20 مليار دولار خسائر الاقتصاد المصري من الحرب في غزة

السبت، 25 مايو 2024 07:00 م
20 مليار دولار خسائر الاقتصاد المصري من الحرب في غزة
هبة جعفر

- دراسة دولية: الأزمة فرضت ضغوطا إضافية على الموارد المصرية خاصة السياحة ورسوم عبور قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج

- مسئول بالأمم المتحدة يكشف: استمرار الحرب كارثى ويؤثر سلبا على التجارة والسياحة وسبل العيش ويقوض مكاسب دول الجوار

- استضافة 9 ملايين لاجئ يكلف الدولة 10 مليارات دولار.. وخبير: نحتاج زيادة الإنفاق العام على الخدمات المقدمة لاستيعاب الأشقاء
 
تكلفة اقتصادية كبرى، تتحملها الدولة المصرية جراء ما يدور حولها فى المنطقة العربية من حروب واضطرابات سياسية، وحرب بالدول الأوروبية بين روسيا وأوكرانيا، أثرت بشكل غير مباشر على الاقتصاد المصرى، فضلا عما سبقها من أزمة انتشار فيروس كورونا، ما ألقى بآثاره السلبية على الاقتصاد المصرى وبصفة خاصة أسعار السلع وقطاعى السياحة والبترول.
 
ولم تتوقف عند حد الأزمة الاقتصادية فقط، بل ارتفاع كبير فى عدد اللاجئين الموجودين بالدولة، والذين وصل عددهم 9 ملايين شخص من 133 دولة، بينهم نحو 4 ملايين سودانى، و 1.5 مليون سورى، ومليون يمنى، ومليون ليبى، وتشكل الأربع جنسيات 80% من المهاجرين المقيمين فى مصر، والذين يكلفون الدولة 10 مليارات دولار، الأمر الذى يمثل عبئا على اقتصاد الدولة، ووفق وزير الصحة، د. خالد عبد الغفار، فإن 50.4% من اللاجئين ذكور، فيما تبلغ نسبة الإناث 49.6%، ويمثلون 8.7% من عدد سكان مصر، يقيم 56% منهم فى 5 محافظات هى: القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، والدقهلية، ودمياط، و60 % من المهاجرين يعيشون فى مصر منذ نحو 10 سنوات، و6% يعيشون باندماج داخل المجتمع المصرى منذ نحو 15 عاما أو أكثر، بالإضافة إلى أن هناك 37% منهم يعملون فى وظائف ثابتة وشركات مستقرة.
 
وجدد الرئيس عبدالفتاح السيسى التأكيد على أن التكلفة المباشرة لاستضافة اللاجئين والمهاجرين والمقيمين الأجانب داخل مصر، تصل إلى 10 مليارات دولار سنويا، خلال افتتاحه عددا من المشروعات الزراعية، وقال إن الضيوف يستهلكون مياها تصل إلى 4.5 مليار متر سنويا، إذا ما تم احتساب متوسط استهلاك المياه فى مصر بنحو 500 متر، معتبرا أن ذلك يمثل عبئا كبيرا على استهلاك 106 ملايين مصرى، مشددا على أن المياه تشكل تحديا كبيرا جدا لمصر، فى ظل ثبات مواردها، ما دفع الحكومة للتوسع فى محطات التحلية والمعالجة رغم تكلفتها المرتفعة.
 
وأعلنت الحكومة فى يناير الماضى بدء عملية شاملة لـ«حصر أعداد اللاجئين والأجانب المقيمين على أراضيها، وتقدير تكلفة استضافتهم والأعباء التى تتحملها الدولة نظير رعايتهم»، خاصة الخدمات التعليمية والصحية، وتوفير السلع الأساسية لهم.
 
إن جزءًا رئيسيا من الأزمة، هو أن غالبية الذين وفدوا إلى مصر، يبحثون عن فرص عمل، ولديهم ظروف اقتصادية صعبة، وبحاجة للبحث عن قوت يومهم فى بلد يتجاوز نسبة الشباب فيه 52%، وعدد ليس بالقليل منهم، يبحث عن فرص عمل، ولديه التزامات يسعى لتوفيرها.
 
وكشفت نتائج أولية لدراسة تقييمية سريعة جديدة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا (الإسكوا)، أن التنمية البشرية فى مصر ولبنان والأردن من المتوقع أن تتراجع بسبب الحرب على غزة، ومع استمرار الحرب، فإن التقديرات الأولية، تشير إلى أن 230 ألف شخص إضافى سوف يقعون فى براثن الفقر فى الجارات مصر والأردن ولبنان، وذلك بسبب تكلفة الحرب من حيث الفاقد فى إجمالى الناتج المحلى، والذى قد يصل إلى حوالى 10.3 مليار دولار أمريكى أو 2.3% لهذه البلدان الثلاثة.
 
تتناول الدراسة التقييمية، بعنوان «الآثار الاجتماعية والاقتصادية المتوقعة لأزمة غزة على البلدان المجاورة فى منطقة الدول العربية»، العديد من عوامل التأثير الإقليمية المحتملة، بناء على الدروس المستفادة من الصراعات السابقة فى المنطقة، بما فى ذلك غزو العراق عام 2003، والحرب فى غزة 2008-2009، والأزمة فى سوريا، التى لا تزال تحتدم منذ عام 2011، وتشمل تلك الآثار التغيرات فى أسعار النفط، وتدفقات اللاجئين، والضغوط على الدين العام والحيز المالى، والسياحة والتجارة وغيرها، وتشير الدراسة التقييمية إلى أن عوامل التأثير تلك يجب مراقبتها بعناية، إذ تظل مكامن للمخاطر، وإن لم تظهر آثارها بشكل كامل بعد فى الوقت الحالى.
 
ويقدر معدو الدراسة التقييمية السريعة، أنه إذا امتدت الحرب لأكثر من ثلاثة أشهر، فإن الآثار الاجتماعية والاقتصادية على البلدان المجاورة ستتعاظم، إذ تتوقع تقديرات الحد الأعلى، أن امتداد الحرب بما يتجاوز ثلاثة أشهر، من شأنه أن يدفع أكثر من نصف مليون شخص للوقوع فى براثن الفقر، وأن يصل إجمالى خسائر الناتج المحلى الإجمالى إلى 18.0 مليار دولار أمريكى أو 4.0% للدول الثلاث مجتمعة فى عام 2024.
 
وقال عبد الله الدردرى، مدير المكتب الإقليمى للدول العربية فى برنامج الأمم المتحدة الإنمائى: «أولا، يجب أن يكون هناك وقف فورى لإطلاق النار لأسباب إنسانية فى غزة، هذه الحرب كارثية لكل الفلسطينيين، وإذا ما استمرت هذه الحرب، سترجع تأثيراتها الوخيمة، لتشمل البلدان المجاورة فى منطقة الدول العربية».
 
وأضاف: «إذ كانت تلك البلدان اقتصاديا، تواجه بالفعل تحديات اقتصادية كبيرة بسبب تأثيرات كوفيد-19، ومجموعة الأزمات الاقتصادية العالمية، بما فى ذلك تلك التى جلبتها الحرب فى أوكرانيا، فعلينا ألا نغفل أن التأثيرات المترتبة على الحرب فى غزة فى التجارة والسياحة وسبل العيش، تفاقم من مواطن الضعف القائمة، وتقوض المكاسب المتواضعة التى عملت تلك البلدان المجاورة جاهدة لتحقيقها، فى رحلتها للتعافى، وإعادة اقتصاداتها إلى المسار الصحيح».
 
يحذر معدو الدراسة من أنه إذا توسعت الحرب فى نطاقها الجغرافى، فإن تأثيراتها ستتصاعد، وستتعمق آثارها بشكل أكثر وضوحا، ولذلك يطالبون باتخاذ تدابير عاجلة لبناء قدرات البلدان المجاورة المتأثرة على مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، مشددين على أن الأولوية، يجب أن تكون لاتخاذ جميع التدابير اللازمة، لإنهاء الحرب، ولوضع حد للدمار والمعاناة التى لا توصف فى غزة والأراضى الفلسطينية.
 
20 مليار دولار تكلفة حرب غزة على الاقتصاد المصرى 
 
وكان قطاع السياحة من أهم القطاعات الواعدة فى الاقتصاد وبمثابة النقطة المضيئة قبل نشوب الصراع ‏فى غزة، وكان من المتوقع ارتفاعه 30% إلى 40% هذا العام، وذكرت بيانات البنك المركزى المصرى، أن قطاع السياحة حقق إيرادات قياسية ‏بلغت 13.63 مليار دولار فى السنة المالية المنتهية فى يونيو 2023، ‏ارتفاعا من 10.75 مليار دولار فى العام المالى السابق له.‏
 
وأشار وزير السياحة، أحمد عيسى، إلى ‏احتواء تداعيات الصراع فى قطاع غزة حتى الآن، وانحسار تأثيره فقط على أقل ‏من 10% من الحجوزات.‏
وقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، أن تصل التكلفة الاقتصادية الإجمالية للحرب فى غزة على الاقتصاد المصرى إلى 20 مليار دولار خلال العام المالى الجارى، والقادم فى حال استمرار التوترات الجيوسياسية، مفترضا 3 سيناريوهات تتوقف على مدى طول الحرب.
 
وربطت دراسة جديدة صادرة عن الأمم المتحدة بعنوان «الأثر الاجتماعى والاقتصادى المحتمل لحرب غزة على مصر»، السيناريوهات الثلاثة، وهى «منخفضة الحدة ومتوسطة الحدة وعالية الحدة» بأجل استمرار الصراع فى غزة 6 أشهر أو 9 أشهر أو سنة، وتوقعت الدراسة، أن تستمر التبعات السلبية للحرب فى غزة على الاقتصاد المصرى إلى السنة المالية المقبلة 2024-2025 فى ظل السيناريو متوسط وعالى الحدة.
 
قبل حرب غزة، كان الاقتصاد المصرى، يواجه هشاشة كبيرة وصعوبات اجتماعية واقتصادية متزايدة فى أعقاب الانتكاسات الشديدة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا «كوفيد-19» والحرب فى أوكرانيا، وتوجد بالفعل تحديات كبيرة فى مجال الاقتصاد الكلى، مثل ارتفاع العجز فى الميزانية، وارتفاع مستويات الدين العام.
 
وأكدت دراسة برنامج الأمم المتحدة، أن حرب غزة أدت إلى تضخيم هذه التحديات، وفرضت ضغوطا إضافية على موارد البلاد المحدودة، واعتماد مصر على الإيرادات الأجنبية المتقلبة، مثل إيرادات السياحة، ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات العاملين، يجعلها معرضة بشدة للصدمات الخارجية، وفق ما أوردته الأمم المتحدة بالدراسة.
 
ورجحت الدراسة فى السيناريو الأول «منخفض الشدة»، وصول التكلفة الإجمالية على الاقتصاد المصرى إلى 5.6 مليار دولار خلال العامين الماليين 2023-2024- و2024-2025، ويبدأ العام المالى فى مصر من أول يوليو من كل عام، ويفترض هذا السيناريو، وجود تصعيد محدود لصراع الحرب فى غزة مدته 6 أشهر.
 
وفى السيناريو «متوسط الحدة»، قدرت الدراسة تكلفة تأثير الحرب على الاقتصاد المصرى بـ 14.6 مليار دولار، ويفترض هذا السيناريو، استمرار الحرب 9 أشهر، ووجود تصعيد إقليمى محدود، وفى السيناريو «عالى الحدة»، قد تصل التكلفة على الاقتصاد المصرى إلى 19.8 مليار دولار، بافتراض أن الحرب تستمر سنة، وتصعيد عسكرى إقليمى واسع النطاق.
 
وقدرت الدراسة خسارة بنسبة 1.6% من متوسط الناتج المحلى الإجمالى السنوى فى ظل سيناريو منخفض الحدة، وتصل الخسارة إلى 3.9%، فى السيناريو متوسط الحدة، وترتفع إلى 5.2% فى ظل السيناريو عالى الحدة، ويظهر نموذج المحاكاة الاقتصادية «CGE» الديناميكى الأكثر شمولا تأثيرات سلبية مماثلة بتراجع بنسبة 1.6% من الناتج المحلى الإجمالى الأساسى فى السنة المالية 2023-2024 فى ظل السيناريو منخفض الحدة، وفى السيناريو متوسط الحدة، ترتفع الخسارة خلال العام المالى الجارى بنسبة 2.6%، وتبلغ 1.3% فى السنة المالية المقبلة 2024-2025، أما فى السيناريو عالى الشدة، فستصل الخسارة إلى 3% من إجمالى الناتج المحلى بالسنة المالية 2023-2024 و2.6% فى السنة المالية 2024-2025.
 
ومن شأن الانخفاض فى نمو الناتج المحلى الإجمالى، أنه يعنى أيضا زيادة ملحوظة محتملة فى البطالة وانخفاض الاستهلاك الأسرى، وبالتالى زيادة فى معدل الفقر، ومن المتوقع، أن يرتفع معدل البطالة بمقدار 0.5% فى ظل سيناريو «منخفض الحدة»، و0.9% فى السيناريو «متوسط الحدة»، و1.3% فى ظل سيناريو «مرتفع الحدة» فى السنة المالية 2023-2024.
 
علاوة على ذلك، سوف ينخفض الدخل الحقيقى المتاح للأسر واستهلاكها إلى أقل من مستويات العمل المعتاد خلال العام المالى الجارى بنسبة 1.3% فى ظل سيناريو «منخفض الحدة»، وبنسبة 2.1% فى إطار السيناريو «متوسط الحدة»، وبنسبة 2.5% فى إطار السيناريو «عالى الحدة» فى السنة المالية 2023-2024.
 
استهلاك كبير
 
وقال الدكتور عز حسانين، أستاذ التمويل، إن لدى مصر أكثر من 10 ملايين ضيف من الأخوة العرب، أجبرتهم الحروب والنزاعات العسكرية الداخلية إلى التوافد على مصر لعلمهم اليقينى بأن الشعب المصرى وإدارته السياسية والحكومة، تفتح أبوابها أمام الجميع، ومما لاشك فيه أن العدد الحالى من الضيوف الوافدين للاحتماء بأرض مصر عددهم، يضاف إلى عدد المصريين المقيمين، والذين يتجاوز تعدادهم 106 ملايين مصرى، وبالتالى يصبح عدد المقيمين على الأراضى المصرية 116 مليون مواطن، ولاشك أن حجم الناتج المحلى الإجمالى، الذى كان فى حدود كفاية المصريين فقط، يحتاج إلى الزياده بمقدار لا يقل عن 10%، حتى يستوعب الزيادة الجديدة من الوافدين، فحجم الإنتاج لابد أن يزداد، واستهلاك الخدمات والمياه والمواصلات والكهرباء والإسكان والصرف الصحى، وجميع الخدمات الأخرى، لابد أن تزيد تدريجيا لاستيعاب العدد الجديد، كما لابد من زيادة الإنفاق العام على خدمات جديدة على الصحة والتعليم والبنية الأساسية وغيرها، ومصر والحكومة مازالت حتى الآن قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه كل المقيمين على أراضيها.
 
وتابع حسانين لـ«صوت الأمة»: «ولكن فى ظل التداعيات الحالية لحرب روسيا وأوكرانيا، وحاليا حرب غزة وإسرائيل، ونقص المعروض من العملة الأجنبية، وانخفاض إيرادات السياحة وقناة السويس بسبب حرب غزة، هذه الأمور تجعل هناك تحديات وصعوبات تواجه الإدارة المصرية من الوفاء الكامل للمقيمين بمصر، فكما فعلت تركيا، وهى دولة غنية، وتستضيف على أراضيها تقريبا 4 ملايين سورى، ولكنها استطاعت أن تقنع الاتحاد الأوروبى بضرورة مساندة تركيا بمعونات، من أجل المساهمة فى الإنفاق على المقيمين الوافدين من سوريا، وبالفعل نجحت فى الحصول على المعونات، وليس عيبا فى ظل الظروف الإقليمية الحالية أن نطلب مساعدة الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة والأمم المتحدة بمعونات للمساهمة فى تحمل نفقات إعاشة المقيمين الوافدين، وتمتعهم بجميع الخدمات المدعمة من الحكومة كالمصريين تماما».
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق