كاتب بريطاني: عوام الناس حول العالم فاض بهم الكيل من الفساد

الثلاثاء، 09 أغسطس 2016 06:37 ص
كاتب بريطاني: عوام الناس حول العالم فاض بهم الكيل من الفساد


رأى الكاتب البريطاني جدعون راخمان أن "الديمقراطية تشهد تراجعا حول العالم في الوقت الراهن."

وقال في الـفاينانشيال تايمز إنه "أحيانا ما يستطيع حدث أو اثنان تغيير المناخ السياسي حول العالم؛ إن إطلاق سراح نيلسون مانديلا من السجن في فبراير 1990 جاء بعد ثلاثة أشهر فقط من سقوط حائط برلين- هذان الحدثان استطاعا إلهام القوى الديمقراطية والليبرالية حول العالم."
وأضاف راخمان أن "المناخ الدولي السائد حاليا للأسف هو أقل تفاؤلا واقترابا من الديمقراطية، وقد ساهم في رسمه ما حدث من تحول الربيع العربي إلى دوامة من الدماء والفوضى.. وقد بات المستبدون حول العالم، ولا سيما في روسيا والصين، يشيرون إلى الشرق الأوسط كمثال على مخاطر ممارسة الديمقراطية قبل النضج اللازم."

وقارن الكاتب بين السياسيين الذين جسدوا الروح التي سادت في مطلع التسعينيات من القرن المنصرم سواء أكانوا ديمقراطيين أمثال مانديلا في جنوب أفريقيا وفاتسلاف هافيل في تشيكوسلوفاكيا أو ليبراليين إصلاحيين أمثال ميخائيل جورباتشوف وبوريس يلتسن في روسيا، واصفا هؤلاء وأولئك بأنهم كانوا ملهمين – وبين سياسيي اليوم المجسدين لروح هذا العصر الذين وصفهم بأنهم استبداديون لا يكادون يكنون احتراما للقيم الديمقراطية من أمثال فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان ودونالد ترامب، المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية.
وأشار راخمان إلى أن الأرقام والإحصائيات تؤكد الانطباع العام بأن المرحلة الراهنة هي فترة سيئة للديمقراطيين، وأن السنوات العشر الماضية شهدت تراجعا لحالة الديمقراطية حول العالم، بحسب تقرير سنوي تنشره منظمة فريدوم هاوس البحثية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها.
ورأى صاحب المقال أن "أقل أجزاء العالم حرية هو الشرق الأوسط، فيما يعتبر إحباطا مريرا لطموحات أثارتها الاحتجاجات ضد أنظمة مستبدة اندلعت في أرجاء العالم العربي قبل خمس سنوات."

ونوه راخمان إلى أنه "حتى في أوروبا، ثمة عدد من الحريات التي تم اكتسابها في 1989 تشهد الآن تراجعا؛ في كل من بولندا والمجر ثمة تراجع على صعيد حرية الصحافة واستقلال القضاء.. وفي تركيا، على حدود الاتحاد الأوروبي، تتعرض حريات تم إحرازها بصعوبة – تتعرض الآن للفقد وسط اعتقالات لصحفيين وقضاة صبيحة محاولة انقلاب ليلية."

وتابع الكاتب "في جزء من آسيا، أيضا شهد المناخ السياسي تراجعا للديمقراطية؛ فقد شهدت تايلاند انقلابا عسكريا عام 2014 كما صوتت مؤخرا لصالح دستور جديد يعزز سيطرة الجيش على السياسة... وفي ماليزيا، الليبراليون محبطون في ظل مكائد الحكومة وأنور إبراهيم المعارض البارز تم الزجّ به مرة أخرى في السجن."

ومضى راخمان "في أعتى نظامين مستبدين عالميا – روسيا والصين- تُضيّق الحكومتان الخناق بشدة على الليبراليين المتجرئين على تحدي النظامين السائدين."
وأكد الكاتب أن "مشاكل الديمقراطية قد امتدت حتى إلى الولايات المتحدة، "قائدة العالم الحر".. وحتى إذا فشل المستر ترامب في إحراز الفوز بالرئاسة، فإنه قد ألحق بالفعل ضررا جسيما بصورة ومكانة الديمقراطية الأمريكية."

واستدرك راخمان قائلا "لكن وسط كل تلك الأخبار القاتمة، من المهم أن نتذكر أنه ليس كافة المؤشرات تتجه صوب الاتجاه الخطأ؛ ففي ميانمار، تحررت "أون سان سو تشي"، التي كانت قيد الإقامة الجبرية عندما أطلق سراح مانديللا عام 1990 – كما تقلدت سلطة ميانمار في وقت سابق من العام الجاري أولُ حكومة مدنية منذ أكثر من نصف قرن."

وأضاف الكاتب "وتبدو الديمقراطية جيدة التأسيس في إندونيسيا، رابع أكثر دول العالم سكانا... وفي نيجيريا، أكبر الدول الأفريقية مساحة، شهدت البلاد العام الماضي أول انتخابات رئاسية يخسر فيها الرئيس الذي في السلطة ويسلمها سلميا للفائز."

ورأى صاحب المقال أن "أهم ما في الأمر، أنه رغم كافة الاختلافات الثقافية والاقتصادية بين الدول، إلا أن عوام الناس حول العالم قد فاض بهم الكيل من الفساد والرقابة والظلم والعنف السياسي."

ورصد راخمان "خروج التظاهرات هذا الأسبوع في شوارع إثيوبيا ضد الحكومة اعتراضا على تقييد الحرية السياسية... كما شهدت الأعوام الأخيرة خروج تظاهرات مؤيدة للديمقراطية في شوارع هونج كونج وأوكرانيا منادية بالحريات السياسية والمدنية."

ورأى الكاتب أن "الطبيعة المضطربة للحظة الراهنة المعاشة قد جسدتها الأحداث الأخيرة في جنوب أفريقيا التي لعبت ذلك الدور الملهم في حقبة التسعينيات (وتحرير مانديلا)... لقد شهد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي (حزب مانديلا) الأسبوع الماضي تراجعا في الانتخابات المحلية في رد فعل للناخبين على فساد وعدم كفاءة حكومة الرئيس جاكوب زوما."

وعلق راخمان على ذلك قائلا: "النظرة المتشائمة حيال هذا الوضع هي أن المستر زوما وأتباعه سيفعلون ما بوسعهم للبقاء- وأن مكائدهم ستلحق المزيد من الأضرار بالديمقراطية في جنوب أفريقيا؛ أما النظرة المتفائلة حيال الوضع ذاته، فهي أن مشكلات حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إنما هي مثال على قدرة الديمقراطية على تجديد السياسات حيث يتحول الناخبون إلى أحزاب جديدة مثل التحالف الديمقراطي."

واختتم الكاتب قائلا "إن عصبية قادة أمثال الرؤساء زوما وبوتين وإردوغان – هذه العصبية تقول الكثير: فخلف خيلائهم يقبع إحساسٌ عميق بعدم الأمان.. إن الاستبداد حول العالم قد يحرز نجاحات، لكنه دوما ما يشعل لهيب المقاومة في نهاية الأمر".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة