نسب ابن الزنى (الحلقة الثانية)

الإثنين، 20 فبراير 2017 06:11 م
نسب ابن الزنى (الحلقة الثانية)
د. سعد الدين الهلالي

فى الحلقة الأولى التى نشرتها «صوت الأمة» من دراسة الفقيه الدكتور سعد الدين الهلالى، عن نسب ابن الزنى، استعرض الفقيه الهلالى المدارس الفقهية التى أدلت بدلوها فى تلك القضية المهمة، وفى هذه الحلقة نواصل مع الهلالى اجتهاده الفقهى الذى يتناول فيه القضية من زواياها. يقول الهلالى: يترتب على الرضاع بعض أحكام النسب أهمها: تحريم النكاح، وثبوت المحرمية المفيدة لجواز النظر للأطراف، والخلوة، وعدم نقض الطهارة بالمس عند جمهور الفقهاء. ويدل على ذلك حديث ابن عباس فى الصحيحين، مرفوعاً: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب».

هذا، وقد اختلف الفقهاء فى ثبوت الحرمة بلبن الزانية والزانى، كما لو ولدت من زنى فنزل لها لبن، فأرضعت به صبياً، فهل يصير الرضيع ابنا لها وله؟

اتفق الفقهاء على أن المرضعة تصير أماً من الرضاع، ولو كان لبنها بسبب الزنى، لأنه رضع لبنها حقيقة، ولكنهم اختلفوا فى ثبوت الحرمة بين الرضيع وبين الزانى الذى ثاب اللبن بوطئه، وذلك على مذهبين:
إن قرار الحرمان من الأبوة تأديبى عقابى وليس نصاً ملزماً فلو وجدنا عقاباً آخر مناسباً كان هذا من حقنا.. وماء الزنى له آثار شرعية كثيرة.. منها أنه يوجب الحد ويثبت حرمة المصاهرة وحرمة الرضاع عند جمهور الفقهاء والعلماء.. ولماذا لا نلزم الزانى بالولد ليتحمل عن المجتمع عبء تربيته.

المذهب الأول: يرى أن ماء الزنا ماء هدر، لا حرمة له، ولا تأثير له فى تحريم الرضاع.

ذهب إليه بعض الحنفية، كما أنه مذهب الشافعية، ورواية عند الحنابلة اختارها الخرقى وابن حامد.

وحجتهم: أن التحريم تابع للنسب، فيشترط فى ثبوت الحرمة بين الرضيع وبين صاحب اللبن أن يكون اللبن لبن حمل ينتسب إلى الواطئ، كما لو كان الوطء بنكاح، أما إن نزل اللبن بحمل من الزنا فلا تثبت الحرمة بين الرضيع والفحل الزاني، لأنه لبن غير محترم، ولأن التحريم بينهما فرع لحرمة الأبوة، فلما لم تثبت حرمة الأبوة لم يثبت ما هو فرع لها.

المذهب الثانى: يرى أن لبن الفحل ينشر الحرمة وإن نزل بزنى.

وهو رواية عند الحنفية، وإليه ذهب المالكية، والرواية الثانية عند الحنابلة اختارها أبوبكر عبدالعزيز.

وحجتهم: أن ماء الفحل معنى ينشر الحرمة، فاستوى فى ذلك مباحه ومحظوره، كالوطء، فإن الواطئ حصل منه ولد ولبن.

كما أن الولد ينشر الحرمة بينه وبين الواطئ، فكذلك اللبن، ولأنه رضاع ينشر الحرمة إلى المرضعة فينشرها إلى الواطئ.

والمذهب المختار: هو ما ذهب إليه أصحاب المذهب الثانى من انتشار الحرمة بماء الفحل ولو كان عن حرام، لأن المنى هو المؤثر فى الحمل وإخراج لبن المرأة بالطبيعة المخلوقة دون النظر لحل الفعل أو حرمته، أما الفعل نفسه إن كان حراما وهو الزنا فعلى الفاعلين العقاب بالحد، وهو لا يمنع من انتشار الحرمة.

أما عن العدة فيقول الهلالى: العدة فى اللغة: مأخوذة من العدد والحساب وهى بكسر العين وضمنها تقول: عد الدراهم وغيرها عدا بفتح العين وضمها وتعدادا، أى حسبها وأحصاها. وأعد الشيء: هيأه وجهزه. وعدد الشيء: أحصاه.

والعدة فى اصطلاح الفقهاء: هى «بكسر العين» اسم لمدة تتربص بها المرأة عن التزويج بعد وفاة زوجها، أو فراقه لها. إما بالولادة، أو الأقراء، أو الأشهر.

ولا خلاف بين الفقهاء على مشروعية العدة ووجوبها على المرأة عند وجود سببها.

هذا، وقد اختلف الفقهاء فى حكم ثبوت العدة فى المرأة الزانية، ويمكن إجمال أقوال الفقهاء فى ثلاثة مذاهب، على النحو الآتى:
المذهب الأول: يرى أنه يجب على المزنى بها أن تعتد عدة المطلقة.

وهو الظاهر من مذهب المالكية، والمشهور عند الحنابلة، وروى عن الحسن والنخعى، وبه قال أبويوسف من الحنفية.
وحجتهم: من وجهين

الوجه الأول: أن المزنى بها موطوءة بما يشغل رحمها، فوجبت عليها العدة استبراءً له، لأن العدة شرعت لذلك. وأنه إذا تزوجت قبل الاعتداد اشتبه ولد الزوج بالولد من الزنا، فتختلط الأنساب.

الوجه الثانى: قياس المزنى بها على الموطوءة بشبهة، إذ يجب على الأخيرة - عند الجمهور- العدة فكذلك الزانية.

ويترتب على هذا القول: أن الحامل من زنى، أو من اغتصاب، يحرم على زوجها أن يطأها قبل الوضع. وإذا كانت الزانية خلية فلا يجوز العقد عليها خلال فترة الاستبراء، فإن عقد عليها وجب فسخه.

المذهب الثانى: يرى أنه لا يجب على المرأة الزانية عدة، ولكن يجب عليها أن تستبرئ قبل الدخول بغير الزانى.

ومعنى هذا، أنه يجوز للزانية أن تنكح بالعقد، وهى حامل من الزنا، ولكن لا يجوز دخولها على زوجها (غير الزاني) إلا بالوضع، فإذا كان زوجها هو الزانى فلا مانع من العقد والدخول معا.

وإلى هذا ذهب الإمام أبوحنيفة وصاحبه محمد بن الحسن، وهو وجه للشافعية.

وحجتهم: أن العدة خاصة بالزوجات بالنص، وإنما الاستبراء حتى لا يختلط ماؤه بماء غيره، لقول النبى « لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره» وقوله أيضا: «لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة».

أما عن حكم زواج المرأة الزانية، فيقول الهلالى: اختلف الفقهاء فى هذه المسألة على ثلاثة مذاهب، وهى:
المذهب الأول: يرى عدم مشروعية زواج المرأة الزانية إلا بعد الاستبراء أو وضع الحمل، سواء كان الزوج هو الزانى أو غيره. وهو مذهب المالكية والحنابلة، وبه قال أبويوسف من الحنفية.

وحجتهم: أن الاستبراء بالعدة، فكانت واجبة لبراءة الرحم، حفاظا على حرمة النكاح من اختلاط الماء الحلال بالماء الحرام. وإذا كانت حاملا فبوضع الحمل احتراما للحمل، إذ لا جناية منه.

المذهب الثانى: يرى مشروعة زواج المرأة الزانية وبنائها بالزوج، سواء كان هو الزانى أو غيره، وسواء كانت حاملا أو غير حامل. وهو مذهب الشافعية فى الأصح.
وحجتهم: أن ماء الزنا ماء هدر، لا حرمة له، ولا يوجد ما يمنع من إتمام الزواج.

المذهب الثالث: يرى التفصيل بين أن يكون الزوج هو الزانى أو غيره، فإن كان هو الزانى صح له العقد والبناء بزوجته التى زنى بها، سواء كانت حاملا أو غير حامل. أما إذا كان الزوج غير الزانى فيصح العقد، ولكن فى البناء تفصيل، فإن كانت غير حامل صح البناء. أما إن كانت حاملا فيحرم البناء حتى تضع.

وإلى هذا ذهب الإمام أبوحنيفة وصاحبه محمد بن الحسن، والوجه الثانى عند الشافعية، ومذهب ابن حزم قريب من هذا.
وحجتهم: الجمع ما بين أدلة المذهبين السابقين.

و المذهب المختار: هو ما ذهب إليه الحنفية تستراً على المرأة، ولأنه لا يوجد اختلاط بين الأنساب إذا كان الزانى هو الزوج.
ويلاحظ: أن فى المسألة آراء أخرى ضعيفة آثرنا عدم ذكرها، كما ذهب بعض الإباضية إلى أن الزانية تحرم على الزانى تحريما مؤبدا.

ثم يجمل «الهلالى» رؤيته الفقهية فى إلحاق ولد الزنا بالزانى فيقول:
بعد استعراض المسألة من جوانبها الرئيسية - حيث بينت أقوال الفقهاء فى تنسيب ابن الزنا، وأثر ماء الزنا فى سراية التحريم بالدم والمصاهرة، وحكم اعتداد الزانية، وحكم زواجها - بعد ذلك أستطيع القول إنه لا يوجد دليل من كتاب أو سُنة ينهى عن إلحاق ولد الزنا بالزانى، بل إن الشواهد تؤكد على ضرورة إلحاق كل مولود بوالده الطبيعى مع مراعاة ضوابط الاستقرار فى الإثبات، وعدم إغفال عقاب المخطئ الحقيقى وهو الزانى بإنزال حد الله فيه، وفقاً لقواعد تنفيذ الحدود شرعاً.

إن المانعين من إلحاق ولد الزنا بالزانى يستندون إلى شبهات، لا ترقى إلى مرتبة الأدلة، كما نوضحها فى النقاط الإحدى عشرة الآتية:
الأولى: قالوا إن الأبوة شرف ونعمة فلا تنال بحرام، فيمنع الزانى منها أخذاً بنقيض قصده.

قلت: إن قرار الحرمان من الأبوة تأديبى عقابى وليس نصاً ملزماً، فلو وجدنا عقاباً آخر مناسباً كان هذا من حقنا، ثم كيف ننزل عليه العقاب بما يضر البريء، وهو الطفل الذى من حقه أن يعيش، ولا يؤاخذ بجريرة المتسبب فى وجوده.

والحقيقة أن خير عقاب فى مثل تلك الحالة هو أن نلزم الزانى بالولد ليتحمل عن المجتمع عبء تربيته والإنفاق عليه، أخذاً بقاعدة إلزام المتسبب، أو قاعدة «الغنم بالغرم»، فكما غنم اللذة الرخيصة غرم مسئولية التربية والإنفاق.
الثانية: قالوا: إن ماء الزنا ماء هدر، لا حرمة له.

قلت: لا دليل على هذه المقولة من كتاب أو سُنة، ولا يجوز الاستدلال بحديث الدارقطنى والبيهقى عن ابن عمر، مرفوعاً: «لا يحرم الحرام الحلال»، لضعفه من ناحية عثمان بن عبدالرحمن الوقاصى، على ما طعن فيه يحيى بن معين بالكذب، وقال البخارى وأبوداود والنسائى: ليس بشيء. وذكره عبدالحق عن ابن عمر، ثم قال: فى إسناده إسحاق بن أبى فروة، وهو متروك.
ولو صح فليس على ظاهره، كما قال الشيخ الشلبي، أرأيت لو بال أو صب خمراً فى ماء قليل مملوك لم يكن حراماً، مع أنه يحرم استعماله. فيجب كون المراد: أن الحرام لا يحرم باعتبار كونه حراماً.

أقول: بل إن ماء الزنا له آثار شرعية كثيرة، منها أنه يوجب الحد، ويثبت حرمة المصاهرة وحرمة الرضاع عند الجمهور، فلو أرضعت الزانية طفلاً كان الزانى أباه بالرضاع، كما يثبت بالزنا العدة للمزنى بها على الراجح، فكيف بعد ذلك يكون ماء هدر؟
الثالثة: قالوا: إن حديث عائشة فى الصحيحين مرفوعا: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ينفى النسب عن ابن الزنا، لأنه جاء بغير فراش شرعى.

قلت أولاً: إن النسب فى القرآن الكريم ثابت برابطة الدم فقط، وإنما كان الزواج أو التسرى شرطاً لحل العلاقة حتى لا يعتدى أحد على عرض أحد، قال تعالى: «وهو الذى خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً»، الفرقان: [٥٤]
يقول ابن كثير: فهو فى ابتداء أمره ولد نسيب، ثم يتزوج فيصير صهراً، ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات، وكل ذلك من ماء مهين.

أقول: والآية ضمن آيات تعدد نعم الله على الكافر والمسلم سواء، فما ينطبق على ثبوت النسب بالماء فى أحدهما ينطبق على الآخر.

ولذلك وجدت رشد، وهو من المتشددين فى نفى ولد الزنا، وادعى فيه الإجماع، وجدته يعرف البنت فى فصل مانع النكاح بالنسب، فيقول: هى اسم لكل أنثى لك عليها ولادة من قبل الابن أو من قبل البنت أو مباشرة.

وقلت ثانيا: الحديث يثبت ولا ينفي، لأنه كان بمناسبة فض نزاع شب بين سعد بن أبى وقاص وعبد بن زمعة فى غلام. قال سعد. هو ابن أخى عتبة عهد إليَّ قبل موته أنه ابنه، وقال عبد بن زمعة: هو أخى ولد على فراش أبى من وليدته. فنظر النبى إلى شبهه فرأى شبهاً بينا بعتبة بن أبى وقاص، وكان من المقرر أن يحكم له، إلا أن قواعد الإثبات التى كانت مستقرة هو الحكم بأغلب الظن والظاهر من الحال، وهو هنا الفراش، فقال: «هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبى منه يا سودة بنت زمعة». فقوله:
« واحتجبى منه يا سودة» دليل على أنه راعى صاحب الماء، فاعتبر الولد أجنبيا عن سودة، مع العلم أنه ألحقه بعبد بن زمعة أخى سودة، فتكون هى بحكم قضاء الرسول أخته مباشرة، يعنى محرمة عليه، ومع ذلك قال: «واحتجبى منه يا سودة».

ألا يدل ذلك على اعتبار «النبى» الغلام ابناً للزانى حقيقة، ولكن بحكم القضاء جعله ابناً لصاحب الفراش؟ ولذلك وجدنا الإمام الشافعى يقول: قوله: «الولد للفراش» له معنيان: أحدهما: هو له ما لم ينفه، فإذا نفاه بما شرع له كاللعان انتقى. والثانى: إذا تنازع رب الفراش والعاهر فالولد لرب الفراش. قال ابن حجر تعليقاً على قول الشافعى هذا: والثانى منطبق على خصوص الواقعة، والأول أعم.

وقلت ثالثا: إن معنى الفراش فى الحديث الجماع، وذلك لاتفاق المسلمين على الولد لو أتى فى فراش من زوج غير بالغ أنه لا ينسب لصاحب الفراش. ولقوله تعالى: «أبنائكم الذين من أصلابكم» [النساء: ٢٣]، فلا يسمى الولد فى الفراش من غير ماء الزوج، ونحن نعلم، ابنا من الصلب.

ولذلك اتفق المسلمون على اعتبار مظنة الفراش وليس الفراش الحقيقى لعدم ضبطه ومشاهدته، فأقيمت حالة الزوجية المستقرة أمارة عليه، فكان التفسير الذى تواطأ عليه الفقهاء للفراش هو مظنته. غير أن هذه المظنة من كثرة تجاهلها والتعبير عنها بالفراش توهم الناس أن قيام حالة الزوجية هى الفراش الحقيقى الشرعى، وليس هذا بصحيح، بدليل اعتبار الإسلام لنسب وطء الشبهة دون قيام حالة الزوجية.

أقول: ولو كان المقصود بالفراش فى الحديث حالة الزوجية لما صح للزوج أن ينفى ولد زوجته باللعان، ولما صح للواطئ بشبهة أن يستلحق ولده من هذا الوطء، ولوجب إلحاق ولد الزوجة بزوجها غير البالغ أو بوضعه لدون ستة أشهر من الزواج.
الرابعة: قالوا: إن النبى نفى ولد الملاعنة ولم ينسبه للزانى.

قلت أولاً: إن نفى ولد الملاعنة هو طلب الزوج، وحقه فى ذلك ثابت قضاءً، فلا يملك أن يمنعه هذا الحق الثابت فى كتاب الله، حيث توفرت أركان القضية: رفع الدعوى، والأيمان فى حال عدم وجود دليل آخر: «ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم». النور: [٦].

ولذلك قال ابن رشد: إنه لما كان الفراش موجباً للحوق النسب كان بالناس ضرورة إلى طريق ينفونه به إذا تحققوا فساده، وتلك الطريق هى اللعان.

ويقول الزيلعى: إنما يُنْفَى الولد باللعان، لأن المقصود بهذا اللعان نفى الولد، فيوفر عليه مقصوده.

ومع ذلك فقد ذهب الحنفية والحنابلة: إلى أن المرأة لو امتنعت عن اللعان وصدقت زوجها فى نفى الولد فلا حد ولا لعان ولا ينفى الولد عن والديه.

يقول صاحب مجمع الأنهر: «فإن لاعن الزوج وجب اللعان عليها بالنص، فإن أبت المرأة عن اللعان حبست حتى تلاعن أو تصدقه، وإذا صدقته فى نفى الولد فلا حد عليها، لأن الحد لا يجب بالإقرار مرة فكيف يجب بالتصديق. وفى التبيين وغيره: لو صدقته فى نفى الولد فلا حد ولا لعان، وهو ولدهما، لأن النسب إنما ينقطع حكماً باللعان، ولم يوجد، وهو حق الولد فلا يصدقان فى إبطاله. وبهذا يظهر فساد ما قيل: فينفى نسب ولدها عنه».

فالشاهد من هذا النص: أن اللعان غير التام لا حجية له فى نفى الولد عند كثير من الفقهاء، فكيف يقال إن النبى نفى ولد الملاعنة بإطلاق؟

وقلت ثانياً: القول بأن النبى لم يثبت ولد الملاعنة إلى الزانى ليس دليلاً على نفى ذلك، إذ كيف يلحقه والزانى ينفيه عنه، ولا يوجد دليل قطعى لإلحاقه به، صحيح كان هناك شبه يدل عليه حديث أنس فى الصحيحين، أن النبى قال فى قصة المتلاعنين: «أبصروها، فإن جاءت به أبيض سبطاً، فهو لزوجها، وإن جاءت به أكحل جعداً فهو للذى رماها به»، فجاءت به على الوصف المكروه، فقال: «لولا الأيمان لكان لى ولها شأن». والشبه ليس دليلاً مستقلاً للنسب، وإن كان مرجحاً بين الأدلة التى هى: قيام حالة الزوجية المسماة بالفراش، والبينة، والإقرار أو الاستلحاق.

هذا، فضلاً عن أن قصة المتلاعنين عندما عرضت كقضية أمام النبى لم تعرض إلا من الزوج ضد زوجته، ولم يختصم الزانى طرفاً ثالثاً، لأنه لو كان اختصمه لثبت لنا حكم النبى، فيه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق