يوسف أيوب يكتب: القاهرة بين واشنطن وموسكو

السبت، 04 فبراير 2023 10:00 م
 يوسف أيوب يكتب: القاهرة بين واشنطن وموسكو

خلال 48 ساعة، تحديداً يومى الإثنين والثلاثاء الماضين، استقبلت القاهرة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ثم أرسلت وزير الخارجية سامح شكرى إلى العاصمة الروسية موسكو، لإجراء مشاورات مع المسئولين الروس.
 
هناك من التقط التزامن بين الزيارتين وقال أنهما يعبران عن مساعى مصرية، ليس فقط لتقريب وجهات النظر بين موسكو وواشنطن، بل أيضا العمل على إيجاد أرضية مشتركة يتم البناء عليها في سبيل التوصل إلى حل للأزمة الروسية الأوكرانية ذات التأثيرات المتعددة دولياً، سواء سياسيا أو اقتصادياً.
 
وايا كانت التفسيرات والاحتمالات، فالترتيب في الزيارتين يؤكد مرة أخرى على المسار الذى تنتهجه مصر دوماً، وهو تدعيم علاقات التعاون مع كافة شركائها الدوليين سواء كان روسيا أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أو الصين، وكلها دوائر مصر حريصة بأن تلعب دورا يؤدي إلى تحقيق الاستقرار والأمن، وأيضا يصب في مصلحة الجهود التنموية، ومن هنا يمكن فهم التحركات المصرية الأخيرة.
 
واذا ما عدنا إلى التفسيرات التي وضعت القاهرة ضمن مسار الحل السلمى والدبلوماسى للأزمة الروسية الأوكرانية، فالأولى أن نستعيد ما قاله الوزيران الأمريكي "بلينكن" والروسى "سيرجى لافروف"، لنعرف بداية أين نقف.
 
وقبل كل شيء، يجب التذكير أن القاهرة وواشنطن يحتفلون بمرور 100 عام على إقامة العلاقات بين البلدين، ويتم التحضير لعقد اللجنة الاقتصادية المشتركة. وفي أغسطس المقبل، يحتفل مصر وروسيا بمرور 80 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
 
في المؤتمر الصحفى الذى عقده بلينكن في القاهرة الأثنين الماضى مع شكرى، قال: "قادت مصر، على مدار تاريخها،  الجهود المبذولة لمواجهة بعض أكثر التحديات تعقيدا في العالم وعززت منطقة أكثر سلاما وأمانا وازدهارا، ولا تزال مستمرة في لعب هذا الدور الذي يظل حاسما – وربما أكثر أهمية مما كان عليه في أي وقت مضى".
 
من القاهرة إلى موسكو، حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تقدير بلاده عاليا الموقف المصري المتوازن والمدروس من مختلف القضايا الإقليمية، والسعي لإيجاد الحلول بشأن الكثير من الأزمات، وأضاف: "يهمنا الموقف المصري من مختلف الأزمات في إقليم الشرق الأوسط وفي إفريقيا ومختلف أطر التعاون المطروحة من قبل الجانب المصري"، مؤكداً على "أن روسيا ومصر تتعاونان في إطار الأمم المتحدة، حيث نشهد محاولات من بعض أعضاء المجتمع الدولي لفرض قواعد معينة كبديل لميثاق الأمم المتحدة، وهي قواعد لا يعرفها أحد".
 
هذا ما قاله الوزيران الأمريكي والروسى.
 
لنعود إلى ما قالته مصر، على لسان وزير خارجيتها سامح شكرى في المؤتمر الصحفى بموسكو.
 
شكرى قال نصاً:" أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إلي مصر بالأمس-الأثنين-، تناولت بعض المباحثات حول الأزمة الروسية الأوكرانية والتطورات المرتبطة بالصراع العسكري"، لافتا إلى أنه قد أتيحت الفرصة لإعراب الوزير الأمريكي عن الرؤية الأمريكية إزاء هذه التطورات، وما هو المتوقع خلال المراحل القادمة في هذا الصدد، وتابع: "لقد أتيحت الفرصة لي أيضا خلال لقائي بوزير الخارجية سيرجي لافروف، بأن أتناول هذه القضية بالمثل وطرح الرؤية الروسية إزاء التطورات الخاصة بهذه الأزمة"، مشيراً إلى أن مصر في جميع اتصالاتها المرتبطة بالأزمة الأوكرانية تزكي من أهمية التوصل إلى إطار سياسي وتوافق دبلوماسي ومفاوضات تؤتي بنتائج؛ لإنهاء الصراع العسكري والتعامل مع كافة القضايا المرتبطة بهذه الأزمة، مما يلبي المصالح لكافة الأطراف.
 
وأضاف شكرى: "سنستمر في المتابعة الحثيثة لهذه التطورات سواء في إطار العلاقات الثنائية التي تجمعنا بأطراف الصراع والشركاء الدوليين والإطار المتعدد، وسنستمر في السعي لإيجاد الحلول الدبلوماسية لهذه الأزمة".
 
أذن الصورة واضحة، مصر تعدد علاقاتها، وتستفيد من هذا التعدد انها تحاول دوما تقريب وجهات النظر للتوصل إلى حلول دبلوماسية وسلمية، معتمدة في ذلك على مواقفها الواضحة، الداعمة لكل من شأنه تحقيق أمن واستقرار المجتمع الدولى.
 
بالتأكيد الحلول لن تأتى هكذا فجأة، فالعقبات متوقعة، واختلاف الأفكار وارد بل أمر معروف بداهة، لكن المهم أننا نرى ونتابع تحركات دولية من كافة الاتجاهات، لأن الوضع الاقتصادي العالمي يفرض تحديات بل ضغوطاً عديدة على الجميع، لذلك فإن التحركات المصرية أيا كانت نتيجتها، ستكون محركة لكثير من القوى الفاعلة التي تريد انتهاء المواجهة العسكرية في أوكرانيا، لكنها تخشى المبادرة، خوفاً من الفشل، رغم يقين الجميع أن نجاح أى مبادرة ليس مضموناً بنسبة 100%، لكن الأمر المضمون أن تحريك المياه الراكدة، سيتبعه بالتالى اليوم أو غداً تحركات سيكون لها مردود إيجابى في المنظور القريب، وهو ما تدركه القاهرة جيداً وتعمل عليه.
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة