الزواج.. وسيلة أم غاية؟

الثلاثاء، 08 فبراير 2022 04:22 م
الزواج.. وسيلة أم غاية؟
شيرين سيف الدين

 
انتشرت في الآونة الأخيرة بعض الأفكار التي توجه الفتيات إلى أن الزواج سبب في تعاسة المرأة، وفشلها في حياتها العملية والاجتماعية، وفي إهمالها لمظهرها ونسيانها لاحتياجاتها النفسية التي تجعلها كالوردة الذابلة، والتي قد تدعوها في النهاية للتمرد والانفجار وإنهاء العلاقة كي تبدأ من جديد.
 
لا أعلم سبب تعميم هذه الأفكار ومن صاحب الفكرة أصلا، ودائما ما أتساءل هل بالفعل الزواج هو السبب أم أن شخصية المرأة هي السبب؟.. وهل تكمن أسباب السعادة والتحقق في الزواج فقط؟.. وهل يعد تحقيق المرأة لذاتها في الحياة العملية كافي بالنسبة لها؟.. وهل نجاح المرأة عمليا يؤثر تأثيراً سلبياً على أسرتها ام العكس؟.. وهل بالفعل كل زوجة لديها أحلام عملية فعلا أم هناك من يفضلن فكرة "الولا حاجة" ويجدن فيها السعادة؟.. هل وهل والعديد من الأسئلة جالت بخاطري وجاءت إجابات عقلي كالتالى.
الزواج من وجهة نظري وسيلة للسعادة ولبناء أسرة مستقلة ولإنجاب أطفال أسوياء وإعمار الأرض لكنه ليس غاية في حد ذاته، وكي يكون الزواج محققا لأهدافه يجب على الجميع التأني في الاختيار وعدم التسرع والتغاضي عن مشكلات شخصية واضحة في الطرف الآخر لمجرد الحصول على لقب زوجة وإكمال المظهر الاجتماعي، ثم نبدأ في الشكوى والنحيب على الشباب الضائع والاستقلالية المنعدمة، والمسؤوليات التي قضت على الآمال والطموحات الشخصية خاصة بالنسبة للمرأة.
 
من ينظر للأمر بشكل موضوعي عاقل يتأكد أن المشكلة ليست في الزواج، بدليل أن هناك العديد من الزوجات استطعن تحقيق نجاحات كبيرة في مختلف المجالات وحاولن بشتى الطرق التوفيق بين أدوارهن الأسرية ورغباتهن الشخصية، ومن الضروري هنا أن نؤكد على الرغبات الشخصية للنساء تختلف، وليس من الضروري أن جميعهن يحلمن بالنجاح العملي، فالكثيرات لا يفضلن فكرة العمل والوظيفة أصلا، والبعض يفضل العمل من المنزل عن طريق ممارسة بعض الهوايات التي تتحول لنوع من أنواع العمل الحر، وأخريات يفضلن الحرية وعدم الالتزام بمسؤوليات عملية تضاف لمسؤولياتهن الأسرية التي تعد من أهم المسؤوليات التي تساعد في بناء مجتمع قوي ومتحضر، فدور الأم في تربية الأبناء لا يماثله دور أبدا، وعلى من قررت الزواج والإنجاب بمحض ارداتها تحمل تلك المسؤولية التي تعتبر أهم مسؤولياتها خاصة في سنوات الأطفال الأولى التي تحتاج للانتباه والمراقبة والتوجيه دون إهمال لذاتها ورغباتها، أعلم بالطبع أنها مسؤولية مشتركة بين الزوج والزوجة، إلا أن اعتبار مسؤولية الإنفاق تقع على الزوج في الأساس فبالتالي هو مطالب بشكل أكبر بالاهتمام بعمله الذي هو مصدر رزقه.
 
وبالمراقبة سنجد أن العديد من الراغبات في النجاح العملي حققن بالفعل النجاح، ولم يعلقن توقفهن عن السعي على شماعة الزواج، فمن تريد حقا تستطيع.
 
ومن هنا أتمنى من كل قلبي أن تكون فترة التعارف والخطوبة، فترة مصارحة وأن يتوقف الطرفان عن التصنع وتقبل العيوب المؤذية والأفكار المخالفة من أجل إتمام الزواج، ثم نبدأ في المكاشفة والمصارحة بعده وبالتالي الصدام الذي يفضي لخراب البيوت.
 
لذا نصيحتي لك عزيزتي الفتاة المقبلة على علاقة زواج عليكي بالتحدث منذ فترة التعارف عن أحلامك بلا خوف، كوني أنت كما انت واضحة منذ البداية سواء فيما يتعلق بمظهرك الخارجي أو طريقة كلامك أو أسلوب حياتك، وضعي أسس لما يمكنك التنازل عنه وما لا يمكنك، فإن تقبلك الطرف الآخر كما أنت "أهلا وسهلا"، وإن لم يتقبلك ولم تجدي بداخلك المرونة لتغيير بعض أفكارك إذاً "مع السلامة" لمصلحتك ومصلحته، وتجنبا للصدام والصدمة فيما بعد.
 
أما الإجابة حول هل الزواج هو سبب السعادة الأوحد؟ بالطبع لا، فالزواج لن يُسعد أحد إلا إذا كان طرفي العلاقة يرغبان في إسعاد بعضهما البعض، وأن يكون الاختيار من البداية اختيارا صحيحا وليس متعجلا، وأن يُبنى على الصراحة والوضوح والقبول العقلي والنفسي معا.
 
فلا تتزوجي أبدا لأجل الزواج فقط، بل تزوجي من ترين فيه رفيق حياة وسند، وبالطبع العكس صحيح، فالزواج ليس رحلة ترفيهية ولا مسلسل عاطفي، ومسؤوليات الزواج تحتاج لمن يتقبلها من البداية كي يكمل الرحلة بسعادة ونجاح وتقبل، تجنبا للنهايات المؤلمة التي قد تطال أيضا أبناء لا حول لهم ولا قوة، منها أحب أن أشير إلى أننا مختلفون، وليس كل ما يسعدك يسعدني، وأحلامك ليست أحلامي، وما تجد فيه الراحة قد يكون مصدر شقائي، لذا لا يجب التعميم أو وضع نماذج وأفكار ثابتة نحاول أن نجبر الجميع على تقبلها واعتناقها.
 
وأخيرا أود أن أوجه نصيحة أخوية للجميع قد أُصيب فيها أو أُخطى..
 
عزيزتي الزوجة، كي تسعدي بحياتك فعليك بتقبل وتحمل المسئولية التي اخترتيها بإرادتك، وأيضا تمسكي بأحلامك إن وُجدت، واهتمي بنفسك لنفسك أولا، وحافظي على علاقاتك الاجتماعية.. ابحثي عما يسعدك واسعَدي به كي تُسعدي من حولك وتشعري باستقلالية مزاجك عن أية عوامل خارجية.. حينها فقط لن تشعري بأن الزواج كان فخاً مكبلا لك ولراحتك النفسية.
 
عزيزتي الفتاة المستقلة.. استمتعي بحياتك وحريتك واستفيدي بكل خبرة وتجربة جديدة، ولا تستجيبي لضغوطات المجتمع، ولا تقبلي بمن لا يقتنع به عقلك ولا تنجذب إليه روحك، فنجاحات الحياة والسعادة لا تتوقف على الزواج فالزواج عملة ذات وجهين فلا تتعجلي باختيار الوجه الذي لا يناسبك مهما كانت الظروف والأسباب .
وللحديث بقية.
 

 

تعليقات (1)
كلام جميل
بواسطة: Fady
بتاريخ: الثلاثاء، 08 فبراير 2022 05:30 م

كلام عين العقل وده الفرق بين المتزوجة اللي محققة نفسها واللي استسلمت واهملت نفسها المشكلة في الشخص مش في الزواج .. وعمر ما كانت طبعا السعادة في الزواج او في العمل .. السعادة انك تختار اللي يسعدك بجد .. تحياتي

اضف تعليق