البريطانيون يترقبون الاستفتاء على عضوية بلادهم داخل الاتحاد الأوروبي

الأحد، 19 يونيو 2016 02:58 م
البريطانيون يترقبون الاستفتاء على عضوية بلادهم داخل الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

يشكل يوم الخميس المقبل علامة فارقة في تاريخ بريطانيا والقارة الأوروبية على حد سواء، حيث يستعد البريطانيون لإجراء استفتاء على عضوية بلادهم داخل الاتحاد الأوروبي، وسط تصاعد وتيرة الدعوات المؤيدة لهذا القرار باعتباره خطوة محورية في الطريق صوب استعادة بلادهم استقلالية قراراتها، بعيدا عن سلطة الاتحاد الأوروبي، بالرغم من التحذيرات التي أطلقتها المنظمات والهيئات الدولية بشأن التداعيات السلبية لخروج دولة بثقل بريطانيا اقتصاديا وسياسيا من التكتل الأوروبي.

وتعود جذور هذه الدعوات إلى عام 1975 حينما صوت البريطانيون في استفتاء عام لصالح البقاء، فيما كان يعرف حينذاك بالجماعة الأوروبية.

ورغم أن نتيجة التصويت جاءت إيجابية إلا أن دعوات الانفصال ظلت تتردد منذ ذلك الحين، حتى أصدر البرلمان البريطاني العام الماضي مشروع قانون الاستفتاء في أعقاب دعوات متكررة من أعضاء الحزب الحاكم، والتي تستند على فكرة أن الخروج عن عباءة الاتحاد الأوروبي ستمكن بريطانيا من استعادة بعض السلطات التي منحتها للاتحاد الأوروبي، مثل تحديد ساعات العمل.

وتعد أزمة المهاجرين أحد الأسباب التي قد تسرع بوتيرة انفصال بريطانيا، إذ يسعى ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني إلى تعديل القواعد المرتبطة بالهجرة، من بينها انتظار المهاجرين أربع سنوات قبل حصولهم على الرعاية الاجتماعية في لندن، وهو ما يقابل برفض من قبل دول الاتحاد.

كما يمثل الشق الاقتصادي أحد أبرز الملفات الشائكة بين بريطانيا والاتحاد، حيث تضطر بريطانيا - بوصفها عضوة داخل الاتحاد- إلى المساهمة بنحو 15 مليار إسترليني سنويا في الموازنة الأوروبية، وهو ما بات يشكل عبئا على الموازنة العامة للدولة، كما تطالب حكومة كاميرون بإقرار صريح من قبل الاتحاد بأن "اليورو" ليست العملة الوحيدة المستخدمة داخل التكتل الأوروبي لضمان حماية المصالح الاقتصادية للدول التي لا تستخدمها، بالإضافة إلى توفير ضمانات بعدم مطالبة بريطانيا مجددا بالمساهمة في حزم إنقاذ أوروبية.

وفي الوقت الذي تكتسب فيه الحملات الداعمة لمغادرة بريطانيا للاتحاد مزيدا من الحشد والتأييد، تتوالى التحذيرات من قبل مؤسسات دولية بشأن تداعيات القرار على صعيد الاقتصاد البريطاني والتجارة العالمية، بالإضافة إلى مستقبل الوحدة الأوروبية.

فحذر صندوق النقد الدولي -في تقرير له أمس- من انخفاض الدخل القومي بنسبة 5.6% بنهاية العقد إذا صوت البريطانيون على المغادرة، وأوضح أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي الى انخفاض التجارة، والعمل، والإنتاج والاستثمار، وارتفاع أسعار السلع المستوردة في المحلات التجارية، كما حذر من اضطراب السوق مباشرة بعد التصويت، وهو ما قد يؤدي إلى تقليل السيولة في البنوك، وبالتالي حدوث أزمة ائتمان على الأسر والشركات.

كما توقع بنك إنجلترا انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني، إذا صوت البريطانيون على مغادرة الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن حالة عدم اليقين نتيجة الاستفتاء تضرب بالفعل سوق الإسكان، مع تأجيل البريطانيين لقراراتهم الخاصة بالإنفاق في انتظار نتيجة الاستفتاء.

وبينما يرى وزير العدل البريطاني مايكل جوف أن بلاده ستكون أفضل حالا اقتصاديا خارج التكتل الأوروبي، حذراتحاد نقابات عمال بريطانيا من إهدار حقوق العمال إذا صوت البريطانيون على الخروج، وأوضح أن الانسحاب الكامل من السوق الواحدة يمكن أن يمهد الطريق للحكومة لإجراء تغييرات شاملة على قانون العمل، بما في ذلك خفض الأجور خلال العمل في العطلات.

ولم تتوقف التحذيرات عند حد الأضرار الاقتصادية، بل امتدت إلى قضية وحدة بريطانيا العظمي، فيرى البعض أن الانفصال قد يعيد على الساحة قضية استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، كما قد يحفز دولة أوروبية أخرى لأن تحذو حذو بريطانيا.

على صعيد آخر، سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على موقف الرأي العام الأوروبي من هذا الاستفتاء، مشيرة إلى إنه بعد أشهر من تجاهل الأوروبيين النقاش بشأن مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، بدأ القلق يقض مضاجع الساسة في القارة العجوز مع قرب موعد إجراء الاستفتاء، ليشكل تهديدا حقيقيا لا زوبعة فنجان.

على النقيض، لم تتوان الولايات المتحدة -الحليف الأكبر لبريطانيا- عن تأكيد موقفها الداعم لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي منذ الإعلان عن الاستفتاء، حيث قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن العالم يحتاج الى "أوروبا قوية وموحدة"، محذرا من أن اتفاق التجارة بين بلاده وبريطانيا قد يستغرق عقدا كاملا على التفاوض في حالة خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

من جانبها، آثرت الدول الآسيوية -على رأسها الصين- الحياد في موقفها من الاستفتاء، ليكتفي وزير الخارجية الصيني وانج يي بقول إن قرار بريطانيا بالبقاء داخل الإتحاد الأوروبي أو التخلي عن عضويتها يعود للبريطانيين وحدهم، لكننا نظل نأمل في رؤية أوروبا قوية قادرة على المساهمة في إثراء الاقتصاد العالمي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق