قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن انعقاد منتدى أسوان هذا العام تحت شعار "عالم في تغير وقارة في حراك: مسيرة تقدم أفريقيا في ظل التحولات العالمية" يعكس بجلاء أن أفريقيا باتت في قلب ما يشهده النظام العالمي من اختبارات عسيرة، وهناك فرصة لأفريقيا لأن تكون في طليعة المشاركين في الجهود الرامية لاستعادة تماسك النظام العالمي ومصداقيته وتعزيز دور المنظمات الدولية على نحو أكثر شمولًا وشفافية، وأن منتدى أسوان للسلام والتنمية منصة أفريقية فريدة ومحفل جامع.
أفريقيا بمقومات وموارد وثروة بشرية هائلة
وأضاف الرئيس السيسي، خلال كلمته فى منتدي أسوان للسلام والتنمية: "رغم التحديات والظروف الدولية الصعبة، تزخر أفريقيا بمقومات وموارد وثروة بشرية هائلة، وقطعت بالفعل خطوات مهمة نحو تفعيل هذه القدرات لدعم التنمية في دولها.. ويعد إطلاق اتفاقية التجارة الحرة القارية مثالًا بارزًا على ذلك باعتبارها ركيزة أساسية لتنفيذ أجندة التنمية الأفريقية 2063.
جهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات
وتابع الرئيس السيسي: "وانطلاقًا مما تقدم، ومن رؤية شاملة للتعاون مع التحديات، تسلط نسخة هذا العام من المنتدى الضوء على أبرز التحديات الأمنية القائمة والبازغة في أفريقيا وأنجح السبل في التعامل معها، إلى جانب جهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، وهو الملف الذي أتشرف بريادته داخل الاتحاد الأفريقي، ودعم التفعيل الكامل لسياسة الاتحاد الأفريقي المحدثة ذات الصلة في إطار تحقيق السلام والتنمية المستدامين. كذلك سوف يتناول المنتدى موضوعات الاستثمار في البنية التحتية والممرات الاستراتيجية، ودور القطاع الخاص والشراكات المبتكرة في تحقيق أهداف التنمية.
تعزيز التضامن والعمل الجماعي والمسؤولية المشتركة
فيما شارك د. بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، اليوم الأحد، كمتحدث رئيسي في الجلسة الافتتاحية لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين تحت عنوان “تخطى مفترق الطرق: استعادة الثقة في النظام الدولي القائم على القواعد”، بجانب كل من السيد تيتي أنطونيو وزير خارجية أنجولا (رئيس الاتحاد الأفريقي)، وسلمى حدادي نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وبارفيه أونانجا مبعوث الأمم المتحدة للاتحاد الأفريقي، وبانكولي أديوي مفوض الشئون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الأفريقي
أكد الوزير عبد العاطي على الدور المحوري الذي تضطلع به مصر في تعزيز السلم والأمن والتنمية الإقليمية والدولية، ودعم النظام الدولي القائم على القانون، مشيراً إلى توجهات السياسة الخارجية المصرية القائمة على التوازن الاستراتيجي واحترام القانون الدولي والحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيز السلام والتنمية والعمل متعدد الأطراف.
كما شدد وزير الخارجية على أن رؤية مصر للأمن المستدام شاملة ومتوازنة وهو ما يتجلى في دورها في جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي، فضلًا عن مشاركتها النشطة في حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ77 وتجمع “بريكس”، مشيراً إلى أن مصر تسعى دائماً إلى تشجيع الحوار وبناء الشراكات الإقليمية والدولية البنّاءة، مؤكداً أن مصر تدعو باستمرار إلى نظام متعدد الأطراف أكثر شمولاً وعدلاً يعكس تطلعات الجنوب العالمي، ولا سيما أفريقيا.
في سياق متصل، أشار وزير الخارجية إلى ضرورة إصلاح المؤسسات الدولية لتواكب الواقع العالمي الحالي. كما دعا إلى إنهاء سياسة ازدواجية المعايير ومواصلة الجهود لاصلاح المؤسسات الدولية لاسيما مجلس الأمن ومؤسسات التمويل الدولية، وضمان التزام الدول بتعهداتها واتفاقياتها الدولية.
وشدد وزير الخارجية على ضرورة تعزيز التضامن والعمل الجماعي والمسؤولية المشتركة في مواجهة التحديات العالمية إلى جانب تبني برامج تنموية ومقاربة شاملة لمعالجة جذور النزاعات وعدم الاستقرار، مؤكداً على أهمية بناء جسور الثقة والتعاون بين الشمال والجنوب العالميين، وأن مصر ستواصل دورها كجسر للتفاهم والعمل المشترك، مضيفاً بأن مصر تعمل مع شركائها الدوليين والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأفريقية والعربية لضمان أن تكون هذه الجهود منسقة ومتكاملة وغير مسيّسة. كما دعا المجتمع الدولي إلى التركيز على بناء المؤسسات وتعزيز القدرات والكفاءات، وتحقيق التنمية الشاملة وإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات.
فرحات: منتدى أسوان للسلام منصة أفريقية لصياغة رؤى مشتركة تواجه التحديات العالمية
كذلك قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة تمثل خريطة طريق واقعية لإعادة صياغة النظام الدولي من منظور أكثر عدالة وإنصافا للقارة الأفريقية، التي عانت طويلا من التهميش رغم ما تمتلكه من ثروات طبيعية ومقومات بشرية هائلة تؤهلها لأن تكون طرفا فاعلا في رسم ملامح المستقبل العالمي، لا مجرد متلقي لنتائجه.
وأكد فرحات أن الرئيس السيسي أوضح بإيجاز شديد الأزمة الدولية الراهنة والمتمثلة في حالة الاستقطاب الحاد بين القوى الكبرى، والتي أدت إلى إضعاف قدرة المؤسسات متعددة الأطراف، وعلى رأسها الأمم المتحدة، على أداء دورها في حفظ السلم والأمن الدوليين، مشيرا إلى أن هذا التشخيص الدقيق من الرئيس يعكس إدراكا عميقا لطبيعة التحولات في بنية النظام العالمي، وضرورة أن تكون أفريقيا طرفا فاعلا في معادلة الحل لا مجرد ساحة للصراع.
وأوضح نائب رئيس حزب المؤتمر أن منتدى أسوان، الذي أطلقته مصر عام 2019 برؤية من الرئيس السيسي، أثبت خلال سنوات قليلة أنه منصة أفريقية رائدة للحوار البناء وصياغة الرؤى المشتركة لمواجهة التحديات المرتبطة بالأمن والتنمية، خاصة في ظل الظروف الدولية المعقدة لافتا إلى أن المنتدى يعكس إيمان مصر العميق بأن التنمية المستدامة هي الطريق الحقيقي لترسيخ السلام، وأن إعادة الإعمار بعد النزاعات لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال شراكة متكاملة تجمع بين الجهود السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار الدكتور فرحات إلى أن تأكيد الرئيس على أولوية إعادة الإعمار وتفعيل سياسات الاتحاد الأفريقي لتحقيق التنمية والسلام المستدامين يمثل امتدادا لرؤية مصر في دعم التكامل القاري، وترسيخ مبدأ «الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية»، وهي رؤية تتسق مع الجهود التي تبذلها القاهرة لتعزيز بنية السلم والأمن في أفريقيا، سواء من خلال مبادراتها في مكافحة الإرهاب، أو دعمها لمشروعات البنية التحتية العابرة للحدود.
وشدد فرحات علي أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تواصل لعب دورها التاريخي كقلب أفريقيا النابض، الداعم للاستقرار والتنمية، مشيرا إلى أن منتدى أسوان بات تجسيدا عمليا للدبلوماسية التنموية المصرية التي تمزج بين الواقعية السياسية والالتزام الأخلاقي تجاه القارة وشعوبها.