أرثر رامبو.. قصة المتمرد المبدع الذي أعطى ظهره للشعر في عز عطائه

السبت، 10 نوفمبر 2018 02:00 م
أرثر رامبو.. قصة المتمرد المبدع الذي أعطى ظهره للشعر في عز عطائه
الشاعر الفرنسي آرثر رامبو
وجدي الكومي

في العاشر من نوفمبر عام 1891، رحل الشاعر الفرنسي أرثر رامبو، عن عمر يناهز 37 عاما، كان قدر هذا الشاعر، أن يرحل في عمر صغير السن، وأن يترك أعمالا شعرية متفردة، وهو لم يزل في مطلع العشرينات، ويهجر الشعر إلى الأعمال التجارية، ومطاردة أحلام السفر إلى الشرق، والاستقرار في عدن، وكذلك شهدت حياته مأساة كبرى، حينما أطلق عليه عشيقه الرصاص، فكاد أن يقتله، وتحولت سيرتهما سويا إلى فضيحة.

أرثر رامبو
أرثر رامبو

 

المتطلع إلى ما كتبه الشاعر رفعت سلام، في مقدمة كتابه "الأعمال الشعرية الكاملة لأرثر رامبو" الصادر ترجمته عن هيئة الكتاب منذ سنوات، يشعر بالعجب من سيرة حياة هذا الشاعر، الذي عاش حياة قصيرة، مليئة بالصخب، في أوقات سياسية شديدة التقلب، إذ كانت فرنسا توجه اضمحلالا سياسيا وفي هذه الظروف العصيبة، قرأ رامبو بنهم أفضل الكتب التي كانت توفرها له مكتبة مدرسته والمكتبة البلدية في مدينته "شارلفيل" ومكتبة أستاذه جورج إيزامبار، واشتكى فيما بعد من ندرة الكتب في مدينته.

رامبو في عدن
غلاف الأعمال الشعرية الكاملة لأرثر رامبو الصادرة عن هيئة الكتاب، بترجمة رفعت سلام، وفي الصورة الثانية صورة له في عدن

 

ينشأ رامبو في بيت يفتقد الأب، النقيب في الإدارة العسكرية الفرنسية في الجزائر، ثم لا يلبث أن يكتشف أن الأب هجره وهجر أمه إلى الأبد، وفي ظروف سياسية بالغة القسوة، حيث حول الإمبراطور نابليون الثالث الجمهورية الفرنسية إلى عصر إمبراطوري جديد، ترسما منه لخطى عمه الشهير نابليون فيزج فرنسا في حرب ضد البروسي الألماني بسمارك، دون حسابات لموازين القوى، فتنال فرنسا الهزيمة القاسية بعد شهر ونصف، وتمكنت قوات بسمارك من احتلال منطقة شارلفيل، حيث وُلد وعاش رامبو، فيهجرها الأخير، إلى باريس، المشتعلة في ذلك الوقت بالنضال ضد الجمهورية الجديدة الوليدة بعدما آلت السلطة لنظام جمهوري جديد فاز فيه ممثلو اليمين المحافظ بأغلب مقاعد البرلمان.

يزور رامبو كومونة باريس قبل سحقها، ويتجرع مرارة هزيمتها، وفي هذا الأثناء تولد قصائدها السياسية الأولى، وظهرت فيها أولى إرهاصاته المتمردة ومنها قصيدة "غضبات القياصرة" وقصيدة "النائم في الوادي" و"الرجل العادل" التي يرى النقاد ومترجمو الأدب أنها تستهدف فكتور هوجو بسبب موقفه المحايد من سحق كومونة باريس، فلا يأتي في صف المتمردين، ولا النظام الجديد الذي لم يتردد عن قصف باريس الثائرة بقنابله.

يزور رامبو باريس عدة مرات، ويتعرف فيها على شعرائها، ومنهم "فرلين" الذي سيرتبط معه بعلاقة مثلية، ستسفر عن فضيحة في النهاية، كان فرلين صاحب فضل تقديم رامبو إلى الوسط الشعري في باريس، الذي يضم أبرز شعرائها، وكان قد دعاه لزيارة باريس بقوله: تعالى أيتها الروح الكبير العزيزة، إننا ننتظرك وندعوك" ووسط شعراء باريس، يلقي رامبو قصائده، فينبهر به الشعراء الفرنسيون، وبعد عدد من الزيارات لباريس، يحاول رامبو أن يقيم فيها، يحل ضيفا في منزل فرلين، لكن زوجة الأخير تنزعج من الضيف، ومن العلاقة التي تنشب بينه وبين زوجها، ومن غرابة أطواره، فيتنقل رامبو بين الفنادق وبيوت المعارف، ويصبح شريدا، ويصطدم بواقع صعب.

من قصائد رامبو "حلم من أجل الشتاء" التي ترجمها كاظم جهاد في طبعة الأعمال الشعرية الكاملة الصادرة عن دار الجمل، يقول رامبو:

في الشتاء سنمضي في قاطرة وردية صغيرة

لها وسائد زرق

سنشعر بالرغد.عش من القبل المجنونة سيكون مطروحا

في كل ركن وثير.

ستغمضين عينينك لكيلا ترى عبر الزجاج،

تكشيرة الظلال المسائية

هذه المسوخ الشرسة، هذه الدهماء

من شياطين سود وذئاب سود.

اقرأ أيضا

مقابل 234 ألف يورو.. بيع رسالة انتحار الشاعر الفرنسي بودلير صاحب «أزهار الشر»

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق