دينا الحسيني تكتب: 30 يونيو.. مصر التي استعادت وعيها السياسي في زمن الانهيارات الإقليمية

الأحد، 15 يونيو 2025 08:48 م
دينا الحسيني تكتب: 30 يونيو.. مصر التي استعادت وعيها السياسي في زمن الانهيارات الإقليمية
أرشفية

في وقت تتشابك فيه الصراعات الإقليمية، من حرب الظل بين إسرائيل وإيران، إلى تفكك التحالفات وتبدل موازين القوى، لم تكن ثورة 30 يونيو، مجرد لحظة تصحيح داخلي لمسار مختطف تحت حكم جماعة الإخوان العاجزة عن إدارة دولة كبرى بحجم مصر، بل كانت أيضًا درعًا استباقيًا حمى البلاد، من الانزلاق إلى مستنقع الحروب بالوكالة، فضلا عن صراعات ابتلعت دولًا كانت أقرب إلينا في المسار والمصير، لولا "الوعي الشعبي" الذي أنقذ البلاد.

واليوم، تبدو خريطة الشرق الأوسط كأنها مرآة تعكس ما كان يمكن أن يحدث في مصر، حيث دولا تحولت إلى ساحات لصراع إقليمي ودولي، تفقد فيها الشعوب قرارها لحساب محاور عابرة للمنطق والمصلحة.

وفي هذا المشهد، تبدو ثورة 30 يونيو، كـ"حائط الصد" الذي أنقذ مصر، من تكرار سيناريوهات الانهيار، فلم يكن إسقاط نظام جماعة الإخوان إسقاطًا لحكم داخلي فقط، بل إفشالًا لمشروع إقليمي كان يعد لـ "مصر" دورًا ثانويًا في لعبة كبرى، فقد أثبت العام الذي حكمت فيه الجماعة أن من عاش في الظل لا يمكنه الإدارة في النور، فمنذ اليوم الأول، بدا واضحًا أن التنظيم يتحرك بمنطق "التمكين"، حيث تُقدم مصالح الجماعة على حساب الدولة، وتُدار العلاقات الخارجية من زاوية أيديولوجية، لا من موقع الدولة ذات السيادة.

في عام واحد، دخلت مصر، في عزلة سياسية خانقة: توتر في العلاقات مع الخليج، تقارب مبهم مع قوى إقليمية مثل إيران وتركيا، وقطيعة مع الاتحاد الأوروبي، فلم يكن لدى الجماعة تصور لإدارة ملفات كبرى، بل كانت مصر، تسير بأجندة تنظيم لا بـ "رؤية وطن".

من ليبيا إلى سوريا والعراق واليمن، ومن السودان إلى لبنان، نرى اليوم كيف تحولت دولا إلى أدوات في صراع القوى الكبرى، تُستخدم فيها الشعارات الدينية كغطاء لتصفية حسابات سياسية واقتصادية، تحت مسمى"الدعم" أو "النصرة"، لو كانت استمرت الجماعة في الحكم، لكانت مصر، ساحة مفتوحة لحروب الآخرين، أو دولة تابعة لمحور خارجي لا تملك قرارها.

في هذا السياق، بدت 30 يونيو،  قراراً بوقف الانحدار قبل أن تتحول مصر إلى نسخة من دولا احترقت بنيران التحالفات العابثة، ولحظة وعي سياسي جماعي، أجهضت محاولة تحويل مصر، إلى قاعدة في مشروع إقليمي يقوده "محور التنظيم الدولي"، ويهدف لإعادة تشكيل المنطقة، لا لخدمة شعوبها، بل لفرض نموذج سياسي معين.

بفضل 30 يونيو، أعادت مصر، صياغة علاقاتها الخارجية من منطلق السيادة والتوازن، ولم تعد القاهرة طرفًا في محاور، لاسيما لم تكن محايدة في قضايا أمنها، بل واستعادت الدولة حضورها ودور مؤسساتها، وباتت مصر، قادرة على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصعب.

ومع التصعيد الأخير، بين إسرائيل وإيران، يتضح مجددًا كم كانت 30 يونيو، لحظة مفصلية، فالمشهد الإقليمي يحمل سيناريوهات مرعبة: "ميليشيات عابرة للحدود، ضغوط دولية على الدول العربية، ارتباك في مواقف قٌوى كبرى"، لكن مصر، اليوم، تلتزم العقلانية والمسؤولية، تقف حيث يجب، وتتحرك حين يلزم الأمر، وتتمسك بسيادتها في وقت يُدار فيه الإقليم بمنطق المؤامرات.

في 2025، تُثبت مصر، مجددًا أنها "الدولة التي لا تنكسر"، حافظت على مؤسساتها، وأعادت ترتيب أولوياتها، وتفادت الغرق في صراعات كان من السهل التورط فيها لولا وضوح الرؤية، وبات واضحا أننا أمام دولة عقلها حاضر، وقرارها بيدها، وتحالفاتها على أسس المصالح لا العواطف.

وفي لحظة كهذه، يعود السؤال الأهم ليفرض نفسه من جديد: ماذا لو لم تقوم 30 يونيو؟ الإجابة واضحة أمام الجميع شرقا وغربا: "كانت مصر ستُستخدم ولا سيادة لها، كانت ستُورط لا تُحصن، لكن شعبها في لحظة وعي استثنائية، "قرر أن ينقذ الدولة لا ويناصر نظام وطني أدار بحكمة ورشد ويعبر بها بسلام من فخ مخطط تقسيم الشرق الأوسط الجديد".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة