قتل الصحفيين لن يخفي الحقيقة

السبت، 23 ديسمبر 2023 06:16 م
قتل الصحفيين لن يخفي الحقيقة
حمدي عبد الرحيم

جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمد التصويب على الصحفيين تحديدًا، فإن تم قتل الصحفي قال: نحن لا نقصده
 
قديمًا قال الشاعر العربي الفلسطيني الكبير محمود درويش: «يا حقل التجارب للصناعات الخفيفة والثقيلة يا لحم الفلسطيني».
 
درويش كان يتكلم عن عموم الفلسطينيين، أما أهل غزة فلهم خصوصية المقاومة مما يجعل الغزاوي منذورًا للموت وهو في مهده، فكم شاهدنا من أطفال نالوا الشهادة قبل أن يتعلموا الكلام أو المشي، وكم من أطفال هم الآن تحت الأنقاض لا يعلم عددهم سوى الله.
 
الموت يترصد الغزاوي حيثما كان، فقد سقطت أكاذيب وأوهام المناطقة الآمنة، فقد قصف جيش الاحتلال شمال غزة، وقالوا للغزاوية: اذهبوا إلى وسطها فالوسط منطقة آمنة، وعندما ذهبوا إلى وسطها قام بقصفهم مجددًا وقال لهم «انزحوا إلى الجنوب».. وعندما ذهبوا جنوبًا قام بقصفهم!
 
هذا حال المواطن البسيط الذي لا يريد سوى أن يعيش مجرد معيشة، وأن يذق طعم حياة تبدو كالحياة، أما أحوال الصحفيين فلا تسر حبيبًا وإن كانت تسر العدو.
كل المعاهدات وكل المواثيق وكل الأعراف وكل التقاليد، تنادي باحترام حرية الرأي وتساند حرية تداول المعلومات، وتحمي كل وسائل الإعلام في زمن السلام أو في زمن الحروب، لكن جيش الاحتلال له رأي آخر، فهو يتعمد التصويب على الصحفيين تحديدًا، فإن تم قتل الصحفي قال الجيش: نحن لا نقصده، ثم تعاون معه حليفه وراعيه لتغطية جريمته وأصدر بيانات يتلوها أصحاب أرفع المناصب، تؤكد أن جيش الاحتلال لا يستهدف الصحفيين.
 
فإذا حدثت المعجزة ونجا الصحفي عاد جيش الاحتلال لاستهدافه مرة ثانية!
 
وحال الصحفي وائل الدحدوح خير مثال على صدق الاستهداف المتعمد من جيش الاحتلال للصحفيين، فقد قتلوا معظم أسرته ولكنه كان خارج منزله، ولذا نجا من قنابلهم، فكرروا فعلتهم قبل أيام قلائل وصوبوا تجاه مرة ثانية وكادوا يقتلونه ولكنه بحمد الله وفضله نجا للمرة الثانية، ولكن زميله ورفيقه المصور التلفزيوني سامر أبو دقة نالوا منه وتركوه ينزف لست ساعات حتى فاضت روحه الطاهرة ولقى ربه شهيدًا.
 
هذا الاستهداف الذي يكاد يكون يوميًا دعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى إصدار بيان يوم السبت الماضي جاء فيه: إن عدد الصحفيين الذين قتلوا في القطاع منذ 7 أكتوبر ارتفع إلى 92 صحفيا وصحفية.
 
وأضاف في البيان: هؤلاء الأبطال اغتالتهم يد الغدر الإسرائيلية خلال الحرب الوحشية على قطاع غزة في محاولة من الاحتلال لتغييب الرواية الفلسطينية ومحاولة لطمس الحقيقة، لكنه فشل فشلا ذريعا في كسر إرادة شعبنا الفلسطيني العظيم.
 
ونشر المكتب الإعلامي قائمة بأسماء الزملاء الصحفيين والإعلاميين الذين قتلوا خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حتى مساء السبت 16 ديسمبر.
أما المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فقد قال في بيان له عن استهداف الصحفيين: إن أكثر من 60 صحفيا قد قتلوا حتى 19 نوفمبر، وهو ما يجعل هذه الفترة الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين منذ عام 1992، إذ لم يتجاوز عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين وثَّقت لجنة حماية الصحفيين مقتلهم على مدار عقد كامل منذ 1992 وحتى مايو 2022 أقل من نصف هذا العدد.
 
ورغم القتل المتعمد واصل جيش الاحتلال وحليفه الكذب، حتى فضحهما محرر الشؤون الفلسطينية في القناة 13 الإسرائيلية تسفي يحزقيلي قائلا: إن عائلة مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح كانت هدفا لقصف جيش الاحتلال، مؤكدا أن قوات الجيش تعرف ما تضربه بالضبط، وهذا القصف لم يأتِ مصادفة.
 
سنظل نذكر أن جيش الاحتلال قد استهدف منزل محمد أبو حطب، مراسل التلفزيون الفلسطيني، ليستشهد مع أحد عشر فردًا من أفراد أسرته، أما الصحفي الشهيد محمد أبو حصيرة فقد لقى ربه شهيدًا مع أكثر من أربعين فردا من أفراد عائلته.
 
رغم كل تلك الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال عن عمد وسبق إصرار وترصد فإن القوى العالمية ما تزال تنشر حمايتها السياسية والقانونية والإعلامية مظلة حماية للجيش المعتدي، ولكن كل تلك الحماية ستذهب هباءً منثورًا، ويومًا ما عساه يكون قريبًا ستسقط تلك الحماية وستتم محاكمة كل معتد أثيم.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق