الجدية الأوربية في التعامل مع مصر

السبت، 11 مارس 2023 09:00 م
الجدية الأوربية في التعامل مع مصر
يوسف أيوب

مايو المقبل، سيشهد عقد اجتماع الحوار السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي، الذى قال كريستيان بيرجر رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى القاهرة، إنه سيركز هذه المرة على الاقتصاد والتجارة.
 
بيرجر قال أيضاً إنه في مايو سيتم الانتهاء من دورة اللجان الفرعية بين الجانبين والمنبثقة عن اللجنة المعنية باتفاقية المشاركة المصرية – الأوروبية، وأشار إلى انعقاد اجتماعين للجان الفرعية الأسبوع الماضي ببروكسل، كما سيلتئم اجتماع آخر للجان الفرعية بالقاهرة، ثم يعقد اجتماع بمصر للجنة الشراكة المصرية الأوروبية يليه اجتماع مجلس الشراكة المنتظر انعقاده خلال الصيف القادم، موضحاً أن هناك رغبة في تنظيم منتدى أعمال بين الجانبين المصري والأوروبي، حيث تجري نقاشات حاليا بالقاهرة وبروكسل حول كيفية جمع رجال الأعمال من الجانبين وخاصة فيما يتعلق بالاستثمار فى مجال الهيدروجين، فضلا عن الاستثمار فى منطقة قناة السويس، منوهاً بوجود رغبة في جذب المزيد من المستثمرين إلى منطقة قناة السويس وأيضا للاستثمار في قطاع الطاقة بما في ذلك الهيدروجين، بالإضافة إلى مجال آخر كون مصر ستصبح مركزا لإنتاج اللقاحات.
 
ما قاله سفير الاتحاد الأوربي بشأن الحوار السياسى بين الجانبين، وتركيزه هذه المرة على الجانب التجارى والاقتصادي، يؤكد الرؤية الجديدة التي تحكم العلاقة بين القاهرة وبروكسل، والتي تخطت الحواجز السياسية السابقة، والقوالب المغلفة التي كان يتم وضعها في طريق تطوير العلاقات بين الجانبين، وهو ما يؤكد أن الجانب الأوربي بات مقتنعاً بأمرين وهو يدير علاقته مع مصر.
 
الأمر الأول أن العلاقة مع القاهرة تتجاوز بكثير المسائل السياسية، وأن نقاط الالتقاء والتلاقى بين الجانبين أكثر بكثير من مواطن الخلاف، أخذا في الاعتبار الدور الذى قامت ولا تزال تقوم به مصر في توفير مصادر بديلة للطاقة التي تحتاجها أوربا، في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وما تركته من تداعيات سلبية على الدول الأوربية، وكان لافتاً أن القيادة المصرية تعاملت مع هذه الأزمة ببعد حضارى، فلم تدخل في مقايضة مع الجانب الأوربي، بمعنى أنها طرحت توفير الطاقة لأوربا مقابل أمور أخرى، وإنما عملت بكل ما تملكه من قوة وجهد لتوفير البدائل للأوربيين، انطلاقاً من استضافة القاهرة لمنتدى غاز شرق المتوسط، وتحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة في شرق المتوسط.
 
الأمر الثانى، أن الرؤية المصرية لمفهوم حقوق الإنسان أصبح هو الحاكم، خاصة بعدما أكدت مصر للعالم كله، والدول الأوربية تحديداً أن حقوق الإنسان له مفهوم شامل، فلا حرية شخصية وسياسية بدون تنمية اجتماعية وتعليمية وحرية عقيدة وتثقيف الشعوب بمفهومي، وهو المفهوم الذى تعتنقه الدولة المصرية منذ 2014، من خلال تنمية شاملة، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بمفهوم مصرى وطني كترجمة فعلية لبناء دولة مدنية ديمقراطية.
 
فقد أدرك الأوربيين جيداً أن التعاطى المصرى مع كافة الملفات برؤى وطنية تراعي كافة أبعاد حقوق الإنسان، وتستند إلى ركائز أساسية أهمها الارتباط الوثيق بين الديمقراطية وحقوق الإنسان والموازنة بين الفرد والحقوق الاجتماعية، لذلك كان الطرح المصرى هو أحداث نقلة نوعية في حياة المصريين، في كافة المجالات سواء التعليمية أو الصحية، وتوفير سكن ملائم، وفى النهاية حياة كريمة لكل المصريين.
 
من هنا بات واضحاً التغير في التعامل الأوربي مع مصر، وأصبح الأوربيين ينظرون للدولة المصرية النظرة التي تليق بها وبمكانتها وما تقوم به من دور في المنطقة الملتهبة والمشتعلة، فأصبحت القاهرة محل اهتمام أوربى متواصل.
 
ومن هنا نفهم لماذا يركز الاتحاد الأوربي على الجانب الاقتصادى والتجارى في حواره القادم مع القاهرة، فبجانب التحولات التي تشهدها المنطقة وفى القلب منها القاهرة التي أصبحت مركز أقليمى للطاقة، وأيضاً ما تشهده الدولة المصرية من مشروعات تنموية كبرى، تقود من خلالها أمبر مسيرة تحول تنموى في الشرق الأوسط، فلم يكن أمام الأوربيين سوى التعامل بواقعية مع هذه التغيرات، في ظل أزمات ومشاكل متتابعة يعانى منها الاقتصاد الدولى جراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وما فرضته من قواعد جديدة في الاقتصاد العالمى.
 
وبالعودة إلى ما قاله سفير الاتحاد الأوربي في القاهرة، فمن أهم النقاط التي يجرى الحوار بشأنها تنظيم منتدى أعمال بين الجانبين المصري والأوروبي، وهى فكرة تعود إلى عام 2019 وكانت تركز على البعد الاقتصادى ومنطقة قناة السويس، لكنها لم تتم بسبب انتشار فيروس كورونا وتداعياته، وحاليا يتم النقاش حول الموضوعات التى سيبحثها المنتدى.
 
فكرة المنتدى في حد ذاتها تؤكد الجدية الأوربية في التعامل مع مصر بصفة الشريك وهم يواجهون الأوضاع على الساحة الدولية والأزمات حول العالم والأزمات التى تنعكس تداعياتها على كل من مصر والاتحاد الأوروبي، وهو ما يؤكد النظرة الإيجابية الجادة التي يتعامل بها الأوربيين مع مصر في الوقت الراهن.  

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق