فلسطين تنتصر مجددا

السبت، 25 نوفمبر 2023 07:53 م
فلسطين تنتصر مجددا
عصام الشريف

مع بدء سريان الهدنة في قطاع غزة بين الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي لأربعة أيام قابلة للتمديد، يمكن رسم خارطة مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بناء على تغير المعطيات طوال 49 يوما قضتها إسرائيل في قصف غزة، ونجحت المقاومة بدورها في الصمود طوال هذه الفترة، وهو ما يمكن أن نخلص منه إلى عدة دلالات قد تحدد مستقبل المنطقة كلها وليس فلسطين فقط.
 
أولى هذه الدلالات هو فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ أهداف العملية التي بدأها في غضون عملية طوفان الأقصى، إذ أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن هدف العملية التي أطلق عليها السيوف الحديدية، تحرير المحتجزين في قطاع غزة والقضاء على حركة حماس، وهو ما فشلت فيه إسرائيل تماما، إذ رضخت في النهاية للضغوط الدولية أمام صمود المقاومة لتبرم الهدنة التي على أساسها يتم تبادل الأسرى والمحتجزين بين الجانبين بوساطة مصرية عبر معبر رفح.
 
وفضلا عن تحرير المحتجزين، لم تتمكن إسرائيل حتى وقف إطلاق النار من تحقيق أي هدف عسكري بخصوص حركة حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى، ولم ترد في بيانات جيش الاحتلال أي معلومة عن تصفية أي جندي ينتمي إلى الفصائل الفلسطينية، في الوقت الذي اعترفت فيه إسرائيل بمقتل العشرات من جنودها وتدمير العديد من الآليات وهي أرقام ليست صحيحة إذ إن العدد الحقيقي لخسائر إسرائيل عادة ما يكون أكبر من المعلن بكثير.
 
أيضا فإن قبول إسرائيل بالهدنة، معناه أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصل إلى نهايته في العمل السياسي، إذ تنامت موجات الغضب الشعبي تجاهه بسبب فشل حكومته في التنبؤ بعملية طوفان الأقصى، ثم فشل في تحقيق أي شيء على الأرض عدا قتل الأطفال والنساء والشيوخ العزل والمدنيين، بينما المقاومة ما تزال في كامل قوتها وفق ما أعلنته الفصائل في بياناتها، وهو ما يعني أن العملية السياسية في إسرائيل أصبحت على المحك وهو ما يصب أيضا في صالح المقاومة والفلسطينيين.
 
أما المكسب الأهم، فيتمثل في إعادة إحياء القضية الفلسطينية بأكثر ما حلم الفلسطينيون أنفسهم، إذ قبل عملية طوفان الأقصى وما تبعها من الهجوم الهمجي الإسرائيلي أصبحت القضية الفلسطينية تتصدر صحف ومواقع وخطابات رؤساء وزعماء العالم، واكتسبت تأييدا شعبيا ورسميا عالميا بعد أن كانت محصورة على الأطراف العربية وأمريكا وإسرائيل والأمم المتحدة، لكن اليوم بدأت دول جديد كإسبانيا تعترف بفلسطين، وهي مجرد بداية. 
 
وبالنسبة لمصر، فقد تصدر اسمها صحف العالم، ونقلت القنوات العالمية عن القاهرة الإخبارية صفقة تبادل الأسرى، وأصبحت مصر الطرف الأهم الفاعل في القضية الفلسطينية على مستوى العالم كله وليس على مستوى عربي وإسلامي فقط، وذلك بالنظر إلى نجاح الدبلوماسية المصرية في فرض الهدنة على إسرائيل.
 
أيضا وفي ظل صلابة الموقف المصري برفض فكرة التهجير، بدأت الأصوات الغربية الداعمة لهذا المخطط في الخفوت تدريجيا بعد أن قادت مصر الرأي العام العربي والفلسطيني نحو رفض مخطط تهجير الفلسطينيين سواء إلى سيناء أو الأردن أو أي دولة أخرى.
 
وختاما أعتقد أن الموجة التالية من الحرب في غزة ستكون في صالح الفصائل الفلسطينية التي ستتهيأ لمعركتها التالية بعد أن نجحت في الصمود منذ بداية الاجتياح البري من قبل جيش الاحتلال لقطاع غزة، أو أن يتم تمديد الهدنة وهو ما يعني فشلا جديدا لإسرائيل في مقابل نجاح الفلسطينيين. عاشت فلسطين حرة طالما ظل شعبها متمسكا بأرضه حتى لو رواها بدمائه الطاهرة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق