الاستثمارات الخاصة تتصدر للربع الثالث على التوالي وتستحوذ على 62.8%.. وتراجع للاستثمار العام

السبت، 05 يوليو 2025 10:28 م
الاستثمارات الخاصة تتصدر للربع الثالث على التوالي وتستحوذ على 62.8%.. وتراجع للاستثمار العام
هبه جعفر

مصر تقفز 35 مركزًا في مؤشر جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.. تطور ملحوظ في البنية التحتية يدفع مصر إلى المركز 41 عالميًا  

لا تزال 30 يونيو 2013، تمثل علامة فارقة في تاريخ الوطن؛ بانتفاضة كبيرة للملايين من أبناء الشعب المصريّ ضد قوى الشر الذين اختطفوا الوطن؛ حيث خرج الملايين جميعا على قلب رجل واحد في الشوارع والميادين ليصنعوا واحدة من أعظم الثورات في التاريخ؛ والتي نجحت في استعادة هوية الوطن وإنقاذ البلاد من الفوضى والانهيار، وبدء مرحلة جديدة من العمل الجاد المخلص في مختلف القطاعات، سعيا لتنفيذ خطة وطنية للتنمية الشاملة في أنحاء الجمهورية.

ونجحت 30 يونيو، في إعادة صياغة العلاقة بين الشعب ومؤسسات الدولة، ووضع الأساس لبناء دولة مدنية حديثة تستوعب طموحات المواطنين وتستند إلى إرادتهم الحرة، حيث استطاعت الثورة أن تضع الأساس لبناء دولة مدنية حديثة تستوعب طموحات المواطنين وتستند إلى إرادتهم الحرة، فتحولت من صورة شعبية إلى الحصن المنيع للهوية المصرية والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، خاصة مع إدراك المصريين لقيمة الاستقرار، وضرورة الدفاع عن مؤسسات الدولة، وتقدير أهمية الوعي الجمعي في مواجهة محاولات التشكيك والتضليل.

وفى كلمته بمناسبة الذكرى الثانية عشرة للثورة، وصف الرئيس عبد الفتاح السيسى، 30 يونيو بالثورة "الخالدة التي شكلت ملحمة وطنية سطّرها أبناء مصر، توحدت فيها الإرادة، وعلت منها كلمة الشعب، وقررت الجماهير استعادة مصر، وهويتها، وتاريخها، ومصيرها، لتقف في وجه الإرهاب والمؤامرات، وتكسر موجات الفوضى، وتحبط محاولات الابتزاز والاختطاف، وتُعيد الدولة إلى مسارها الصحيح، مؤكداً أنها كانت نقطة الانطلاق نحو الجمهورية الجديدة، فمنذ 2013 تُسطر مصر تاريخًا جديدًا، لا بالأقوال، بل بالأفعال، ولا بالشعارات، بل بالمشروعات.

وقال الرئيس السيسى إن الطريق لم يكن سهلاً، "بل واجهنا الإرهاب بدماء الشهداء وبسالة الرجال، حتى تم دحره بإذن الله، وتصدينا للتحديات الداخلية والخارجية، ومضينا في طريق التنمية الشاملة وبناء مصر الحديثة بسواعد أبنائها الشرفاء، أسّسنا بنيةً تحتيةً مُعتبرة، وها نحن اليوم نُشيِّد، ونُعمِّر، ونُحدّث، ونطور، ونُقيم على أرض هذا الوطن صروحًا من الانجازات، تبعث على الأمل، وتتمسك بالفرصة في حياة أفضل".

وشدد الرئيس السيسى على أن الشعب المصرى هو السند الحقيقي، والدرع الحامي، والقلب النابض لهذا الوطن، موجهاً حديثه للمصريين بقوله إن "قوة مصر ليست في سلاحها وحده، بل في وعيكم، وفي تماسك صفوفكم، وفي رفضكم لكل دعوات الإحباط والفرقة والكراهية"، مؤكداً في الوقت نفسه أن الأعباء ثقيلة، والتحديات جسيمة، "لكننا لا ننحني إلا لله "سبحانه وتعالى، ولن نحيد عن طموحاتنا في وطنٍ كريم".

وأشار الرئيس السيسى إلى أنه يشعر بالشعب المصرى، وقال: أشعر بكم وأؤكد لكم، أن تخفيف الأعباء عن كاهلكم، هو أولوية قصوى للدولة، خاصةً في ظل هذه الأوضاع الملتهبة المحيطة بنا.

ومنذ 30 يونيو 2013، دخلت مصر مرحلة جديدة من البناء والتنمية، شملت إطلاق مشروعات قومية كبرى في مختلف القطاعات، من البنية التحتية والطاقة، إلى الإسكان والصحة والتعليم، في محاولة جادة لتعويض ما فاتها والانطلاق نحو المستقبل بثبات، وبعد تولى الرئيس السيسى المسئولية في 2014 لم يكن أمامه سوى طريق واحد وهو إعادة بناء الدولة من جذورها، وهو ما تحقق بإطلاق مشروع وطني شامل، أعاد رسم خارطة الجمهورية الجديدة، سياسيًا، اقتصاديًا، اجتماعيًا، وتنمويًا، فلم تكن الجمهورية الجديدة مجرد شعارًا إنشائيًا، بل رؤية عميقة متكاملة تنطلق من مفهوم الدولة الوطنية المدنية، التي تُعيد الاعتبار لمفهوم المواطنة والعدالة، وتعتمد على بنية قوية وحديثة، وقدرات بشرية مدربة، وإرادة سياسية واعية، فقد نجحت في إطلاق مشروعات عملاقة، من العاصمة الإدارية، إلى البنية التحتية، و"حياة كريمة" التي تمثل تحوّلًا نوعيًا في فلسفة العدالة الاجتماعية، كما أعادت الدولة بناء مؤسساتها على أسس من الكفاءة والحوكمة والشفافية، مع فتح المجال أمام تمكين المرأة والشباب، وتمثيلهم الفعّال في الإدارة والبرلمان والمجتمع.

فلم تغفل الدولة البعد الاجتماعي في معادلة التنمية، حيث توسعت برامج الحماية الاجتماعية، وبلغ عدد المستفيدين من برنامجي "تكافل وكرامة" أكثر من 5.2 مليون أسرة بحلول عام 2024، مقارنة بـ 1.7 مليون أسرة فقط عام 2015، كما تمت مضاعفة مخصصات الدعم النقدي والغذائي، ضمن رؤية شاملة للعدالة الاجتماعية وتخفيف آثار الإصلاحات الاقتصادية.

وتسعى الدولة إلى إحداث تنمية متكاملة بمشاركة القطاع الخاص فى جميع المشروعات بالقطاعات المختلفة، فالقطاع الخاص أثبت خلال السنوات الأخيرة قدرته على توليد أكثر من 80% من فرص العمل، ويُمثل اليوم نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي، ليصبح العمود الفقري للاقتصاد المصري، فعملت الحكومة على دعم القطاع الخاص وتذليل العقبات أمامه وتحسين بيئة الأعمال؛ فتم إطلاق "الرخصة الذهبية" لتيسير بدء المشروعات، والعمل على تقليص مدة إصدار التراخيص، واعادة هيكلة النظام الضريبي ليصبح أكثر عدالة وشمولًا، كما تم التركيز على تحديث الإطار التشريعي، وضمان سيادة القانون، بما يعزز الثقة في مناخ الاستثمار، كما تم حصر شامل لجميع الرسوم والأعباء المالية غير الضريبية المفروضة على المستثمرين بهدف تخفيف الأعباء وتعزيز الحوكمة والشفافية.

وشهد أداء الاقتصاد المصري تحسنا ملحوظًا خلال العام الماضي، فالموارد من العملة الصعبة للشهر الرابع على التوالي، كانت كافية لتغطية الاستخدامات والانفاق على احتياجات الدولة، ووفقا لبيانات البنك المركزي، ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى 48.525 مليار دولار بنهاية شهر مايو الماضي.

كما تراجع معدل البطالة في مصر إلى أدنى مستوياته منذ 35 عامًا، ليصل إلى 6.6% عام 2024،كذلك تراجع معدل التضخم السنوي خلال شهر مايو الماضي ليبلغ 16.5 % مقابل 27.4 خلال مايو 2024 وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

واشادت أحد التقارير الدولية بتقدم مصر الملحوظ في عام 2024، لتحتل المركز التاسع عالميًا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بعد أن كانت في المرتبة 32 في أعوام سابقة، وهو ما يعكس مكانة مصر كواحدة من أفضل الوجهات العالمية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما أشاد صندوق النقد الدولي بالتزام مصر الثابت بتنفيذ برنامج الاصلاحات الاقتصادية مؤكدًا أن هذه السياسات ساهمت في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي وزيادة الاحتياطيات النقدية، وأثنى الصندوق على جهود الحكومة في تعزيز الشفافية المالية وتحسين إدارة المالية العامة، مما يعزز القدرة على مواجهة الصدمات الاقتصادية.كما أشاد بتوسيع برامج الحماية الاجتماعية، مثل برنامج "تكافل وكرامة"، الذي يدعم الفئات الأكثر احتياجًا، مما يعكس التزام مصر بالتنمية الشاملة.

كما تقدمت مصر 21 مركزًا في مؤشر بيئة الأعمال، الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي - World Economic Forum"، لتصل إلى المركز 74 عام 2024، مقارنة بالمركز 95 عام 2015، وكذلك تقدمها 47 مركزًا في مؤشر مرونة العمل العالمي الذي يقيس قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات والتعافي منها بسرعة، الصادر عن مؤسسة "FM GLOBAL"، لتحتل المركز 74 عام 2025، مقارنة بالمركز 121 عام 2014.

وفيما يخص مؤشرات فعالية السياسات الحكومية، أحرزت مصر تقدمًا ملحوظًا بواقع 20 مركزًا في مؤشر الفعالية الحكومية الصادر عن "المنظمة العالمية للملكية الفكرية - WIPO"، لتصل إلى المركز 98 عام 2024، مقارنة بالمركز 118 عام 2014، فضلًا عن تقدمها 47 مركزًا في مؤشر تيسير الإجراءات الحكومية الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي"، لتحقق المركز 27 عام 2024، مقارنة بالمركز 74 عام 2019.

كما تقدمت مصر 37 مركزًا في مؤشر البيئة التنظيمية الصادر عن "المنظمة العالمية للملكية الفكرية - WIPO"، لتحقق المركز 94 عام 2024، مقارنة بالمركز 131 عام 2014، إلى جانب تقدمها 27 مركزًا في مؤشر شفافية الموازنة، الصادر عن "International Budget Partnership"، لتحتل المركز 63 عام 2023، مقارنة بالمركز 90 عام 2015.

وفي مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، الصادر عن "Oxford Insights" حققت مصر تقدمًا بـ 46 مركزًا، لتحتل المركز 65 عام 2024، مقارنة بالمركز 111 عام 2019.

وتواصل مصر تقدمها بمؤشرات فعالية السياسات الحكومية، حيث تقدمت 7 مراكز في مؤشر سيادة القانون الصادر عن "المنظمة العالمية للملكية الفكرية - WIPO"، لتصل إلى المركز 81 عام 2024، مقارنة بالمركز 88 عام 2014، كما تقدمت 63 مركزًا في مؤشر الأمن والأمان الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي"، لتحتل المركز 73 عام 2024، مقابل المركز 136 عام 2015.

وفي مؤشر أداء الخدمات اللوجستية الصادر عن "البنك الدولي"، تقدمت مصر 5 مراكز، لتحتل المركز 57 عام 2023، مقارنة بالمركز 62 عام 2014، إلى جانب تصدرها إفريقيا بمؤشر البنية التحتية للمناطق الصناعية الذي يصدر لأول مرة عن "البنك الإفريقي للتنمية" بإجمالي 58.76 نقطة.

وفيما يتعلق بالتحسن الملحوظ بمؤشرات الطاقة، تقدمت مصر 19 مركزًا في مؤشر القواعد المنظمة لقطاع الطاقة المتجددة الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي"، لتحتل المركز 13 عام 2024، مقارنة بالمركز 32 عام 2019، وكذلك تقدمت 5 مراكز في مؤشر التحول الفعال بمجال الطاقة، الصادر عن المنتدى ذاته، لتحتل المركز 74 عام 2025، مقارنة بالمركز 79 عام 2015.

بدوره، أشاد البنك الدولي بالتزام مصر بتعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي، مشيرًا إلى أن الإصلاحات الهيكلية، مثل تحسين بيئة الأعمال وزيادة مشاركة القطاع الخاص، عززت جاذبية السوق المصرية، وأكد أن السياسات النقدية المتبعة ساهمت في استقرار الأسعار وزيادة الاحتياطي النقدي، مما يدعم النمو المستدام، كما أوضح أن مشروعات البنية التحتية، مثل تطوير المناطق الصناعية، ستعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري في 2025.

ورفع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 4.5% في 2025، مشيدًا بالتحسن الكبير في بيئة الأعمال وزيادة تحويلات المصريين بالخارج.

وتشير توقعات المؤسسات الدولية إلى تراجع ملحوظ في معدلات التضخم، ويتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض التضخم إلى 16% بنهاية العام المالي 2024/2025، بينما تتوقع وكالة فيتش للتصنيف الإئتماني تباطؤه إلى 12.5% بنهاية 2025.

وتؤكد إشادات المؤسسات الدولية على الإمكانات الكبيرة للاقتصاد المصري في 2025، ومع استمرار الإصلاحات وتعزيز الشراكات الدولية، تستعد مصر لتحقيق طفرة اقتصادية تعزز مكانتها كسوق ناشئ رائد، وتسهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين وجذب المزيد من الاستثمارات.

وكشفت البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، حول معدلات النمو والاستثمار في الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، عن تسارع وتيرة الاستثمار الخاص بالأسعار الثابتة بنسبة 24.2% على أساس سنوي خلال الفترة لتسجل 142.8 مليار جنيه، متجاوزًا الاستثمار العام للربع الثالث على التوالي، ومستحوذًا على نحو 62.8% من إجمالي الاستثمارات المنفذة (باستثناء المخزون)، وفي المقابل، واصلت حصة الاستثمار العام تراجعها لتسجل 37.2%، لتصل إلى 84.5 مليار جنيه في مقابل 155.3 مليار جنيه في الربع المقابل من العام المالي الماضي، وهو ما يعكس جهود الدولة لإعادة هيكلة الإنفاق الاستثماري، وترشيد الاستثمارات العامة، والتوجه المتزايد نحو تعزيز دور القطاع الخاص.

وأوضحت الوزارة، أن النمو في استثمارات القطاع الخاص لم يكن كافيًا لتعويض التراجع الحاد في الاستثمار العام، والذي انكمش بنسبة 45.6% مقارنة بالربع المناظر من العام السابق بالأسعار الثابتة، نتيجة إجراءات حوكمة الإنفاق الاستثماري، ونتيجة لذلك، جاءت مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي سالبة بنحو 2.44 نقطة.

وسبق أن أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، حيث سجل نسبة 4.77%، مقارنة بمعدل نمو بلغ 2.2% في الربع المناظر من العام المالي السابق وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي له منذ ثلاث سنوات. ويُسهم هذا الأداء في رفع متوسط معدل النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الجاري إلى نحو 4.2%، مقارنة بنحو 2.4% خلال نفس الفترة من العام المالي السابق. يعكس هذا الأداء القوي تعافيًا مستدامًا ومرونة متزايدة للاقتصاد في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية. وقد جاء هذا النمو في ظل استمرار تنفيذ الحكومة لأجندة الإصلاح، في إطار البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، والذي يُعد عاملًا أساسيًا في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتحسين حوكمة الاستثمارات العامة، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في مختلف المجالات الإنتاجية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة