حرب إقليمية غير مسبوقة
السبت، 09 نوفمبر 2024 06:03 م
حتى أكثر المتشائمين لم يتوقع أن تستمر حرب ما بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ إلى ما بعد العام، مخالفة بذلك كل التوقعات والخبرات السابقة، فلم تكن الحرب بين الفصائل في غزة وإسرائيل أو بين حزب الله وإسرائيل، سابقا، تستمر لأكثر من شهور، لكن أن تتجاوز العام فهذا وحده يؤكد أن ثمة تغير كبير على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي.
في نهاية عامها الأول، يبدو أن الحرب قد بدأت ولم تنته، إذ شهد أكتوبر الماضي حدثين ربما كانا الأكثر تعقيدا بالنسبة للمشهد العسكري، وهما اغتيال أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ومن بعده السنوار، وهذا بخلاف اغتيال قادة كبار في حماس وحزب الله، لكن الغريب أن الحرب اشتدت أكثر بعد تصفية رموز المقاومة، لاسيما في حالة حزب الله، فالأخير كبد الاحتلال خسائر فادحة وجعل صافرات الإنذار لا تتوقف في كل أنحاء إسرائيل وصولا للمرة الأولى إلى قلب تل أبيب، لاسيما مع ظهور سلاح المسيرات الذي يبدو أنه سلاح المستقبل.
وعلى الصعيد الداخلي في إسرائيل يبدو أن الأمور تتعقد أكثر وأكثر بعد إقالة وزير الدفاع جالانت، واتساع الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية، وهذا ما يؤشر إلى أن لا ثمة أمل في وقف الحرب رغم التكلفة الاقتصادية الهائلة لجيش الاحتلال والخسائر غير المسبوقة للاقتصاد الإسرائيلي، لكن يبدو أن كل هذا لم يعد المقياس فثمة أحداث يتم الترتيب لها ولا يعرف أحد ما هي.
وحتى مع وصول ترامب للبيت الأبيض لا نجد أي أثر لذلك على مستوى التهدئة في المنطقة، فهل نحن أمام حرب فناء لكل الأطراف؟ حقا لم يعد أحد يتخيل ما يمكنه أن يحدث.
وبالنظر إلى الوضع في غزة، يمكن القول أنه هو الآخر غريب، فلماذا لا يسعى نتنياهو إلى إتمام صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين بعد رحيل السنوار، الرجل الأكثر تشددا في حماس؟ أيضا هنا الغموض هو سيد الموقف.
الحقيقة أن كل المؤشرات تؤكد وجود حرب إقليمية طويلة الأمد، فالمؤشرات هذه المرة لم تحدث من قبل، فلم يكن الصدام بين إيران وإسرائيل سابقا يحمل صفة المواجهة المباشرة ولم تكن أيضا اليمن ولبنان قريبين إلى هذا الحد من الصراع الذي بدأ في غزة، كل هذا يؤكد أن القادم قد يكون أسوأ بكثير.