياج بالاضواء ذات كثافة عالية وكاميرات فيديو للمراقبة ومعدات للرؤية الليلية.

نزع السلاح بين الشقيقتين

بعد إعلان وقف إطلاق النار و ليس إنهاء حالة الحرب بين الكوريتين، تم إنشاء المنطقة منزوعة السلاح في 1953 بالمشاركة بين كل من الحكومتين والأمم المتحدة.

طول المنطقة 250 كم وعرضها 4 كم، وتدارالمنطقة من قبل قوات عسكرية مشتركة من كوريا الشمالية والجنوبية والأمم المتحدة، لتكون أكثر المناطق حشدا للعسكريين في العالم.

يمنع تواجد المدنيين فيها إلا بإذن خاص ومسبق، و قد سمح مؤخرا للسياح بزيارة المنطقة المنزوعة السلاح من الجانب الجنوبي واحتجت كوريا الشمالية بشدة على هذا الإجراء، قبل أن تسمح هي الأخرى بزيارات مماثلة للمنطقة.