بالأسماء.. 4 راقصات في مهمة رسمية
الأحد، 20 ديسمبر 2015 06:20 م
لكل قاعدة شواذ ، تلك المقولة هي بداية مثالية لتلك الحكاية التي باتت اسرارها لغز محير للجميع فكان التزاوج بين الفن والسلطةدائماً وابدأ ليس حديثاً، فالسلطة تحتاج دائماً الى من يسهل لها الوصول الى أفكار الناس، ليكون قناة تمر من خلالها سياساتها ومشروعاتها، كما أن الفنان يحتاج الى من يسانده، ويوفر له الأرضية الصلبة التي يستطيع عن طريقها تدعيم نفسه والانطلاق الى عالم الأضواء والشهرة ن من هنا كانت البداية لنشاط بعض الراقصات اللاتي تمردن علي مجالهن الفني ودخلوا إلي دهاليز السلطة والسياسة ، في هذا التقرير نستعرض أهمهن خلال الفترة الماضية
فالبداية كانت حينما اتت بديعة مصابني أول ممثلة وراقصة عربية رحلت من لبنان الى مصر في مطلع القرن العشرين لتضع الكازينو الخاص بها وجميع العاملين به تحت تصرف القوات البريطانية طوال مدة الحرب العالمية الثانية، وقد لقبت «ملكة الليل» لأنها كانت صاحبة أكبر ملهى في ميدان الأوبرا.
واستطاعت بديعة خلال وجودها المؤثر في عالم الصالات الفنية والملاهي الليلية، أن تقيم علاقات قوية مع العديد من المسؤولين ورجال السياسة خلال فترة الأربعينات، وقد سهلت هذه العلاقات هروبها من مصر بطائرة خاصة انتظرتها في صحراء مصر الجديدة خلف حديقة الميرلاند. ومن الطريف أيضاً، أن كازينو «بديعة» قدم ثلاث راقصات أصبحت لهن ارتباطات سياسية بشكل أو بآخر. أولاهن حكمت فهمي التي قامت قبل نشوب الحرب العالمية برحلة لايطاليا وألمانيا وهنغاريا، ورقصت أمام هتلر وموسوليني، وتعرفت على شاب ألماني أمّه مصرية، اسمه حسين جعفر، وكان جاسوساً لألمانيا، فتعرف بدوره على أنور السادات والفريق عزيز المصري وعرفت عوامة حكمت فهمي اجتماعات هؤلاء، الذين كانوا يرغبون في الاتصال بالألمان من أجل طرد الانكليز من مصر، الا أنهم وقعوا في يد المخابرات البريطانية فصدر حكم ضد الراقصة حكمت فهمي بالسجن لمدة 30 شهراً، وطرد السادات من الخدمة العسكرية.
و الثانية هي سامية جمال، التي وضعها النخاس الايطالي أنطوان بوللي في طريق الملك فاروق، فبدأت ترقص له، وقد ذكر مصطفى أمين في كتابه «ليالي فاروق» بعنوان «ملكة لليلة واحدة»، أن سامية جمال أمضت ليلة في غرفة الملك واستيقظت فلم تجده فقد اختفى من دون أن يودعها بعد أن أمضى الساعات وهو راكع تحت قدميها يبثها غرامه، وبحثت عنه في كل مكان قد تجده فيه ولكنه كان يتجاهلها، وبسبب حبها لفاروق أنهت علاقتها بفريد الأطرش.
أما الراقصة الثالثة فهي تحية كاريوكا التي عملت مع بديعة مصابني وكان عمرها 12عاماً وكانت أقرب الراقصات الى قلبها وعقلها، وهي أول راقصة شرقية تسجن ثلاثة أشهر عام 1953 بسبب نقدها العلني لتقاعس الضباط الأحرار عن اعادة الحياة الدستورية الى مصر. فهي لم تكن مجرد راقصة ولكن شخصية معتزة بنفسها متفرّدة بتصرفاتها، ولها باع طويل في المعترك السياسي. فوالدها قضى بعض الوقت في المعتقلات، وعمّها قتل على يد الانكليز. وفي الأربعينات والخمسينات كانت شديدة القرب من الحزب الشيوعي وان كانت قد نفت انضمامها الى أي حزب.
ودخلت كاريوكا السجن في مطلع الثورة بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم العام 1954 حينما كانت متزوجة من الضابط مصطفى صدقي، فقد كان موضوعاً تحت المراقبة، وعندما هاجمت الشرطة الحربية منزلها، عثروا على منشورات معادية للثورة، فألقي القبض على الزوجين، وخرجت كاريوكا من السجن بعد ثلاثة أشهر.
وكان لكاريوكا نشاط مع الفدائيين المصريين العام 1951 وعرفت السادات، الذي ظل مختبئاً بمعرفة الفدائيين لفترة طويلة، وكانت هي واحدة ضمن من ساعده على الهرب، وفي أحد لقاءاتهما معا عام 1978 قال لها السادات وهو رئيس جمهورية» اني كنت أعمل مع شقيقك» وهنا وقفت وقالت «لا يا ريّس... أنت كنت هربان»، فضحك السادات.
و كانت علي النقيض من الوطنية المفرطة كانت كاميليا فنانة وراقصة استعراضية تنبّأ لها الجميع بمستقبل زاهر مع النجومية، وفي الوقت نفسه اتهمت بالتجسس لصالح اسرائيل. وتقول الحكاية ان الملك فاروق أعجب بها أثناء مرافقتها لأحمد سالم في احدى الحفلات الخيرية وأصبحت محظية له وذلك العام 1946 ما جعل الوكالة اليهودية تنتبه الى كاميليا وعلاقتها بفاروق، فحاولت تجنيدها. وقد وصفها الكاتب حنفي المحلاوي في كتابه «فنانات في الشارع السياسي» بأنها عميلة من الدرجة الممتازة للمخابرات الاسرائيلية ولم يكن ارتباطها بالموساد عاطفيا ولكن لكونها يهودية، ولقد لعبت دوراً خطيراً منذ عام 1948 حتى 1950 ولو امتد بها العمر لهاجرت الى اسرائيل.
فكانت كاميليا تعشق المال، واستطاعت خلال خمس سنوات أن تجمع ثروة هائلة خلفتها وراءها. وكانت في آخر أيامها تعاني مرض السل بسبب افراطها في تناول الخمور والتدخين. ماتت وعمرها 31 عاماً وكان ذلك العام 1950 محترقة داخل طائرة،
استغلت كاميليا علاقتها بالملك، وكانت تمد اسرائيل بالأسرار التي كان يبوح بها فاروق، وحينما اتهمتها الصحافة بالتجسس لصالح اسرائيل، أعلنت أنها لم تسافر لاسرائيل أو القدس، وقامت بجمع تبرعات للجيش المصري المحارب في فلسطين، ولم يكن اتهامها آنذاك مبنياً على دليل مادي وانما على أساس تصورات عامة، منها كونها يهودية، وبراعتها في الاتصال بكبار الشخصيات، والتصاقها بالملك، وكذلك ثراؤها الفاحش.