اعطونا المثل

الخميس، 04 أغسطس 2022 09:10 م
اعطونا المثل
ياسر الهوارى

 
يتناول فيلم "Enemy at the gates" فترة اجتياح الجيوش النازية للأراضي الروسية، فارق التقدم التكنولوجي والاستعداد القتالي والامكانيات العسكرية لصالح الألمان بشكل فاضح. تطارد الدبابات الالمانية الجنود الروس في كل مكان.
 
تبدوا الصورة قاتمة جداً، والنصر لجنود هتلر فيما فشل فيه جيش نابليون وشيك.
 
تنتقل المشاهد للجانب الروسي. يحاول الضباط رفع الروح المعنوية للجنود، وهنا يتحدث أحد الجنود بصوت عالى "اعطونا القدوة".. هناك حاجه إلي مثل يحتذي به الجميع، وهنا تظهر شخصية الجندي القناص "فاسيلي" الذى قام بتجسيد دورة Jude law ، كمثال ناجح استطاع بإمكانيات بسيطة عبارة عن بندقية ذات منظار، استطاع قنص الجنود النازيين بنجاح مبهر، وتنتقل اخباره على صفحات الجرائد وفي كل مكان، وفجأة تدب روح النصر والفداء في الجيش الروسي وقبلة في المجتمع، ويلعب الأطفال بأخشاب مقلدين "فاسيلي" الذي اصبح رمز للمقاومة والنجاح.
 
تتصاعد احداث الفيلم ويبعث هتلر بأمهر قناصي الجيش النازي لإنهاء "حالة فاسيلي"، ويجسد دوره في الفيلم الممثل العظيم Ed Harris، ويستمر الصراع بينهما حتي ينتصر فاسيلي وتنتصر روح مقاومة المحتلين رغم الفارق الهائل في القوة، بفضل التشبع بروح البطولة والفداء.
 
قد يبدوا الأمر أنه فيلم آخر من افلام الحرب العالمية الثانية التي تم بحثها بالآلاف الافلام والوثائقيات والكتب والمقالات والأبحاث، لكن الأمر هنا يتخطى الحدث. أنه درس هام فيما يمكن أن تفعله القدوة في نفوس الناس اذا ما كانت مثال جيد وناجح نجاح حقيقي غير مفتعل او مصنوع.
 
الثروة البشرية أهم قوي الدولة قبل الموارد الطبيعية وقبل التفوق التكنولوجي، وببساطة يمكن أن تكون طاقة المجتمع هي المحرك الأول للتنمية كما في مجتمعات تفتقر إلي الثروات الطبيعية كألمانيا واليابان، او تتحول الثروة البشرية إلى عبء علي ميزانية الدولة اذا ما تعطلت الهمم وسادت روح الانهزامية، وتعطلت كفاءة الإدارة بفعل تفشي الفساد والرشوة مما يؤدي إلي فقدان الدافع نحو الابتكار وتحدي الظروف.
 
في مصر مئات الآلاف على أقل تقدير من الجندي "فاسيلي" في المجالات المختلفة، فقط يحتاجون تسليط الضوء على قيمة العمل والاجتهاد بدون افتعال نماذج غير حقيقية تثير السخرية بأكثر مما تثير الحماسة، يحتاج المصريين إلى تفجير طاقة بذل الجهد ليتحول شعب تعداده 110 مليون من البشر إلى طاقة منتجة في كل المجالات، علم، فن، رياضة، أدب وغيره الكثير، فهل نفتقر حقاً إلى الأمثلة؟، ام نفتقر أسلوب اختيار الكفاءات في كل المجالات، وإلى المزيد من اجراءات مكافحة الفساد ومطاردة أساليب الترقي بالمحسوبية.
 
وصول قيمة العدالة والمساواة واعتماد معيار الكفاءة وحدة كأولوية كفيل بتحقيق انجازات تصل بمصر إلى الأمل المنشود، ولا نحتاج إلا لإبراز كفاءات ونماذج من صلب المجتمع المصري، الأمر ليس بمعجزة بقدر ما هو إرادة. فقط علينا التوقف للحظات وممارسة الأمر بشكل مدروس ومهني والتقصي بشكل جيد حول النموذج حتى لا يتحول إلى وبال كما حدث مع نماذج سابقة، كانت العجلة في تناولها سبب في إبراز نماذج غير حقيقية مدعية تمارس الغش والخداع، وتلك نهايتها ردة إلي الخلف واحباط لا نرجوه.
 
دعونا نحلم بمستقبل أكثر اشراقاً. دعونا نفجر طاقتنا نحو الابداع والتميز. دعوا كل صاحب موهبة يجد طريق لا يقف في وجهه صاحب مصلحة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة