مقابل 234 ألف يورو.. بيع رسالة انتحار الشاعر الفرنسي بودلير صاحب «أزهار الشر»

الثلاثاء، 06 نوفمبر 2018 08:00 م
مقابل 234 ألف يورو.. بيع رسالة انتحار الشاعر الفرنسي بودلير صاحب «أزهار الشر»
شارل بودلير الشاعر الفرنسي الشهير
وجدي الكومي

بيعت رسالة انتحار الشاعر الفرنسي الكبير بودلير، التي كتبها في فترة شبابه، ولم ينفذ المحاولة، بمقابل بلغ 234 ألف يورو في مزاد نظمته دار «أوزنا» قرب باريس.

رسالة انتحار الشاعر الفرنسي بودلير
رسالة انتحار الشاعر الفرنسي بودلير

 

وحسب تقرير لموقع فرانس 24، كتب بودلير الرسالة التي أعلن فيها نيته، الانتحار، وأرسلها إلى عشيقته جان دوفال، بتاريخ يونيو 1845، وكان سعرها مقدرا بين 60 إلى 80 ألف يورو.

وكتب الشاعر في الرسالة: عندما ستسلمك الآنسة جان ليمير هذه الرسالة، أكون قد رحلت، أنا سأنتحر إذ لم يعد بمقدوري العيش، فلم أعد أتحمل تعب النوم، وتعب الاستيقاظ.

وطعن بودلير نفسه بعد كتابته هذه الرسالة، لكنه لم يصاب إلا بجروح خطرة، كان بودلير آنذاك في الرابعة والعشرين من عمره، وعاش بعد هذه المحاولة اليائسة، 22 عاما، حيث توفى بودلير عام 1867، مصابا بمرض الزهري.

اللافت أن نصوص شعرية أخرى بيعت لبودلير خلال المزاد، فضلا عن رسائل وجهها رسامون وكتاب من أمثال أوجين دولاركروا، وفيكتور هوجو، وإدوار مانيه.

ظهر شارل بودلير في أكثر القرون التي هيمن عليها الشعراء الفرنسيون الكبار، وهو القرن التاسع عشر، حيث كان القرن هو قرن فيكتور هوجو ولامارتين، وشاتوبريان، وجوتييه ودي موسيه، ودي فيني، وهي القامات الأدبية التي هيمنت على المشهد الأدبي، ووسط هؤلاء العتاولة، أصدر بودلير ديوانه الأول أزهار الشر في 25 يونيو 1857 في 1100 نسخة.

هذا الديوان جعل فيكتور هوجو يكتب له: إنك تخلق رعشة جديدة في الشعر الفرنسي.

في مقدمة ترجمة الأعمال الشعرية له يقول الشاعر الكبير رفعت سلام عن بودلير: بعد وفاته في الثانية والأربعين من عمره، كان اعتقاد الأجيال التالية أنه إنما عاش في الجحيم، حيث يشهد مصيره على استمرارية رهيبة للعذاب طوال حياته، ولحظة الوفاة لم يكن لديه سوى كلمة وحيدة هي سحقا.

عاش بودلير حياة بائسة في قلب القرن التاسع عشر، في الفترة بين 9 أبريل عام ميلاده 1821، وحتى وفاته عام 1867، حيث توفى أباه وعمره 6 سنوات، لتتزوج أمه بعد عام واحد من الترمل بأحد العسكريين الصارمين، ضيقي الأفق.

في فبراير 1848، يشارك بودلير في ثورة الجوع التي رفعت شعار الحياة ونحن نعمل، أو الموت ونحن نقاتل، وهي الثورة التي شاء القدر أن يكون من يقمعها الرجل العسكري زوج أمه، لهذا تولدت الكراهية بين الطرفين، وربما كانت الكراهية قبل ذلك، حسبما يشير رفعت سلام في مقدمة ترجمته للأعمال الكاملة لبودلير، الصادرة عن دار الشروق عام 2009، حيث فرض زوج الأم تربية عسكرية على الابن، فازداد تمرده، وحينما بلغ الحادية والعشرين من عمره، حصل على بضعة آلآف من الفرنكات الذهبية، كجزء من نصيبه في إرث أبيه، وهرب من المنزل، وانتقل للسكن في غرفة في جزيرة سان لويس وسط باريس، وعاش حياة بوهيمية تليق بثري، وليس بشاب عاطل، وشارك في حضور اجتماعات نادي الحشاشين، وكتب قصائد سماها أزهار الشر، لكنه أنفق نصف ميراثه في عامين.

اجتمع مجلس العائلة ورفعت أمه دعوى قضائية لوضعه تحت وصايتها، أو وصي قانوني تعينه المحكمة، فقضت المحكمة بتعيين الوصي، ومنحه مبلغ محدد كل عام، وقضى بودلير حياته في التهرب من الدائنين، والتوسل إلى الوصي، وأمه ليقدمه له دفعات مسبقة من مستحقاته الخاضعة للحراسة.

في مشروع خاتمة أزهار الشر، يخاطب بودلير مدينته باريس:

استخلصت من كل شيء الجوهر، أعطيتني طينك فنصعت منه الذهب

لم يكن هذا الطين الذي يقصده بودلير سوى ركام المدينة، المادي والإنساني، أطلالها الحجرية، والبشرية، حانات القاع، والمقابر، والدعارة، والمسوخ، والمقعدون، والموتى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق