أرواح مشوهة

الأحد، 06 أغسطس 2023 08:42 م
أرواح مشوهة
أمل محمد أمين

 
كثيرا ما يقوم الأب أو الأم بمعاملة أطفالهم بطريقة قد تبدو عادية وتحدث يوميا ولا تلفت الانتباه، لكن في الواقع ما يبدو عاديا يشوه أرواح أطفالهم دون أن يشعروا وينعكس على حياة هؤلاء الأطفال في المستقبل.
 
من أكثر تلك التصرفات شيوعا الاهمال العاطفي فلا يبدي الأبوين اهتمام لرأي الطفل أو يكثران من لومه على كل شيء، أو يتم حل المشكلات بالصراخ والغضب وليس بالهدوء والتعقل، وفي بعض الأحيان قد يفرق الأبوين في تقديم الحب والحنان بين أولادهم دون أن يشعرا، أو يحملان أحد الأبناء المسئولية أكثر من الأخر.
 
كل هذا يجعل الطفل يكبر مع احساس بعدم الاستقرار وضعف الثقة في الذات خاصة في حياته الاجتماعية والعاطفية ويكون هذا الطفل عرضة للتنمر من زملائه.
 
ولا يعني هذا بالضرورة أن هذا الطفل سيكون شخص غير ناجح على العكس سيبدو للجميع أنه قادر على تنفيذ المهام على أحسن وجه واجتماعي وربما أب أو أم مثاليين، لكن في الداخل يشعر هذا الشخص بالألم دون أن يظهر عليه، ويكون مصدر هذا الألم عدم قدرته على التعامل مع مواقف انسانية معينة على سبيل المثال إذا تنمر عليه زملائه لا يرد وربما يشاركهم الضحك على نفسه لكي يضمن بقاءه ضمن شلة الأصدقاء، لأنه لا يستطيع التعامل مع رفض المجتمع أو الخروج عن المجموعة، ويتكرر نفس الموقف في حالة تعرضه للإهمال من شريك الحياة فهو يشعر بضعف شديد واهتزاز نفسي ويتنازل عن حقوقه حتى تستمر العلاقة لأنه يخاف أن يفقد الاهتمام الذي حصل عليه ولم يحصل على مثيل له في طفولته، والغريب أن الأطفال الذين تعرضوا للإهمال من والديهم يستكثرون على أنفسهم الحب ولا يصدقوا أن لديهم مزايا قد تجعل أي أحد يحبهم، وبعض هؤلاء الاطفال عندما يكبرون يشعرون بغضب شديد وتوتر إذا فقدوا السيطرة على زمام الأمور أو خرجت عن الجدول الموضوع ولا يستطيعون التعامل مع المستجدات وقد تصل الأمور الى عدم قدرتهم على النوم من شدة الخوف وفرط التفكير في المستقبل.
 
إن هذا التسلسل الحاصل بين إهمال الطفل نفسيا ولومه الدائم يجعله في حالة من عدم الاستقرار والاحتياج الدائم للاهتمام والحنان! ولحل المشكلة من جذورها لا بد من أن يخصص الوالدين وخاصة الأم وقت للاستماع إلى الأطفال ومعاملاتهم بالتساوي قدر المستطاع حتى في القبلة مع تقبل اختلافات كل طفل على حدى.
 
وإن كانت الحياة المهنية للأم او الاب لا تسمح بإعطاء الوقت الكافي للأطفال فمن الممكن الاستعانة بالأجداد أو أحد الأقارب لتوفير الاهتمام والحنان وإن كان ليس البديل المثالي لكن الأطفال مثل الأشجار لا تنمو إلا بالحنان والرعاية وكثير من الاهتمام والحب.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق