حمدي عبد الرحيم يكتب: ديمقراطية البيضة والحجر

السبت، 16 مارس 2024 07:00 م
حمدي عبد الرحيم يكتب: ديمقراطية البيضة والحجر

 
الغرب يقول من لجيش الاحتلال اقتل كما تشاء ولكن كن محترفًا ولا تخف من أي صياح أو ضجيج فسلحنا سيصلك قبل أن تطلبه
 
نصحو وننام على التغني بديمقراطية الغرب وباحترام الغرب لحقوق الإنسان والحيوان والنبات بل والجماد!
 
وفي حمى التغني ننسى أن نسأل عن مجال تلك الديمقراطية وعن مداها.
 
أمامنا كارثة إنسانية ليست لها سابقة، تلك الكارثة اسمها غزة، وغزة هذه يعيش على أرضها الإنسان والحيوان والنبات والجماد.
 
وأمامنا ومن خلفنا ومن فوقنا ومن تحتنا قوم يتغنون ليل نهار بديمقراطيتهم وباحترامهم لحقوق الإنسان والحيوان والنبات والجماد.
 
هؤلاء القوم هم الغرب، الذي تقف الولايات المتحدة الأمريكية على رأسه، فأين ديمقراطيتهم من كارثة غزة؟
 
يومًا بعد يوم، بل ساعة بعد ساعة يظهر لنا أن مدى ديمقراطية الغرب، لا يتجاوز عواصم الغرب، فإن غادرت الديمقراطية الغربية لأي سبب من الأسباب العواصم الغربية فسدت، وأصابها شلل رباعي يجعلها قعيدة لا تعمل.
 
الغرب هو الذي أسس دولة الاحتلال ورعاها وعلفها حتى أصبحت وحشًا كاسرًا وحماها من تقلبات الزمان ومن عواصف الجغرافيا.
 
فأين كانت ديمقراطيته واحترامه لحقوق الإنسان؟
 
ثم عندما بدأ الفلسطينيون في الاعتماد على المقاومة المسلحة وصم الغرب الديمقراطي المقاومة بالإرهاب، ومنع عنها كل سبل الحياة والتطور.
 
هذه ديمقراطية معلبة سابقة التجهيز، تعمل لغرض أو لمرض مقيم في قلوبهم، ولكن عندما تحين ساعة الحقيقة، يتنكر الغرب لديمقراطيته التي صدع أدمغتنا من كثرة كلامه عنها.
 
يسمح الغرب لبعض مواطنيه بالتظاهر دفاعًا عن غزة ولكن هل سمعنا أنه استجاب يومًا لمطالب المتظاهرين؟
 
هنا تظهر واضحة "الدودة التي في أصل الشجرة"، والدودة هي أن تلك الديمقراطية هي لحماية مصالح السياسات الاستعمارية، لا أكثر ولا أقل. 
 
الغرب الديمقراطي محترم حقوق الإنسان يرى جيش الاحتلال يقتل النساء والأطفال والشيوخ ويهدم البيوت ويدمر محطات الكهرباء والمياه والوقود ويدمر المستشفيات والمساجد والكنائس والمصانع، منذ خمسة أشهر كاملة، ثم يغرق في صمت عميق، وليته يكتفي بالصمت، فهو يصدر لنا صمته ويصدر كل أنواع المساعدات لجيش العدو، والإعلام الأمريكي بنفسه هو الذي قال: إن أمريكا قد قدمت مئة صفقة سلاح لجيش الاحتلال منذ بدا عدوانه على غزة.
 
وطبعًا مصطلح الصفقة هنا مضحك، فلا صفقة ولا بيع ولا شراء، هذه مخازن ممتلئة بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، يفتحونها لكي يغرف منها جيش الاحتلال كما شاء.
 
الغرب يلعب بالبيضة والحجر، فهو ديمقراطي ما لم تمس الديمقراطية مصالحه الاستعمارية، أما إذا اقترب أحد من تلك المصالح ففورًا تظهر حاملات الطائرات لتنطلق منها أضخم الصواريخ وأفتكها لتدمر الذي جرؤ على المس بتلك المصالح.
 
ولكي يتقن تلاعبه بالبيضة والحجر، فلا مانع من قذف بعض الأطعمة فوق رؤوس الجوعى، ولا مانع من افتعال خلاف إعلامي مع رئيس وزراء دولة الاحتلال ولا مانع من مظاهرة هنا أو هناك.
 
وقد أحسن موقع روسيا اليوم عندما نشر ترجمة حرفية لتصريحات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قال فيها: “لا توجد "خطوط حمراء" ستحرم إسرائيل من الدعم الأمريكي إذا تجاوزتها، ولكني أحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من ارتكاب "خطأ كبير" في غزة.
 
الخطأ الذي يشير إليه بايدن هو أن يقتل نتانياهو ثلاثين ألف فلسطيني جدد.
 
خلال مقابلة أجرتها معه قناة MSNBC سئل بايدن عما إذا كان هناك "خط أحمر" يجب على إسرائيل ألا تتجاوزه في هجومها على "حماس"، وما إذا كان هجوم إسرائيلي واسع النطاق في رفح سيشكل "خطا أحمر".
 
أجاب بايدن: "لن أتخلى عن إسرائيل أبدا. الدفاع عن إسرائيل يبقى أمرا بالغ الأهمية. فلا خط أحمر أريد من خلاله وقف شحنات الأسلحة بالكامل"، إذ عندها لن يكون الإسرائيليون "محميين بالقبة الحديدية".
 
وقال بايدن: "جلست مع الرجل (نتنياهو) وقلت له: انظر، لا تكرر الخطأ ذاته الذي ارتكبته الولايات المتحدة، الولايات المتحدة ارتكبت خطأ (رغم) أننا لاحقنا (أسامة) بن لادن حتى وصلنا إليه، لكن لم يكن يتوجب علينا أن ندخل.. العراق وأفغانستان، لم يكن ذلك ضروريا، وتسبب بمشاكل أكثر من حلها".
 
هذه هي ديمقراطية الغرب، يقول من خلالها لجيش الاحتلال، اقتل كما تشاء ولكن كن محترفًا، ولا تخف من أي صياح أو ضجيج، فسلحنا سيصلك قبل أن تطلبه.
 
وبعدُ فإن لم تكن هذه هي ديمقراطية البيضة والحجر فماذا تكون؟
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة